تتواصل المعركة في الشارع التونسي بين التيارات التي تسعى إلى المحافظة على نموذج المجتمع التونسي والتيارات الإسلامية التي تعمل على أن تكون البلاد ضمن السياق «الإسلامي». وقد كشفت جريدة «الشروق» التونسية، في عددها الصادر أمس، أنّ هناك شبكة متكاملة تجنّد الشبان للقتال في سوريا، وهي مموّلة من قطر، التي تخصص نحو ٣ آلاف دولار عن كل شاب تونسي ينخرط في القتال هناك، فيما يقدّر خبراء تونسيون عدد الشبان الذين يشاركون في المعارك ضد النظام السوري، منذ شهر آذار ٢٠١١، بثلاثة آلاف شاب.

في المقابل، أعلن رئيس حركة «النهضة» الإسلامية، راشد الغنوشي، أن لا علاقة لحزبه بإرسال شبان تونسيين إلى سوريا لـ«الجهاد». وقال، في مؤتمر صحافي، إنّ «الشباب التونسي الذي يسافر (إلى) هناك (سوريا) ليشارك في هذا الجهاد، نحن لسنا طرفاً، ولم نكن طرفاً في هذه العملية، ولا ندري كيف تجري». وتساءل: «هل هناك كما يقال جهات ترتب هذا الأمر؟ هل هو اندفاع شبابي كما اندفع من قبل أناس إلى أماكن (أخرى) للمشاركة في أعمال ثورية؟». وأضاف: «اليوم الشباب الإسلامي يندفع إلى ساحات الجهاد في العراق، وما زال عشرات من الشباب التونسي وربما مئات شاركوا في العراق، وآخرون يشاركون وشاركوا في أفغانستان، وآخرون يشاركون في سوريا اليوم».

بدوره، أعلن رئيس الحكومة التونسية الجديدة، علي العريض، أنّ الحكومة ستتابع ملف التونسيين الذين يحاربون في سوريا، مؤكداً أنّ الارهاب يمثّل أبرز خطر يهدّد الأمن القومي التونسي اليوم. وقال العريض، في مقابلة صحافية، منعت العديد من الشبان التونسيين من مغادرة البلاد عبر الحدود التونسية ــ الليبية لأنهم كانوا يعتزمون الذهاب إلى سوريا، والانضمام إلى صفوف المعارضة المسلّحة.

وأضاف العريض، الذي تولى حقيبة وزارة الداخلية في الحكومة التونسية السابقة: «لقد منعنا الشباب التونسي من الدخول في مغامرة غير محسوبة استجابة لتوسّلات أسرهم وأهاليهم»، مؤكداً الحرص على مواصلة متابعة هذا الملف من زواياه الإنسانية والاجتماعية والأمنية.

وطالب نواب في المجلس التأسيسي (البرلمان)، هذا الأسبوع، السلطات بكشف الجهات التي ترسل شباناً تونسيين إلى سوريا لقتال القوات النظامية هناك. وتداولت الصحافة التونسية منذ أشهر أخباراً عن وجود شبكات لتجنيد الشبان التونسيين للمشاركة في الحرب الدائرة في سوريا، واتهمت المعارضة قوى في الحكومة، وخاصة حركة النهضة، بتورطها في تجنيد الشبان التونسيين في قضية خاسرة مسبقاً، وكذلك الجمعيات القريبة من حركة النهضة.

وقد كشفت تقارير أمنية نشرت في تونس أنّ الجهات الأمنية المختصة بدأت منذ نحو عام برصد نشاط الجمعيات المختصة في إرسال الجهاديين، وأثبتت أن ٣ آلاف دولار هو المبلغ الذي تحوله قطر عن كل شاب يُجنَّد لـ«تجار الموت». وأكدت هذه التقارير أنّ عدداً من مسؤولي النظام الجديد، ومن أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، متورطون في هذه الصفقات. وقد ضبطت المصالح الأمنية مجموعة من الشبكات على الحدود الغربية للبلاد وفي ضواحي العاصمة وفي الجنوب، وكشفت تحريات الأمن أنّ العديد من الجمعيات الخيرية والإنسانية تسهّل سفر «الجهاديين» إلى سوريا.

تجنيد الشبان التونسيين في سوريا من بين الملفات الحارقة التي تحمّل المنظمات التونسية مسؤوليتها للرئيس الموقت محمد المنصف المرزوقي ولحركة النهضة المسيطرة على الائتلاف الحاكم. وترى المنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة أنّ الائتلاف الحاكم قد ارتكب أخطاءً فادحة، أولها إغلاق السفارة السورية وطرد السفير السوري، وتسهيل مهمة الجمعيات في تجنيد الشبان التونسيين. وقد أصبح هذا الملف من بين الملفات التي تؤرق التونسيين المعروفين بالتسامح والسلم قبل أن يتحولوا إلى «تجار حرب».

الحرب الحقيقية التي تعيشها تونس اليوم هي تغيير نموذج المجتمع. فتونس التي كانت ترسل أساتذة الفلسفة والمسرح والموسيقى إلى العالم، أصبحت ترسل الإرهابيين.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-15
  • 3769
  • من الأرشيف

«الجهاد» في سورية يهزّ تونس

تتواصل المعركة في الشارع التونسي بين التيارات التي تسعى إلى المحافظة على نموذج المجتمع التونسي والتيارات الإسلامية التي تعمل على أن تكون البلاد ضمن السياق «الإسلامي». وقد كشفت جريدة «الشروق» التونسية، في عددها الصادر أمس، أنّ هناك شبكة متكاملة تجنّد الشبان للقتال في سوريا، وهي مموّلة من قطر، التي تخصص نحو ٣ آلاف دولار عن كل شاب تونسي ينخرط في القتال هناك، فيما يقدّر خبراء تونسيون عدد الشبان الذين يشاركون في المعارك ضد النظام السوري، منذ شهر آذار ٢٠١١، بثلاثة آلاف شاب. في المقابل، أعلن رئيس حركة «النهضة» الإسلامية، راشد الغنوشي، أن لا علاقة لحزبه بإرسال شبان تونسيين إلى سوريا لـ«الجهاد». وقال، في مؤتمر صحافي، إنّ «الشباب التونسي الذي يسافر (إلى) هناك (سوريا) ليشارك في هذا الجهاد، نحن لسنا طرفاً، ولم نكن طرفاً في هذه العملية، ولا ندري كيف تجري». وتساءل: «هل هناك كما يقال جهات ترتب هذا الأمر؟ هل هو اندفاع شبابي كما اندفع من قبل أناس إلى أماكن (أخرى) للمشاركة في أعمال ثورية؟». وأضاف: «اليوم الشباب الإسلامي يندفع إلى ساحات الجهاد في العراق، وما زال عشرات من الشباب التونسي وربما مئات شاركوا في العراق، وآخرون يشاركون وشاركوا في أفغانستان، وآخرون يشاركون في سوريا اليوم». بدوره، أعلن رئيس الحكومة التونسية الجديدة، علي العريض، أنّ الحكومة ستتابع ملف التونسيين الذين يحاربون في سوريا، مؤكداً أنّ الارهاب يمثّل أبرز خطر يهدّد الأمن القومي التونسي اليوم. وقال العريض، في مقابلة صحافية، منعت العديد من الشبان التونسيين من مغادرة البلاد عبر الحدود التونسية ــ الليبية لأنهم كانوا يعتزمون الذهاب إلى سوريا، والانضمام إلى صفوف المعارضة المسلّحة. وأضاف العريض، الذي تولى حقيبة وزارة الداخلية في الحكومة التونسية السابقة: «لقد منعنا الشباب التونسي من الدخول في مغامرة غير محسوبة استجابة لتوسّلات أسرهم وأهاليهم»، مؤكداً الحرص على مواصلة متابعة هذا الملف من زواياه الإنسانية والاجتماعية والأمنية. وطالب نواب في المجلس التأسيسي (البرلمان)، هذا الأسبوع، السلطات بكشف الجهات التي ترسل شباناً تونسيين إلى سوريا لقتال القوات النظامية هناك. وتداولت الصحافة التونسية منذ أشهر أخباراً عن وجود شبكات لتجنيد الشبان التونسيين للمشاركة في الحرب الدائرة في سوريا، واتهمت المعارضة قوى في الحكومة، وخاصة حركة النهضة، بتورطها في تجنيد الشبان التونسيين في قضية خاسرة مسبقاً، وكذلك الجمعيات القريبة من حركة النهضة. وقد كشفت تقارير أمنية نشرت في تونس أنّ الجهات الأمنية المختصة بدأت منذ نحو عام برصد نشاط الجمعيات المختصة في إرسال الجهاديين، وأثبتت أن ٣ آلاف دولار هو المبلغ الذي تحوله قطر عن كل شاب يُجنَّد لـ«تجار الموت». وأكدت هذه التقارير أنّ عدداً من مسؤولي النظام الجديد، ومن أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، متورطون في هذه الصفقات. وقد ضبطت المصالح الأمنية مجموعة من الشبكات على الحدود الغربية للبلاد وفي ضواحي العاصمة وفي الجنوب، وكشفت تحريات الأمن أنّ العديد من الجمعيات الخيرية والإنسانية تسهّل سفر «الجهاديين» إلى سوريا. تجنيد الشبان التونسيين في سوريا من بين الملفات الحارقة التي تحمّل المنظمات التونسية مسؤوليتها للرئيس الموقت محمد المنصف المرزوقي ولحركة النهضة المسيطرة على الائتلاف الحاكم. وترى المنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة أنّ الائتلاف الحاكم قد ارتكب أخطاءً فادحة، أولها إغلاق السفارة السورية وطرد السفير السوري، وتسهيل مهمة الجمعيات في تجنيد الشبان التونسيين. وقد أصبح هذا الملف من بين الملفات التي تؤرق التونسيين المعروفين بالتسامح والسلم قبل أن يتحولوا إلى «تجار حرب». الحرب الحقيقية التي تعيشها تونس اليوم هي تغيير نموذج المجتمع. فتونس التي كانت ترسل أساتذة الفلسفة والمسرح والموسيقى إلى العالم، أصبحت ترسل الإرهابيين.

المصدر : الماسة السورية/ لأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة