دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لخّص الزميل رحيّل الغرايبة، بدقة، صورة حركات التمرد في سورية، من حيث هي ” مرتبطة مع دول الاستعمار والاستكبار الغربي، وصديقة للكيان الصهيوني، ومدعومة من الأنظمة الرجعية (.) ومرتبطة بالتخلف والجهل والإرهاب والتطرف والإجرام، والتعصب الديني، وحب القتل والاغتيال، والحط من شأن النساء، واحتقار المخالف”.
يرى الغرايبة، بالطبع، أن هذه الصورة الشوهاء ليست سوى مؤامرة إعلامية ضد ما يسميها ” حركات تحرر”. ولعلّ الوقائع التالية تثبت ما ذهب إليه الزميل، ــ فالحركات المعنية، تقف، بقوة وحزم، ضد الامبريالية الأميركية والغربية، وهي ترفض تزويدها بالسلاح من قبل دول الاستكبار، وترفض التنسيق السياسي والاستخباري معها، بل وتتعقب عملاء المخابرات الغربية في سورية، لتصفيتهم، وعلى الرغم من العلاقات الإخوانية التي تربطها بتركيا ، فإن الخلافات بين ” الجيش الحر” وأنقرة، مستمرة بسبب عضوية الأخيرة في الحلف الأطلسي وقبولها معاودة التعاون العسكري والأمني مع العدو الإسرائيلي ونصبها منصات الباتريوت الأطلسية على الحدود مع سورية،
ــ أما موقف الحركات .. من إسرائيل، فهو غني عن التعريف به؛ فلا توجد اتصالات ابدا بين الفريقين، ولا موافقة على صلح يمس بحدود ال67 . ويظهر مدى وطنيتها في تعليماتها لمقاتليها بعدم المساس بأنظمة الدفاع الجوي السورية، لأن الطرف المستفيد،هنا، هو إسرائيل وليس "الثورة". ولعل الغضبة العرمرمية التي أظهرتها الحركات حيال القصف الإسرائيلي لريف دمشق، تؤكد تمييزها بين الصراع الداخلي والصراع مع العدو، ولذلك، فقد امتنع الإخوان المسلمون عن توجيه النداءات إلى الخلايا النائمة في دمشق للإفادة من الضربات الإسرائيلية للجيش السوري، وأوضحوا أنه لا يجوز شرعا الاستعانة بالأجنبي، فما بالك بالصهيوني ضد الوطن،
ــ وقد رفضت الحركات .. تلقي أي دعم من الدول النفطية، وترفض الهيمنة الخليجية عليها وتوجيهها والحصول على الأموال والأسلحة منها؛ فهذه الحركات الساعية نحو الحرية والديموقراطية، تأنف من التعاون مع أنظمة استبدادية، كما أن موقفها من قطر خصوصا جامع
مانع بسبب القواعد الأميركية والعلاقات مع إسرائيل وأذكركم هنا بالهجمة الإخوانية على الدوحة كونها بادرت إلى تقديم المزيد من التنازلات عن الأرض والسيادة في فلسطين،
ــ وترينا أدبيات الحركات … رفعة المستوى الفكري الذي يحكم مناقشاتها وحواراتها حول أفضل الأنظمة الديموقراطية الممكن تطبيقها في سورية، وهي، في خطها الثوري، تقارن بين الثورات الفرنسية والأميركية والروسية، وتسعى لاستخلاص أحسن التوليفات منها، ومن النقاشات البالغة الأهمية للحركات .. محاولتها أسلمة جان جاك روسو، والارتقاء إلى فقه الحرية وظهور فتاوى الحق الديموقراطي والتنموي، بدلا من فقه العلاقات …
ــ وعلى رغم "تعسّف النظام الاستبدادي" وشراسة الحرب معه، رفضت الحركات .. اللجوء إلى وسائل إرهابية، كالمفخخات والعمليات الانتحارية وقصف الجامعات والمساجد والكنائس أو تدمير البنى التحتية أو قتل المدنيين بصورة جماعية، وإذا كانت بعض الجهات تقوم بذلك، فهي ليست الحركات… والدليل أن الإخوان المسلمين، مثلا، أدانوا وطاردوا، بلا رحمة، جبهة النصرة التي لا يعتبرونها، أبدا، جزءا من "الثورة"،
ــ وأظهرت الحركات .. من المحبة والإخاء والتسامح الديني والمذهبي والطائفي، ما جعل "العلويين والشيعة والمسيحيين والدروز"، يرتمون في أحضان "الثورة" المباركة التي جاءت لكي توحد الشعب السوري بكل مكوناته؛ لم يهدم الثوار حسينية ولا كنيسة، ولم يقتلوا مواطنا واحدا على الهوية، وإنما دخلوا في نقاش ودي مع مخالفيهم كالعلاّمة الاسلامي محمد سعيد البوطي، وهم يناقشون الآن، في مكان هادئ ومعزول، سبل تعزيز الوجود المسيحي في المنطقة مع مطرانيّ حلب، للأرثوذكس والسريان…
ـــ أما موقف الحركات .. من النساء ، فهو تقدمي وديموقراطي إلى حد لا يمكن الحديث عنه هنا، لأن هذه الصحيفة قد تقع في أيدي الفتيات والفتيان.
المصدر :
العرب اليوم/ ناهض حتر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة