جبهة الجولان بدأت بالحراك. نيران سورية على آلية إسرائيلية عبرت خط المنطقة منزوعة السلاح، في تنفيذ لما قاله الرئيس السوري بشار الأسد من أن القوات السورية لن تتهاون مع أي خرق إضافي للحدود. إسرائيل بدورها أكدت، وحذرت من تدهور الوضع على الجبهة، وسط إشارات إسرائيلية إلى تمهّل بالرد، أو «الاحتفاظ بحق الرد»

يمكن القول إن القيادة الإسرائيلية، بشقيها السياسي والعسكري، تلقت الرسالة التي وجهها الجانب السوري عبر عمليات استهدفت نقاطاً إسرائيلية في الأيام الأخيرة في الجولان المحتل، وأدركت المخاطر الكامنة فيها، لذا كانت ردود الأفعال والمواقف التي وجهتها هذه القيادات أبعد من النتائج المادية والعسكرية لهذه العمليات، وأكثر تناسباً مع مضامين الرسالة والأخطار الكامنة فيها.

حمّل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، الجيش السوري المسؤولية عن إطلاق النار التي تعرضت لها آلية للجيش في الجولان «رداً على نشاط الجيش الإسرائيلي»، مشدداً على أن «(الرئيس السوري بشار الأسد) سيتحمل النتائج». وأضاف أن «دورية للجيش الإسرائيلي كانت تسير بوضوح بالقرب من السياج، تعرضت لنيران سورية ثلاث مرات». وأضاف غانتس «إننا نرى تواصل عمليات نقل الوسائل القتالية في سورية، وبموازاة ذلك الأسد يتحدث ويوجه ويشجع توسيع النشاطات ضد دولة إسرائيل بأبعاد مختلفة، ومن بينها في هضبة الجولان، وهذا أمر مرفوض من قبلنا ولذلك تم تدمير الموقع» السوري.

وفي محاولة لتوجيه رسالة تؤكد على تمسك إسرائيل بسياستها الأمنية في الساحة السورية، شدد غانتس، في كلمة في مؤتمر جامعة حيفا، «نحن لا نستطيع أن نسمح، ولن نسمح بأن تتحول هضبة الجولان إلى ساحة مريحة لردود الأسد». وهدد بأنه «في حال تدهور الوضع في هضبة الجولان سيضطر الأسد إلى أن يتحمل نتائج هذا الموضوع». وأضاف «أنا لست شخصاً صدامياً، ولكننا سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا. وبالخلاصة، الوضع في الجولان غير مستقر وسائر نحو الانهيار».

في السياق نفسه، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيس أركان الجيش تحذيره من حدوث تدهور عسكري مفاجئ بين إسرائيل وإحدى الجبهات المحيطة بها لا يمكن السيطرة عليه. وأكد غانتس أن إسرائيل «تعيش الآن في وضع حساس وقابل للانفجار». وحث كافة الإسرائيليين على «البقاء يقظين بسبب هذا الوضع»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تواجه عدداً كبيراً من التهديدات العسكرية». وأضاف «من الواضح أن للجبهات المختلفة علاقة ببعضها البعض، إذ إن هناك علاقة بين سيناء وغزة وبين الأخيرة والضفة الغربية وبين سورية ولبنان».

ضمن الإطار نفسه، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن رئيس أركان جيش الاحتلال قام في ساعات مبكرة من صباح أمس بزيارة منطقة هضبة الجولان القريبة من الحدود السورية، برفقة كل من قائد المنطقة الشمالية، الجنرال يائير غولان، وقائد فرقة الجولان، العميد تامير هيمن. وأكد غانتس، في مؤتمر صحافي عقده بعد الانتهاء من جولته، أن «الحدود، سواء كانت المصرية منها أو السورية، تشهد توتراً غير مسبوق»، لافتاً إلى أن «جيشه يقدر بأن الهجمات ستتواصل وأن القلق يساور المنظومة الأمنية الإسرائيلية في هذا الشأن». وأعرب غانتس عن خشيته من أن تتحول منطقة الجولان إلى منطقة تنطلق منها هجمات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي بالقرب من الجدار الحدودي، في حين قال ضابط رفيع المستوى في المنطقة إن الجيش الإسرائيلي يستعد لجميع الاحتمالات.

بموازاة ذلك، شدد وزير الدفاع، موشيه يعلون، رداً على العمليات التي تعرضت لها قوات الجيش الإسرائيلي في الجولان، أن «سياستنا واضحة، لا نتدخل في ما يجري في سورية ولا نتدخل بالطبع في الحرب الأهلية، وفي ما يتعلق بهضبة الجولان نحن لا ولن نسمح بانزلاق النيران إلى مناطقنا»، مؤكداً أن هدفاً تابعاً للجيش السوري تعرض للتدمير رداً على النيران التي تعرضنا لها.

وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تعرض قوة للجيش الإسرائيلي لنيران مقصودة وموجهة من الجانب السوري في منطقة تل فارس وسط الجولان، لم تؤد إلى سقوط إصابات ولكن الآلية العسكرية تعرضت لأضرار. ورد الجيش الإسرائيلي، بحسب هذه التقارير، بإطلاق صاروخين من طراز «تموز» باتجاه مصدر النيران. ولفتت هذه التقارير إلى أن هذه هي المرة الثالثة في الأسبوع الأخير التي تُفتح فيها النيران من سورية باتجاه قوة إسرائيلية. وفيما توقفت التقارير الإسرائيلية عند التبني الرسمي من قبل الجيش السوري للعملية الأخيرة للمرة الأولى، نفى مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة «هآرتس» ما أكده بيان للجيش السوري من أن الآلية الإسرائيلية تجاوزت الخط باتجاه المنطقة المنزوعة السلاح. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها أنهم في الجيش الإسرائيلي يقدرون بأن إعلان الجيش السوري المسؤولية عن إطلاق النار هو جزء من سياسة عملياتية جديدة لنظام الأسد الذي أعلن في أعقاب الهجوم الجوي، انه من الآن ستفتح جبهة مقاومة في الجولان ضد إسرائيل. وأكدوا في الجيش الإسرائيلي أيضاً أن الرد العسكري على عمليات إطلاق النار في الحدود سيدرس بشكل مفصل وبما يتلاءم مع تقدير الوضع.

من جهته، شدد وزير الشؤون الاستراتيجية، في حكومة نتنياهو، يوفال شطاينتس، أمام لجنة الخارجية والأمن، على ضرورة رحيل الأسد لأن ذلك سيوجه ضربة شديدة لـ«محور الشر ويضعف إيران وحزب الله»، ويؤدي إلى «إخراج سورية من المعادلة». ودعا أيضاً إلى ضرورة «بذل اسرائيل كل جهودها لمنع نقل السلاح المتطور إلى المنظمات الإرهابية».

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن المسؤولين الإسرائيليين، رغم انه يؤكدون ضرورة رحيل الأسد، إلا أنهم يخشون في الوقت نفسه من أن يؤدي انهيار النظام إلى تعاظم الإرهاب المتطرف وسيطرته على الدولة. ونقلت الصحيفة أيضا أن نتنياهو عبّر خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تعاظم الجهات المتطرفة.

وتساءلت صحيفة «هآرتس» عما إن كانت إسرائيل قد بدأت تتعرض لحرب استنزاف كما تعهد الأسد؟ لكنهم في الجيش مقتنعون، كما تؤكد الصحيفة، أن المسألة ليست كذلك في هذه المرحلة على الأقل، بالرغم من تعرض مرصد جبل الشيخ خلال الأسبوع الماضي لقذائف مقصودة. ولفتت الصحيفة إلى أن الجولان بدأ في الأشهر الأخيرة يتعرض لنيران من دون توقف تقريباً، مؤكدة أن المعجزة حالت دون وقوع إصابات. ونقلت عن مصادر في قيادة المنطقة الشمالية، قولها إن ما جرى «ليس حرباً ضدنا وليس حرب استنزاف».

مع ذلك، رأت «هآرتس» انه منذ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في سورية، تغيرت سياسة الرد الإسرائيلية، وفي الجيش يعترفون بهذه الحقيقة. وأكدت انه في الماضي كانت التوجيهات تفيد انه ينبغي الرد على أي نيران تنطلق من الأراضي السورية، سواء كانت مقصودة أم لا، لكنهم الآن لا يسارعون للرد بالنيران في محاولة لتخفيف حالة التوتر. وأوضح مصدر في الجيش هذه السياسة بالقول «نحن أكثر حذراً واقل بحثاً عن مواجهة، وهذا يعتبر خطوة إلى الوراء».
  • فريق ماسة
  • 2013-05-21
  • 9365
  • من الأرشيف

إسرائيل: وضع الجولان نحو الانهيار

جبهة الجولان بدأت بالحراك. نيران سورية على آلية إسرائيلية عبرت خط المنطقة منزوعة السلاح، في تنفيذ لما قاله الرئيس السوري بشار الأسد من أن القوات السورية لن تتهاون مع أي خرق إضافي للحدود. إسرائيل بدورها أكدت، وحذرت من تدهور الوضع على الجبهة، وسط إشارات إسرائيلية إلى تمهّل بالرد، أو «الاحتفاظ بحق الرد» يمكن القول إن القيادة الإسرائيلية، بشقيها السياسي والعسكري، تلقت الرسالة التي وجهها الجانب السوري عبر عمليات استهدفت نقاطاً إسرائيلية في الأيام الأخيرة في الجولان المحتل، وأدركت المخاطر الكامنة فيها، لذا كانت ردود الأفعال والمواقف التي وجهتها هذه القيادات أبعد من النتائج المادية والعسكرية لهذه العمليات، وأكثر تناسباً مع مضامين الرسالة والأخطار الكامنة فيها. حمّل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، الجيش السوري المسؤولية عن إطلاق النار التي تعرضت لها آلية للجيش في الجولان «رداً على نشاط الجيش الإسرائيلي»، مشدداً على أن «(الرئيس السوري بشار الأسد) سيتحمل النتائج». وأضاف أن «دورية للجيش الإسرائيلي كانت تسير بوضوح بالقرب من السياج، تعرضت لنيران سورية ثلاث مرات». وأضاف غانتس «إننا نرى تواصل عمليات نقل الوسائل القتالية في سورية، وبموازاة ذلك الأسد يتحدث ويوجه ويشجع توسيع النشاطات ضد دولة إسرائيل بأبعاد مختلفة، ومن بينها في هضبة الجولان، وهذا أمر مرفوض من قبلنا ولذلك تم تدمير الموقع» السوري. وفي محاولة لتوجيه رسالة تؤكد على تمسك إسرائيل بسياستها الأمنية في الساحة السورية، شدد غانتس، في كلمة في مؤتمر جامعة حيفا، «نحن لا نستطيع أن نسمح، ولن نسمح بأن تتحول هضبة الجولان إلى ساحة مريحة لردود الأسد». وهدد بأنه «في حال تدهور الوضع في هضبة الجولان سيضطر الأسد إلى أن يتحمل نتائج هذا الموضوع». وأضاف «أنا لست شخصاً صدامياً، ولكننا سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا. وبالخلاصة، الوضع في الجولان غير مستقر وسائر نحو الانهيار». في السياق نفسه، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيس أركان الجيش تحذيره من حدوث تدهور عسكري مفاجئ بين إسرائيل وإحدى الجبهات المحيطة بها لا يمكن السيطرة عليه. وأكد غانتس أن إسرائيل «تعيش الآن في وضع حساس وقابل للانفجار». وحث كافة الإسرائيليين على «البقاء يقظين بسبب هذا الوضع»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تواجه عدداً كبيراً من التهديدات العسكرية». وأضاف «من الواضح أن للجبهات المختلفة علاقة ببعضها البعض، إذ إن هناك علاقة بين سيناء وغزة وبين الأخيرة والضفة الغربية وبين سورية ولبنان». ضمن الإطار نفسه، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن رئيس أركان جيش الاحتلال قام في ساعات مبكرة من صباح أمس بزيارة منطقة هضبة الجولان القريبة من الحدود السورية، برفقة كل من قائد المنطقة الشمالية، الجنرال يائير غولان، وقائد فرقة الجولان، العميد تامير هيمن. وأكد غانتس، في مؤتمر صحافي عقده بعد الانتهاء من جولته، أن «الحدود، سواء كانت المصرية منها أو السورية، تشهد توتراً غير مسبوق»، لافتاً إلى أن «جيشه يقدر بأن الهجمات ستتواصل وأن القلق يساور المنظومة الأمنية الإسرائيلية في هذا الشأن». وأعرب غانتس عن خشيته من أن تتحول منطقة الجولان إلى منطقة تنطلق منها هجمات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي بالقرب من الجدار الحدودي، في حين قال ضابط رفيع المستوى في المنطقة إن الجيش الإسرائيلي يستعد لجميع الاحتمالات. بموازاة ذلك، شدد وزير الدفاع، موشيه يعلون، رداً على العمليات التي تعرضت لها قوات الجيش الإسرائيلي في الجولان، أن «سياستنا واضحة، لا نتدخل في ما يجري في سورية ولا نتدخل بالطبع في الحرب الأهلية، وفي ما يتعلق بهضبة الجولان نحن لا ولن نسمح بانزلاق النيران إلى مناطقنا»، مؤكداً أن هدفاً تابعاً للجيش السوري تعرض للتدمير رداً على النيران التي تعرضنا لها. وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تعرض قوة للجيش الإسرائيلي لنيران مقصودة وموجهة من الجانب السوري في منطقة تل فارس وسط الجولان، لم تؤد إلى سقوط إصابات ولكن الآلية العسكرية تعرضت لأضرار. ورد الجيش الإسرائيلي، بحسب هذه التقارير، بإطلاق صاروخين من طراز «تموز» باتجاه مصدر النيران. ولفتت هذه التقارير إلى أن هذه هي المرة الثالثة في الأسبوع الأخير التي تُفتح فيها النيران من سورية باتجاه قوة إسرائيلية. وفيما توقفت التقارير الإسرائيلية عند التبني الرسمي من قبل الجيش السوري للعملية الأخيرة للمرة الأولى، نفى مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة «هآرتس» ما أكده بيان للجيش السوري من أن الآلية الإسرائيلية تجاوزت الخط باتجاه المنطقة المنزوعة السلاح. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها أنهم في الجيش الإسرائيلي يقدرون بأن إعلان الجيش السوري المسؤولية عن إطلاق النار هو جزء من سياسة عملياتية جديدة لنظام الأسد الذي أعلن في أعقاب الهجوم الجوي، انه من الآن ستفتح جبهة مقاومة في الجولان ضد إسرائيل. وأكدوا في الجيش الإسرائيلي أيضاً أن الرد العسكري على عمليات إطلاق النار في الحدود سيدرس بشكل مفصل وبما يتلاءم مع تقدير الوضع. من جهته، شدد وزير الشؤون الاستراتيجية، في حكومة نتنياهو، يوفال شطاينتس، أمام لجنة الخارجية والأمن، على ضرورة رحيل الأسد لأن ذلك سيوجه ضربة شديدة لـ«محور الشر ويضعف إيران وحزب الله»، ويؤدي إلى «إخراج سورية من المعادلة». ودعا أيضاً إلى ضرورة «بذل اسرائيل كل جهودها لمنع نقل السلاح المتطور إلى المنظمات الإرهابية». وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن المسؤولين الإسرائيليين، رغم انه يؤكدون ضرورة رحيل الأسد، إلا أنهم يخشون في الوقت نفسه من أن يؤدي انهيار النظام إلى تعاظم الإرهاب المتطرف وسيطرته على الدولة. ونقلت الصحيفة أيضا أن نتنياهو عبّر خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تعاظم الجهات المتطرفة. وتساءلت صحيفة «هآرتس» عما إن كانت إسرائيل قد بدأت تتعرض لحرب استنزاف كما تعهد الأسد؟ لكنهم في الجيش مقتنعون، كما تؤكد الصحيفة، أن المسألة ليست كذلك في هذه المرحلة على الأقل، بالرغم من تعرض مرصد جبل الشيخ خلال الأسبوع الماضي لقذائف مقصودة. ولفتت الصحيفة إلى أن الجولان بدأ في الأشهر الأخيرة يتعرض لنيران من دون توقف تقريباً، مؤكدة أن المعجزة حالت دون وقوع إصابات. ونقلت عن مصادر في قيادة المنطقة الشمالية، قولها إن ما جرى «ليس حرباً ضدنا وليس حرب استنزاف». مع ذلك، رأت «هآرتس» انه منذ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في سورية، تغيرت سياسة الرد الإسرائيلية، وفي الجيش يعترفون بهذه الحقيقة. وأكدت انه في الماضي كانت التوجيهات تفيد انه ينبغي الرد على أي نيران تنطلق من الأراضي السورية، سواء كانت مقصودة أم لا، لكنهم الآن لا يسارعون للرد بالنيران في محاولة لتخفيف حالة التوتر. وأوضح مصدر في الجيش هذه السياسة بالقول «نحن أكثر حذراً واقل بحثاً عن مواجهة، وهذا يعتبر خطوة إلى الوراء».

المصدر : الأخبار /علي حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة