تعكس المواقف والتحركات الأخيرة بشأن الأزمة السورية، ملامح حلّ يجري العمل على إنضاجه، بعد أن أخذت واشنطن وحلفاؤها يشعرون ويلمسون بأن حربهم على سورية منذ ما يقارب السنتين لم تحقّق هدفها، وأن النظام السوري بدأ أخيراً يحرز تقدماً واضحاً على الأرض بفضل بسالة ووحدة الجيش السوري والتفاف الشعب حوله، رغم كل الدعم المقدّم للمجموعات المعارضة المسلّحة، أكان من حيث التسليح والعتاد أو من حيث إرسال المرتزقة.

ويلاحظ في الأيام الأخيرة، أن أوساط الإدارة الأميركية تحرص على تسريب أو توزيع المعلومات عن ترتيبات لعقد لقاءات واجتماعات على المستوى الدولي والإقليمي، من أجل التوصّل إلى إنهاء العنف وبلورة حلّ للأزمة في سورية.

ويقول مصدر سياسي مطّلع، إن هذه اللهجة والطريقة الأميركية لم تكن قائمة في السابق، لا بل إن واشنطن هي التي كانت تعمل على عرقلة الجهود المبذولة لتحقيق حلّ سياسي للوضع السوري، وهي التي شجّعت حلفاءها في المنطقة للاستمرار في التصعيد ودعم المسلّحين المعارضين بالمال والسلاح.

ويضيف، بأن إدارة الرئيس أوباما وجدت نفسها تصطدم بحائط صلب يتمثّل بصمود النظام والشعب والجيش السوري، وبثبات مواقف حلفاء دمشق وفي مقدمهم روسيا والصين وإيران. لا بل أن نتائج المواجهات الميدانية الأخيرة بين الجيش السوري والمجموعات المسلّحة ومنها "جبهة النصرة"، الوجه الآخر لتنظيم "القاعدة" في المنطقة، أسقطت أوهام الإدارة الأميركية وأعوانها في النيل من سورية وإلحاق ضربة قاصمة للنظام فيها.

ويقول المصدر، نقلاً عن معلومات دبلوماسية مؤكّدة، إن الحراك الجاري في شأن حلّ الأزمة السورية وصل إلى مرحلة البحث في ملامح وعناصر الحلّ السياسي، وإن ما جرى في اللقاءات والاجتماعات، بالإضافة إلى التحركات الجارية على الصعيد الدولي والإقليمي حتى الآن لم تؤدّ بعد إلى بلورة صياغة الحلّ، غير أنه يمكن القول إن الجهود المبذولة أخيراً أدت للانتقال إلى مرحلة جديدة يمكن التأسيس عليها لولادة الحلّ السياسي.

وبرأي المصدر، أن هناك علامات وعناصر عديدة تسجّل لصالح النظام السوري أخيراً أبرزها:

1 ـ لمس الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي من القيادة السورية أنها ثابتة على مواقفها رغم انفتاحها على الحلّ السياسي، الذي يضمن سيادة سورية في وجه أي حلّ يُفرض عليها، وأن هذه الثقة لديها لم تتأثّر بكل الحملة الشعواء، التي تتعرّض لها إن على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الإعلامي.

2 ـ أكّد حلفاء دمشق لا سيّما روسيا، مواقفهم الثابتة ضد أي تدخّل عسكري في سورية، أو فرض أي حلّ خارجي على حساب السيادة السورية، وأبلغوا الأطراف الأخرى رفض أي صيغة تتعارض مع موقف القيادة السورية وإرادة الشعب السوري.

3 ـ أخذت التطورات الأخيرة تفعل فعلها في "المعسكر" المعادي لسورية، إن من حيث الإرباك الحاصل والتفاوت في المواقف بين دول هذا المعسكر، او من حيث تراجع وفشل المؤتمرات التي عقدتها هذه الدول على مدى الأزمة وحتى الآن.

4 ـ ولعل العنصر الأبرز الذي يسجل لصالح النظام هو ما حققه الجيش السوري في الأسابيع الماضية من انتصارات حاسمة على المعارضة المسلّحة، لا سيّما من خلال المفصل الميداني البارز المتمثّل بإفشال الهجوم على العاصمة دمشق ودحر المجموعات المسلّحة بعد تكبيدها خسائر بشرية كبيرة، وإلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين.

ووفق معلومات المصدر، فإن الجيش السوري استطاع أخيراً توجيه ضربات قوية وقاصمة للمجموعات الإرهابية المسلحة و"جبهة النصرة"، ليس من حيث القضاء على العديد منها ودحرها عن مساحات جغرافية كبيرة فحسب، بل من حيث القضاء على رؤوسها وقياداتها وغرق عملياتها في العديد من المناطق.

وتقول المعلومات إن ما حققه الجيش السوري في منطقة حمص بتطهير منطقة بعلبة ليس مجرد إعادة السيطرة على هذه المنطقة فحسب، بل هو إنجاز عسكري مهم يتمثّل بالقضاء على قيادة المجموعات المسلّحة المتطرّفة في المنطقة الوسطى مع عدد كبير من المسلّحين والمرتزقة.

كما أن ما قام به الجيش في ريف دمشق جنوباً يعتبر إنجازاً حاسماً يتمثّل بتطهير مدينة داريا، التي ستعلن قريباً منطقة آمنة بعد القضاء على قيادة المجموعات المتطرفة في كل المنطقة وقتل وإصابة المئات من المسلّحين، الذين كانوا يتحصنون في هذه المدينة التي يبلغ تعداد سكانها ما يزيد عن الثلاثمئة ألف نسمة.

وتضيف المعلومات وفق المصدر نفسه، أنه بعد إعلان داريا منطقة آمنة يمكن القول إن المناطق والقرى المحيطة بالسيدة زينب والقرى المجاورة، ستصبح بحكم الساقطة في قبضة الجيش السوري، حيث أخذت المجموعات المسلّحة تعيش حالة من الضياع والإرباك في ظل فرار المئات منهم وتراجعهم أمام الضربات التي يواجهونها.

من هنا تكمن الثقة التي لمسها الإبراهيمي لدى المسؤولين السوريين والتي هي عكس ما كان الموفد الدولي يتصوره قبل زيارته الأخيرة الى دمشق، بسبب الحملة الإعلامية التي تتعرّض لها سورية على كل المستويات منذ بدء الأزمة وحتى اليوم، والتي تشارك فيها واشنطن والعديد من وسائل الإعلام الأوروبي والفضائيات العربية المعروفة.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-01-04
  • 11694
  • من الأرشيف

الأزمة السورية في مرحلة "ملامح حلّ".. وواشنطن مصدومة لفشل حملتها

تعكس المواقف والتحركات الأخيرة بشأن الأزمة السورية، ملامح حلّ يجري العمل على إنضاجه، بعد أن أخذت واشنطن وحلفاؤها يشعرون ويلمسون بأن حربهم على سورية منذ ما يقارب السنتين لم تحقّق هدفها، وأن النظام السوري بدأ أخيراً يحرز تقدماً واضحاً على الأرض بفضل بسالة ووحدة الجيش السوري والتفاف الشعب حوله، رغم كل الدعم المقدّم للمجموعات المعارضة المسلّحة، أكان من حيث التسليح والعتاد أو من حيث إرسال المرتزقة. ويلاحظ في الأيام الأخيرة، أن أوساط الإدارة الأميركية تحرص على تسريب أو توزيع المعلومات عن ترتيبات لعقد لقاءات واجتماعات على المستوى الدولي والإقليمي، من أجل التوصّل إلى إنهاء العنف وبلورة حلّ للأزمة في سورية. ويقول مصدر سياسي مطّلع، إن هذه اللهجة والطريقة الأميركية لم تكن قائمة في السابق، لا بل إن واشنطن هي التي كانت تعمل على عرقلة الجهود المبذولة لتحقيق حلّ سياسي للوضع السوري، وهي التي شجّعت حلفاءها في المنطقة للاستمرار في التصعيد ودعم المسلّحين المعارضين بالمال والسلاح. ويضيف، بأن إدارة الرئيس أوباما وجدت نفسها تصطدم بحائط صلب يتمثّل بصمود النظام والشعب والجيش السوري، وبثبات مواقف حلفاء دمشق وفي مقدمهم روسيا والصين وإيران. لا بل أن نتائج المواجهات الميدانية الأخيرة بين الجيش السوري والمجموعات المسلّحة ومنها "جبهة النصرة"، الوجه الآخر لتنظيم "القاعدة" في المنطقة، أسقطت أوهام الإدارة الأميركية وأعوانها في النيل من سورية وإلحاق ضربة قاصمة للنظام فيها. ويقول المصدر، نقلاً عن معلومات دبلوماسية مؤكّدة، إن الحراك الجاري في شأن حلّ الأزمة السورية وصل إلى مرحلة البحث في ملامح وعناصر الحلّ السياسي، وإن ما جرى في اللقاءات والاجتماعات، بالإضافة إلى التحركات الجارية على الصعيد الدولي والإقليمي حتى الآن لم تؤدّ بعد إلى بلورة صياغة الحلّ، غير أنه يمكن القول إن الجهود المبذولة أخيراً أدت للانتقال إلى مرحلة جديدة يمكن التأسيس عليها لولادة الحلّ السياسي. وبرأي المصدر، أن هناك علامات وعناصر عديدة تسجّل لصالح النظام السوري أخيراً أبرزها: 1 ـ لمس الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي من القيادة السورية أنها ثابتة على مواقفها رغم انفتاحها على الحلّ السياسي، الذي يضمن سيادة سورية في وجه أي حلّ يُفرض عليها، وأن هذه الثقة لديها لم تتأثّر بكل الحملة الشعواء، التي تتعرّض لها إن على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الإعلامي. 2 ـ أكّد حلفاء دمشق لا سيّما روسيا، مواقفهم الثابتة ضد أي تدخّل عسكري في سورية، أو فرض أي حلّ خارجي على حساب السيادة السورية، وأبلغوا الأطراف الأخرى رفض أي صيغة تتعارض مع موقف القيادة السورية وإرادة الشعب السوري. 3 ـ أخذت التطورات الأخيرة تفعل فعلها في "المعسكر" المعادي لسورية، إن من حيث الإرباك الحاصل والتفاوت في المواقف بين دول هذا المعسكر، او من حيث تراجع وفشل المؤتمرات التي عقدتها هذه الدول على مدى الأزمة وحتى الآن. 4 ـ ولعل العنصر الأبرز الذي يسجل لصالح النظام هو ما حققه الجيش السوري في الأسابيع الماضية من انتصارات حاسمة على المعارضة المسلّحة، لا سيّما من خلال المفصل الميداني البارز المتمثّل بإفشال الهجوم على العاصمة دمشق ودحر المجموعات المسلّحة بعد تكبيدها خسائر بشرية كبيرة، وإلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين. ووفق معلومات المصدر، فإن الجيش السوري استطاع أخيراً توجيه ضربات قوية وقاصمة للمجموعات الإرهابية المسلحة و"جبهة النصرة"، ليس من حيث القضاء على العديد منها ودحرها عن مساحات جغرافية كبيرة فحسب، بل من حيث القضاء على رؤوسها وقياداتها وغرق عملياتها في العديد من المناطق. وتقول المعلومات إن ما حققه الجيش السوري في منطقة حمص بتطهير منطقة بعلبة ليس مجرد إعادة السيطرة على هذه المنطقة فحسب، بل هو إنجاز عسكري مهم يتمثّل بالقضاء على قيادة المجموعات المسلّحة المتطرّفة في المنطقة الوسطى مع عدد كبير من المسلّحين والمرتزقة. كما أن ما قام به الجيش في ريف دمشق جنوباً يعتبر إنجازاً حاسماً يتمثّل بتطهير مدينة داريا، التي ستعلن قريباً منطقة آمنة بعد القضاء على قيادة المجموعات المتطرفة في كل المنطقة وقتل وإصابة المئات من المسلّحين، الذين كانوا يتحصنون في هذه المدينة التي يبلغ تعداد سكانها ما يزيد عن الثلاثمئة ألف نسمة. وتضيف المعلومات وفق المصدر نفسه، أنه بعد إعلان داريا منطقة آمنة يمكن القول إن المناطق والقرى المحيطة بالسيدة زينب والقرى المجاورة، ستصبح بحكم الساقطة في قبضة الجيش السوري، حيث أخذت المجموعات المسلّحة تعيش حالة من الضياع والإرباك في ظل فرار المئات منهم وتراجعهم أمام الضربات التي يواجهونها. من هنا تكمن الثقة التي لمسها الإبراهيمي لدى المسؤولين السوريين والتي هي عكس ما كان الموفد الدولي يتصوره قبل زيارته الأخيرة الى دمشق، بسبب الحملة الإعلامية التي تتعرّض لها سورية على كل المستويات منذ بدء الأزمة وحتى اليوم، والتي تشارك فيها واشنطن والعديد من وسائل الإعلام الأوروبي والفضائيات العربية المعروفة.    

المصدر : محمد ابراهيم\ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة