أثار رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت سجالاً واسعاً في إسرائيل بإعلانه أن رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك، بدّدا 11 مليار شيكل (حوالي ثلاثة مليارات دولار) على مجرد أوهام لم تتحقق. وفهم الجميع من كلام أولمرت أن الأوهام المقصودة هي التخطيط لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، وهو الموضوع الأهم في السياسة الإسرائيلية على الأقل في العامين الأخيرين. وجذبت تصريحات أولمرت هذه الأنظار خصوصاً أنها أعقبت مقابلة رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، التي أشار فيها إلى أن نتنياهو وباراك ومعهما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان كانوا يناقشون «القضايا المصيرية»، وبينها الضربة العسكرية لإيران، باستخفاف شديد، وهم يشربون الويسكي ويدخنون السيجار.

ومما لا ريب فيه أن هذه التصريحات لا يمكن عزلها عن الانتخابات المقبلة التي ستجري بعد حوالي أسبوع. كما لا يمكن عزلها عن المعطيات المالية التي عرضها محافظ مصرف إسرائيل يوم أمس، والتي أشارت إلى أن عجز الموازنة يبلغ ضعف العجز المقرر وأنه يصل إلى 39 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار). وربما لهذا السبب شنّ نتنياهو ورجاله حملة شديدة على أولمرت وديسكين وحتى على صحيفة «يديعوت» وعلى القناة التلفزيونية الثانية.

وقد حمل نتنياهو بشدة على أولمرت، وقال إن تصريحاته «بائسة وعديمة المسؤولية من شخص بذّر مليارات على خطة الفصل وعلى اقتلاع اليهود». وأضاف أن «الحملة ضدي جاءت من جانب أنصار خطة الفصل، الذين يحاولون تجنيد العالم ضد إسرائيل في وقت نحاول فيه تجنيد العالم ضد إيران النووية». ولكن المقربين من نتنياهو لم يكتفوا بمثل هذه الاتهامات بل اعتبر بعضهم أن خروج أولمرت إلى حرب لبنان الثانية العام 2006 كان أكبر تبذير لميزانية الدولة.

وهاجم مقربو نتنياهو اولمرت، معتبرين أن «هذا انتقاد آخر من اولمرت الذي فشل كرئيس وزراء في اعداد الجيش لحرب لبنان الثانية، مقابل بنيامين نتنياهو الذي عاظم في السنوات الأربع الأخيرة قدرات الدفاع والهجوم للجيش الاسرائيلي». وأضافوا «ليس فقط لم يضع هباء اي شيكل انفق على أمن مواطني اسرائيل، بل إن إسرائيل في السنوات الأربع الأخيرة بنت قدرات مثيرة للانطباع أثبتت نفسها. لقد كان منع السلاح النووي عن ايران ولا يزال الهدف الاول لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو».

اما من مكتب وزير الدفاع باراك فجاء الرد بأن «الاستثمار في بناء قدرات عملياتية ليس تبذيرا. فالقدرات التي بنيت تخدم الجيش الاسرائيلي في الصمود في وجه تحديات الحاضر وفي وجه التحديات التي ستتبلور في المستقبل. انتقاد اولمرت ليس دقيقا، وليس مسؤولا».

وكان أولمرت قد أعلن في مقابلة تلفزيونية أنه «في العامين الأخيرين أنفقنا في مسائل أمنية أكثر من 11 مليار شيكل على أوهام أمنية لم تنفذ ولن تنفذ». وجاء هذا الكلام في إطار التعليق على ميزانيات إضافية للدفاع أقرت في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست ولم تكن مدرجة في ميزانية الدفاع. وقال إن «الأمر يتعلق بمبالغ تتجاوز بكثير الميزانيات متعددة السنوات. وأنا أؤمن أن الخطوات لن تنفذ لأنهم قالوا لنا إن العام 2012 هو عام الحسم. لقد أخافوا كل العالم وفي نهاية المطاف لم يفعلوا شيئا».

وبعد ذلك ألحق أولمرت تصريحاته التلفزيونية بحديث إلى صحيفة «يديعوت» قال فيها إن «غالبية المبلغ المشار إليه لم يذهب لبناء بنى تحتية أو أي شيء يبقى لإسرائيل وإنما ذهب هباء. وهذا العجز سوف تضطر الحكومة المقبلة لتغطيته عن طريق تقليصات مؤلمة»، مضيفاً «ولا مفر، في ضوء الوضع القائم من تقليص ميزانية الدفاع أيضاً لأنه من دون ذلك سوف يتحمل الاقتصاد كله هذه الأعباء».

وعاد أولمرت يوم أمس، في محاضرة في معهد «كنيرت لشؤون الأمن والمجتمع» لمهاجمة نتنياهو ووزرائه. وقال «لقد سمعت اليوم وزراء تداعوا وهاجموا أقوالي حول تبذير 11 مليار شيكل فوق ميزانية الدفاع المقررة في عهدي»، مشيراً إلى أن نتنياهو كان أول من قام بالثرثرة حول العملية الإسرائيلية ضد ما أشيع أنه المفاعل النووي السوري في دير الزور. وتساءل متحدثاً عن الضربة الإسرائيلية للمنشأة السورية «هل سمع أحد عنها؟ هل علم أحد بها؟ هل نفخنا في الأبواق؟ ذات صباح نهض شعب إسرائيل ولم يعلم أنه في ليلة باردة حدث أمر كان بوسعه أن يغير، لولا حدوثه، كل نمط حياتنا... ما جرى هناك في سوريا، لم تسمعوا مني كلمة عنه».

وشدد رئيس الوزراء السابق على أنه «الآن تعرفون عن 11 مليار، لأني قلت ذلك ولا أتراجع. وعندما يتحدث ديسكسن بصدق وشجاعة، ويقلل الكلام عندما يتحدث، يتحول إلى شخص فاقد ومحبط... لم أسمع أبدا أقوالا قاسية كهذه من أي قائد كبير لكل المؤسسة الأمنية»، لافتاً إلى أنه «مؤخرا تم شراء غواصة من ألمانيا بمبلغ 500 مليون يورو، برغم توصية مكتوبة من قائد سلاح البحرية، وقادة آخرين، بأنه لا حاجة لها. هذا تبذير جنون العظمة، وعليهم أن لا يقولوا إنني ألحق الضرر بأمن الدولة... لقد كنت هناك... ومن واجب أحدنا أن يقول هذا الكلام».

تجدر الإشارة إلى أن نقاشا جديا يدور في الأوساط الاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية عن الفرصة التي بددها نتنياهو لتحسين الاقتصاد الإسرائيلي في ظل «الربيع العربي». ويرى البعض أن زوال المخاطر الكبيرة مؤقتا كان بوسعه توفير فرصة لإسرائيل لحل عدد من مشكلاتها المالية والاجتماعية بدل الإنفاق ببذخ على المؤسسة العسكرية واختراع مخاطر.

  • فريق ماسة
  • 2013-01-13
  • 9121
  • من الأرشيف

سجال اسرائيلي طرفاه أولمرت ونتنياهو حول التبذير والهوس بايران

أثار رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت سجالاً واسعاً في إسرائيل بإعلانه أن رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك، بدّدا 11 مليار شيكل (حوالي ثلاثة مليارات دولار) على مجرد أوهام لم تتحقق. وفهم الجميع من كلام أولمرت أن الأوهام المقصودة هي التخطيط لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، وهو الموضوع الأهم في السياسة الإسرائيلية على الأقل في العامين الأخيرين. وجذبت تصريحات أولمرت هذه الأنظار خصوصاً أنها أعقبت مقابلة رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، التي أشار فيها إلى أن نتنياهو وباراك ومعهما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان كانوا يناقشون «القضايا المصيرية»، وبينها الضربة العسكرية لإيران، باستخفاف شديد، وهم يشربون الويسكي ويدخنون السيجار. ومما لا ريب فيه أن هذه التصريحات لا يمكن عزلها عن الانتخابات المقبلة التي ستجري بعد حوالي أسبوع. كما لا يمكن عزلها عن المعطيات المالية التي عرضها محافظ مصرف إسرائيل يوم أمس، والتي أشارت إلى أن عجز الموازنة يبلغ ضعف العجز المقرر وأنه يصل إلى 39 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار). وربما لهذا السبب شنّ نتنياهو ورجاله حملة شديدة على أولمرت وديسكين وحتى على صحيفة «يديعوت» وعلى القناة التلفزيونية الثانية. وقد حمل نتنياهو بشدة على أولمرت، وقال إن تصريحاته «بائسة وعديمة المسؤولية من شخص بذّر مليارات على خطة الفصل وعلى اقتلاع اليهود». وأضاف أن «الحملة ضدي جاءت من جانب أنصار خطة الفصل، الذين يحاولون تجنيد العالم ضد إسرائيل في وقت نحاول فيه تجنيد العالم ضد إيران النووية». ولكن المقربين من نتنياهو لم يكتفوا بمثل هذه الاتهامات بل اعتبر بعضهم أن خروج أولمرت إلى حرب لبنان الثانية العام 2006 كان أكبر تبذير لميزانية الدولة. وهاجم مقربو نتنياهو اولمرت، معتبرين أن «هذا انتقاد آخر من اولمرت الذي فشل كرئيس وزراء في اعداد الجيش لحرب لبنان الثانية، مقابل بنيامين نتنياهو الذي عاظم في السنوات الأربع الأخيرة قدرات الدفاع والهجوم للجيش الاسرائيلي». وأضافوا «ليس فقط لم يضع هباء اي شيكل انفق على أمن مواطني اسرائيل، بل إن إسرائيل في السنوات الأربع الأخيرة بنت قدرات مثيرة للانطباع أثبتت نفسها. لقد كان منع السلاح النووي عن ايران ولا يزال الهدف الاول لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو». اما من مكتب وزير الدفاع باراك فجاء الرد بأن «الاستثمار في بناء قدرات عملياتية ليس تبذيرا. فالقدرات التي بنيت تخدم الجيش الاسرائيلي في الصمود في وجه تحديات الحاضر وفي وجه التحديات التي ستتبلور في المستقبل. انتقاد اولمرت ليس دقيقا، وليس مسؤولا». وكان أولمرت قد أعلن في مقابلة تلفزيونية أنه «في العامين الأخيرين أنفقنا في مسائل أمنية أكثر من 11 مليار شيكل على أوهام أمنية لم تنفذ ولن تنفذ». وجاء هذا الكلام في إطار التعليق على ميزانيات إضافية للدفاع أقرت في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست ولم تكن مدرجة في ميزانية الدفاع. وقال إن «الأمر يتعلق بمبالغ تتجاوز بكثير الميزانيات متعددة السنوات. وأنا أؤمن أن الخطوات لن تنفذ لأنهم قالوا لنا إن العام 2012 هو عام الحسم. لقد أخافوا كل العالم وفي نهاية المطاف لم يفعلوا شيئا». وبعد ذلك ألحق أولمرت تصريحاته التلفزيونية بحديث إلى صحيفة «يديعوت» قال فيها إن «غالبية المبلغ المشار إليه لم يذهب لبناء بنى تحتية أو أي شيء يبقى لإسرائيل وإنما ذهب هباء. وهذا العجز سوف تضطر الحكومة المقبلة لتغطيته عن طريق تقليصات مؤلمة»، مضيفاً «ولا مفر، في ضوء الوضع القائم من تقليص ميزانية الدفاع أيضاً لأنه من دون ذلك سوف يتحمل الاقتصاد كله هذه الأعباء». وعاد أولمرت يوم أمس، في محاضرة في معهد «كنيرت لشؤون الأمن والمجتمع» لمهاجمة نتنياهو ووزرائه. وقال «لقد سمعت اليوم وزراء تداعوا وهاجموا أقوالي حول تبذير 11 مليار شيكل فوق ميزانية الدفاع المقررة في عهدي»، مشيراً إلى أن نتنياهو كان أول من قام بالثرثرة حول العملية الإسرائيلية ضد ما أشيع أنه المفاعل النووي السوري في دير الزور. وتساءل متحدثاً عن الضربة الإسرائيلية للمنشأة السورية «هل سمع أحد عنها؟ هل علم أحد بها؟ هل نفخنا في الأبواق؟ ذات صباح نهض شعب إسرائيل ولم يعلم أنه في ليلة باردة حدث أمر كان بوسعه أن يغير، لولا حدوثه، كل نمط حياتنا... ما جرى هناك في سوريا، لم تسمعوا مني كلمة عنه». وشدد رئيس الوزراء السابق على أنه «الآن تعرفون عن 11 مليار، لأني قلت ذلك ولا أتراجع. وعندما يتحدث ديسكسن بصدق وشجاعة، ويقلل الكلام عندما يتحدث، يتحول إلى شخص فاقد ومحبط... لم أسمع أبدا أقوالا قاسية كهذه من أي قائد كبير لكل المؤسسة الأمنية»، لافتاً إلى أنه «مؤخرا تم شراء غواصة من ألمانيا بمبلغ 500 مليون يورو، برغم توصية مكتوبة من قائد سلاح البحرية، وقادة آخرين، بأنه لا حاجة لها. هذا تبذير جنون العظمة، وعليهم أن لا يقولوا إنني ألحق الضرر بأمن الدولة... لقد كنت هناك... ومن واجب أحدنا أن يقول هذا الكلام». تجدر الإشارة إلى أن نقاشا جديا يدور في الأوساط الاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية عن الفرصة التي بددها نتنياهو لتحسين الاقتصاد الإسرائيلي في ظل «الربيع العربي». ويرى البعض أن زوال المخاطر الكبيرة مؤقتا كان بوسعه توفير فرصة لإسرائيل لحل عدد من مشكلاتها المالية والاجتماعية بدل الإنفاق ببذخ على المؤسسة العسكرية واختراع مخاطر.

المصدر : السفير/حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة