ذكرت صحيفة الأخبار أن رئيس الاستخبارات المصريّة، زار سرّاً، في أيّار الماضي العاصمة السوريّة. وبحسب المعلومات، فإنّ الزيارة لم تكن إيجابيّة، وقد تُرجمت هذه السلبيّة في زيارة سمير جعجع إلى القاهرة. فتوصية سفارة مصر في بيروت كانت أن يلتقي جعجع رئيس الدبلوماسيّة المصريّة، لكن رُفع مستوى الاستقبال فالتقاه الرئيس مبارك

وأضافت الصحيفة انه يتزايد الحديث في الأوساط السياسيّة اللبنانيّة عن دور جديد لمصر في لبنان، لملء الفراغ الذي تركته السعوديّة بعد تحسين علاقتها بسورية، وطبعاً هذا الدور، «هو بتنسيق وإدارة أميركيّين» كما يؤكّد أحد السياسيّين اللبنانيين العارفين بتفاصيل السياسة المصريّة في لبنان. لكن، ما الجديد الذي طرأ بالنسبة إلى السياسة المصريّة في لبنان، وما الذي تهدف إليه بحراكها الأخير؟

يؤكّد العارفون في الشأن المصري، أنّ هذه الدولة ودبلوماسيّتها تُعانيان مستوى عالياً من الضغوط. فهي «اكتشفت» فجأةً أن أمنها القومي في خطر: غير قادرة على إنجاز المصالحة الفلسطينيّة، مع توتّر كبير في العلاقة مع حماس. السودان في خطر التقسيم، وبالتالي تتضاءل قدرة مصر على الوصول «البري» إلى منابع النيل، ما دفعها إلى إصدار مواقف غريبة في ما يتعلّق باستفتاء السودان، وإلى التهديد باستعمال القوّة ضد إثيوبيا بهدف حماية منابع النيل

في ظلّ هذا الواقع، انتقلت الدبلوماسيّة المصريّة من «ثوابتها» القديمة، وهي الحراك البطيء والمدروس إلى العمل انطلاقاً من ردات الفعل. وما حصل في زيارة جعجع هو رد فعل بالكامل هدف إلى أمور عدّة هي: أولاً، حماية سمير جعجع والقوّات اللبنانيّة بعد الهجوم الكبير التي تعرّضا له من جانب حلفاء سورية في لبنان. ثانياً، تخفيف الضغط السني عن سعد الحريري. فبعد سلسلة الأخطاء التي وقع فيها جعجع، وأبرزها التعرّض للرئيس عمر كرامي وشقيقه الرئيس المغدور رشيد كرامي، وهو ما أدّى إلى التفاف سنّي كبير حول كرامي... وهنا، اضطرت مصر إلى استعمال صورة استقبال مبارك لجعجع، لتُريح الحريري، لأن "الدولة السنيّة الأكبر في العالم العربي استقبلت سمير جعجع"

وثالثاً، إعادة التوازن إلى الداخل اللبناني، بعدما مالت الدفّة ميلاً واضحاً إلى الفريق المتحالف مع المقاومة، وخصوصاً بعد انضمام جنبلاط إلى هذا الحلف. ورابعاً، التأكيد للقوى الإقليميّة الأخرى (سوريا وإيران) أن الدبلوماسيّة المصريّة لا تزال حاضرة، وهي ليست في حكم المتوفّاة. وأنها قادرة على خلق الاضطرابات في وجه هذا الفريق. وإعادة موضوع «التدخّل الإيراني» إلى الواجهة انطلاقاً من اعتبار أن هذه الدولة لا حقّ لها في دور في العالم العربي

وتابعت الصحيفة بأن استقبال جعجع ليس هو الحراك الوحيد التي قامت به دبلوماسيّة مصر. فهي، تعمل في لبنان انطلاقاً من ضرورة حماية رئيس الحكومة اللبنانيّة، وتسعى إلى توفير أفضل الظروف لنجاحه في الحكم. كذلك، يتحدّث بعض الساسة عن دور مصري في إعادة النائب أحمد فتفت إلى البيت المستقبلي

وتتابع الأخبار، في تقريرها، انه فجأةً خرج مؤسّس حركة المرابطون إبراهيم قليلات من سباته، وهناك معلومات تشير إلى احتمال زيارته القاهرة، وإلى نيّته القيام بحراك جديد، يستهلّه بالهجوم على ابن شقيقته، العميد مصطفى حمدان، ثم بتأسيس هيئة قياديّة جديدة، وبتفريغ عدد من العناصر بهدف ضرب العمل الذي يقوم به حمدان في بيروت والمناطق الأخرى، وخصوصاً أن حمدان يستعمل استراتيجيّة الهجوم الدائم على جعجع، وبات يُزعج الحريري في الطريق الجديدة

أمّا مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، المعروف بعلاقته الممتازة مع مصر أيضاً، فبعدما غاب عن السمع والهجوم، عاد فجأةً ليشن هجومه على السيد حسن نصر الله، والعماد عون... وسورية. وقال الجوزو إن "سوريا خرجت عسكرياً من لبنان، لكنها سياسياً لا تزال فيه"، منتقداً "انبطاح الناس على أعتاب دمشق"

يُضاف إلى هؤلاء رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا، الذي كان لافتاً تصريحٌ له بعد الاعتداء على أسطول الحريّة، يقول فيه بضرورة عدم الرهان الكبير على تركيا، وعدم وضع القضايا العربيّة في عهدتها لأنها دولة غير عربيّة، والعمل على إعادة بلورة مشروع الوحدة العربيّة

هذا في السياسة. أمّا في غيرها، فتُكال لمصر اتهامات عن أدائها دوراً أمنياً، في جمع المعلومات. والأخطر هو الحديث المستجد عن تسليح «مجموعات صغيرة» في الطريق الجديدة بسلاح كلاشنيكوف وذخيرة مصريين

وتقول الأخبار، انه وبعد هذه المعطيات، يُقدّم أحد المخضرمين في «معرفة» مصر قراءة هادئة تُشير إلى الآتي: تعمل الدبلوماسيّة المصريّة في لبنان بتوتر عالٍ هو انعكاس للتوتر التي تعيشه استخباراتها ودبلوماسيّتها عموماً؛ تتحرّك هذه الدبلوماسيّة لتأكيد أنها لا تزال على قيد الحياة، لكنّها تعتمد على عناصر عفا عليها الزمن؛ تفتقر هذه الدبلوماسيّة (ومن خلفها الاستخبارات) إلى عنصرين أساسيين للعمل: المال والهيبة؛ لم تعدّ تضع جدول أعمال خاصاً بها، بل أصبح عملها يقوم، إمّا على ردّ فعل تجاه سورية أو إيران، أو بناءً على طلب أميركي؛ وأخيراً، تُلبي جميع الطلبات الأميركيّة لأنّ جميع مكوّنات السلطة في مصر يسعون إلى علاقة ممتازة مع واشنطن، لأن بلدهم على أبواب استحقاق رئاسي
  • فريق ماسة
  • 2010-07-12
  • 11849
  • من الأرشيف

رئيس الاستخبارات المصريّة زار سرّاً دمشق

ذكرت صحيفة الأخبار أن رئيس الاستخبارات المصريّة، زار سرّاً، في أيّار الماضي العاصمة السوريّة. وبحسب المعلومات، فإنّ الزيارة لم تكن إيجابيّة، وقد تُرجمت هذه السلبيّة في زيارة سمير جعجع إلى القاهرة. فتوصية سفارة مصر في بيروت كانت أن يلتقي جعجع رئيس الدبلوماسيّة المصريّة، لكن رُفع مستوى الاستقبال فالتقاه الرئيس مبارك وأضافت الصحيفة انه يتزايد الحديث في الأوساط السياسيّة اللبنانيّة عن دور جديد لمصر في لبنان، لملء الفراغ الذي تركته السعوديّة بعد تحسين علاقتها بسورية، وطبعاً هذا الدور، «هو بتنسيق وإدارة أميركيّين» كما يؤكّد أحد السياسيّين اللبنانيين العارفين بتفاصيل السياسة المصريّة في لبنان. لكن، ما الجديد الذي طرأ بالنسبة إلى السياسة المصريّة في لبنان، وما الذي تهدف إليه بحراكها الأخير؟ يؤكّد العارفون في الشأن المصري، أنّ هذه الدولة ودبلوماسيّتها تُعانيان مستوى عالياً من الضغوط. فهي «اكتشفت» فجأةً أن أمنها القومي في خطر: غير قادرة على إنجاز المصالحة الفلسطينيّة، مع توتّر كبير في العلاقة مع حماس. السودان في خطر التقسيم، وبالتالي تتضاءل قدرة مصر على الوصول «البري» إلى منابع النيل، ما دفعها إلى إصدار مواقف غريبة في ما يتعلّق باستفتاء السودان، وإلى التهديد باستعمال القوّة ضد إثيوبيا بهدف حماية منابع النيل في ظلّ هذا الواقع، انتقلت الدبلوماسيّة المصريّة من «ثوابتها» القديمة، وهي الحراك البطيء والمدروس إلى العمل انطلاقاً من ردات الفعل. وما حصل في زيارة جعجع هو رد فعل بالكامل هدف إلى أمور عدّة هي: أولاً، حماية سمير جعجع والقوّات اللبنانيّة بعد الهجوم الكبير التي تعرّضا له من جانب حلفاء سورية في لبنان. ثانياً، تخفيف الضغط السني عن سعد الحريري. فبعد سلسلة الأخطاء التي وقع فيها جعجع، وأبرزها التعرّض للرئيس عمر كرامي وشقيقه الرئيس المغدور رشيد كرامي، وهو ما أدّى إلى التفاف سنّي كبير حول كرامي... وهنا، اضطرت مصر إلى استعمال صورة استقبال مبارك لجعجع، لتُريح الحريري، لأن "الدولة السنيّة الأكبر في العالم العربي استقبلت سمير جعجع" وثالثاً، إعادة التوازن إلى الداخل اللبناني، بعدما مالت الدفّة ميلاً واضحاً إلى الفريق المتحالف مع المقاومة، وخصوصاً بعد انضمام جنبلاط إلى هذا الحلف. ورابعاً، التأكيد للقوى الإقليميّة الأخرى (سوريا وإيران) أن الدبلوماسيّة المصريّة لا تزال حاضرة، وهي ليست في حكم المتوفّاة. وأنها قادرة على خلق الاضطرابات في وجه هذا الفريق. وإعادة موضوع «التدخّل الإيراني» إلى الواجهة انطلاقاً من اعتبار أن هذه الدولة لا حقّ لها في دور في العالم العربي وتابعت الصحيفة بأن استقبال جعجع ليس هو الحراك الوحيد التي قامت به دبلوماسيّة مصر. فهي، تعمل في لبنان انطلاقاً من ضرورة حماية رئيس الحكومة اللبنانيّة، وتسعى إلى توفير أفضل الظروف لنجاحه في الحكم. كذلك، يتحدّث بعض الساسة عن دور مصري في إعادة النائب أحمد فتفت إلى البيت المستقبلي وتتابع الأخبار، في تقريرها، انه فجأةً خرج مؤسّس حركة المرابطون إبراهيم قليلات من سباته، وهناك معلومات تشير إلى احتمال زيارته القاهرة، وإلى نيّته القيام بحراك جديد، يستهلّه بالهجوم على ابن شقيقته، العميد مصطفى حمدان، ثم بتأسيس هيئة قياديّة جديدة، وبتفريغ عدد من العناصر بهدف ضرب العمل الذي يقوم به حمدان في بيروت والمناطق الأخرى، وخصوصاً أن حمدان يستعمل استراتيجيّة الهجوم الدائم على جعجع، وبات يُزعج الحريري في الطريق الجديدة أمّا مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، المعروف بعلاقته الممتازة مع مصر أيضاً، فبعدما غاب عن السمع والهجوم، عاد فجأةً ليشن هجومه على السيد حسن نصر الله، والعماد عون... وسورية. وقال الجوزو إن "سوريا خرجت عسكرياً من لبنان، لكنها سياسياً لا تزال فيه"، منتقداً "انبطاح الناس على أعتاب دمشق" يُضاف إلى هؤلاء رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا، الذي كان لافتاً تصريحٌ له بعد الاعتداء على أسطول الحريّة، يقول فيه بضرورة عدم الرهان الكبير على تركيا، وعدم وضع القضايا العربيّة في عهدتها لأنها دولة غير عربيّة، والعمل على إعادة بلورة مشروع الوحدة العربيّة هذا في السياسة. أمّا في غيرها، فتُكال لمصر اتهامات عن أدائها دوراً أمنياً، في جمع المعلومات. والأخطر هو الحديث المستجد عن تسليح «مجموعات صغيرة» في الطريق الجديدة بسلاح كلاشنيكوف وذخيرة مصريين وتقول الأخبار، انه وبعد هذه المعطيات، يُقدّم أحد المخضرمين في «معرفة» مصر قراءة هادئة تُشير إلى الآتي: تعمل الدبلوماسيّة المصريّة في لبنان بتوتر عالٍ هو انعكاس للتوتر التي تعيشه استخباراتها ودبلوماسيّتها عموماً؛ تتحرّك هذه الدبلوماسيّة لتأكيد أنها لا تزال على قيد الحياة، لكنّها تعتمد على عناصر عفا عليها الزمن؛ تفتقر هذه الدبلوماسيّة (ومن خلفها الاستخبارات) إلى عنصرين أساسيين للعمل: المال والهيبة؛ لم تعدّ تضع جدول أعمال خاصاً بها، بل أصبح عملها يقوم، إمّا على ردّ فعل تجاه سورية أو إيران، أو بناءً على طلب أميركي؛ وأخيراً، تُلبي جميع الطلبات الأميركيّة لأنّ جميع مكوّنات السلطة في مصر يسعون إلى علاقة ممتازة مع واشنطن، لأن بلدهم على أبواب استحقاق رئاسي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة