الحلقة التلفزيونية للاستاذ محمد حسنين هيكل ليلة أمس كشفت معلومات هامة عن وثائق وإستراتيجيات حفلت بها قمتا حلف الناتو في كل من ستراسبورغ 2009 ولشبونة 2010 حول مستقبل تحديات الشرق الأوسط .

يزيد كلام هيكل كما تزيد اوراق أولبرايت وضوح الرؤيا لجهة ما جرى تدبيره وما كنا نقوله عن الخطط المعدة سلفا للحرب على سوريا وأهدافها ووقائعها تقول :

- خطة المدى العثماني العضوي وسوريا مدخله للعالم العربي تصبحالعقدة الأبرز

- رؤيا مستقبلية لأمن إسرائيل وفي سوريا الخيار القومي قادر على المقاومة

- مشروع تدجين الجيوش وتفكيكها ومقاومة الجسد العسكري السوري أظهرت مناعة عالية

مضى الزمن المسموح للحرب كي تحقق اهدافها والمطلوب واضح :

- أن سوريا صارت جزءا من المدى الحيوي لروسيا

- ان التقدم في الملف النووي الإيراني يتوقف على تسوية تشمل سوريا

- أن الإسلام السياسي الذي بدت تركيا اردوغان نموذجا مغريا له ليس كذلك عربيا وخطر الإرهاب داهم

إجتماعات روسية أميركية خلال ايام تطلق صفارة بدء السياسة

أنهكوا سوريا هذا صحيح لكن سوريا غيرت وجه العالم في القرن الواحد والعشرين .

النص كامل:

الحلقة التلفزيونية للاستاذ محمد حسنين هيكل ليلة أمس على قناة سي بي سي المصرية كشفت معلومات هامة عن وثائق وإستراتيجيات حفلت بها قمتا حلف الناتو في كل من ستراسبورغ 2009 ولشبونة 2010 حول مستقبل تحديات الشرق الأوسط .

أبرز المعلومات التي حملتها قمم الناتو كانت رسم إستراتيجية تولت صياغتها مادلين أولبرايت ولعب فيها الصهيوني برنارد لويس دورا أساسيا .

النقاشات كما نجد بعضها لدى مراكز دراسات اميركية متخصصة تمحورت حول ما سبق وكتبت الكثير عنه حول ثنائية تركيا والأخوان المسلمين والحلم العثماني من جهة و إستنزاف طاقة العالم الإسلامي وتياراته الدينية بحروب مذهبية على نمط الحروب الدينية التي إجتاحت أوروبا لمئتي عام من جهة ثانية .

الأهم في الخلاصات هو وكالة تركيا بإدارة ملفات سوريا والعراق لحساب الأطلسي بما يعنيه ذلك من إطلاق للعصبيات وإدارة للتفتيت من جهة ، وتجنب بلوغ الحافة التي يقترحها لويس برسم خريطة جديدة للكيانات تطابق خريطتها المذهبية والعرقية لتجنب مخاطر تقسيم السعودية وتركيا من جهة أخرى .

الصعود الروسي المتصدي بقوة وعناد كان مفاجئا للخطط خصوصا بعد الخداع الأميركي في الحالة الليبية التي يراها هيكل أول خطوط الخطة بعد مفاجأة ثورات تونس ومصر للغرب والتعامل معها بحواضر البيت .

يزيد كلام هيكل كما تزيد اوراق أولبرايت وضوح الرؤيا لجهة ما جرى تدبيره وما كنا نقوله عن الخطط المعدة سلفا للحرب على سوريا .

الحرب جزء من تصفية ميراث ما سمته أولبرايت لف السجادة القديمة المتبقية من الحرب الباردة والأنظمة ذات الجذور العسكرية التي رافقتها ، لكنها اخطات في الحالة السورية فمشهد وجود نصف المصريين في الشوارع لم يتكرر في سوريا إلا معكوسا وبدا النظام ذو شعبية لا يستهان بها الحرب ضمن خطة المدى العثماني العضوي وسوريا مدخله للعالم العربي ، لكنها تظهر ان سوريا العقدة الأبرز في هذا التدفق العثماني ، وحلب تكون الشاهد الأبرز في رفض الإستجابة لنداءات المذهبية وإغراءات المال القطري والسعودي ، ويبرز مسلمو سوريا من السنة أشد وطنية مما تصورتهم الخطط تحت تأثير الإستثمار المفرط للدين والمذاهب .

الحرب ضمن رؤيا مستقبلية لأمن إسرائيل عبر ضمانات خليجية تركية لما بعد العاصفة بشراكة الأخوان المسلمين في تعميم جدران السلام والأمن مع إسرائيل ، لكن التاريخ و الثقافة والخيارات في سوريا تستند إلى ذكاء سياسي حاد لدى السوريين ، وتعلق بالخيار القومي لم يحسب له الحساب جيدا فتعثر المشروع في منتصف الطريق .

الحرب ضمن مشروع تدجين الجيوش وتفكيكها وإعادة هيكلتها ، ومقاومة الجسد العسكري السوري أظهرت مناعته وقوته وصلابته وقدرته على المواجهة بما لم يتوفر للجيشين الصربي والعراقي في حربي القرن العشرين والواحد والعشرين .

الخطط الكبرى في التاريخ تغير وجهتها حسابات الجغرافيا ، فالتسرع في إستنتاج سقوط نظام الرئيس بشار الأسد قياسا على ما جرى في تونس ومصر كان خطأ فادحا ، فتفرغ الباحثين لرسم مستقبل سوريا ما بعد الأسد كان ترفا بلا قيمة ، وإذ كل ما بحثوه وخططوه بات بلا جدوى ، و كل ما بنوه على تحييد روسيا كفرضية حتمية لمجرد إراحة روسيا في جوارها المباشر تهاوى عند شعور الروس بخطر المشروع العثماني الجديد ، القائم على إطلاق الإسلام السياسي كقوة صاعدة في كل البيئات ذات الجذور الإسلامية ، بصورة تصبح معها ضمانات المدى الحيوي لروسيا أكذوبة تافهة ، فالنار ستلهب الذيل الروسي بلا أدنى شك في هذه الحالة وسرعان ما تنتقل إلى قلب الدار .

مضى الزمن المسموح للحرب كي تحقق اهدافها وبات أمامها أحد خيارين ، إما المضي في الممنوع الذي رفضته قمة لشبونه ، أي الذهاب لمزيد من الإلتهاب لتفجير الحدود السياسية في المنطقة وولادة حروب اهلية تجتاح كياناتها بلا إستثناء ، وتنتهي بتقسيمها ، قطعا بدءا من العراق والسعودية و تركيا قبل أن تصل رياح التقسيم إلى سوريا ، و إما الإقرار بواقعية بفشل الحرب في تحقيق اهدافها المطلقة والإكتفاء بما تحقق للإنخراط في التفاوض .

ثابت ان التسليم بامان المدى الحيوي لروسيا بات يستدعي نزول الإمبراطور العثماني عن صهوة جواده المتعب المتعثر والتسليم بأن سوريا صارت جزءا من هذا المدى .

ثابت أيضا ان التقدم في الملف النووي الإيراني والمفاوضات حوله لن تبصر النور إلا ضمن تسوية تشمل سوريا فقيمة إيران الإستراتيجية في المنطقة تتوقف على موقع ودور وهوية سوريا .

ثابت ايضا أن الإسلام السياسي الذي بدت تركيا اردوغان نموذجا مغريا له ليس كذلك عربيا وليس سوى غطاء للتشدد والتطرف والذبح الحلال والفوضى والإرهاب ، و تبدو مصر في عين العاصفة بإيقاع ما جرى وما يجري ، وعلى الغرب إعادة حساباته خصوصا ان الجوار المتوسطي الملتهب هو جزء من أمن أوروبا المباشر .

تدرس وتقيم لجنة برئاسة مارتن أنديك ما نفذ وما فشل من خطة اولبرايت ، وتقترح فتح الباب لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تسير على جوانبه مفاوضات مع إيران ومفاوضات مع سوريا ، يتضمن كل منها رسم مستقبل الأدوار ، وتكون الجائزة التي تكتفي بها اميركا هي إعادة تموضع حركة حماس في حضن الخليج وتركيا و أخوان مصر بصورة تضمن امن إسرائيل لسنوات قادمة تحت سقف مفاوضات فلسطينية إسرائيلية لن يكون سهلا على سوريا و إيران رفع سقوفها .

اللعبة لا تصنعها نشرات اخبار الجزيرة ولا تنبؤات صفوت الزيات المضحكة المتكررة كل يوم ولا المواعيد المضروبة عن قرب سقوط النظام في سوريا ، فاللعبة الكبرى في المنطقة تشارف على فصولها الأخيرة ، وإجتماعات روسية أميركية خلال ايام ستطلق صفارة بدء السياسة في البحث عن مخارج من تورطوا في حروب غبية لم تحقق ما رسم لها رغم المئة مليار والمئة فضائية ومئة فتوى .

أنهكوا سوريا هذا صحيح لكن سوريا غيرت وجه العالم في القرن الواحد والعشرين .

  • فريق ماسة
  • 2013-01-03
  • 9928
  • من الأرشيف

...هيكل ولجنة اولبرايت...بقلم ناصر قنديل

الحلقة التلفزيونية للاستاذ محمد حسنين هيكل ليلة أمس كشفت معلومات هامة عن وثائق وإستراتيجيات حفلت بها قمتا حلف الناتو في كل من ستراسبورغ 2009 ولشبونة 2010 حول مستقبل تحديات الشرق الأوسط . يزيد كلام هيكل كما تزيد اوراق أولبرايت وضوح الرؤيا لجهة ما جرى تدبيره وما كنا نقوله عن الخطط المعدة سلفا للحرب على سوريا وأهدافها ووقائعها تقول : - خطة المدى العثماني العضوي وسوريا مدخله للعالم العربي تصبحالعقدة الأبرز - رؤيا مستقبلية لأمن إسرائيل وفي سوريا الخيار القومي قادر على المقاومة - مشروع تدجين الجيوش وتفكيكها ومقاومة الجسد العسكري السوري أظهرت مناعة عالية مضى الزمن المسموح للحرب كي تحقق اهدافها والمطلوب واضح : - أن سوريا صارت جزءا من المدى الحيوي لروسيا - ان التقدم في الملف النووي الإيراني يتوقف على تسوية تشمل سوريا - أن الإسلام السياسي الذي بدت تركيا اردوغان نموذجا مغريا له ليس كذلك عربيا وخطر الإرهاب داهم إجتماعات روسية أميركية خلال ايام تطلق صفارة بدء السياسة أنهكوا سوريا هذا صحيح لكن سوريا غيرت وجه العالم في القرن الواحد والعشرين . النص كامل: الحلقة التلفزيونية للاستاذ محمد حسنين هيكل ليلة أمس على قناة سي بي سي المصرية كشفت معلومات هامة عن وثائق وإستراتيجيات حفلت بها قمتا حلف الناتو في كل من ستراسبورغ 2009 ولشبونة 2010 حول مستقبل تحديات الشرق الأوسط . أبرز المعلومات التي حملتها قمم الناتو كانت رسم إستراتيجية تولت صياغتها مادلين أولبرايت ولعب فيها الصهيوني برنارد لويس دورا أساسيا . النقاشات كما نجد بعضها لدى مراكز دراسات اميركية متخصصة تمحورت حول ما سبق وكتبت الكثير عنه حول ثنائية تركيا والأخوان المسلمين والحلم العثماني من جهة و إستنزاف طاقة العالم الإسلامي وتياراته الدينية بحروب مذهبية على نمط الحروب الدينية التي إجتاحت أوروبا لمئتي عام من جهة ثانية . الأهم في الخلاصات هو وكالة تركيا بإدارة ملفات سوريا والعراق لحساب الأطلسي بما يعنيه ذلك من إطلاق للعصبيات وإدارة للتفتيت من جهة ، وتجنب بلوغ الحافة التي يقترحها لويس برسم خريطة جديدة للكيانات تطابق خريطتها المذهبية والعرقية لتجنب مخاطر تقسيم السعودية وتركيا من جهة أخرى . الصعود الروسي المتصدي بقوة وعناد كان مفاجئا للخطط خصوصا بعد الخداع الأميركي في الحالة الليبية التي يراها هيكل أول خطوط الخطة بعد مفاجأة ثورات تونس ومصر للغرب والتعامل معها بحواضر البيت . يزيد كلام هيكل كما تزيد اوراق أولبرايت وضوح الرؤيا لجهة ما جرى تدبيره وما كنا نقوله عن الخطط المعدة سلفا للحرب على سوريا . الحرب جزء من تصفية ميراث ما سمته أولبرايت لف السجادة القديمة المتبقية من الحرب الباردة والأنظمة ذات الجذور العسكرية التي رافقتها ، لكنها اخطات في الحالة السورية فمشهد وجود نصف المصريين في الشوارع لم يتكرر في سوريا إلا معكوسا وبدا النظام ذو شعبية لا يستهان بها الحرب ضمن خطة المدى العثماني العضوي وسوريا مدخله للعالم العربي ، لكنها تظهر ان سوريا العقدة الأبرز في هذا التدفق العثماني ، وحلب تكون الشاهد الأبرز في رفض الإستجابة لنداءات المذهبية وإغراءات المال القطري والسعودي ، ويبرز مسلمو سوريا من السنة أشد وطنية مما تصورتهم الخطط تحت تأثير الإستثمار المفرط للدين والمذاهب . الحرب ضمن رؤيا مستقبلية لأمن إسرائيل عبر ضمانات خليجية تركية لما بعد العاصفة بشراكة الأخوان المسلمين في تعميم جدران السلام والأمن مع إسرائيل ، لكن التاريخ و الثقافة والخيارات في سوريا تستند إلى ذكاء سياسي حاد لدى السوريين ، وتعلق بالخيار القومي لم يحسب له الحساب جيدا فتعثر المشروع في منتصف الطريق . الحرب ضمن مشروع تدجين الجيوش وتفكيكها وإعادة هيكلتها ، ومقاومة الجسد العسكري السوري أظهرت مناعته وقوته وصلابته وقدرته على المواجهة بما لم يتوفر للجيشين الصربي والعراقي في حربي القرن العشرين والواحد والعشرين . الخطط الكبرى في التاريخ تغير وجهتها حسابات الجغرافيا ، فالتسرع في إستنتاج سقوط نظام الرئيس بشار الأسد قياسا على ما جرى في تونس ومصر كان خطأ فادحا ، فتفرغ الباحثين لرسم مستقبل سوريا ما بعد الأسد كان ترفا بلا قيمة ، وإذ كل ما بحثوه وخططوه بات بلا جدوى ، و كل ما بنوه على تحييد روسيا كفرضية حتمية لمجرد إراحة روسيا في جوارها المباشر تهاوى عند شعور الروس بخطر المشروع العثماني الجديد ، القائم على إطلاق الإسلام السياسي كقوة صاعدة في كل البيئات ذات الجذور الإسلامية ، بصورة تصبح معها ضمانات المدى الحيوي لروسيا أكذوبة تافهة ، فالنار ستلهب الذيل الروسي بلا أدنى شك في هذه الحالة وسرعان ما تنتقل إلى قلب الدار . مضى الزمن المسموح للحرب كي تحقق اهدافها وبات أمامها أحد خيارين ، إما المضي في الممنوع الذي رفضته قمة لشبونه ، أي الذهاب لمزيد من الإلتهاب لتفجير الحدود السياسية في المنطقة وولادة حروب اهلية تجتاح كياناتها بلا إستثناء ، وتنتهي بتقسيمها ، قطعا بدءا من العراق والسعودية و تركيا قبل أن تصل رياح التقسيم إلى سوريا ، و إما الإقرار بواقعية بفشل الحرب في تحقيق اهدافها المطلقة والإكتفاء بما تحقق للإنخراط في التفاوض . ثابت ان التسليم بامان المدى الحيوي لروسيا بات يستدعي نزول الإمبراطور العثماني عن صهوة جواده المتعب المتعثر والتسليم بأن سوريا صارت جزءا من هذا المدى . ثابت أيضا ان التقدم في الملف النووي الإيراني والمفاوضات حوله لن تبصر النور إلا ضمن تسوية تشمل سوريا فقيمة إيران الإستراتيجية في المنطقة تتوقف على موقع ودور وهوية سوريا . ثابت ايضا أن الإسلام السياسي الذي بدت تركيا اردوغان نموذجا مغريا له ليس كذلك عربيا وليس سوى غطاء للتشدد والتطرف والذبح الحلال والفوضى والإرهاب ، و تبدو مصر في عين العاصفة بإيقاع ما جرى وما يجري ، وعلى الغرب إعادة حساباته خصوصا ان الجوار المتوسطي الملتهب هو جزء من أمن أوروبا المباشر . تدرس وتقيم لجنة برئاسة مارتن أنديك ما نفذ وما فشل من خطة اولبرايت ، وتقترح فتح الباب لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تسير على جوانبه مفاوضات مع إيران ومفاوضات مع سوريا ، يتضمن كل منها رسم مستقبل الأدوار ، وتكون الجائزة التي تكتفي بها اميركا هي إعادة تموضع حركة حماس في حضن الخليج وتركيا و أخوان مصر بصورة تضمن امن إسرائيل لسنوات قادمة تحت سقف مفاوضات فلسطينية إسرائيلية لن يكون سهلا على سوريا و إيران رفع سقوفها . اللعبة لا تصنعها نشرات اخبار الجزيرة ولا تنبؤات صفوت الزيات المضحكة المتكررة كل يوم ولا المواعيد المضروبة عن قرب سقوط النظام في سوريا ، فاللعبة الكبرى في المنطقة تشارف على فصولها الأخيرة ، وإجتماعات روسية أميركية خلال ايام ستطلق صفارة بدء السياسة في البحث عن مخارج من تورطوا في حروب غبية لم تحقق ما رسم لها رغم المئة مليار والمئة فضائية ومئة فتوى . أنهكوا سوريا هذا صحيح لكن سوريا غيرت وجه العالم في القرن الواحد والعشرين .

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة