أكلما قضى الغرب وصهيونيته بذبح بلد عربي، كان على الجامعة العربية أن تتحمل مجتمعة دمه؟

كان اسمها جامعة الدول العربية وغدا سيصبح لكل مجموعات تأتي من مشارق الأرض ومغاربها، لتنضم الى معارضة دولة عربية أن تشكل مسمى ما يفرض على رأسه أميركي من أصول عربية موظفا في معهد يديره ضابط موساد متقاعد، ليحل محل الدولة العربية العضو، حتى ولو كان مؤسسا. نجحت قطر في تسجيل السابقة التاريخية مطمئنة الى أن ديموغرافيتها لا تسمح بقيام معارضة قوية ضد ديكتاتوريتها، وبأن القواعد الأميركية على أرضها لن تسمح بتدفق المقاتلين التكفيريين من أصقاع الأرض اليها. ولكن ماذا عن سائر الدول العربية ؟ ماذا عن مصر الكبرى ؟ ماذا عن العراق ؟ ماذا عن الجزائر؟ ماذا عن تونس ؟ ماذا عن لبنان ؟ ماذا عن الأردن.. الخ.

العديد من هذه الأسئلة باتت اجاباته جاهزة، خاصة فيما يتعلق بمصر ولبنان والجزائر. والرسالة باتت واضحة لا يراد منها الا أمر واحد: إما أن تنفذ الأوامر الاميركية – الاسرائيلية، وإما أن يتكفل العرب بذلك. لن نحتاج بعد اليوم الى تورط جيوشنا في تدميرك ودمك.

ثمة تطور وثمة دلالة: التطور يتضح بالعودة الى التاريخ الحديث، فعندما أرادت أميركا غطاء لضرب العراق، كانت الجامعة العربية هي من أمن ذلك بقرار الادانة الشهير، وقطع الطريق على صدام حسين للانسحاب من الكويت بعد أن كان قد وافق على وساطة الملك الحسين بذلك، لكن حسني مبارك رفض تبلغ رسالة الحسين الايجابية ( وفقا لما وثقه شليسنغر في أول كتاب أميركي صدر عن تلك الحرب)، وأسرعت مصر في استصدار القرار قبل أن يصل الملك الأردني الى القاهرة، وعليه روى شليسنغر سؤال القذافي لمبارك بعد الاجتماع: هل كان القرار مطلوبا منك اليوم لا غدا؟

 

قبل الضربة كان لا بد من جولة لوزير الخارجية الأميركية في الدول العربية خاصة دول طوق العراق. وكان لا بد من عصاة وجزرة لكل من هؤلاء. وبعد الضربة كان لا بد من كرنفال ما على صعيد القضية الفلسطينية، يضع بيد المتآمرين على العراق ما يهدئ شعوبهم ويخفف من جريمتهم وجريمة الغرب. فكان مؤتمر مدريد الذي وصفه وزير الدفاع الفرنسي بانه مؤتمر دار أمام عدسات التلفزيون لا على طاولة الواقع ومن دون أن يكون فيه أي أمر جدي.

غير أن الجدي كان يدور في أوسلو لتحقيق خطوة تنازل دقت المسمار الأكبر في نعش فلسطين.

ما وراء كل ذلك كان رفض مطالب عراق صدام حسين تلبيتها فحكم بالاعدام، وتذكر الغرب أن نظام العراق ديكتاتوري واتهمه بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وأصر أن على العم سام ووراءه العرب الديمقراطيون المسالمون من نشر الديمقراطية فوق أطلال بلاد الرافدين. غير أن العم شالوم كان وراء الستارة، وعليه كي تتم العملية أن يلتزم الصمت ( وضبط النفس) لأن ما يطلب من القيادة العراقية هو: تقليص الجيش العراقي ، عدة وعديدا، الانضمام الى العملية السلمية مع اسرائيل، التخلي عن أي مشروع قومي وحدوي وتسليم نفطه وثرواته للولايات المتحدة .

عام 2004 حمل وزير الخارجية الاميركي المطالب نفسها الى فاروق الشرع ، ومنذ اسابيع ونحن نسمع تصريحات جون كيري في انه سيحاول اقناع الاسد بالتخلي عن مواقفه واعتماد المرونة. أي مواقف وأية مرونة ؟

من جديد: تقليص الجيش، قطع العلاقة مع المقاومة اللبنانية وايران، القبول بحدود الانتداب على بحيرة طبريا ( لا حدود 1967) الموافقة على تمرير الماء من تركيا الى اسرائيل، الموافقة على تمرير أنبوب الغاز القطري الى المتوسط فأوروبا.

لا جديد، خاصة وأن المشروع المسمى ” أنبوبة السلام ” والذي يعني مد المياه من سد أتاتورك الى اسرائيل مطروح علنا في وسائل الدراسات والاعلام الغربية منذ أوائل التسعينيات. من دون أن ننسى أن هذه المياه هي المحجوبة أصلا من بردى عن سورية. كما أن قصة طبريا هي العقبة منذ أيام الأسد الأب، أما قصة الغاز القطري فهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير في اللقاء السري الذي دار بين ساركوزي وحمد بن جاسم وبشار الأسد في باريس. وفي هذا البند الأخير مصلحة لواشنطن، في حين ان جميع البنود الاخرى مرتبطة باسرائيل. انه فصل من الحروب الاسرائيلية بأيد عربية . ورحم الله محمود درويش وسقط القناع عن القناع.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-25
  • 10725
  • من الأرشيف

سقط القناع عن القناع

أكلما قضى الغرب وصهيونيته بذبح بلد عربي، كان على الجامعة العربية أن تتحمل مجتمعة دمه؟ كان اسمها جامعة الدول العربية وغدا سيصبح لكل مجموعات تأتي من مشارق الأرض ومغاربها، لتنضم الى معارضة دولة عربية أن تشكل مسمى ما يفرض على رأسه أميركي من أصول عربية موظفا في معهد يديره ضابط موساد متقاعد، ليحل محل الدولة العربية العضو، حتى ولو كان مؤسسا. نجحت قطر في تسجيل السابقة التاريخية مطمئنة الى أن ديموغرافيتها لا تسمح بقيام معارضة قوية ضد ديكتاتوريتها، وبأن القواعد الأميركية على أرضها لن تسمح بتدفق المقاتلين التكفيريين من أصقاع الأرض اليها. ولكن ماذا عن سائر الدول العربية ؟ ماذا عن مصر الكبرى ؟ ماذا عن العراق ؟ ماذا عن الجزائر؟ ماذا عن تونس ؟ ماذا عن لبنان ؟ ماذا عن الأردن.. الخ. العديد من هذه الأسئلة باتت اجاباته جاهزة، خاصة فيما يتعلق بمصر ولبنان والجزائر. والرسالة باتت واضحة لا يراد منها الا أمر واحد: إما أن تنفذ الأوامر الاميركية – الاسرائيلية، وإما أن يتكفل العرب بذلك. لن نحتاج بعد اليوم الى تورط جيوشنا في تدميرك ودمك. ثمة تطور وثمة دلالة: التطور يتضح بالعودة الى التاريخ الحديث، فعندما أرادت أميركا غطاء لضرب العراق، كانت الجامعة العربية هي من أمن ذلك بقرار الادانة الشهير، وقطع الطريق على صدام حسين للانسحاب من الكويت بعد أن كان قد وافق على وساطة الملك الحسين بذلك، لكن حسني مبارك رفض تبلغ رسالة الحسين الايجابية ( وفقا لما وثقه شليسنغر في أول كتاب أميركي صدر عن تلك الحرب)، وأسرعت مصر في استصدار القرار قبل أن يصل الملك الأردني الى القاهرة، وعليه روى شليسنغر سؤال القذافي لمبارك بعد الاجتماع: هل كان القرار مطلوبا منك اليوم لا غدا؟   قبل الضربة كان لا بد من جولة لوزير الخارجية الأميركية في الدول العربية خاصة دول طوق العراق. وكان لا بد من عصاة وجزرة لكل من هؤلاء. وبعد الضربة كان لا بد من كرنفال ما على صعيد القضية الفلسطينية، يضع بيد المتآمرين على العراق ما يهدئ شعوبهم ويخفف من جريمتهم وجريمة الغرب. فكان مؤتمر مدريد الذي وصفه وزير الدفاع الفرنسي بانه مؤتمر دار أمام عدسات التلفزيون لا على طاولة الواقع ومن دون أن يكون فيه أي أمر جدي. غير أن الجدي كان يدور في أوسلو لتحقيق خطوة تنازل دقت المسمار الأكبر في نعش فلسطين. ما وراء كل ذلك كان رفض مطالب عراق صدام حسين تلبيتها فحكم بالاعدام، وتذكر الغرب أن نظام العراق ديكتاتوري واتهمه بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وأصر أن على العم سام ووراءه العرب الديمقراطيون المسالمون من نشر الديمقراطية فوق أطلال بلاد الرافدين. غير أن العم شالوم كان وراء الستارة، وعليه كي تتم العملية أن يلتزم الصمت ( وضبط النفس) لأن ما يطلب من القيادة العراقية هو: تقليص الجيش العراقي ، عدة وعديدا، الانضمام الى العملية السلمية مع اسرائيل، التخلي عن أي مشروع قومي وحدوي وتسليم نفطه وثرواته للولايات المتحدة . عام 2004 حمل وزير الخارجية الاميركي المطالب نفسها الى فاروق الشرع ، ومنذ اسابيع ونحن نسمع تصريحات جون كيري في انه سيحاول اقناع الاسد بالتخلي عن مواقفه واعتماد المرونة. أي مواقف وأية مرونة ؟ من جديد: تقليص الجيش، قطع العلاقة مع المقاومة اللبنانية وايران، القبول بحدود الانتداب على بحيرة طبريا ( لا حدود 1967) الموافقة على تمرير الماء من تركيا الى اسرائيل، الموافقة على تمرير أنبوب الغاز القطري الى المتوسط فأوروبا. لا جديد، خاصة وأن المشروع المسمى ” أنبوبة السلام ” والذي يعني مد المياه من سد أتاتورك الى اسرائيل مطروح علنا في وسائل الدراسات والاعلام الغربية منذ أوائل التسعينيات. من دون أن ننسى أن هذه المياه هي المحجوبة أصلا من بردى عن سورية. كما أن قصة طبريا هي العقبة منذ أيام الأسد الأب، أما قصة الغاز القطري فهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير في اللقاء السري الذي دار بين ساركوزي وحمد بن جاسم وبشار الأسد في باريس. وفي هذا البند الأخير مصلحة لواشنطن، في حين ان جميع البنود الاخرى مرتبطة باسرائيل. انه فصل من الحروب الاسرائيلية بأيد عربية . ورحم الله محمود درويش وسقط القناع عن القناع.

المصدر : د. حياة الحويك عطية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة