من بوابة طرابلس هدّد تيار المستقبل والسلفيون بفتح معركة واسعة، في طرابلس وعكار والضنية، إذا لم يتدخل الجيش ضد جبل محسن خلال 48 ساعة. الخطر في هذا التهديد هو تلميحه إلى فتح جبهة بين عكار والضنية من جهة، والبقاع الشمالي من جهة أخرى

تجاوز التصعيد السّياسي في طرابلس أمس، التصعيد الأمني الذي استمر قائماً، وإن كان بشكل أخفّ من الأيام الماضية. وذلك بعد الانتقادات المباشرة التي وُجّهت بحدّة إلى الجيش من قيادات وشخصيات سياسية تشكل العمود الفقري لتيار المستقبل، أبرزها النائب محمد كبارة. وقالت مصادر امنية لـ«الأخبار» إن رفع الصوت السياسي في طرابلس أمس ناتج من «عدم قدرة أبناء المدينة على الاحتمال أكثر، نتيجة ما جرى». ولفتت إلى أن رد جبل محسن على فتح المعركة في وجهه كان قاسياً، وخاصة بعمليات القنص على كافة المحاور. وتوقعت المصادر أن يكون تهديد كبارة، الذي طالب الجيش بالتدخل ضد جبل محسن خلال 48 ساعة «وإلا»، مبنياً على اتفاق بين الذين اجتمعوا في منزله امس على القيام «بهجوم شامل على جبل محسن، بهدف دخول الجبل، في حال لم ينتشر الجيش بجدية». والخطر في كلام كبارة، بحسب المصادر الأمنية، أمران: الأول، تهديده بألا يقف «التحرك عند حدود طرابلس، بل سيتعداها الى حدود عكار والضنية»، والثاني أن هذا الكلام صدر بعد اجتماع ضم كلاً من النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي، والمشايخ سالم الرافعي ونبيل رحيم وكنعان ناجي وحسن الخيال ممثلا «الجماعة الاسلامية»، حسام الصباغ (قائد القوة السلفية الأبرز في طرابلس)، ومستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة. والمجتمعون يمثلون أكثرية القوى العسكرية الفاعلة في طرابلس. وتساءلت مصادر أمنية عما يقصده كبارة بقوله «حدود عكار والضنية»، لافتة إلى ان الاحتمال الوحيد هو «فتح معركة مع البقاع الشمالي»، بسبب غياب أي خصم جدي للمستقبل وحلفائه السلفيين والجماعة الإسلامية في منطقتي الضنية وعكار.

وكان كبارة قد تلا بياناً بعد الاجتماع، قال فيه: «إن أي تهاون من السلطة السياسية وقيادة الجيش تجاه طرابلس سيجعل الأمور بعد 48 ساعة من الآن خارجة عن سيطرة الجميع، وبالتالي فإن طرابلس ستكون مضطرة للدفاع عن نفسها والتاريخ يشهد بأن هذه المدينة لا تسكت عن ظلم ولا تقبل بأي اذلال».

وبعدما كان السّياسيون الزرق ينتقدون الجيش اللبناني بخفر، تاركين مهمة توجيه السهام إليه لمقربين منهم، خرجوا أمس إلى العلن ليحمّلوا الجيش مسؤولية ما يجري في المدينة، مستغلين موجة الاستياء العارم التي سادت طرابلس أول من أمس، بعد سقوط 6 قتلى وأكثر من 40 جريحاً، أكثريتهم أصيب برصاص قنص أُطلق عليهم من مسلحين في جبل محسن.

ما جرى في المدينة خلال الأسبوع الأخير، والذي وصل إلى ذروته خلال اليومين الماضيين، معطوفاً على رفع سقف الخطاب السياسي، دفع الجيش إلى التحرك ابتداءً من ليل أمس، انطلاقاً من منطقة جبل محسن. فقد نفّذ الجيش انتشارا في «الجبل»، وقامت دورياته بعمليات دهم لعدد من المنازل، وازالت متاريس سبق أن شيّدها مسلحو المنطقة. وقالت مصادر طرابلسية لـ«الأخبار» إن الجيش سيستكمل انتشاره باتجاه مناطق التبانة اليوم وغداً. وأشارت مصادر القصر الجمهوري إلى إن المجلس الاعلى للدفاع سينعقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم، نظراً لخطورة الوضع في طرابلس، والخشية من انتقال الفلتان الأمني إلى مناطق أخرى.

ورغم أن انتشار الجيش في جبل محسن أمس خفّف وتيرة القنض في طرابلس، انتقل مسلحو المدينة من محور القتال التقليدي ضد جبل محسن، ليهاجموا محلاً تجارياً يملكه أحد أبناء الجبل في منطقة التل، ويطلقوا النار عليه. وتحدّثت معلومات عن وقوع قتيل في هذه «الغزوة»، لكن من دون التأكد من هذه المعلومات.

وأعرب رئيس الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد عن أسفه لحديث النائب كبارة حول تدخله مباشرة في طرابلس في حال لم تتصرف الجهات الأمنية.

ورأى أن «الأمر هو مشروع مرتبط عضويا وجزئيا بما يجري في سوريا». واشار الى أنه تبلغ «من عميد في الجيش أن الجيش سيتدخل في طرابلس موجها السؤال لي ان كان هناك من مشكل في الأمر، فقلت إن لا مشكل في ان يتصرف الجيش، وأوضح لي أن إرادة المقلب الآخر ايضا ان يتدخل الجيش، وقال إن الجيش سيتصرف». وعتب عيد على الجيش سائلاً «لماذا تبدأ دائما الأمور من جبل محسن؟ ولماذا بدأ الجيش ازالة الدشم من جبل محسن فيما باقي المناطق لم يقترب منها بعد؟».

من جهته، أشار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل في مؤتمر صحافي قبل اجتماع مجلس الامن المركزي، إلى ان «ما يحصل في طرابلس مأساة»، مضيفاً أن «أغلبية المسلحين خرجوا عن أوامر بعض السياسيين». وشدد على انه «لا يمكننا ان ندمر طرابلس بالضرب بيد من حديد، والجيش يتصرف بحكمة من أجل ضبط الوضع هناك».

وأوضح شربل أن ضبط الحدود مع سوريا «يحتاج إلى 100 ألف عسكري، واقفال المعابر غير الشرعية، ووضع اجهزة تقنية لمراقبة العابرين».

واستغرب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الوضع الأمني في طرابلس، لافتا إلى «أننا نلاحظ أن التفجير يحصل عندما يكون هناك بحث في التمديد وغير التمديد». ورأى أن «هناك ادارات أمنية ومحلية تشعل الوضع في طرابلس ونحن لا نقبل أن تبقى أجهزة الاستخبارات لدينا ساكتة عن المعلومات التي لديها».

بدوره سأل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط «ما الفائدة من إشعال النار في طرابلس والدخول في عملية تصفية الحسابات السياسية عبر الشحن المذهبي والطائفي وتغذية الغرائز وتأجيج مشاعر التوتر والفتنة؟». ورأى أنه «آن الأوان لبعض الساسة في طرابلس وبعض الجهات الداخلية والخارجية الأخرى للاقلاع عن عملها المتواصل في التسليح والتمويل المنظم لبعض الأحزاب والميليشيات وقادة المحاور، وآن الأوان لاحتضان الجيش اللبناني أكثر من أي وقت مضى لأنه يمثل مرجعية الدولة التي تبقى الملاذ الوحيد لأهل طرابلس واللبنانيين عموما».
  • فريق ماسة
  • 2013-06-04
  • 12251
  • من الأرشيف

«المستقبل» يهدد بـ«حرب شاملة» فــي الشمال

من بوابة طرابلس هدّد تيار المستقبل والسلفيون بفتح معركة واسعة، في طرابلس وعكار والضنية، إذا لم يتدخل الجيش ضد جبل محسن خلال 48 ساعة. الخطر في هذا التهديد هو تلميحه إلى فتح جبهة بين عكار والضنية من جهة، والبقاع الشمالي من جهة أخرى تجاوز التصعيد السّياسي في طرابلس أمس، التصعيد الأمني الذي استمر قائماً، وإن كان بشكل أخفّ من الأيام الماضية. وذلك بعد الانتقادات المباشرة التي وُجّهت بحدّة إلى الجيش من قيادات وشخصيات سياسية تشكل العمود الفقري لتيار المستقبل، أبرزها النائب محمد كبارة. وقالت مصادر امنية لـ«الأخبار» إن رفع الصوت السياسي في طرابلس أمس ناتج من «عدم قدرة أبناء المدينة على الاحتمال أكثر، نتيجة ما جرى». ولفتت إلى أن رد جبل محسن على فتح المعركة في وجهه كان قاسياً، وخاصة بعمليات القنص على كافة المحاور. وتوقعت المصادر أن يكون تهديد كبارة، الذي طالب الجيش بالتدخل ضد جبل محسن خلال 48 ساعة «وإلا»، مبنياً على اتفاق بين الذين اجتمعوا في منزله امس على القيام «بهجوم شامل على جبل محسن، بهدف دخول الجبل، في حال لم ينتشر الجيش بجدية». والخطر في كلام كبارة، بحسب المصادر الأمنية، أمران: الأول، تهديده بألا يقف «التحرك عند حدود طرابلس، بل سيتعداها الى حدود عكار والضنية»، والثاني أن هذا الكلام صدر بعد اجتماع ضم كلاً من النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي، والمشايخ سالم الرافعي ونبيل رحيم وكنعان ناجي وحسن الخيال ممثلا «الجماعة الاسلامية»، حسام الصباغ (قائد القوة السلفية الأبرز في طرابلس)، ومستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة. والمجتمعون يمثلون أكثرية القوى العسكرية الفاعلة في طرابلس. وتساءلت مصادر أمنية عما يقصده كبارة بقوله «حدود عكار والضنية»، لافتة إلى ان الاحتمال الوحيد هو «فتح معركة مع البقاع الشمالي»، بسبب غياب أي خصم جدي للمستقبل وحلفائه السلفيين والجماعة الإسلامية في منطقتي الضنية وعكار. وكان كبارة قد تلا بياناً بعد الاجتماع، قال فيه: «إن أي تهاون من السلطة السياسية وقيادة الجيش تجاه طرابلس سيجعل الأمور بعد 48 ساعة من الآن خارجة عن سيطرة الجميع، وبالتالي فإن طرابلس ستكون مضطرة للدفاع عن نفسها والتاريخ يشهد بأن هذه المدينة لا تسكت عن ظلم ولا تقبل بأي اذلال». وبعدما كان السّياسيون الزرق ينتقدون الجيش اللبناني بخفر، تاركين مهمة توجيه السهام إليه لمقربين منهم، خرجوا أمس إلى العلن ليحمّلوا الجيش مسؤولية ما يجري في المدينة، مستغلين موجة الاستياء العارم التي سادت طرابلس أول من أمس، بعد سقوط 6 قتلى وأكثر من 40 جريحاً، أكثريتهم أصيب برصاص قنص أُطلق عليهم من مسلحين في جبل محسن. ما جرى في المدينة خلال الأسبوع الأخير، والذي وصل إلى ذروته خلال اليومين الماضيين، معطوفاً على رفع سقف الخطاب السياسي، دفع الجيش إلى التحرك ابتداءً من ليل أمس، انطلاقاً من منطقة جبل محسن. فقد نفّذ الجيش انتشارا في «الجبل»، وقامت دورياته بعمليات دهم لعدد من المنازل، وازالت متاريس سبق أن شيّدها مسلحو المنطقة. وقالت مصادر طرابلسية لـ«الأخبار» إن الجيش سيستكمل انتشاره باتجاه مناطق التبانة اليوم وغداً. وأشارت مصادر القصر الجمهوري إلى إن المجلس الاعلى للدفاع سينعقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم، نظراً لخطورة الوضع في طرابلس، والخشية من انتقال الفلتان الأمني إلى مناطق أخرى. ورغم أن انتشار الجيش في جبل محسن أمس خفّف وتيرة القنض في طرابلس، انتقل مسلحو المدينة من محور القتال التقليدي ضد جبل محسن، ليهاجموا محلاً تجارياً يملكه أحد أبناء الجبل في منطقة التل، ويطلقوا النار عليه. وتحدّثت معلومات عن وقوع قتيل في هذه «الغزوة»، لكن من دون التأكد من هذه المعلومات. وأعرب رئيس الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد عن أسفه لحديث النائب كبارة حول تدخله مباشرة في طرابلس في حال لم تتصرف الجهات الأمنية. ورأى أن «الأمر هو مشروع مرتبط عضويا وجزئيا بما يجري في سوريا». واشار الى أنه تبلغ «من عميد في الجيش أن الجيش سيتدخل في طرابلس موجها السؤال لي ان كان هناك من مشكل في الأمر، فقلت إن لا مشكل في ان يتصرف الجيش، وأوضح لي أن إرادة المقلب الآخر ايضا ان يتدخل الجيش، وقال إن الجيش سيتصرف». وعتب عيد على الجيش سائلاً «لماذا تبدأ دائما الأمور من جبل محسن؟ ولماذا بدأ الجيش ازالة الدشم من جبل محسن فيما باقي المناطق لم يقترب منها بعد؟». من جهته، أشار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل في مؤتمر صحافي قبل اجتماع مجلس الامن المركزي، إلى ان «ما يحصل في طرابلس مأساة»، مضيفاً أن «أغلبية المسلحين خرجوا عن أوامر بعض السياسيين». وشدد على انه «لا يمكننا ان ندمر طرابلس بالضرب بيد من حديد، والجيش يتصرف بحكمة من أجل ضبط الوضع هناك». وأوضح شربل أن ضبط الحدود مع سوريا «يحتاج إلى 100 ألف عسكري، واقفال المعابر غير الشرعية، ووضع اجهزة تقنية لمراقبة العابرين». واستغرب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الوضع الأمني في طرابلس، لافتا إلى «أننا نلاحظ أن التفجير يحصل عندما يكون هناك بحث في التمديد وغير التمديد». ورأى أن «هناك ادارات أمنية ومحلية تشعل الوضع في طرابلس ونحن لا نقبل أن تبقى أجهزة الاستخبارات لدينا ساكتة عن المعلومات التي لديها». بدوره سأل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط «ما الفائدة من إشعال النار في طرابلس والدخول في عملية تصفية الحسابات السياسية عبر الشحن المذهبي والطائفي وتغذية الغرائز وتأجيج مشاعر التوتر والفتنة؟». ورأى أنه «آن الأوان لبعض الساسة في طرابلس وبعض الجهات الداخلية والخارجية الأخرى للاقلاع عن عملها المتواصل في التسليح والتمويل المنظم لبعض الأحزاب والميليشيات وقادة المحاور، وآن الأوان لاحتضان الجيش اللبناني أكثر من أي وقت مضى لأنه يمثل مرجعية الدولة التي تبقى الملاذ الوحيد لأهل طرابلس واللبنانيين عموما».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة