دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تدور في سوريا حرب منذ سنة بين المعارضة التي بدأت سلمية ثم اصبحت مسلحة وبين الجيش السوري النظامي، وعنوان الخلاف او الصراع هو الديموقراطية في سوريا. لكن ثبُت ان الديموقراطية لدى الاخوان المسلمين، كما رأيناها في مصر، هي ديكتاتورية، متشددة، غير قابلة للمراجعة لانها تستند الى الشريعة الاسلامية، وبالتالي الى كلام الله، سبحانه تعالى، وبالتالي لا يمكن النقاش او الجدل في موضوع الدستور الذي ينطلق من الشريعة الاسلامية.
ماذا فعل الرئيس الدكتور بشار الاسد ضد العرب، كي تقوم كل الدول العربية وتطرد سوريا من الجامعة العربية وتقاطعها وتطلب من مصارفها اغلاق كل معاملاتها مع سوريا، هل قامت سوريا بحرب ضد دولة عربية، ام ان سوريا عندما احتل صدام حسين الكويت من اجل الا يقوم الجيش الاميركي وحده بتحرير الكويت ارسلت العماد علي حبيب مع فرقة سورية لتحرير ارض الكويت، ويومها قال الرئيس حافظ الاسد، رحمه الله، لا يمكن القبول بالغاء دولة عربية عن الخارطة، لان رئيس دولة قرر ذلك، وفي ذات الوقت ارسل الرئيس حافظ الاسد رسالة الى الرئيس صدام حسين طالبه بالانسحاب من الكويت، وقال له ربّ قائل انك اذا انسحبت من الكويت سيهاجمونك في العراق.
واضاف الرئيس الراحل حافظ الاسد، رحمه الله، اننا قطعنا عهداً على أنفسنا في سوريا، سنخوض حربا الى جانب العراق، واي اعتداء على العراق اذا انسحبت من الكويت، ويومها كان رد الرئيس صدام حسين، عدم التعليق على الرسالة، وقال في خطاب يا نشاما العراق تحضروا للحرب الكبرى.
ماذا فعلت سوريا ضد مصر، ماذا فعلت سوريا ضد الاردن، الاردن يأخذ 90 مليون متر مكعب كل يوم من سوريا، رغم الجفاف في سوريا، ماذا فعلت سوريا ضد العراق، استقبلت ثلاثة ملايين لاجىء عراقي ودفعت اميركا للاردن بدل اللاجئين ولم تدفع لسوريا اي قرش وعلى كل حال رفضت سوريا النقاش مع الولايات المتحدة بشأن المساعدة للاجئين طالما ان سوريا رفضت العراق من خلال خطاب الرئيس بشار الاسد في شرم الشيخ.
ويومها قال الرئيس بشار الاسد طيب نريد ان نبحث الان يقولون يجب اسقاط صدام حسين، لان لديه اسلحة، ماذا يضمن لنا انهم سيطلبون بعدها مطالب اخرى، هل لديكم ضمانة، ولانه شاب ورئيس جمهورية ويتكلم مع ملوك ورؤساء اكبر منه في السن 20 و30 سنة، كانت النبرة اننا لا نحتاج الى دروس من رئيس جمهورية جديد في سوريا.
ماذا فعلت سوريا مع العرب، هل تعرف الدول العربية ان سوريا هي الدولة الوحيدة العربية المسموح دخولها من كل الدول العربية دون تأشيرة دخول، هل يعرف العرب ان اي عربي يستطيع شراء المساحة التي يريدها وتصبح ملكاً شرعياً ورسمياً له. هل تعلم الدول العربية عندما تكون موازنة السعودية وحدها 451 مليار دولار، من خلال انتاج البترول والمداخيل الاخرى ومداخيل الحج والضرائب وغيرها، ان موازنة سوريا هي 11 مليار دولار، تصرف منها 6 مليارات على جيشها وتسليحه وتدريبه، هل يعرف العرب ان ميزانية الامارات هي 122 مليار دولار في بلد ليس فيه اكثر من 800 الف نسمة، بينما سوريا ولبنان سوية اصبحت موازنتهما 23 مليار دولار، لبنان 12 ملياراً وسوريا 11 ملياراً، ومع ذلك لا يقدمون قرشاِ للدعم، نحن نقدم الدماء دفاعا عن ارض الجنوب ونحررها، ولكن ليكفوا عنا ويصفوننا بأننا مراهقون. اذا كانت سوريا تدفع 6 مليارات، 200 مليون دولار من مداخيلها لتبقي جيشها على درع اسرائيل، ولا احد في سوريا موعود انه قادر على الانتصار على اسرائيل، لكن كل استراتيجية سوريا هي ان تجعل اسرائيل تدفع ثمناً باهظا اذا هاجمت سوريا، واذا هاجمت لبنان كما حصل في 12 تموز، فعلى ماذا تقوم الدول العربية وتطرد سوريا من الجامعة العربية ويصبح الشيخ حمد رئيس وزراء قطر يدير حملة قطرية صهيونية خليجية وضد سوريا، لان سوريا لها موقف عربي واضح رفضت ابعاد حركة حماس من دمشق يوم وافق الملك حسين على الخضوع لشروط كولين باول لابعاد حركة حماس، ومصر رفضت حركة حماس وكل الدول العربية رفضت حركة حماس، فقامت سوريا باعطاء مكتب لها في قلب دمشق، وكان الحديث حرفياً مع الرئيس حافظ الاسد بينه وبين وزير الخارجية كولن باول، عندما قال له ان حركة حماس متواجدة في سوريا على قاعدة مدنية سلمية اعلامية، وهي ليس لها قواعد للتدريب والقتال. ومع ذلك اصر كولين باول ان المبدأ ليس وجود مخيمات تدريب لحماس في سوريا، فنحن نعرف ان ليس لديهم قواعد ولكن نحن نعتبر ان حماس ارهابية، والدولة التي تعتبر حماس وتعطيها مكاتب وحصانة ديبلوماسية، تكون تدعم حركة ارهابية، وكان جواب الرئيس الاسد ان حماس بالنسبة لنا هي حركة نضالية وليست ارهابية، وذهب كولين باول وصدرت كل الوعود والتهديدات بأن سوريا على باب اجتياح الجيش الاميركي.
وتبدّل الزمن وبقيت سوريا على موقفها، أليس من العار ان تكون دمشق وجبل قاصيون وحمص وحماة وحلب ودرعا والقامشلي ودمشق وجبل الشيخ وجبل العرب ارضاً يتخذ فيها رئيس وزراء قطر قراراً مع مجموعة حوله يقبضون اموالا والذي لا يقبض اموالا مرتبط بأميركا، وبطرد سوريا وهم لا نضال ولا تاريخ نضال لهم، بينما سوريا دفعت اكبر ثمن في نضالها ضد اسرائيل، وما زالت.
في اخر اجتماع بين الرئيس الراحل حافظ الاسد والرئيس كلينتون، طلب الرئيس كلينتون اثناء عودته من آسيا ان يجتمع بالرئيس حافظ الاسد، فتم الاتفاق على الاجتماع في جنيف، وكانت لعبة موساد، حضر كلينتون وحضر الرئيس حافظ الاسد، وجلسا في فندق «انتركونتيننتال» امضى الرئيس حافظ الاسد يومين، اليوم الذي وصل فيه وثالث يوم عاد فيه الى سوريا، لان صحته لم تكن جيدة. وطرح عليه الرئيس كلينتون القبول للمرة الاخيرة بأن تكون حدود سوريا الى ضفة بحيرة طبريا، شرط الا يدخل احد الى بحيرة طبريا، فوقف الرئيس حافظ الاسد وقال هنالك مطالب اميركية او افكار اميركية جديدة، انك تعيد لي الكلام الاسرائيلي، اعتذر منك انتهى الاجتماع. ووقف الرئيس حافظ الاسد، فتفاجأ كلينتون، والوزيرة بثينة شعبان، والناطق الرسمي جبران كورية كانا في الاجتماع ويشهدان على هذا الاجتماع وعلى كل حال الكلام مسجل، وهم يستطيعون الرد على الديار وتكذيبها، انما اللعبة كانت ان الموساد جهز في الفندق ادوات كي يحصل على فحص البول والخروج للرئيس حافظ الاسد، ويقوم خبراء بدراسة كم سيعيش الرئيس حافظ الاسد من زمن بسبب المرض الذي يعيشه ويتم معالجته. وتم تصميم كل ذلك على هذا الاساس الى ان اكتشف الامر صحافي سويسري جاء بالخبر من المخابرات السويسرية.
على كل حال، سوريا فضلها على العرب كله، والعروبة من دون سوريا ليست عروبة، اما بما يتعلق بلبنان، فعيب ان يسجل في تاريخنا وان نسمع اصواتاً تشير الى العار ان المطلوب طرد او اعادة النازحين السوريين الى بلادهم او توزيعهم على بلدان عربية اخرى، وان يعقد وزير مؤتمراً صحافياً يعلن عن خطر اللاجئين الذين جاؤوا نتيجة حرب طاحنة في بلادهم، وتحت ضغط الدم والدمار والخراب لجأوا الى لبنان، كما لجأنا نحن سنة 2006 وحتى كما لجأ لبنانيون في حرب عون وجعجع فمن العار على جبران باسيل وغيره، فوق جرح اللاجىء السوري الذي يشعر بجرح بليغ وهو بعيد عن ارضه، ان يقول له بلد عربي شقيق مصيره واحد معه لا اريدك اخرج من البيت. اذا كان هنالك من عار، هو اصوات هؤلاء الذين يطالبون بطرد اللاجئين السوريين ومنعهم من دخول لبنان.
حتى في حرب الملك حسين، ضد الفلسطينيين، سنة 1970، وكانت حكومة وصف التل تشن اكبر حرب على الفلسطينيين، قام الفلسطينيون بعدما حاصرهم الجيش الاردني بالسباحة من العقبة باتجاه ميناء ايلات، واستقبلتهم اسرائيل ولم تعتبرهم اسرى وعندما انتهى النزاع بين الاردن والفلسطينيين قامت اسرائيل بتسليمهم الى البلد الذي طلبوه ثم جاؤوا الى لبنان.
هذا تصرف العدو الاسرائيلي مع اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا تحت الحملة العسكرية الاردنية، فكيف اذا كان اللاجىء عربياً واخاً، ومصيرنا واحد وارضنا واحدة والانهر واحدة والجبال متواصلة، والثلوج التي تنهمر في لبنان وسوريا تكوّن خزانات المياه التي نشرب كلنا منها لبنانيون وسوريون.
نحن بالنتيجة نقول، ونردد كلام فيروز الذي كتبه سعيد عقل «شآم اهلك احبابي».
المصدر :
الديار\ شارل ايوب
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة