تكاد المصادر الديبلوماسية الغربية والعربية تجتمع على ان واشنطن لم تتخذ قرارها باعتبار «جبهة النصرة» منظمة ارهابية، اعتباطيا او استعراضيا، اذ ان لدى وكالة الاستخبارات المركزية كمية ضخمة من الوثائق التي تثبت تورط الجبهة اياها التي يقودها اردني هو صهر ابي مصعب الزرقاوي في عمليات قطع الرؤوس، وفقء العيون وبقر البطون.

المصادر قالت ايضا ان هناك جهات في المعارضة السورية زودت السفير روبرت فورد بأشرطة فيديو حول عمليات من هذا القبيل نفذت بجنود تابعين للنظام او بأشخاص ينتمون الى طوائف اخرى وحتى بنساء، لا سيما في منطقة ادلب كنّ يرتدين الازياء الحديثة، وبعدما بات معلوما ان الجبهة حاولت فرض البرقع الافغاني على النساء في بعض المناطق، وهو ما ادى الى اندلاع مجابهات ارجأت تطبيق ذلك موقتا ريثما تستكمل الخطوات اللازمة لإقامة الامارات الصغرى التي تمهد للإمارة الكبرى في سورية.

مثل هذه المظاهر او الظواهر يمكن استشفافها في النصوص التوراتية او التلمودية. ولعل هذا ما حمل الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا على القول ان الله بعث باليهودية عقابا لليهود وهو الذي تساءل ما اذا كان الله اياه الذي بعث بالسيد المسيح الى الارض ليتعذب ويصلب من اجل خلاص البشرية، يمكن ان يكون وراء تلك النصوص التي لم ينطق بمثلها حتى آلهة الوثنيات الكبرى لدى الاغريق والرومان.

بالرغم من ذلك، لم نسمع من الذين يعتبرون انفسهم مراجع في الفقه، وفي تفسير القرآن، والذين يملأون الشاشات وغالبا ما يملأونها بتلك الببغائية الصاخبة اي ادانة مباشرة او علنية للانتهاك المروّع للنص القرآني، لا بل اننا نلاحظ، خلاف ذلك، نوعا من التواطؤ بين تلك المراجع ومن يمكن تسميتهم، دون تردد، بأكلة لحوم البشرية اذا لم نقل انهم اكثر بربرية من اكلة لحوم البشر…

هؤلاء هم من دافع عنهم رئيس «الائتلاف الوطني» احمد معاذ الخطيب الذي سبق والتقيناه، وكان مثالا للدماثة، فإذا به يقع في اغواء المنصب بعدما تبين انه كان قد وقع في غواية الاجهزة الاستخباراتية، وهؤلاء هم من دافع عنهم محمد رياض الشقفة الذي يتقن لعبة الاقنعة، فمن جهة كان يقيم خطوط تواصل عملانية ولوجيستية مع«جبهة النصرة»، ومن جهة اخرى كان يحذر من خطرها لانها اذ ترفض اي دور للعلمانيين او لليبراليين في «دولة الخلافة» فهي لا بد ان تلتهم «الاخوان المسلمين»، والامر لا يحتاج الى اكثر من مراجعة لكتابات، وفتاوى، شيوخ «القاعدة» حول «الاخوان» و«تبعيته العمياء لاهل الضلال».

الوثائق اصبحت في حوزة جهات كثيرة تعلم ان الجبهة لا تضم مئات المقاتلين، بل آلاف المقاتلين الذين لهم معسكرهم في تركيا، وهذا ما كشفته الصحافة هناك، كما ان كميات المتفجرات التي نقلت الى سورية هي بالاطنان، لا بل ان مصدرا موثوقاً جداً نقل الينا ان ثمة من زود قيادة «جبهة النصرة» بخرائط تظهر مواقع بعض الصوامع التي تخزن فيها الصواريخ الكيميائية، وهذا ما اكدته محاولات مركزة قامت بها مجموعة مدربة تدريبيا عالياً، ومجهزة باسلحة متطورة، لاختراق انظمة الحماية حول احدى الصوامع للاستيلاء على كمية من الصواريخ واستخدامها ضد النظام، وفي دمشق تحديداً…

ماذا يعني ان تطلق الجبهة صواريخ كيميائية على عاصمة الامويين؟ وهل مفعول هذه الصواريخ يقتصر على الشعب وساكنيه فقط ام ان ذلك جزء من ثقافة تتقنها مشتقات، وشقيقات، القاعدة التي لا احد يعرف ما هو التبرير الاخلاقي والفقهي لتفجيرها السيارات المفخخة في انحاء مختلفة من سوريا، موقعة مئات الضحايا الذين ينتمون الى مختلف الطوائف، والاتجاهات والذي لا شك ان بينهم من يناصب النظام العداء…

هل يكفي ان يقول عضو بارز في «الائتلاف الوطني» الذي لم يتم اختراعه اميركياً الا بعدما تبينت السيدة هيلاري كلينتون، وبالطبع قبل الارتجاج الدماغي، ان الاصوليين باتوا، وبمؤازرة الحلفاء في تركيا بوجه خاص، على وشك ان يمسكوا بكل الارض وان يقودوا كل الارض، وان العمليات التي تقوم بها الجبهة تزيد من تعقيد المهمة التي تضطلع بها المعارضة؟ وهل يكفي ان يقول عضو آخر «لعلنا، والحال هذه قد نبقى في المنفى الى الابد».

محاولات اختراق صوامع الصواريخ باءت بالفشل، ولا ريب ان الاقمار الصناعية الاميركية التقطت التفاصيل، ولكن هل صحيح ان واشنطن طلبت من حكومة رجب طيب اردوغان ان تكون اكثرحذراً في تهريب المقاتلين الى الداخل السوري، فضلا عن تصفية «المعسكر الافغاني» في تركيا.

نستعيد الكثير من كلام احمد معاذ الخطيب في الجامع الاموي، وحيث حذر من اغراءات واغواءات، الشيطان، فكيف له ان يقبل الآن بان يكون الشيطان من يقود حرب تحرير سورية من سورية ومن السوريين؟

  • فريق ماسة
  • 2012-12-18
  • 9360
  • من الأرشيف

حرب تحرير سورية من سورية ومن السوريين ...نبيه برجي

تكاد المصادر الديبلوماسية الغربية والعربية تجتمع على ان واشنطن لم تتخذ قرارها باعتبار «جبهة النصرة» منظمة ارهابية، اعتباطيا او استعراضيا، اذ ان لدى وكالة الاستخبارات المركزية كمية ضخمة من الوثائق التي تثبت تورط الجبهة اياها التي يقودها اردني هو صهر ابي مصعب الزرقاوي في عمليات قطع الرؤوس، وفقء العيون وبقر البطون. المصادر قالت ايضا ان هناك جهات في المعارضة السورية زودت السفير روبرت فورد بأشرطة فيديو حول عمليات من هذا القبيل نفذت بجنود تابعين للنظام او بأشخاص ينتمون الى طوائف اخرى وحتى بنساء، لا سيما في منطقة ادلب كنّ يرتدين الازياء الحديثة، وبعدما بات معلوما ان الجبهة حاولت فرض البرقع الافغاني على النساء في بعض المناطق، وهو ما ادى الى اندلاع مجابهات ارجأت تطبيق ذلك موقتا ريثما تستكمل الخطوات اللازمة لإقامة الامارات الصغرى التي تمهد للإمارة الكبرى في سورية. مثل هذه المظاهر او الظواهر يمكن استشفافها في النصوص التوراتية او التلمودية. ولعل هذا ما حمل الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا على القول ان الله بعث باليهودية عقابا لليهود وهو الذي تساءل ما اذا كان الله اياه الذي بعث بالسيد المسيح الى الارض ليتعذب ويصلب من اجل خلاص البشرية، يمكن ان يكون وراء تلك النصوص التي لم ينطق بمثلها حتى آلهة الوثنيات الكبرى لدى الاغريق والرومان. بالرغم من ذلك، لم نسمع من الذين يعتبرون انفسهم مراجع في الفقه، وفي تفسير القرآن، والذين يملأون الشاشات وغالبا ما يملأونها بتلك الببغائية الصاخبة اي ادانة مباشرة او علنية للانتهاك المروّع للنص القرآني، لا بل اننا نلاحظ، خلاف ذلك، نوعا من التواطؤ بين تلك المراجع ومن يمكن تسميتهم، دون تردد، بأكلة لحوم البشرية اذا لم نقل انهم اكثر بربرية من اكلة لحوم البشر… هؤلاء هم من دافع عنهم رئيس «الائتلاف الوطني» احمد معاذ الخطيب الذي سبق والتقيناه، وكان مثالا للدماثة، فإذا به يقع في اغواء المنصب بعدما تبين انه كان قد وقع في غواية الاجهزة الاستخباراتية، وهؤلاء هم من دافع عنهم محمد رياض الشقفة الذي يتقن لعبة الاقنعة، فمن جهة كان يقيم خطوط تواصل عملانية ولوجيستية مع«جبهة النصرة»، ومن جهة اخرى كان يحذر من خطرها لانها اذ ترفض اي دور للعلمانيين او لليبراليين في «دولة الخلافة» فهي لا بد ان تلتهم «الاخوان المسلمين»، والامر لا يحتاج الى اكثر من مراجعة لكتابات، وفتاوى، شيوخ «القاعدة» حول «الاخوان» و«تبعيته العمياء لاهل الضلال». الوثائق اصبحت في حوزة جهات كثيرة تعلم ان الجبهة لا تضم مئات المقاتلين، بل آلاف المقاتلين الذين لهم معسكرهم في تركيا، وهذا ما كشفته الصحافة هناك، كما ان كميات المتفجرات التي نقلت الى سورية هي بالاطنان، لا بل ان مصدرا موثوقاً جداً نقل الينا ان ثمة من زود قيادة «جبهة النصرة» بخرائط تظهر مواقع بعض الصوامع التي تخزن فيها الصواريخ الكيميائية، وهذا ما اكدته محاولات مركزة قامت بها مجموعة مدربة تدريبيا عالياً، ومجهزة باسلحة متطورة، لاختراق انظمة الحماية حول احدى الصوامع للاستيلاء على كمية من الصواريخ واستخدامها ضد النظام، وفي دمشق تحديداً… ماذا يعني ان تطلق الجبهة صواريخ كيميائية على عاصمة الامويين؟ وهل مفعول هذه الصواريخ يقتصر على الشعب وساكنيه فقط ام ان ذلك جزء من ثقافة تتقنها مشتقات، وشقيقات، القاعدة التي لا احد يعرف ما هو التبرير الاخلاقي والفقهي لتفجيرها السيارات المفخخة في انحاء مختلفة من سوريا، موقعة مئات الضحايا الذين ينتمون الى مختلف الطوائف، والاتجاهات والذي لا شك ان بينهم من يناصب النظام العداء… هل يكفي ان يقول عضو بارز في «الائتلاف الوطني» الذي لم يتم اختراعه اميركياً الا بعدما تبينت السيدة هيلاري كلينتون، وبالطبع قبل الارتجاج الدماغي، ان الاصوليين باتوا، وبمؤازرة الحلفاء في تركيا بوجه خاص، على وشك ان يمسكوا بكل الارض وان يقودوا كل الارض، وان العمليات التي تقوم بها الجبهة تزيد من تعقيد المهمة التي تضطلع بها المعارضة؟ وهل يكفي ان يقول عضو آخر «لعلنا، والحال هذه قد نبقى في المنفى الى الابد». محاولات اختراق صوامع الصواريخ باءت بالفشل، ولا ريب ان الاقمار الصناعية الاميركية التقطت التفاصيل، ولكن هل صحيح ان واشنطن طلبت من حكومة رجب طيب اردوغان ان تكون اكثرحذراً في تهريب المقاتلين الى الداخل السوري، فضلا عن تصفية «المعسكر الافغاني» في تركيا. نستعيد الكثير من كلام احمد معاذ الخطيب في الجامع الاموي، وحيث حذر من اغراءات واغواءات، الشيطان، فكيف له ان يقبل الآن بان يكون الشيطان من يقود حرب تحرير سورية من سورية ومن السوريين؟

المصدر : الديار/ نبيه برجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة