عندما زار مرجع لبناني فرنسا قبل نهاية العام المنصرم، وعقد لقاءات مع صناع القرار الفرنسي وفي مقدمهم الرئيس فرنسوا هولاند، لخص أمام مقربين منه ما خلص اليه من استنتاجات حول النظرة الفرنسية للوضع السوري بالقول: ان فرنسا وديبلوماسيتها دهشت بصمود الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه وجيشه حتى اللحظة، وتعترف بخسارتها الرهان على سقوط الاسد، وهي في العام 2013 ستعيد النظر بدبلوماسيتها الخارجية وسترسم استراتيجية جديدة للتعاطي مع سوريا، مغايرة للإستراتيجية السابقة نتيجة تطورين أساسيين وهما: صمود الاسد وتماسك جيشه وتغلغل السلفيين وتنظيم القاعدة في سوريا وما يشكله من تهديد جدي للدول الاوروبية.

هذه المقاربة تلتقي مع ما كشفته شخصية لبنانية رفيعة على علاقة صداقة مع كبار المسؤولين الفرنسيين لـ«السفير» والتي سردت الوقائع التالية: عندما بدأ "الحراك الشعبي" قبل نحو عامين في سوريا، كان نيكولا ساركوزي لا زال رئيساً لفرنسا، وبعد أربعة أشهر من بدء الحراك وانتقاله بسرعة الى المواجهة المسلحة، التقيت (أي الشخصية اللبنانية الرفيعة) مع ساركوزي الذي تربطني به صداقة شخصية، وسألته عن نظرته لما يحصل في سوريا وكيف سينتهي الوضع فيها، هل على غرار ما انتهى اليه الوضع في مصر وتونس وليبيا او على غرار ما انتهى اليه الوضع في اليمن؟ فكان جواب ساركوزي مقتضبا ومعبّرا حين قال «الوضع في سوريا متجه الى لا غالب ولا مغلوب»، فقلت له «ما بالك يا صديقي تستذكر مقولة الرئيس الراحل صائب سلام التي اطلقها بعد احداث عام 1958»، فرد ساركوزي باقتضاب «ستنتهي الامور في سوريا على الشكل التالي: لن تهزم «14 آذار» ولن تربح «8 آذار».

ويقول المصدر «عندها فهمت ان الامور في سوريا ذاهبة نحو طائف سوري على غرار الطائف اللبناني، وان ما قصده ساركوزي هو ان كلا من الرئيس السوري واركان نظامه الذين هم بمثابة «8 آذار» سورية إضافة الى اركان المعارضة الذين هم بمثابة «14 آذار» سورية سيكونان معا وجها الى وجه الى طاولة مستديرة ترعاها واشنطن وباريس من جهة وموسكو وبكين من جهة ثانية بحضور الدول الاقليمية المؤثرة أي تركيا وإيران».

ويوضح المصدر «انه منذ اسبوعين التقى بالرئيس ساركوزي الذي أصبح خارج الاليزيه ولكنه لا يزال على تواصل مع منظومة القرار الدولي نتيجة علاقاته الفاعلة وموقعه السياسي المتقدم داخل التركيبة الفرنسية، وكان اللقاء أيضا في باريس، وسألته عما اذا كان لا زال عند معلوماته التي ابلغني بها قبل حوالي سنتين حول سوريا، فقال لي ساركوزي متعجباً «وماذا تغير في المشهد السوري؟!». واضاف مستدركا «على العكس ان مجريات الاحداث العسكرية الدراماتيكية والتي اظهرت عجز اي من الطرفين على حسم الوضع لصالحه بشكل نهائي وصريح، يزيدني تمسكا بما قلته لك قبل نحو سنتين عما ستؤول اليه الاوضاع في سوريا».

والجديد الذي قاله ساركوزي، حسب المصدر، انه نبه محدّثه اللبناني الى ناحية مهمة جدا قائلا له: «الشيء الجديد الذي حصل على المستوى السوري منذ لقائنا في الاليزيه قبل نحو سنتين والى اليوم، هو ان اطرافا لبنانية انغمست عن جهل او عن سابق تصور وتصميم في الاحداث السورية، وهذا خطأ كبير يجب استدراكه والعودة الى التمسك بالموقف الرسمي اللبناني المتمثل بالنأي عن أحداث سوريا لتبقى الساحة اللبنانية محصّنة من تأثيرات الداخل السوري عليها».

ويختم المصدر بالقول «ربما البعض يتعجب ويهزأ بكلام ساركوزي وقد يصفه بالكلام الساذج، ولكن علينا عدم النشوة بقوة لا نمتلكها، صحيح ان اوروبا ضعيفة على مستوى القرار الدولي ودورها في التسوية في الشرق الاوسط خير دليل، الا ان ذلك لا يعني ان ما يقوله اي مسؤول اوروبي غير صحيح».

  • فريق ماسة
  • 2013-01-13
  • 8112
  • من الأرشيف

مرجع لبناني :فرنسا دهشت بصمود الرئيس الاسد ونظامه وجيشه وتعترف بخسارتها الرهان

عندما زار مرجع لبناني فرنسا قبل نهاية العام المنصرم، وعقد لقاءات مع صناع القرار الفرنسي وفي مقدمهم الرئيس فرنسوا هولاند، لخص أمام مقربين منه ما خلص اليه من استنتاجات حول النظرة الفرنسية للوضع السوري بالقول: ان فرنسا وديبلوماسيتها دهشت بصمود الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه وجيشه حتى اللحظة، وتعترف بخسارتها الرهان على سقوط الاسد، وهي في العام 2013 ستعيد النظر بدبلوماسيتها الخارجية وسترسم استراتيجية جديدة للتعاطي مع سوريا، مغايرة للإستراتيجية السابقة نتيجة تطورين أساسيين وهما: صمود الاسد وتماسك جيشه وتغلغل السلفيين وتنظيم القاعدة في سوريا وما يشكله من تهديد جدي للدول الاوروبية. هذه المقاربة تلتقي مع ما كشفته شخصية لبنانية رفيعة على علاقة صداقة مع كبار المسؤولين الفرنسيين لـ«السفير» والتي سردت الوقائع التالية: عندما بدأ "الحراك الشعبي" قبل نحو عامين في سوريا، كان نيكولا ساركوزي لا زال رئيساً لفرنسا، وبعد أربعة أشهر من بدء الحراك وانتقاله بسرعة الى المواجهة المسلحة، التقيت (أي الشخصية اللبنانية الرفيعة) مع ساركوزي الذي تربطني به صداقة شخصية، وسألته عن نظرته لما يحصل في سوريا وكيف سينتهي الوضع فيها، هل على غرار ما انتهى اليه الوضع في مصر وتونس وليبيا او على غرار ما انتهى اليه الوضع في اليمن؟ فكان جواب ساركوزي مقتضبا ومعبّرا حين قال «الوضع في سوريا متجه الى لا غالب ولا مغلوب»، فقلت له «ما بالك يا صديقي تستذكر مقولة الرئيس الراحل صائب سلام التي اطلقها بعد احداث عام 1958»، فرد ساركوزي باقتضاب «ستنتهي الامور في سوريا على الشكل التالي: لن تهزم «14 آذار» ولن تربح «8 آذار». ويقول المصدر «عندها فهمت ان الامور في سوريا ذاهبة نحو طائف سوري على غرار الطائف اللبناني، وان ما قصده ساركوزي هو ان كلا من الرئيس السوري واركان نظامه الذين هم بمثابة «8 آذار» سورية إضافة الى اركان المعارضة الذين هم بمثابة «14 آذار» سورية سيكونان معا وجها الى وجه الى طاولة مستديرة ترعاها واشنطن وباريس من جهة وموسكو وبكين من جهة ثانية بحضور الدول الاقليمية المؤثرة أي تركيا وإيران». ويوضح المصدر «انه منذ اسبوعين التقى بالرئيس ساركوزي الذي أصبح خارج الاليزيه ولكنه لا يزال على تواصل مع منظومة القرار الدولي نتيجة علاقاته الفاعلة وموقعه السياسي المتقدم داخل التركيبة الفرنسية، وكان اللقاء أيضا في باريس، وسألته عما اذا كان لا زال عند معلوماته التي ابلغني بها قبل حوالي سنتين حول سوريا، فقال لي ساركوزي متعجباً «وماذا تغير في المشهد السوري؟!». واضاف مستدركا «على العكس ان مجريات الاحداث العسكرية الدراماتيكية والتي اظهرت عجز اي من الطرفين على حسم الوضع لصالحه بشكل نهائي وصريح، يزيدني تمسكا بما قلته لك قبل نحو سنتين عما ستؤول اليه الاوضاع في سوريا». والجديد الذي قاله ساركوزي، حسب المصدر، انه نبه محدّثه اللبناني الى ناحية مهمة جدا قائلا له: «الشيء الجديد الذي حصل على المستوى السوري منذ لقائنا في الاليزيه قبل نحو سنتين والى اليوم، هو ان اطرافا لبنانية انغمست عن جهل او عن سابق تصور وتصميم في الاحداث السورية، وهذا خطأ كبير يجب استدراكه والعودة الى التمسك بالموقف الرسمي اللبناني المتمثل بالنأي عن أحداث سوريا لتبقى الساحة اللبنانية محصّنة من تأثيرات الداخل السوري عليها». ويختم المصدر بالقول «ربما البعض يتعجب ويهزأ بكلام ساركوزي وقد يصفه بالكلام الساذج، ولكن علينا عدم النشوة بقوة لا نمتلكها، صحيح ان اوروبا ضعيفة على مستوى القرار الدولي ودورها في التسوية في الشرق الاوسط خير دليل، الا ان ذلك لا يعني ان ما يقوله اي مسؤول اوروبي غير صحيح».

المصدر : داود رمال - السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة