دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بدأت أنظار المصدّرين، الزراعيّين منهم تحديداً، تتوجه أخيراً صوب مرفأ طرابلس، على أمل أن يُعوّض التصدير البحري تراجع حركة التصدير برّاً نتيجة الأحداث الدائرة في سوريا، مع بداية ظهور ملامح أزمة تصدير كبيرة للمنتجات الزراعية سيشهدها لبنان قريباً إذا لم يتم إيجاد بدائل ملائمة للتصدير البرّي، وتعزيز الدعم للمصدّرين.
فقد دفعت مخاطر النقل برّاً إلى دول الخليج عبر سوريا المصدّرين للبحث عن منفذ آخر، بعدما بقيت شاحنات تبريد عديدة عالقة في سوريا والأردن. لجأ هؤلاء إلى مرفأ المدينة الشمالية الذي قدّمت إدارته تسهيلات عديدة لهم لتصدير كميات كبيرة من المنتجات الزراعية تكدست في مشاغلهم وبراداتهم، وخصوصاً التفاح والحمضيات.
ولهذه الغاية، جرى قبل أقل من أسبوعين الاستعانة بباخرة نُقلت على متنها 60 شاحنة تبريد من مرفأ طرابلس إلى ميناء العقبة الأردني، على أن تنتقل هذه الشاحنات لاحقاً برّاً إلى دول الخليج. صحيح أنّ هذه الوسيلة كبّدت المصدّرين نفقات إضافية _ فضلاً عن تعرّض شاحناتهم وبضائعهم لمخاطر _ إلّا أنّها أسهمت في المقابل في تفعيل مرفأ طرابلس وتعزيز دوره.
في هذا الإطار، عُقد اجتماع أخيراً في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس للبحث في اعتماد آلية تصدير البضائع اللبناينة عبر المرفأ، حضره المعنيّون في هذا القطاع ورجال أعمال ومصدّرون ومعنيون في مجال النقل البحري.
خلاله، تحدّث رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام عن «الأوضاع الشائكة والمعقدة» السائدة اليوم نتيجة الصعوبات على المعابر بين لبنان وسوريا «حتى إنها باتت شبه مقطوعة». وأشار إلى وجود حوالى 500 شاحنة نقل محجوزة في الأردن لا تستطيع العودة إلى لبنان. ونبّه إلى «أنّنا نعيش وضعاً استثنائياً وعلينا خلق مخارج للأزمة كي لا نفقد فرص العمل والأسواق».
وأكّد رئيس مؤسسة تشجيع الصادرات (إيدال)، نبيل عيتاني، هذا الوضع عندما لفت إلى أنّ «90% من الصادرات الزراعية تصدّر برّاً باتجاه الدول العربية، وهي أسواق تقليدية للبنان» وأن البديل عن الخط البري «تكلفته باهظة». غير أنّه أعرب في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون «مبادرة إدارة مرفأ طرابلس مساعدة في خفض الكلفة وتأمين بدائل».
وتتمثّل تلك البدائل، حتّى الآن بالحدّ الأدنى، بالاقتراحات التي تم التوصل إليها بعد التنسيق مع إدارة مرفأ طرابلس «أدت إلى تقديم تسهيلات ستساعد في تسهيل حركة التصدير عبر المرفأ، وتشجيع شركات الملاحة البحرية والوكلاء البحريين على تقديم عروض للنقل البحري بأقل تكلفة ممكنة وبأسعار تشجيعية»، وفقاً للأمين العام لاتحاد الغرف اللبنانية توفيق دبوسي.
وتُقدّر «إيدال» أنّه بإمكان لبنان تصدير أكثر من 300 ألف طنّ من المنتجات الزراعية عبر البحر سنوياً، أي ما يُعادل حمولة 194 حاوية مبرّدة أسبوعياً.
لكن استخدام الخطّ البحري من مرفأ طرابلس ليس جديداً بحسب تأكيد مديره أحمد تامر. يقول لـ«الأخبار» إنّ «خطنا البحري يعمل منذ فترة باتجاه تركيا، أمّا التصدير باتجاه مصر والأردن فقد بدأنا به قبل أسبوعين تقريباً».
ويكشف تامر أنّ باخرة توجّهت إلى ميناء العقبة محمّلة بـ 60 شاحنة تبعتها باخرة ثانية إلى مصر محملة بـ 35 شاحنة. «ويوم أمس (الاثنين) توجهت باخرة ثانية إلى ميناء العقبة محملة بـ 30 شاحنة، على أن تُبحر باخرة أخرى إلى ميناء دوبا السعودي على البحر الأحمر وعلى متنها 60 شاحنة».
وغالبية الشاحنات المنقولة بحراً محمّلة بمنتجات زراعية، ولكن في الوقت نفسه المرفأ «مؤهل لكل أعمال التجارة، تصديراً واستيراداً، ونقدم كل التسهيلات المطلوبة من أسعار تنافسية والعمل في المرفأ كمنظومة واحدة بالتنسيق مع مختلف الإدارات» يؤكّد مديره، «ما يجعل المصدّرين في لبنان يعتمدونه لتصدير منتجاتهم».
ويستطيع المرفأ الذي يبلغ عمق حوضه 15.2 متراً أن يستقبل يومياً بين ثلاث وأربع بواخر يتمّ تحميلها بالشاحنات وتجهيزها للمغادرة.
في مقابل هذه التسهيلات، يشكو المصدرون من صعوبات عديدة. أحدهم، حسين الصمد، يقول لـ«الأخبار» إنّ «كلفة النقل البحري تفوق ضعف الكلفة عن طريق البرّ، كما أننا نواجه صعوبات في استعادة الشاحنات التي تغادر إلى الأردن».
وحالياً هناك شاحنات عديدة عالقة في هذا البلد العربي، «لأنّ كلفة إعادتها بحراً تقارب ثلاثة آلاف دولار».
ووفقاً لتقرير نشرته «إيدال» أخيراً، تمثّل كلفة نقل المنتجات الزراعية 21% من الكلفة النهائية، فيما تبلغ حصّة التوضيب 20%، ويتركّز 59% من الكلفة النهائية في الإنتاج.
ويقول التقرير إنّ الشحن برّاً يُعدّ الوسيلة الأكثر ملاءمة لتصدير المنتجات الزراعية، إذ إنّ 94% من الصادرات تُبعث إلى الأسواق العربية بهذه الطريقة. وفي التفصيل مثّلت الشاحنات اللبنانيّة 61% من الشاحنات التي استُخدمت لتصدير المنتجات الزراعية عبر برنامج دعم الصادرات من «إيدال».
كذلك يواجه المصدّرون مخاطر لوجستيّة أثناء نقل الشاحنات من البواخر إلى العبّارات، وصولاً إلى البر، «مع احتمال تلف البضائع». من هنا يُطالب المصدّرون المعنيّين، و«إيدال» منهم، «بزيادة الدعم للمصدرين، لأن النقل البحري مكلف، وبتقديم تسهيلات في النقل الجوي».
وفي هذا السياق، يُنبّه المصدّرون الى أنّ صرختهم سترتفع خلال الأيام القليلة المقبلة مع بدء الموسم الزراعي «إذا لم يتم اتخاذ خطوات وإجراءات تساعدنا على تجاوز الصعوبات التي نواجهها»، يختم الصمد.
المصدر :
عبد الكافي الصمد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة