بعد أن نجح تيار الأصولية والتكفير بجر بقية أطراف معارضة الخارج إلى تبني نهج "جبهة النصرة" والدفاع عن جرائمها بحق الشعب السوري وبعد أن أكثر مجلس اسطنبول ووريثه "ائتلاف الدوحة" من المديح لأعمالها الإرهابية يأتي اعتراف تنظيم القاعدة في العراق بأبوته الروحية لهذه الجبهة وتبنيه التام لها ليثبت أن هذه المعارضة لم تكن يوما إلا أداة استخدمها الغرب والإرهاب للنيل من الشعب السوري الصامد وإعادة رسم خارطة المنطقة بما يرضي إسرائيل.

ويضع اعتراف تنظيم القاعدة بأن "جبهة النصرة" الإرهابية "امتداد له وجزء منه" مصداقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والدول المستقلة أمام اختبار حقيقي عليها خلاله الاختيار بين الانحياز للإرهاب ممثلا بالقاعدة التي تضرب سورية وهذا ما يفعله كثيرون أو الاعتراف بحق الشعب السوري وحكومته بمكافحة الإرهاب انسجاما مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

ورغم أن الاعتراف الذي جاء على لسان زعيم تنظيم القاعدة في العراق "أبو بكر البغدادي" لا يقدم جديدا بالمعنى العملي لكون هذه الحقيقة كانت معروفة من قبل السوريين وطالما حذرت منها سورية رسميا وإعلاميا إلا أنه يرتب اليوم مسؤولية قانونية على الجهات الداعمة للإرهاب ويطرح الكثير من الأسئلة حول حقيقة الموقف الغربي الخليجي التركي الذي طالما تجاهل هذه الحقيقة وتعامى عن الدلائل التي تؤكد أن ما يجري في سورية إرهاب منظم يستهدف التنوع السوري ويهدد النزعة الحضارية لأبناء المنطقة.

ويبدو أن توقيت إعلان القاعدة أبوتها الروحية لـ "جبهة النصرة" اختير بعناية ليناسب القاعدة نفسها بعد أن استثمرت خلال عامين الدعم الدولي والإقليمي بشكل مثير للشك والسخرية حتى تسنى لها الحصول على السلاح والمال والتدريب وبثت سموم التكفير والإرهاب والفكر الوهابي الإقصائي في المنطقة قبل أن تكشف عن نفسها وتقول:" إن الأوان لنعلن أمام أهل الشام والعالم بأسره إن جبهة النصرة ما هي إلا امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها".

ومما يثير الريبة في الموقف الغربي والأوروبي حصرا أنه تجاهل مئات التقارير الإعلامية والتحذيرات الاستخباراتية عن علاقة القاعدة بما يجري في سورية وأن أصحاب الفكر التكفيري يتوجهون من كل بلدان العالم إلى سورية للمشاركة فيما يسمى "الجهاد" ومنهم البريطانيون والفرنسيون والاستراليون والبلجيكيون والهولندين والألمان مستغلين تغاضي أجهزة دولهم عنهم والتسهيلات التي تقدمها حكومة أردوغان في تركيا لكل راغب بنشر ثقافة الموت في سورية.

والسؤال هنا:" لماذا لم تتخذ الحكومات الغربية مواقف تنسجم مع كم المعلومات التي توفرها مخابراتها ولماذا تجاهلت تحذيرات سورية والوثائق التي قدمتها للأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة بهذا الشأن وهل كانت هذه الدول التي تدعي التقدمية تريد أن يدمر الإرهاب سورية خدمة لمصالحها قبل أن ترفع الغطاء عنه.. وكل الإجابات تبقى برسم منظري الديمقراطية والشفافية ودعاة الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته".

ويرى متابعون أن الدول الغربية أرادت من خلال تجاهل الإرهاب الذي يضرب سورية تحقيق هدفين الأول إضعاف سورية وتدمير بنيتها التحتية وبث الكراهية وثقافة القتل فيها وكل ذلك خدمة لإسرائيل التي أذلتها سورية بدعمها للمقاومة ومن جهة ثانية التخلص من أعشاش الإرهابيين المختبئين في أوروبا عبر إرسالهم إلى سورية فأما أن يقتلوا أو يبقوا هناك للأبد بعد أن تكون الاستخبارات الغربية حصلت على معلومات كافية عن تحركاتهم ومخابئهم واتصالاتهم وارتباطاتهم.

واليوم مع اللحظة الفارقة ممثلة بإعلان القاعدة عن نفسها في بلاد الشام بات لزاما على الجميع أن يختاروا أما القاعدة أو القانون الدولي والشرعية الدولية ولذلك تبدو حكومة أردوغان في تركيا ومشيخات النفط والغاز في خليج العرب وسماسرة السلاح في باريس ولندن وجامعة حمد القطري مرغمة على الصمت لأن الكلام أيا كان نوعه سيدينها فاذا واصلت سياستها السابقة ستثبت التهمة بأنها تدعم الإرهاب وإذا غيرت التوجه فستظهر حمقاء غبية تحارب الصديق وتحالف العدو وهذا أشد الحرج على من يدعون الفهم الاستراتيجي.

وبالانتقال إلى موقف واشنطن فإن المتابع لسير الأحداث يدرك أن السياسة الأمريكية حضرت نفسها لمثل هذا اليوم واستبقت الأحداث بأن وضعت "جبهة النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية وكشفت ارتباطها بتنظيم القاعدة في العراق وانفردت دائما بموقف موارب ميزها عن بقية الدول الداعمة للإرهاب في سورية إذ تركت لأذرعها الاستخباراتية والأمنية واتباعها في المنطقة مهمة التعامل مع الإرهاب وإدخاله إلى سورية لتخريبها في حين بقيت مواقفها السياسية بعيدة عن تبني الإرهاب ولم تجاهر مثل فرنسا وبريطانيا وتركيا وشيوخ النفط بالسعي لتسليح المعارضة السورية بل تركت هذا النقاش جانبا وانشغلت بالتعامل مع الموقف الروسي الصيني المتمسك بالقانون الدولي وعندما لم تستطع تغييره اقتربت منه ونادت بالحل السياسي رغم أنها لم توفر له الأرضية وبقيت حريصة على استبدال هياكل المعارضة بما يناسب مصالحها.

إن انكشاف الأمور في سورية على حقيقتها وربط السلاح الخارج عن الدولة السورية بتنظيم القاعدة مباشرة يجعل السوريين أكثر ثقة بعدالة قضيتهم وأشد إصرارا على المضي بمحاربة الإرهاب ولا يهمهم في ذلك أن غير الاعداء رأيهم أم لا فالمعركة اليوم دفاع عن سورية التعددية والاعتراف بالآخر وعندما يحرز السوريون نصرهم فإنهم لن يمانعوا أن يقاسمهم به العالم الحر المتحضر وعلى من زرع بذور الإرهاب ليرسلها إلى سورية أن يحصد ما زرع بيده وسيرى كيف أن تلك البذور ستنبت بين أنقرة والرياض والدوحة وأماكن أخرى وستحتاج لدماء كثيرة لتعيش.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-09
  • 8302
  • من الأرشيف

اعتراف القاعدة بأبوتها لـ "النصرة" يدين معارضة الخارج وداعميها ويضعهم بمواجهة القانون الدولي

بعد أن نجح تيار الأصولية والتكفير بجر بقية أطراف معارضة الخارج إلى تبني نهج "جبهة النصرة" والدفاع عن جرائمها بحق الشعب السوري وبعد أن أكثر مجلس اسطنبول ووريثه "ائتلاف الدوحة" من المديح لأعمالها الإرهابية يأتي اعتراف تنظيم القاعدة في العراق بأبوته الروحية لهذه الجبهة وتبنيه التام لها ليثبت أن هذه المعارضة لم تكن يوما إلا أداة استخدمها الغرب والإرهاب للنيل من الشعب السوري الصامد وإعادة رسم خارطة المنطقة بما يرضي إسرائيل. ويضع اعتراف تنظيم القاعدة بأن "جبهة النصرة" الإرهابية "امتداد له وجزء منه" مصداقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والدول المستقلة أمام اختبار حقيقي عليها خلاله الاختيار بين الانحياز للإرهاب ممثلا بالقاعدة التي تضرب سورية وهذا ما يفعله كثيرون أو الاعتراف بحق الشعب السوري وحكومته بمكافحة الإرهاب انسجاما مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن. ورغم أن الاعتراف الذي جاء على لسان زعيم تنظيم القاعدة في العراق "أبو بكر البغدادي" لا يقدم جديدا بالمعنى العملي لكون هذه الحقيقة كانت معروفة من قبل السوريين وطالما حذرت منها سورية رسميا وإعلاميا إلا أنه يرتب اليوم مسؤولية قانونية على الجهات الداعمة للإرهاب ويطرح الكثير من الأسئلة حول حقيقة الموقف الغربي الخليجي التركي الذي طالما تجاهل هذه الحقيقة وتعامى عن الدلائل التي تؤكد أن ما يجري في سورية إرهاب منظم يستهدف التنوع السوري ويهدد النزعة الحضارية لأبناء المنطقة. ويبدو أن توقيت إعلان القاعدة أبوتها الروحية لـ "جبهة النصرة" اختير بعناية ليناسب القاعدة نفسها بعد أن استثمرت خلال عامين الدعم الدولي والإقليمي بشكل مثير للشك والسخرية حتى تسنى لها الحصول على السلاح والمال والتدريب وبثت سموم التكفير والإرهاب والفكر الوهابي الإقصائي في المنطقة قبل أن تكشف عن نفسها وتقول:" إن الأوان لنعلن أمام أهل الشام والعالم بأسره إن جبهة النصرة ما هي إلا امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها". ومما يثير الريبة في الموقف الغربي والأوروبي حصرا أنه تجاهل مئات التقارير الإعلامية والتحذيرات الاستخباراتية عن علاقة القاعدة بما يجري في سورية وأن أصحاب الفكر التكفيري يتوجهون من كل بلدان العالم إلى سورية للمشاركة فيما يسمى "الجهاد" ومنهم البريطانيون والفرنسيون والاستراليون والبلجيكيون والهولندين والألمان مستغلين تغاضي أجهزة دولهم عنهم والتسهيلات التي تقدمها حكومة أردوغان في تركيا لكل راغب بنشر ثقافة الموت في سورية. والسؤال هنا:" لماذا لم تتخذ الحكومات الغربية مواقف تنسجم مع كم المعلومات التي توفرها مخابراتها ولماذا تجاهلت تحذيرات سورية والوثائق التي قدمتها للأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة بهذا الشأن وهل كانت هذه الدول التي تدعي التقدمية تريد أن يدمر الإرهاب سورية خدمة لمصالحها قبل أن ترفع الغطاء عنه.. وكل الإجابات تبقى برسم منظري الديمقراطية والشفافية ودعاة الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته". ويرى متابعون أن الدول الغربية أرادت من خلال تجاهل الإرهاب الذي يضرب سورية تحقيق هدفين الأول إضعاف سورية وتدمير بنيتها التحتية وبث الكراهية وثقافة القتل فيها وكل ذلك خدمة لإسرائيل التي أذلتها سورية بدعمها للمقاومة ومن جهة ثانية التخلص من أعشاش الإرهابيين المختبئين في أوروبا عبر إرسالهم إلى سورية فأما أن يقتلوا أو يبقوا هناك للأبد بعد أن تكون الاستخبارات الغربية حصلت على معلومات كافية عن تحركاتهم ومخابئهم واتصالاتهم وارتباطاتهم. واليوم مع اللحظة الفارقة ممثلة بإعلان القاعدة عن نفسها في بلاد الشام بات لزاما على الجميع أن يختاروا أما القاعدة أو القانون الدولي والشرعية الدولية ولذلك تبدو حكومة أردوغان في تركيا ومشيخات النفط والغاز في خليج العرب وسماسرة السلاح في باريس ولندن وجامعة حمد القطري مرغمة على الصمت لأن الكلام أيا كان نوعه سيدينها فاذا واصلت سياستها السابقة ستثبت التهمة بأنها تدعم الإرهاب وإذا غيرت التوجه فستظهر حمقاء غبية تحارب الصديق وتحالف العدو وهذا أشد الحرج على من يدعون الفهم الاستراتيجي. وبالانتقال إلى موقف واشنطن فإن المتابع لسير الأحداث يدرك أن السياسة الأمريكية حضرت نفسها لمثل هذا اليوم واستبقت الأحداث بأن وضعت "جبهة النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية وكشفت ارتباطها بتنظيم القاعدة في العراق وانفردت دائما بموقف موارب ميزها عن بقية الدول الداعمة للإرهاب في سورية إذ تركت لأذرعها الاستخباراتية والأمنية واتباعها في المنطقة مهمة التعامل مع الإرهاب وإدخاله إلى سورية لتخريبها في حين بقيت مواقفها السياسية بعيدة عن تبني الإرهاب ولم تجاهر مثل فرنسا وبريطانيا وتركيا وشيوخ النفط بالسعي لتسليح المعارضة السورية بل تركت هذا النقاش جانبا وانشغلت بالتعامل مع الموقف الروسي الصيني المتمسك بالقانون الدولي وعندما لم تستطع تغييره اقتربت منه ونادت بالحل السياسي رغم أنها لم توفر له الأرضية وبقيت حريصة على استبدال هياكل المعارضة بما يناسب مصالحها. إن انكشاف الأمور في سورية على حقيقتها وربط السلاح الخارج عن الدولة السورية بتنظيم القاعدة مباشرة يجعل السوريين أكثر ثقة بعدالة قضيتهم وأشد إصرارا على المضي بمحاربة الإرهاب ولا يهمهم في ذلك أن غير الاعداء رأيهم أم لا فالمعركة اليوم دفاع عن سورية التعددية والاعتراف بالآخر وعندما يحرز السوريون نصرهم فإنهم لن يمانعوا أن يقاسمهم به العالم الحر المتحضر وعلى من زرع بذور الإرهاب ليرسلها إلى سورية أن يحصد ما زرع بيده وسيرى كيف أن تلك البذور ستنبت بين أنقرة والرياض والدوحة وأماكن أخرى وستحتاج لدماء كثيرة لتعيش.

المصدر : الماسة السورية/سانا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة