لعب الأفغان العرب و التونسيون و الجزائريّون و الليبيون على وجه التحديد أدوارا كبيرة للغاية مع الفصائل الأفغانيّة أثناء الاحتلال السوفياتي السابق لأفغانستان وكانت للعديد منهم أدوار بالغة الأهميّة في تأسيس الجماعات الإسلاميّة المسلحّة ومنهم على سبيل المثال عنتر الزوابري الذي يتزعّم الجماعة الإسلاميّة المسلحّة والذي سبق له أن جاهد في أفغانستان وعاد إلى الجزائر بعد سقوط نظام نجيب الله . وهناك عشرات العناصر تصل إلى بعض المئات وفق تقديرات شبه رسميّة ارتأت الإقامة في أفغانستان والانضمام إلى تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن . ولفهم ظاهرة الأفغان الجزائريين وأدوارهم في أفغانستان والجزائر وأعدادهم وبرامجهم وكيفية تعامل السلطة الجزائريّة معهم لابدّ من العودة إلى بدايات تأسسّ هذه الظاهرة التي أولتها السلطة الجزائريّة اهتماما خاصا وكبيرا وراحت تنسّق مع الجهاز الأمني المصري والتونسي والليبي لرصد هذه الظاهرة وجمع أكبر قدر من المعلومات عنها . في أواخر السبعينيّات وعندما تعرضّت أفغانستان للغزو الروسي كانت الحركة الإسلاميّة الجزائريّة تشهد أوج تألقّها وصعودها وقيل في ذلك الوقت أنّ العهد الجديد برئاسة الشاذلي بن جديد الذي تولىّ الحكم بعد وفاة هواري بومدين غضّ الطرف عن نموّ هذه الظاهرة لضرب العناصر البومدينيّة اليساريّة التي كانت تعارض نهج الشاذلي الانفتاحي وكانت على رأس الحركة الإسلاميّة الجزائريّة والتي كانت موحدّة قبل عهد التعدديّة السياسية الشيوخ عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون وعبّاسي مدني , وقد دعت هذه الحركة إلى أكبر تجمع جماهيري في بداية الثمانينيّات في الجامعة المركزيّة وسط الجزائر العاصمة حيث شارك في هذا التجمّع عشرات الآلاف طالبوا نظام الشاذلي بالقضاء على التغريب وتطبيق الشريعة الإسلاميّة , وتزامنا مع هذا الصعود لحركة الإسلام السياسي تأسسّت أولّ حركة إسلاميّة مسلحّة في الجزائر والتي أسسّها مصطفي بويعلي أحد الضبّاط الجزائريين السابقين والذي كان يطالب بإقامة دولة إسلاميّة في الجزائر , وقد تبنّت الحركة الإسلاميّة الجزائريّة بشقيّها السياسي والعسكري القضيّة الأفغانيّة حيث كانت أفغانستان وتعرضهّا للغزو الروسي موضوع كل الخطباء والحلقات المسجديّة , وراجت بين المسلمين أشرطة مصورّة عن حجم الدمار الذي كان يحيق بأفغانستان وشعبها , كما راجت أشرطة الشهيد عبد الله عزّام , ولعب بعض الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون في الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنورّة وفي جامعة أم القرى في مكة المكرّمة دورا كبيرا في حض الشباب الجزائري على التوجّه إلى أفغانستان على قاعدة أنّه من لم يهتّم بأمور المسلمين فليس منهم . والسلطة الجزائريّة بدورها كانت تغضّ الطرف عن خروج الشباب الجزائري وتوجهه إلى أفغانستان لسببين اثنين أولهما أنّ استراتيجيي السلطة كان يهمّهم أن تخرج الحركة الإسلاميّة من مرحلة الدعوة إلى مرحلة العنف ليتسنّى لها الاجهاز عليها وثانيهما فانّ الاتحاد السوفياتي السابق وفي ذلك الوقت بات لا يمثّل شيئا بالنسبة للجزائر التي راحت من خلال الشاذلي بن جديد تبحث عن ترميم علاقاتها بالغرب واشتهر الشاذلي بن جديد بقوله لدى زيارته إلى واشنطن في عهد رونالد ريغان : عرفت أين تكمن مصلحة الجزائر الآن ! وبدأ الجزائريون يتوجهّون إلى أفغانستان عبر باكستان وعبر بعض الدول الأوروبيّة كفرنسا واسبانيّا ومن ثمّ إلى باكستان وكانت هناك جهة تنظّم هؤلاء الجزائريين في منطقة بيشاور ومن تمّ يدخلون إلى الأراضي الأفغانيّة . وحسب تقديرات شبه رسميّة فانّ عدد هؤلاء بلغ ألفين – 2000 – عنصرا وربمّا ارتفع ليصل إلى أربعة ألاف , وحسب بعض المعلومات فانّ العديد من الأفغان الجزائريين أصيبوا بصدمة كبيرة لدى وصولهم إلى أفغانستان حيث كانوا يتوقعون أنّ الحركة الإسلاميّة الجهاديّة الأفغانيّة هي حركة واحدة تعمل ضمن مشروع واحد وسبب الصدمة أنّ الجزائريين الذاهبين إلى أفغانستان كانت ثقافتهم الإسلامية الحركيّة محدودة للغاية وكانت كل ثقافتهم نصيّة وبنفسجيّة إلى حدّ كبير وهو الأمر الذي جعل كثير من عناصر الأفغان الجزائريين يغيّرون وجهة نظرهم ويعودون إلى الجزائر والذين بقّوا في أفغانستان توزعّوا على مختلف الفصائل الأفغانيّة فمنهم من أنضمّ إلى الحزب الإسلامي ومنهم من أنضمّ إلى الجمعية الإسلامية وعبد رب الرسول سيّاف ومنهم من أصبح الذراع الأيمن لأسد البانشير أحمد مسعود شاه . وعندما سقط نظام نجيب الله عاد الكثير من الأفغان الجزائريين إلى الجزائر بعضهم أعتقل وبعضهم تسللّ إلى الجزائر عبر المغرب وتونس , وفي حوزة السلطة الجزائريّة تقرير مفاده أنّه وأثناء تصاعد الأزمة الجزائريّة وقبل توجّه أسامة بن لادن إلى السودان أقام أسامة بن لادن في المغرب وتحديدا في فندق السفير وأمضى في الفندق ثلاثة أشهر كان عندها بن لادن ينسّق مع الأفغان المغاربة في كيفية دعم الجماعات الإسلامية المسلحة الجزائريّة والأفغان الجزائريين , وتحتفظ السلطة الجزائريّة لنفسها بمعلومات مستفيضة عن وصول الأسلحة للأفغان الجزائريين عبر الأراضي المغربيّة . وقد أختار بعض الأفغان الجزائريين الذين عادوا إلى الجزائر العمل السياسي العلني مع الأحزاب الإسلاميّة التي تشكلّت بعد عصر خريف الغضب في 05 تشرين الأوّل – أكتوبر 1988 كالجبهة الإسلامية للإنقاذ وحركة النهضة وحركة حماس فيما أختار أزيد من 700 عنصرا الانضمام إلى الجماعات الإسلاميّة المسلحة ,و الذين ظلّوا محتفظين حتى بملابسهم الأفغانيّة . وحسب دوائر السلطة الجزائريّة فانّ الأفغان الجزائريين الذين غادروا أفغانستان إلى الجزائر أو توزعوا في أوروبا إمّا بأوراق مزورّة أو عبر اللجوء السياسي مازال الكثير منهم يحتفظ بعلاقته بأسامة بن لادن .

 السيناريو يتكرر

وقبل الشروع في تدمير الدولة السورية , أوكل الإستراتيجيون الأمريكيون  إلى السعودية مهمة إيجاد المبررات الشرعية و الإسلامية المزيفة للتحامل على الطائفة العلوية الكريمة التي أستبيح دمها و مثلما صور الإتحاد السوفياتي أنه كافر و ملحد , كذلك الأمر بالنسبة لسورية , فلعبت المؤسسة الدينية السعودية دورا مركزيا في إيجاد الفتاوى المناسبة لبداية توجيه الجهود و المجاهدين إلى الجغرافيا السورية و الإيحاء أن الإسلام يظلم في هذه الدولة على أيدي أقلية طائفية لا تمت إلى الإسلام بصلة ..فجبهة النصرة التي تضم مقاتلين لنصرة أهل بلاد الشام سورية، الأردن، فلسطين، ولبنان و مقاتلوها من غير هذه الدول و جاؤوا لنصرة شعوب هذه الدول، ولكن في الحقيقة لا وجود لهذه المنظمة سوى في سورية، ولم تفكّر مطلقاً بنصرة أهالي الشام في فلسطين، وحسب معلومات دقيقة فإن عدد الليبيين في جبهة النصرة 15000 شخصا عدد كبير منهم تدرب في معسكرات بنغازي بإشراف العضو الفعال في القاعدة عبد الحكيم بلحاج رئيس مجلس الثورة الليبية في طرابلس , و 1000 تونسيا و 3500 سعوديا و  3000 مصريا و 1000 شيشانيا و مئات الأتراك و الكويتيين و الإماراتيين و غيرهم ...

و الأب الشرعي لهذه المنظمة وهو تنظيم القاعدة التي ساهمت أمريكا في إيجادها من خلال مدير المخابرات السعودية الراهن بندر بن سلطان , الذي فقد صوابه هذه الأيام لأنه كان قد أبلغ مدير المعلومات المغتال في لبنان وسام الحسن أن الدكتور العربي بشار الأسد سينتهي في أواخر سنة 2012 , و على إثرها طلب من سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية السابق الاستعداد بالعودة إلى لبنان و تضخيم الخط السعودي المنتصر سوريا و لبنانيا ..وخاب ظنه بالكامل .

 معسكرات مغاربية من أجل الجهاد في سورية

لم تكن تتصور عائلة عماد جيبار، الذي يبلغ من العمر حوالي 21 سنة وتقطن بحي البرارك الهامشي بمدينة الفنيدق في المغرب ، أن ابنها الذي كان شابا عاديا سيلتحق بالإرهابيين بسورية من أجل تنفيذ عمليات عسكرية والمشاركة في محاربة الدولة السورية.

 في شهر أيار - ماي الماضي غادر عماد البيت في ظروف غامضة ويختفي عن الأنظار في مكان ما، قبل أن تتلقى عائلته مكالمة هاتفية صادمة أسبوعا بعد اختفائه، قادمة من الأراضي السورية يقول فيها إنه دخلها عبر تركيا انطلاقا من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء.

و بعد ارتفاع عدد المسافرين المغاربة من مطار محمد الخامس إلى مطار اسطنبول , تفاجأ الأمنيون في المغرب بأن هناك خلية تنقل شبابا مغربيا إلى تركيا .

و أحدث ذلك هزة على مستوى الأجهزة الأمنية التي عقدت في ولاية تطوان بجميع مصالحها الأمنية اجتماعات خرجت خلالها بقرار يقوم على إرسال مذكرة إلى جميع أصحاب وكالات الأسفار تطالبهم بمدها بقائمة مفصلة بأسماء جميع الأشخاص الذين يذهبون في رحلات إلى تركيا، وكانت النتيجة مذهلة أن هناك لجنة يشرف عليها يدعى محمد ولاد عمر، يشتبه بكونه منسق شبكة تهجير المغاربة إلى سورية، و في المعلومات أن عبد العزيز المحداني  المغربي الذي التحق بالإرهابيين في سورية تحول إلى قائد ميداني وهو الذي ظهرت عليه مظاهر التدين قبل حوالي ثلاث سنوات، حيث أطلق لحيته وغير هندامه وأصبح مواظبا على صلاة الجماعة بالمسجد الصغير الذي يقع داخل السوق.

حسب الأجهزة الأمنية المغربية فإن عدد الشباب المغربي الذي توجه للمساهمة في محاربة الدولة السورية لا يحصى عدهم ومنهم  فؤاد الصالحي  و عبد العزيز الحداد وكلهم كان يمارس تجارة الحقيبة " الشنطة " و لا لا يملكون ثقافة إسلامية عالية بل جرى تخديرهم بالفقه الدموي لفقهاء الخليج .

أساليب التجنيد

بعد انتهاء العمليات التمهيدية التي يقوم بها منسق الشبكة بمساعدة بعض الشيوخ تبدأ عملية الإعداد لتقبل فكرة الجهاد داخل الأراضي السورية ضد قوات  " بشار الأسد الكافرة بزعمهم "  ويتم هذا الأمر من خلال عرض أفلام صادمة تظهر جنود سوريين يقتلون المدنيين الأبرياء بدم بارد، ويغتصبون الفتيات السوريات القاصرات و يستعين الغاسلون للأدمغة بتلك الصور التي تحسم في غالب الأحيان الأمور وتدفع حتى الشباب المتردد إلى الحسم في عملية الهجرة إلى الأراضي السورية.

بعد اتخاذ القرار تبدأ التحضيرات العملية للسفر التي كانت في البداية تتم من خلال دفع الشاب إلى الحصول على جواز للسفر إذا لم يكن يملك واحدا، ثم اقتناء التذاكر من إحدى وكالات الأسفار بمدينة تطوان ذهابا وإيابا إلى تركيا من أجل عدم لفت انتباه الأجهزة الأمنية بمطار محمد الخامس الذي كانت تنطلق منه الرحلات في اتجاه الأراضي التركية.

ومن إسطنبول حيث يستقبلهم شخص في الأغلب هو سوري و يقودهم إلى أنطاكيا ومنها إلى الأراضي السورية .

 في تونس البداية من المساجد

 تضاعف عدد المساجد في تونس بعد الثورة و  تحولت إلى بيئة حاضنة لما يعرف  بثقافة الجهاد وفي إحصائية تونسية أخيرة اتضح أن أكثر من 100 مسجد من جملة 5000 موجودة بتونس باتت تحت سيطرة المتشددين . 

يقول أحد المعتقلين و  يدعى «وسام»  وهو شاب لا يتعدى 20 سنة قال في التحقيق مع الأجهزة الأمنية التونسية أنه تعرف على عدد من الشبان وحضر حلقات ذكر ودروسا دينية وأنه في إحدى المرات تعرف على شخص لبناني الجنسية ينتمي إلى  تنظيم سلفي في لبنان و تبادل معه النقاش  وقضايا الجهاد .

قال «وسام»  أنه تلقى تفاصيل من المتشدد اللبناني و دله على وكالة سفر في تونس أمدته بتذكرة سفر إلى تركيا وهناك في إسطنبول اتصل بالرقم الذي أمده به   " المتشدد اللبناني " الوسيط فقدمت سيارة وحملته إلى منطقة حدودية بين تركيا وسورية حيث التقى بخمسة أشخاص من بنغلاداش كانوا بدورهم يرغبون في الدخول إلى سورية ثم انطلقت الرحلة سيرا على أقدام عبر الطرق الجبلية التي كان يتقنها السوريان اللذان يقودان الرحلة. ثم عند بلوغهم سورية اتصل مرافقاه السوريان بأحد قياديي تنظيم «القاعدة» الذي قام بإلحاقه بمعسكر للجيش الحر حيث تلقى تدريبات وتم منحه على غرار بقية زملائه «الكنية الجهادية» من وسام إلى «أبو قتادة».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-15
  • 6170
  • من الأرشيف

د. يحيى ابو زكريا: جبهة النصرة في سورية إستنساخ حرفي لتجربة الأفغان العرب

لعب الأفغان العرب و التونسيون و الجزائريّون و الليبيون على وجه التحديد أدوارا كبيرة للغاية مع الفصائل الأفغانيّة أثناء الاحتلال السوفياتي السابق لأفغانستان وكانت للعديد منهم أدوار بالغة الأهميّة في تأسيس الجماعات الإسلاميّة المسلحّة ومنهم على سبيل المثال عنتر الزوابري الذي يتزعّم الجماعة الإسلاميّة المسلحّة والذي سبق له أن جاهد في أفغانستان وعاد إلى الجزائر بعد سقوط نظام نجيب الله . وهناك عشرات العناصر تصل إلى بعض المئات وفق تقديرات شبه رسميّة ارتأت الإقامة في أفغانستان والانضمام إلى تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن . ولفهم ظاهرة الأفغان الجزائريين وأدوارهم في أفغانستان والجزائر وأعدادهم وبرامجهم وكيفية تعامل السلطة الجزائريّة معهم لابدّ من العودة إلى بدايات تأسسّ هذه الظاهرة التي أولتها السلطة الجزائريّة اهتماما خاصا وكبيرا وراحت تنسّق مع الجهاز الأمني المصري والتونسي والليبي لرصد هذه الظاهرة وجمع أكبر قدر من المعلومات عنها . في أواخر السبعينيّات وعندما تعرضّت أفغانستان للغزو الروسي كانت الحركة الإسلاميّة الجزائريّة تشهد أوج تألقّها وصعودها وقيل في ذلك الوقت أنّ العهد الجديد برئاسة الشاذلي بن جديد الذي تولىّ الحكم بعد وفاة هواري بومدين غضّ الطرف عن نموّ هذه الظاهرة لضرب العناصر البومدينيّة اليساريّة التي كانت تعارض نهج الشاذلي الانفتاحي وكانت على رأس الحركة الإسلاميّة الجزائريّة والتي كانت موحدّة قبل عهد التعدديّة السياسية الشيوخ عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون وعبّاسي مدني , وقد دعت هذه الحركة إلى أكبر تجمع جماهيري في بداية الثمانينيّات في الجامعة المركزيّة وسط الجزائر العاصمة حيث شارك في هذا التجمّع عشرات الآلاف طالبوا نظام الشاذلي بالقضاء على التغريب وتطبيق الشريعة الإسلاميّة , وتزامنا مع هذا الصعود لحركة الإسلام السياسي تأسسّت أولّ حركة إسلاميّة مسلحّة في الجزائر والتي أسسّها مصطفي بويعلي أحد الضبّاط الجزائريين السابقين والذي كان يطالب بإقامة دولة إسلاميّة في الجزائر , وقد تبنّت الحركة الإسلاميّة الجزائريّة بشقيّها السياسي والعسكري القضيّة الأفغانيّة حيث كانت أفغانستان وتعرضهّا للغزو الروسي موضوع كل الخطباء والحلقات المسجديّة , وراجت بين المسلمين أشرطة مصورّة عن حجم الدمار الذي كان يحيق بأفغانستان وشعبها , كما راجت أشرطة الشهيد عبد الله عزّام , ولعب بعض الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون في الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنورّة وفي جامعة أم القرى في مكة المكرّمة دورا كبيرا في حض الشباب الجزائري على التوجّه إلى أفغانستان على قاعدة أنّه من لم يهتّم بأمور المسلمين فليس منهم . والسلطة الجزائريّة بدورها كانت تغضّ الطرف عن خروج الشباب الجزائري وتوجهه إلى أفغانستان لسببين اثنين أولهما أنّ استراتيجيي السلطة كان يهمّهم أن تخرج الحركة الإسلاميّة من مرحلة الدعوة إلى مرحلة العنف ليتسنّى لها الاجهاز عليها وثانيهما فانّ الاتحاد السوفياتي السابق وفي ذلك الوقت بات لا يمثّل شيئا بالنسبة للجزائر التي راحت من خلال الشاذلي بن جديد تبحث عن ترميم علاقاتها بالغرب واشتهر الشاذلي بن جديد بقوله لدى زيارته إلى واشنطن في عهد رونالد ريغان : عرفت أين تكمن مصلحة الجزائر الآن ! وبدأ الجزائريون يتوجهّون إلى أفغانستان عبر باكستان وعبر بعض الدول الأوروبيّة كفرنسا واسبانيّا ومن ثمّ إلى باكستان وكانت هناك جهة تنظّم هؤلاء الجزائريين في منطقة بيشاور ومن تمّ يدخلون إلى الأراضي الأفغانيّة . وحسب تقديرات شبه رسميّة فانّ عدد هؤلاء بلغ ألفين – 2000 – عنصرا وربمّا ارتفع ليصل إلى أربعة ألاف , وحسب بعض المعلومات فانّ العديد من الأفغان الجزائريين أصيبوا بصدمة كبيرة لدى وصولهم إلى أفغانستان حيث كانوا يتوقعون أنّ الحركة الإسلاميّة الجهاديّة الأفغانيّة هي حركة واحدة تعمل ضمن مشروع واحد وسبب الصدمة أنّ الجزائريين الذاهبين إلى أفغانستان كانت ثقافتهم الإسلامية الحركيّة محدودة للغاية وكانت كل ثقافتهم نصيّة وبنفسجيّة إلى حدّ كبير وهو الأمر الذي جعل كثير من عناصر الأفغان الجزائريين يغيّرون وجهة نظرهم ويعودون إلى الجزائر والذين بقّوا في أفغانستان توزعّوا على مختلف الفصائل الأفغانيّة فمنهم من أنضمّ إلى الحزب الإسلامي ومنهم من أنضمّ إلى الجمعية الإسلامية وعبد رب الرسول سيّاف ومنهم من أصبح الذراع الأيمن لأسد البانشير أحمد مسعود شاه . وعندما سقط نظام نجيب الله عاد الكثير من الأفغان الجزائريين إلى الجزائر بعضهم أعتقل وبعضهم تسللّ إلى الجزائر عبر المغرب وتونس , وفي حوزة السلطة الجزائريّة تقرير مفاده أنّه وأثناء تصاعد الأزمة الجزائريّة وقبل توجّه أسامة بن لادن إلى السودان أقام أسامة بن لادن في المغرب وتحديدا في فندق السفير وأمضى في الفندق ثلاثة أشهر كان عندها بن لادن ينسّق مع الأفغان المغاربة في كيفية دعم الجماعات الإسلامية المسلحة الجزائريّة والأفغان الجزائريين , وتحتفظ السلطة الجزائريّة لنفسها بمعلومات مستفيضة عن وصول الأسلحة للأفغان الجزائريين عبر الأراضي المغربيّة . وقد أختار بعض الأفغان الجزائريين الذين عادوا إلى الجزائر العمل السياسي العلني مع الأحزاب الإسلاميّة التي تشكلّت بعد عصر خريف الغضب في 05 تشرين الأوّل – أكتوبر 1988 كالجبهة الإسلامية للإنقاذ وحركة النهضة وحركة حماس فيما أختار أزيد من 700 عنصرا الانضمام إلى الجماعات الإسلاميّة المسلحة ,و الذين ظلّوا محتفظين حتى بملابسهم الأفغانيّة . وحسب دوائر السلطة الجزائريّة فانّ الأفغان الجزائريين الذين غادروا أفغانستان إلى الجزائر أو توزعوا في أوروبا إمّا بأوراق مزورّة أو عبر اللجوء السياسي مازال الكثير منهم يحتفظ بعلاقته بأسامة بن لادن .  السيناريو يتكرر وقبل الشروع في تدمير الدولة السورية , أوكل الإستراتيجيون الأمريكيون  إلى السعودية مهمة إيجاد المبررات الشرعية و الإسلامية المزيفة للتحامل على الطائفة العلوية الكريمة التي أستبيح دمها و مثلما صور الإتحاد السوفياتي أنه كافر و ملحد , كذلك الأمر بالنسبة لسورية , فلعبت المؤسسة الدينية السعودية دورا مركزيا في إيجاد الفتاوى المناسبة لبداية توجيه الجهود و المجاهدين إلى الجغرافيا السورية و الإيحاء أن الإسلام يظلم في هذه الدولة على أيدي أقلية طائفية لا تمت إلى الإسلام بصلة ..فجبهة النصرة التي تضم مقاتلين لنصرة أهل بلاد الشام سورية، الأردن، فلسطين، ولبنان و مقاتلوها من غير هذه الدول و جاؤوا لنصرة شعوب هذه الدول، ولكن في الحقيقة لا وجود لهذه المنظمة سوى في سورية، ولم تفكّر مطلقاً بنصرة أهالي الشام في فلسطين، وحسب معلومات دقيقة فإن عدد الليبيين في جبهة النصرة 15000 شخصا عدد كبير منهم تدرب في معسكرات بنغازي بإشراف العضو الفعال في القاعدة عبد الحكيم بلحاج رئيس مجلس الثورة الليبية في طرابلس , و 1000 تونسيا و 3500 سعوديا و  3000 مصريا و 1000 شيشانيا و مئات الأتراك و الكويتيين و الإماراتيين و غيرهم ... و الأب الشرعي لهذه المنظمة وهو تنظيم القاعدة التي ساهمت أمريكا في إيجادها من خلال مدير المخابرات السعودية الراهن بندر بن سلطان , الذي فقد صوابه هذه الأيام لأنه كان قد أبلغ مدير المعلومات المغتال في لبنان وسام الحسن أن الدكتور العربي بشار الأسد سينتهي في أواخر سنة 2012 , و على إثرها طلب من سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية السابق الاستعداد بالعودة إلى لبنان و تضخيم الخط السعودي المنتصر سوريا و لبنانيا ..وخاب ظنه بالكامل .  معسكرات مغاربية من أجل الجهاد في سورية لم تكن تتصور عائلة عماد جيبار، الذي يبلغ من العمر حوالي 21 سنة وتقطن بحي البرارك الهامشي بمدينة الفنيدق في المغرب ، أن ابنها الذي كان شابا عاديا سيلتحق بالإرهابيين بسورية من أجل تنفيذ عمليات عسكرية والمشاركة في محاربة الدولة السورية.  في شهر أيار - ماي الماضي غادر عماد البيت في ظروف غامضة ويختفي عن الأنظار في مكان ما، قبل أن تتلقى عائلته مكالمة هاتفية صادمة أسبوعا بعد اختفائه، قادمة من الأراضي السورية يقول فيها إنه دخلها عبر تركيا انطلاقا من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء. و بعد ارتفاع عدد المسافرين المغاربة من مطار محمد الخامس إلى مطار اسطنبول , تفاجأ الأمنيون في المغرب بأن هناك خلية تنقل شبابا مغربيا إلى تركيا . و أحدث ذلك هزة على مستوى الأجهزة الأمنية التي عقدت في ولاية تطوان بجميع مصالحها الأمنية اجتماعات خرجت خلالها بقرار يقوم على إرسال مذكرة إلى جميع أصحاب وكالات الأسفار تطالبهم بمدها بقائمة مفصلة بأسماء جميع الأشخاص الذين يذهبون في رحلات إلى تركيا، وكانت النتيجة مذهلة أن هناك لجنة يشرف عليها يدعى محمد ولاد عمر، يشتبه بكونه منسق شبكة تهجير المغاربة إلى سورية، و في المعلومات أن عبد العزيز المحداني  المغربي الذي التحق بالإرهابيين في سورية تحول إلى قائد ميداني وهو الذي ظهرت عليه مظاهر التدين قبل حوالي ثلاث سنوات، حيث أطلق لحيته وغير هندامه وأصبح مواظبا على صلاة الجماعة بالمسجد الصغير الذي يقع داخل السوق. حسب الأجهزة الأمنية المغربية فإن عدد الشباب المغربي الذي توجه للمساهمة في محاربة الدولة السورية لا يحصى عدهم ومنهم  فؤاد الصالحي  و عبد العزيز الحداد وكلهم كان يمارس تجارة الحقيبة " الشنطة " و لا لا يملكون ثقافة إسلامية عالية بل جرى تخديرهم بالفقه الدموي لفقهاء الخليج . أساليب التجنيد بعد انتهاء العمليات التمهيدية التي يقوم بها منسق الشبكة بمساعدة بعض الشيوخ تبدأ عملية الإعداد لتقبل فكرة الجهاد داخل الأراضي السورية ضد قوات  " بشار الأسد الكافرة بزعمهم "  ويتم هذا الأمر من خلال عرض أفلام صادمة تظهر جنود سوريين يقتلون المدنيين الأبرياء بدم بارد، ويغتصبون الفتيات السوريات القاصرات و يستعين الغاسلون للأدمغة بتلك الصور التي تحسم في غالب الأحيان الأمور وتدفع حتى الشباب المتردد إلى الحسم في عملية الهجرة إلى الأراضي السورية. بعد اتخاذ القرار تبدأ التحضيرات العملية للسفر التي كانت في البداية تتم من خلال دفع الشاب إلى الحصول على جواز للسفر إذا لم يكن يملك واحدا، ثم اقتناء التذاكر من إحدى وكالات الأسفار بمدينة تطوان ذهابا وإيابا إلى تركيا من أجل عدم لفت انتباه الأجهزة الأمنية بمطار محمد الخامس الذي كانت تنطلق منه الرحلات في اتجاه الأراضي التركية. ومن إسطنبول حيث يستقبلهم شخص في الأغلب هو سوري و يقودهم إلى أنطاكيا ومنها إلى الأراضي السورية .  في تونس البداية من المساجد  تضاعف عدد المساجد في تونس بعد الثورة و  تحولت إلى بيئة حاضنة لما يعرف  بثقافة الجهاد وفي إحصائية تونسية أخيرة اتضح أن أكثر من 100 مسجد من جملة 5000 موجودة بتونس باتت تحت سيطرة المتشددين .  يقول أحد المعتقلين و  يدعى «وسام»  وهو شاب لا يتعدى 20 سنة قال في التحقيق مع الأجهزة الأمنية التونسية أنه تعرف على عدد من الشبان وحضر حلقات ذكر ودروسا دينية وأنه في إحدى المرات تعرف على شخص لبناني الجنسية ينتمي إلى  تنظيم سلفي في لبنان و تبادل معه النقاش  وقضايا الجهاد . قال «وسام»  أنه تلقى تفاصيل من المتشدد اللبناني و دله على وكالة سفر في تونس أمدته بتذكرة سفر إلى تركيا وهناك في إسطنبول اتصل بالرقم الذي أمده به   " المتشدد اللبناني " الوسيط فقدمت سيارة وحملته إلى منطقة حدودية بين تركيا وسورية حيث التقى بخمسة أشخاص من بنغلاداش كانوا بدورهم يرغبون في الدخول إلى سورية ثم انطلقت الرحلة سيرا على أقدام عبر الطرق الجبلية التي كان يتقنها السوريان اللذان يقودان الرحلة. ثم عند بلوغهم سورية اتصل مرافقاه السوريان بأحد قياديي تنظيم «القاعدة» الذي قام بإلحاقه بمعسكر للجيش الحر حيث تلقى تدريبات وتم منحه على غرار بقية زملائه «الكنية الجهادية» من وسام إلى «أبو قتادة».

المصدر : موقع عربي برس/ يحيى أبو زكريا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة