دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الامة العربية تقف على ابواب حرب مدمرة، ومع ذلك ما زالت شهية دولة الاحتلال الاسرائيلي مفتوحة لحلب المزيد من التنازلات من الجانب العربي حتى قبل بدء المفاوضات.
وفد متابعة مبادرة السلام العربية المنبثق عن مجلس وزراء الخارجية العرب زار واشنطن والتقى بوزير الخارجية الامريكي جون كيري من اجل ‘تحريك’ عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، فبينما كان من المفترض ان يقدم الجانب الاسرائيلي الذي زرع الارض بالمستوطنات والمستوطنين على مدى عشرين عاما تنازلات للعرب لاغرائهم بالعودة الى المفاوضات حدث العكس تماما، وبادر الوفد الى تقديمها متمثلة بالقبول بمبدأ تبادل الاراضي وادخال تعديلات على المبادرة العربية.
نتنياهو لم يرحب بهذه التنازلات العربية على اهميتها، وبادر بارسال وفد برئاسة تسيبي ليفني وزيرة العدل في حكومته الى واشنطن لتقديم سلسلة من التحفظات، ابرزها ضرورة الاعتراف باسرائيل دولة يهودية.
المؤسف ان جون كيري تجاوب مع هذا الطلب ومارس ضغوطا على الجامعة العربية ووفدها، للقبول به تحت ذريعة قطع الشجرة التي تسلق عليها نتنياهو، وسحب كل الاعذار من بين يديه.
لا نستغرب هذه الضغوط الامريكية على الجانب العربي، فالرئيس باراك اوباما طالب الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية، مثلما طالب الحكومات العربية بتطبيع العلاقات دون شروط مع هذه الدولة، كل هذا مقابل ان يجلسوا الى مائدة المفاوضات مع الاسرائيليين.
كنا نتمنى لو ان محنة مبادرة السلام العربية هذه تجنبت تقديم تنازلات للاسرائيليين عبر البوابة الامريكية خاصة في مثل هذا الوقت الذي تقف فيه المنطقة على حافة حرب مدمرة، وتتراجع فيه قضية السلام الى ذيل اهتماماتها، في ظل العدوان الاسرائيلي على سورية، وتفاقم الازمة السياسية في العراق واضطراب الاوضاع السياسية والاقتصادية في دول الربيع العربي.
اعتراف العرب باسرائيل دولة يهودية يعني نزع الشرعية عن مواطنة مليون ونصف المليون من فلسطينيي الارض المحتلة عام 1948، والغاء حق العودة لاكثر من ستة ملايين فلسطيني.
السيدة ليفني طالبت اكثر من مرة ليس بتبادل اراض وانما بتبادل سكان، اي طرد هؤلاء الفلسطينيين من وطنهم وسحب جنسيتهم وتوطينهم في الدولة الفلسطينية المفترض قيامها على اساس حل الدولتين.
وكون السيدة ليفني هي المسؤولة عن ملف المفاوضات فلا نستغرب ان تكرر الطلب نفسه، بل ما هو اكثر منه في ظل هذا الاستعداد العربي المتفاقم لتقديم تنازلات مجانية لاسرائيل باسم الجامعة العربية ومبادرتها للسلام.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرتكب خطأ كبيرا عندما يقول انه اعترف باسرائيل عام 1993 اي قبيل توقيع اتفاق اوسلو بايام، وعلى الاسرائيليين ان لا يطالبونا بالاعتراف بيهودية دولتهم، ولهم الحق ان يسموها كما شاؤوا.
هذا موقف خاطئ ولا يجب ان يكرره الرئيس عباس، بل هو مطالب بان يعارض هذه العنصرية الاسرائيلية بكل قوة، وان يقف الى جانب حقوق اهلنا في المناطق المحتلة عام 1948 في المساواة والعدالة والبقاء على ارضهم وارض اجدادهم.
اخيرا نطالب لجنة متابعة مبادرة السلام العربية هذه ان تتوقف عن تقديم اي تنازلات حول تبادل الاراضي او الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية او تعديل حدود عام 1967، لان ليس من صلاحياتها تقديم هذه التنازلات، وهي ليست مخولة بذلك، مهمتها محصورة في محاولة يائسة لاحياء عملية سلام ماتت وتعفنت ولم تلق الا الاحتقار من الجانب الاسرائيلي منذ اطلاقها قبل 11 عاما.
المصدر :
رأي القدس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة