سارع حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة للإعلان عن إجراءات حكومية لكبح انزلاق الليرة السورية أمام الدولار، معلنا في ذات الساعة التي ارتفع فيها الدولار ارتفاعا قياسيا أمام الليرة عن فتح خط ائتماني إيراني للمستوردات السورية يعادل مليار دولار، منوهاً بأن إجراءات أخرى ستلحق به.

وشهدت العملة السورية انخفاضاً حاداً أمس الأول استمر أمس أيضا وصل حدود العشرين في المئة تقريبا. ولامس الدولار الأميركي في بعض المناطق عتبة الـ225 ليرة سورية، وإن بقي سعره الرائج بحدود 185 أو 190 ليرة، في الوقت الذي امتنع الصرافة عن بيعه. وجرى أمر مماثل للذهب الذي ارتفع خلال 24 ساعة عمل من حدود الـ6 آلاف ليرة للغرام إلى 7400 ليرة، مع امتناع الصاغة عن البيع أيضا.

الارتفاع السريع للدولار عما يعادل 170 ليرة قبل يومين دفع غالبية التجار لتغيير أسعار سلعهم مباشرة. أحد تجار الجملة تذمر قائلا لـ«السفير» إن شكوى الزبائن لا تحتمل، ولكن ليس من مفر آخر.

تاجر شوكولا وهدايا منزلية كان يتحدث بعصبية على هاتفه الأرضي فيما زبائن تنتظر، متذرعا بأنه يتعرض لخسارات متتالية بسبب الفوارق السريعة في الأسعار. لكن غالبية الزبائن لا تثق بهذه الشكوى. «كيف يخسر وهو يبيعنا بسعر اليوم ما اشتراه بسعر أمس أو من شهر أو ربما عام» تقول إحدى زبونات المحل، لكنها في النهاية لا تتراجع عن الشراء. «اختلف سعر هذه القطعة 70 ليرة خلال دقيقة» تقول أخرى، تهم بشراء هدية مولود جديد. «من رف الهدية حتى المحاسب اختلف السعر 70 ليرة. هل هذا معقول؟».

هذه الفوارق السريعة دفعت مواطنين للتسوق في محاولة لتفادي خسارة أكبر لمخزونهم المالي، ولمس التجار في أسواق معروفة كـ«الشعلان» في دمشق كثافة شراء الساعات الأخيرة نتيجة هذا التغيير.

لكن هذه قد تكون هموماً صغرى أمام ما يمكن أن يفرضه هذا الارتفاع المتواصل في سعر الدولار أمام الليرة. تجربة مضى عليها 30 عاما لا تزال ماثلة أمام السوريين، حين تغير سعر العملة خلال أزمة نهاية السبعينيات وحتى العام 1983 من 4.6 ليرات مقابل الدولار حينها إلى أربعين بعدها. الفوارق ليست كبيرة بين الماضي والحاضر، إذ تساقطت قيمة الليرة السورية من دولار أميركي لكل 46 ليرة إلى 200 ليرة تقريبا لكل دولار، والأزمة ما زالت في ذروتها.

بعض الاقتصاديين يقولون إن هذا الهبوط يسمح بتأمين السيولة المطلوبة لدفع الرواتب للموظفين، إلا أنه في الوقت ذاته يشكل عبئا هائلا على الخزينة التي تشتري مواد الطاقة والقمح وغيرها بالعملة الصعبة، ناهيك عن انهيار القيمة الشرائية للعملة المتواصل. إلا أن أحدا لا يفسر فعليا السبب المباشر لهذا السقوط المتوالي لقيمة الليرة الشرائية. ثمة جواب واحد متكرر: «هي الحرب» وخلفه تفاصيل عديدة.

ولا يخفي وجه ميالة مظاهر القلق من انحدار العملة الوطنية أمس. متخذاً من مناسبة توقيع اتفاق الخط الائتماني الإيراني فرصة للتأكيد أن الدولة ستتخذ إجراءات في محاولة لمنع تفاقم الكارثة الاقتصادية. الإجراءات تتمثل في تلبية طلبات المصارف لشراء القطع الأجنبي من مصرف سوريا المركزي لتمويل المستوردات، وفقا لاحتياجات السوق، وحسب سعر يحدده المصرف المركزي بعد استلامه طلبات المصارف، بحيث يضمن السعر المذكور عدالة التسعير للسلع والبضائع في السوق من جهة، وإعادة سعر الصرف إلى مستوياته الطبيعية من جهة ثانية.

ووفقا لما تنقل عنه وكالة الأنباء السورية (سانا) فإن المصرف المركزي، ضخ القطع الأجنبي فوراً عن طريق مؤسسات الصرافة والمصرف التجاري السوري بأسعار مقبولة، لتلبية طلبات المواطنين لشراء القطع الأجنبي، حيث سيتم بيع المواطنين القطع الأجنبي المطلوب وفق الأنظمة السارية حاليا والتي تقضي ببيع المواطن مبلغ 1000 يورو شهريا.

واعتبر ميالة أن عملية التدخل ستعيد سعر الصرف إلى «مستوياته»، موضحاً أن الحكومة، وضعت الآلية اللازمة لتفعيل خط التسهيل الائتماني الممنوح من الجانب الإيراني بقيمة مليار دولار أميركي، بحيث سيساهم ذلك في تمويل جزء كبير من احتياجات السوق المحلية، وبتسهيلات دفع ما يسهم في تخفيف الضغط على سوق القطع الأجنبي، وبالتالي على سعر صرف الليرة السورية.

وأعرب ميالة عن تفاؤله بعودة سعر الصرف إلى مستوياته، بعد اتخاذ الإجراءات، على اعتبار أن الارتفاعات الحاصلة غير مبررة، متهماً بعض التجار بـ«المضاربة على سعر صرف الليرة السورية، واستغلال حاجة المواطنين والتجار للقطع الأجنبي».

ومن ضمن الإجراءات التي اتخذت أمس، قام المصرف المركزي ببيع 8 ملايين دولار للمصارف لتمويل الاستيراد و50 مليون يورو لشركات ومكاتب الصرافة للعمليات غير التجارية. واعتبر ميالة بعد الخطوة الأخيرة أن «انخفاض سعر الصرف 30 ليرة يؤكد أن ارتفاع أسعاره غير حقيقية وغير مبررة».

وفي سياق مشابه سجل سعر غرام الذهب، عيار 21 قيراطاً، في السوق السورية 7400 ليرة سورية فيما بلغ سعر الغرام عيار 18 قيراطا 6343 ليرة. أما سعر الليرة الذهبية عيار 22 فقد بلغت 62800 ليرة وعيار 21 بـ60000 ليرة سورية، وأما الليرة الرشادية فقد بلغت 53700 ليرة سورية.

ووفقا لرئيس جمعية الصاغة في دمشق غسان جزماتي فإن هذا الارتفاع كان مفاجئاً ولكن لا بد منه بالنظر إلى الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، مشيرا إلى أن صاغة دمشق توقفوا عن البيع بسبب هذا الارتفاع إلى حين اتضاح الوضع ومعرفة الأمد الذي سيقف عنده سعر الصرف.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-18
  • 12096
  • من الأرشيف

سورية: المصرف المركزي يتدخل للجم الارتفاع الجنوني للدولار

سارع حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة للإعلان عن إجراءات حكومية لكبح انزلاق الليرة السورية أمام الدولار، معلنا في ذات الساعة التي ارتفع فيها الدولار ارتفاعا قياسيا أمام الليرة عن فتح خط ائتماني إيراني للمستوردات السورية يعادل مليار دولار، منوهاً بأن إجراءات أخرى ستلحق به. وشهدت العملة السورية انخفاضاً حاداً أمس الأول استمر أمس أيضا وصل حدود العشرين في المئة تقريبا. ولامس الدولار الأميركي في بعض المناطق عتبة الـ225 ليرة سورية، وإن بقي سعره الرائج بحدود 185 أو 190 ليرة، في الوقت الذي امتنع الصرافة عن بيعه. وجرى أمر مماثل للذهب الذي ارتفع خلال 24 ساعة عمل من حدود الـ6 آلاف ليرة للغرام إلى 7400 ليرة، مع امتناع الصاغة عن البيع أيضا. الارتفاع السريع للدولار عما يعادل 170 ليرة قبل يومين دفع غالبية التجار لتغيير أسعار سلعهم مباشرة. أحد تجار الجملة تذمر قائلا لـ«السفير» إن شكوى الزبائن لا تحتمل، ولكن ليس من مفر آخر. تاجر شوكولا وهدايا منزلية كان يتحدث بعصبية على هاتفه الأرضي فيما زبائن تنتظر، متذرعا بأنه يتعرض لخسارات متتالية بسبب الفوارق السريعة في الأسعار. لكن غالبية الزبائن لا تثق بهذه الشكوى. «كيف يخسر وهو يبيعنا بسعر اليوم ما اشتراه بسعر أمس أو من شهر أو ربما عام» تقول إحدى زبونات المحل، لكنها في النهاية لا تتراجع عن الشراء. «اختلف سعر هذه القطعة 70 ليرة خلال دقيقة» تقول أخرى، تهم بشراء هدية مولود جديد. «من رف الهدية حتى المحاسب اختلف السعر 70 ليرة. هل هذا معقول؟». هذه الفوارق السريعة دفعت مواطنين للتسوق في محاولة لتفادي خسارة أكبر لمخزونهم المالي، ولمس التجار في أسواق معروفة كـ«الشعلان» في دمشق كثافة شراء الساعات الأخيرة نتيجة هذا التغيير. لكن هذه قد تكون هموماً صغرى أمام ما يمكن أن يفرضه هذا الارتفاع المتواصل في سعر الدولار أمام الليرة. تجربة مضى عليها 30 عاما لا تزال ماثلة أمام السوريين، حين تغير سعر العملة خلال أزمة نهاية السبعينيات وحتى العام 1983 من 4.6 ليرات مقابل الدولار حينها إلى أربعين بعدها. الفوارق ليست كبيرة بين الماضي والحاضر، إذ تساقطت قيمة الليرة السورية من دولار أميركي لكل 46 ليرة إلى 200 ليرة تقريبا لكل دولار، والأزمة ما زالت في ذروتها. بعض الاقتصاديين يقولون إن هذا الهبوط يسمح بتأمين السيولة المطلوبة لدفع الرواتب للموظفين، إلا أنه في الوقت ذاته يشكل عبئا هائلا على الخزينة التي تشتري مواد الطاقة والقمح وغيرها بالعملة الصعبة، ناهيك عن انهيار القيمة الشرائية للعملة المتواصل. إلا أن أحدا لا يفسر فعليا السبب المباشر لهذا السقوط المتوالي لقيمة الليرة الشرائية. ثمة جواب واحد متكرر: «هي الحرب» وخلفه تفاصيل عديدة. ولا يخفي وجه ميالة مظاهر القلق من انحدار العملة الوطنية أمس. متخذاً من مناسبة توقيع اتفاق الخط الائتماني الإيراني فرصة للتأكيد أن الدولة ستتخذ إجراءات في محاولة لمنع تفاقم الكارثة الاقتصادية. الإجراءات تتمثل في تلبية طلبات المصارف لشراء القطع الأجنبي من مصرف سوريا المركزي لتمويل المستوردات، وفقا لاحتياجات السوق، وحسب سعر يحدده المصرف المركزي بعد استلامه طلبات المصارف، بحيث يضمن السعر المذكور عدالة التسعير للسلع والبضائع في السوق من جهة، وإعادة سعر الصرف إلى مستوياته الطبيعية من جهة ثانية. ووفقا لما تنقل عنه وكالة الأنباء السورية (سانا) فإن المصرف المركزي، ضخ القطع الأجنبي فوراً عن طريق مؤسسات الصرافة والمصرف التجاري السوري بأسعار مقبولة، لتلبية طلبات المواطنين لشراء القطع الأجنبي، حيث سيتم بيع المواطنين القطع الأجنبي المطلوب وفق الأنظمة السارية حاليا والتي تقضي ببيع المواطن مبلغ 1000 يورو شهريا. واعتبر ميالة أن عملية التدخل ستعيد سعر الصرف إلى «مستوياته»، موضحاً أن الحكومة، وضعت الآلية اللازمة لتفعيل خط التسهيل الائتماني الممنوح من الجانب الإيراني بقيمة مليار دولار أميركي، بحيث سيساهم ذلك في تمويل جزء كبير من احتياجات السوق المحلية، وبتسهيلات دفع ما يسهم في تخفيف الضغط على سوق القطع الأجنبي، وبالتالي على سعر صرف الليرة السورية. وأعرب ميالة عن تفاؤله بعودة سعر الصرف إلى مستوياته، بعد اتخاذ الإجراءات، على اعتبار أن الارتفاعات الحاصلة غير مبررة، متهماً بعض التجار بـ«المضاربة على سعر صرف الليرة السورية، واستغلال حاجة المواطنين والتجار للقطع الأجنبي». ومن ضمن الإجراءات التي اتخذت أمس، قام المصرف المركزي ببيع 8 ملايين دولار للمصارف لتمويل الاستيراد و50 مليون يورو لشركات ومكاتب الصرافة للعمليات غير التجارية. واعتبر ميالة بعد الخطوة الأخيرة أن «انخفاض سعر الصرف 30 ليرة يؤكد أن ارتفاع أسعاره غير حقيقية وغير مبررة». وفي سياق مشابه سجل سعر غرام الذهب، عيار 21 قيراطاً، في السوق السورية 7400 ليرة سورية فيما بلغ سعر الغرام عيار 18 قيراطا 6343 ليرة. أما سعر الليرة الذهبية عيار 22 فقد بلغت 62800 ليرة وعيار 21 بـ60000 ليرة سورية، وأما الليرة الرشادية فقد بلغت 53700 ليرة سورية. ووفقا لرئيس جمعية الصاغة في دمشق غسان جزماتي فإن هذا الارتفاع كان مفاجئاً ولكن لا بد منه بالنظر إلى الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، مشيرا إلى أن صاغة دمشق توقفوا عن البيع بسبب هذا الارتفاع إلى حين اتضاح الوضع ومعرفة الأمد الذي سيقف عنده سعر الصرف.

المصدر : الماسة السورية/ زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة