يبدو أن مفتاح حل معضلة تأليف الحكومة العراقية سُلّم إلى بشار الأسد. تفويض إيراني، صدّق عليه الأتراك، إلى الرئيس السوري لتسمية حاكم العراق، وضمان حقوق أهل السُّنة فيه، فيما لا تزال الأطراف العراقية تخوض معركة تفاوضية ليس واضحاً إن كان الغبار سينقشع عنها قريباً

تتسارع خطى مفاوضات تأليف الحكومة في العراق، داخلياً وإقليمياً، على وقع الجلسة البرلمانية المقررة اليوم. استحقاق مفروض دستورياً يضع العراقيين والأطراف المعنية بهذا الملف أمام اختبار، الفشل فيه يعني استمرار أزمة الحكم في بلاد الرافدين إلى أجل غير مسمى

الصورة في بغداد لا تزال ضبابية. من يستمع إلى أوساط قادة العراق، من مختلف أطياف القوس السياسي، فلا بد من أن يصاب بدوار حاد. شائعات واتهامات متبادلة تبنى عليها استراتيجيات تفاوض، سرعان ما يظهر أنها قد اصطدمت بحائط. حروب مستعرة على رئاسة الوزراء، تُستخدم فيها كل الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، في ظل وضوح إقليمي عنوانه الأبرز تفويض إيراني، تدعمه تركيا، للرئيس السوري بشار الأسد بتسمية رئيس الوزراء العراقي المقبل وضمان حقوق أهل السُّنة فيه، على ما تفيد المعلومات الموثوقة

تطورات الأسابيع والأشهر الماضية بالغة الدلالة. أظهرت بما لا لبس فيه متانة العلاقة الاستراتيجية في ما بين إيران وسوريا وتركيا. مواقف الأخيرة في أكثر من ملف، يتقدمها الصراع العربي الإسرائيلي، إحدى الإشارات المهمة. علاقات انعكاساتها في العراق تُترجم تفاهماً مطلقاً، على الخطوط العامة، والتفاصيل، رغم الاهتمامات المختلفة لكل منها، بحسب مصادر وثيقة الاطلاع

تركيز إيران يبدو منصبّاً حالياً على تحصين حديقتها الخلفية العراقية، في ظل هجمة غربية متواصلة عليها، تعبّر عن نفسها تارة بتشديد للعقوبات، وطوراً بقرع طبول حرب تحرض عليها إسرائيل. وكلاء الغرب في المنطقة، والعرب منهم على وجه الخصوص، يجهدون لمحاربة إيران في بلاد الرافدين. حراك سعودي أردني مصري على أكثر من مستوى، مالي واستخباري وإعلامي، يسعى إلى توظيف سُنّة العراق في هذا المسعى. طائفة، رأت طهران ـــــ على ما يظهر ـــــ أن الأسد هو الأقدر على التعامل معها، وعلى أن يكون المرجعية الصالحة لها. مرجعية تضمن حصول السُّنة، حسبما تصرّ طهران، على حقوقهم كاملة من دون الانزلاق إلى مغامرات لا تحمد عقباها، تهدد بإخراجهم من المعادلة السياسية العراقية

أما بالنسبة إلى الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، فقد فوضت طهران إلى الرئيس السوري اختيار من يرتئي منها أنه صالح لرئاسة الحكومة العراقية، معلنة موافقتها المسبقة على هذا الخيار أياً يكن. تفويض يبدو واضحاً أن تركيا تفهمت حيثياته وانضمت إليه. علماً بأن لا مشكلة لدى طهران مع أي من المرشحين لحكم العراق، وإن كانت تفضل شخصيات على أخرى، باستثناء إياد علاوي الذي يبدو أنه فوّت على نفسه فرصة طمأنة الهواجس الإيرانية تجاهه

إذاً، بات الملف الحكومي العراقي ـــــ إذا ما نُظر إليه من زاوية إقليمية ـــــ في يد الأسد، الذي يتعامل معه ببراغماتية متناهية من دون أحكام مسبقة، على ما درجت عليه الدبلوماسية السورية. الأسماء المطروحة كلها واردة على جدول أعماله. وهو بالتأكيد لا ينظر إلى الأمور على أنها إما أبيض أو أسود. هو يلعب في المساحة الرمادية. لا بد من أنه يبحث عن شخصية تحقق قفزة نوعية لمحور الممانعة، وتحاكي المصالح السورية، مفترضاً سلفاً أنها جميعها شخصيات وطنية عراقية

وفي ما يتعلق بتركيا، يبدو أن دورها في العراق كبير جداً، أكبر بكثير مما قد يتخيله البعض، سواء على المستوى الدبلوماسي أو على المستوى الاستخباري. صحيح أن الأتراك تبنوا ترتيب البيت السُّني، وكانوا عرابي الكتلة العراقية التي تألفت في منزل وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو. بل إن هذا الأخير تدخل بنفسه مباشرة، أكثر من مرة، لحل المشاكل التي واجهتها هذه الكتلة، وخصوصاً موضوع اجتثاث المرشحين البعثيين فيها. لكن الدور التركي يبدو، بحسب أكثر من جهة قيادية عراقية، بنّاءً وواقعياً. لا يتصرف الأتراك على أنهم طرف. يريدون علاقة مع الجميع، حتى الأكراد، ولا مانع لديهم في أي شخصية لترؤس الحكومة، علماً بأن علاوي كان حتى وقت قريب مرشحهم المفضل

صحيح أن «العراقية» أُلفت في منزل داوود أوغلو، لكن الأتراك يتفهمون عوامل القلق الإيرانية مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية، نسق الأتراك كاملاً حراكهم العراقي مع السعوديين في الوسط السُّني العراقي في الفترة التي سبقت وتلت هذا الاستحقاق. كان الأتراك يتولون التنظيم، فيما يتولى السعوديون التمويل. وقد دعموا، هم والسوريون والسعوديون والأميركيون، ترشيح علاوي. لكن الوضع اختلف اليوم، على ما تكشف المعلومات. بات الأتراك يتفهمون بالكامل الهواجس الإيرانية والسورية في العراق، وقد سلموا، مع الإيرانيين، للأسد إدارة ملف رئاسة الحكومة والتعامل مع وضع السُّنة في هذا البلد

أين الأميركي في ظل هذه المعمعة كلها؟ يبدو أن إدارة باراك أوباما قد اعتمدت في تعاملها مع العراق سياسة الحد من الخسائر. هي مشغولة بأولويات أخرى. باتت تقبل بتقاسم العراق مع إيران على قاعدة أنها شر لا بد منه. بل لعلها تعتقد أن أمراً كهذا قد يكون مساعداً في ضمان انسحاباً مشرفاً لقواتها من بلاد الرافدين. لا شك في أن مرشحها المفضل هو علاوي. لكن عدم حصوله على هذا المنصب ليس نهاية العالم بالنسبة إليها. يمكنها أن تتعايش مع شخصية أخرى، على ما يبدو، شرط أن تضمن ألا تقلب الطاولة عليها فور خروجها المرتقب من العراق

هذا إقليمياً. أما في بغداد، فإن الوضع مختلف. طرأت مشكلة خلال الأيام الماضية فرضت على الجميع الاستنفار تحسباً لاستحقاق اليوم. كان الكل يفكر ويجهد على مدى الأسابيع الماضية لحل معضلة رئاسة الحكومة. لكنهم تنبهوا فجأة إلى أن المطلوب واحد في الوقت الراهن، بنص دستوري: انتخاب رئيس للجمعية الوطنية. استحقاق لا يمكن الاستجابة له من دون التوافق على صفقة شاملة بين الكتل النيابية تشمل رئيس الجمهورية الذي يعين بدوره رئيس مجلس الوزراء

تشير التوقعات إلى أن الجلسة الأولى اليوم ستعقد برئاسة النائب الأكبر سناً، لكنها لن تتمخض عن شيء على ما يبدو، إلا أنها لا بد من أن تطلق دينامية تفرض الاستعجال في التوصل إلى التسوية المبتغاة، وخصوصاً أن الأمور قد اتضحت في مسارها وعقدها

المرشحون المطروحة أسماؤهم باتوا معروفين. نوري المالكي وإياد علاوي وعادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري، ولكل منهم نقاط قوة وضعف. الأول مرشح «دولة القانون» والثاني «العراقية» والثالث «المجلس الأعلى» والرابع التيار الصدري

علاوي وسياسة الابتزاز

بات واضحاً أن علاوي خرج من اللعبة، هو الذي خاض المعركة تحت عنوان «إما أنا أو أي كان غير المالكي»، مع تفضيله لعادل عبد المهدي. لم يفهم أن الطريق إلى رئاسة الوزراء العراقية تمر بالنجف وقم. العقدة الإيرانية التي يعانيها هي أحد الأسباب. هناك أيضاً حقيقة تناقض المصالح بينه وبين لائحته. أولاً واقعة أنه شيعي يرأس قائمة سُنية. ثانياً، ذاك التوافق العراقي الذي يحرم رئيس الوزراء أي منصب سيادي آخر، بمعنى أن علاوي إذا تولى هذا المنصب، فإن أياً من مكونات كتلته، من طارق الهامشي وأسامة النجيفي وصالح المطلق ورافع العيساوي، لن يحصل على شيء، علماً بأن هؤلاء يدركون أنهم إذا فاوضوا كطائفة سُنية فإنهم سيحصلون على الحصة المخصصة لهم من الكعكة كاملة. فضلاً عن حقيقة أنه يسعى خلف مقعد مخصص للشيعة، فيما كتلته لا تضم سوى 11 نائباً شيعياً

تصريحاته الجديدة عن محاولة إيران اغتياله سياسياً وجسدياً تبدو لافتة وتعني أمرين: إما أنه يرى أن مراكبه كلها قد احترقت وما عاد لديه شيء ليخسره، فتراه يحاول تأدية دور البطل الوطني الشهيد، أو أنه يمارس سياسة ابتزاز في محاولة أخيرة لاستدرار الرضى الإيراني المفقود. وفي هذه الحالة يكون يلعب الورقة الخطأ في وقت أكثر ما يحتاج إليه هو المصالحة وتطبيع العلاقات بينه وبين طهران

لقاؤه مع المالكي قبل يومين لا يخرج عن هذا السياق، كذلك حال اللجنة المشتركة التي أُلفت في ختامه. محاولة من الطرفين للعب في اللحظات الأخيرة. المالكي يحاول أن يبتز «التيار الصدري» و«المجلس الأعلى» وتليين مواقفهما، فيما يسعى علاوي إلى إبرام صفقة تضمن له منصباً مهماً آخر، غير رئاسة الوزراء (ربما الرئاسة بحسب عروض أميركية سابقة) أو حصة من الكعكة الحكومية

أوساط المالكي تقول إن «اللقاء كان لإذابة الجليد. كانت هناك مشكلة شخصية بين الرجلين، وقد حُلَّت خلال اللقاء» الذي «لم يُبحث خلاله أي من التفاصيل، بل اتُّفق على عقد لقاءات أخرى». وتضيف أن «اللقاء ترافق مع غداء في مكتب حزب الدعوة، وقد استتبع بعشاء في منزل رافع العيساوي في نوع من رد المجاملة»، مشيرة إلى أن «الأجواء كانت إيجابية. لم تعد هناك مقاطعة ولا قيود ولا خطوط حمر. واتفقا على عقد لقاءات أخرى

وتؤكد الأوساط نفسها أن المفاوضات مع قيادات الكتلة «العراقية» لم تنقطع يوماً، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة تفضل «دولة القانون» على «الائتلاف الوطني» لأسباب متعددة، أولها أنه «يجمع كثير من الشخصيات التي كانت سابقاً في الكتلة العراقية، والمسحة الطائفية فيه أقل وضوحاً مما هي لدى المجلس الأعلى أو التيار الصدري». كذلك، إن المالكي هو «الأقدر على إعطاء مناصب دسمة لسُنّة هذه اللائحة، لكون قراراته نابعة من اقتناعاته لا من الخارج

وتقول مصادر وثيقة الاطلاع إن المالكي كان يؤجل اللقاء مع علاوي إلى حين تأليف التحالف بين «دولة القانون» و«الائتلاف الموحد». وأضافت أن المالكي «يعتمد سياسة تيئيس علاوي الذي كان يراهن على لقاء المالكي بصفته رئيس الكتلة الأكبر، وهو ما لم يعد صحيحاً

ترويكا المنافسة

يبقى الصراع بين الثلاثة الباقين، وهو صراع يُخاض في البيت الشيعي الداخلي من دون أن يعني انتفاء إمكان ظهور مرشحين جدد في اللحظة الأخيرة. صحيح أن كتلتي «دولة القانون» و«الائتلاف الموحد» قد اندمجتا في كتلة واحدة سميت «التحالف الوطني»، لكن هذا لا يعني أبداً أن الخلافات انتهت بينهما، بل في داخل كل منهما. وهي خلافات كانت حتى يوم أمس تبدو عصية على الحل

الجعفري، مرشح التيار الصدري، مبدئي، صدامي، لا علاقة له بالبراغماتية. لا يحبه الأميركيون ولا الأكراد. السوري يراه قديم الطراز، فيما يراه الإيراني بطيئاً في اتخاذ القرارات والاستجابة للتطورات والأحداث. لا كتلة تدعمه، فهو نائب منفرد ضمن «الائتلاف الوطني

علاوي، الذي يمارس سياسة ابتزاز حيال طهران، لم يفهم أن الطريق إلى رئاسة الوزراء تمر بالنجف وقم أما عادل عبد المهدي، مرشح المجلس الأعلى، فتربطه صداقات عميقة مع الكثير من المسؤولين السوريين. ولا يمانع الإيرانيون توليه رئاسة الحكومة، وإن كان يحتل المرتبة الأخيرة على قائمتهم. مشكلته أنه كان بعثياً قبل أن يصبح شيوعياً فإسلامياً فليبرالياً. لكن المشكلة الأكبر هي حراك جماعته في الغرب، حيث يدعون إلى ما يسمى «المقبولية الشيعية»، بمعنى أن على الشيعة أن يفعلوا ما يجعلهم مقبولين لدى هذا الغرب، فضلاً عن ترويجهم للتفريق بين شيعة عرب وشيعة فرس، مع ما لذلك من تداعيات على البيت الشيعي ووجهته السياسية

يبقى المالكي، مرشح دولة القانون، وقد بات معروفاً أنه عملي. سريع الحسم. لكن غالباً ما ينتهي بالاصطدام بالحائط. نظيف الكف. واحد من قلة من المعارضة السابقة التي لم تتلوث. لعل السبب يعود إلى أنه لم يتغرب. أمضى نحو 20 عاماً بين سوريا وإيران. شجاع. لا يهاب أحداً. لديه مشكلتان: متقلب في قراراته بفعل تأثير الآخرين عليه (نسمة تأخذه وريح تجيء به). إضافة إلى إحاطته نفسه بمجموعة من المستشارين، معظمهم لديهم ارتباطات غربية، وأميركية على وجه الخصوص

آلية الترشيح

يبدو أن المكونات الثلاثة للتحالف الوطني تتجه نحو اتفاق على آلية لاختيار مرشح التحالف لرئاسة الحكومة. وتقول مصادر وثيقة الاطلاع إن «دولة القانون» و«المجلس الأعلى» اتفقتا على أن يدخل التحالف البرلمان بثلاثة مرشحين باسمه، هم المالكي وعبد المهدي والجعفري، على أن تختار الجمعية الوطنية واحداً منهم. وتضيف أن اتفاقاً كهذا لا يزال بحاجة إلى موافقة التيار الصدري، الذي تنفي مصادر قيادية فيه أن يكون قد جرى التوصل إلى أي تفاهم بهذا الشأن الذي كان موضوع جلسة للتحالف عقدت مساء أمس

وكانت كتلة المالكي تضغط باتجاه دخول البرلمان بمرشح واحد، فيما كان «المجلس الأعلى» يسعى إلى الضغط باتجاه التوافق على مرشحين اثنين فقط، هما المالكي وعبد المهدي، على أن يفصل بينهما البرلمان، بينما يراهن التيار الصدري على مأزق يخرج من خلاله الجعفري مرشحاً توافقياً

وكانت مصادر من الدائرة المحيطة بالمالكي قد اتهمت المجلس الأعلى بأنه «يسير عكس التيار. يحاول أن ينتزع في السياسة ما عجز عن تحصيله في الانتخابات»، موضحة أن سيناريو المجلس يقوم على أن تُطرح ثلاثة أسماء على البرلمان لاختيار واحد منها لرئاسة الحكومة هي المالكي وعبد المهدي وإياد علاوي الذي يعود ويسحب ترشيحه فينحصر التصويت بين المالكي وعبد المهدي. ويراهن المجلس، بحسب المصادر نفسها، على أن يحظى هذا الأخير بأصوات «المجلس الأعلى» و«العراقية» والحزبين الكرديين، ما يضمن له الفوز

لقاء دمشق

تتحدث المصادر نفسها عن زيارة قام بها أخيراً وفد من حزب الدعوة لدمشق قبل أسابيع، التقى خلالها بالرئيس بشار الأسد. وتضيف: «في هذا الاجتماع، بُحثت الإشكالات بين طرفين. صحيح أنها لم تُحَلّ، لكن تمت قوننتها». وتوضح أن «المشلكة الأساس بالنسبة إلى المالكي هي وجود القيادات البعثية في سوريا وحركتها السياسية والأمنية في العراق من تفجيرات وغيرها. قال السوريون إنهم لا يستطيون طردهم باعتبارهم لاجئين إلى سوريا، لكنهم تعهدوا الحؤول دون قيامهم بأي عمل يمسّ بأمن العراق. في المقابل، قدم العراقيون وعوداً باتفاقات تجارية واقتصادية

لكن مصادر وثيقة الاطلاع على ما دار في اللقاء تؤكد أن «أعضاء تحدثوا مع الأسد بالعموميات، عن رغبتهم في تنقية الشوائب في العلاقات وإعادتها إلى أفضل مما كانت عليه، وعن أن هاجس المالكي هو خطر القاعدة والسلفيين الذي يتهدد البلدين. ثم فتحوا موضوع أنبوب النفط العراقي الذي يمر عبر سوريا بالتفاصيل، وطلبوا أن يجري الحديث مع الشركة الروسية التي أنشأته، لناحية إصلاحه أو استبداله بحسب الحاجة. جرى التوافق على مبادئ تأسيسية لإعادة إنتاج العلاقة بين دولة القانون وسوريا. وفي النهاية، أبلغهم الأسد أن لا فيتو على أحد

  • فريق ماسة
  • 2010-06-13
  • 9744
  • من الأرشيف

تفويض إيراني تركي للأسد بتسمية حاكم العراق وصون سُنّته

يبدو أن مفتاح حل معضلة تأليف الحكومة العراقية سُلّم إلى بشار الأسد. تفويض إيراني، صدّق عليه الأتراك، إلى الرئيس السوري لتسمية حاكم العراق، وضمان حقوق أهل السُّنة فيه، فيما لا تزال الأطراف العراقية تخوض معركة تفاوضية ليس واضحاً إن كان الغبار سينقشع عنها قريباً تتسارع خطى مفاوضات تأليف الحكومة في العراق، داخلياً وإقليمياً، على وقع الجلسة البرلمانية المقررة اليوم. استحقاق مفروض دستورياً يضع العراقيين والأطراف المعنية بهذا الملف أمام اختبار، الفشل فيه يعني استمرار أزمة الحكم في بلاد الرافدين إلى أجل غير مسمى الصورة في بغداد لا تزال ضبابية. من يستمع إلى أوساط قادة العراق، من مختلف أطياف القوس السياسي، فلا بد من أن يصاب بدوار حاد. شائعات واتهامات متبادلة تبنى عليها استراتيجيات تفاوض، سرعان ما يظهر أنها قد اصطدمت بحائط. حروب مستعرة على رئاسة الوزراء، تُستخدم فيها كل الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، في ظل وضوح إقليمي عنوانه الأبرز تفويض إيراني، تدعمه تركيا، للرئيس السوري بشار الأسد بتسمية رئيس الوزراء العراقي المقبل وضمان حقوق أهل السُّنة فيه، على ما تفيد المعلومات الموثوقة تطورات الأسابيع والأشهر الماضية بالغة الدلالة. أظهرت بما لا لبس فيه متانة العلاقة الاستراتيجية في ما بين إيران وسوريا وتركيا. مواقف الأخيرة في أكثر من ملف، يتقدمها الصراع العربي الإسرائيلي، إحدى الإشارات المهمة. علاقات انعكاساتها في العراق تُترجم تفاهماً مطلقاً، على الخطوط العامة، والتفاصيل، رغم الاهتمامات المختلفة لكل منها، بحسب مصادر وثيقة الاطلاع تركيز إيران يبدو منصبّاً حالياً على تحصين حديقتها الخلفية العراقية، في ظل هجمة غربية متواصلة عليها، تعبّر عن نفسها تارة بتشديد للعقوبات، وطوراً بقرع طبول حرب تحرض عليها إسرائيل. وكلاء الغرب في المنطقة، والعرب منهم على وجه الخصوص، يجهدون لمحاربة إيران في بلاد الرافدين. حراك سعودي أردني مصري على أكثر من مستوى، مالي واستخباري وإعلامي، يسعى إلى توظيف سُنّة العراق في هذا المسعى. طائفة، رأت طهران ـــــ على ما يظهر ـــــ أن الأسد هو الأقدر على التعامل معها، وعلى أن يكون المرجعية الصالحة لها. مرجعية تضمن حصول السُّنة، حسبما تصرّ طهران، على حقوقهم كاملة من دون الانزلاق إلى مغامرات لا تحمد عقباها، تهدد بإخراجهم من المعادلة السياسية العراقية أما بالنسبة إلى الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، فقد فوضت طهران إلى الرئيس السوري اختيار من يرتئي منها أنه صالح لرئاسة الحكومة العراقية، معلنة موافقتها المسبقة على هذا الخيار أياً يكن. تفويض يبدو واضحاً أن تركيا تفهمت حيثياته وانضمت إليه. علماً بأن لا مشكلة لدى طهران مع أي من المرشحين لحكم العراق، وإن كانت تفضل شخصيات على أخرى، باستثناء إياد علاوي الذي يبدو أنه فوّت على نفسه فرصة طمأنة الهواجس الإيرانية تجاهه إذاً، بات الملف الحكومي العراقي ـــــ إذا ما نُظر إليه من زاوية إقليمية ـــــ في يد الأسد، الذي يتعامل معه ببراغماتية متناهية من دون أحكام مسبقة، على ما درجت عليه الدبلوماسية السورية. الأسماء المطروحة كلها واردة على جدول أعماله. وهو بالتأكيد لا ينظر إلى الأمور على أنها إما أبيض أو أسود. هو يلعب في المساحة الرمادية. لا بد من أنه يبحث عن شخصية تحقق قفزة نوعية لمحور الممانعة، وتحاكي المصالح السورية، مفترضاً سلفاً أنها جميعها شخصيات وطنية عراقية وفي ما يتعلق بتركيا، يبدو أن دورها في العراق كبير جداً، أكبر بكثير مما قد يتخيله البعض، سواء على المستوى الدبلوماسي أو على المستوى الاستخباري. صحيح أن الأتراك تبنوا ترتيب البيت السُّني، وكانوا عرابي الكتلة العراقية التي تألفت في منزل وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو. بل إن هذا الأخير تدخل بنفسه مباشرة، أكثر من مرة، لحل المشاكل التي واجهتها هذه الكتلة، وخصوصاً موضوع اجتثاث المرشحين البعثيين فيها. لكن الدور التركي يبدو، بحسب أكثر من جهة قيادية عراقية، بنّاءً وواقعياً. لا يتصرف الأتراك على أنهم طرف. يريدون علاقة مع الجميع، حتى الأكراد، ولا مانع لديهم في أي شخصية لترؤس الحكومة، علماً بأن علاوي كان حتى وقت قريب مرشحهم المفضل صحيح أن «العراقية» أُلفت في منزل داوود أوغلو، لكن الأتراك يتفهمون عوامل القلق الإيرانية مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية، نسق الأتراك كاملاً حراكهم العراقي مع السعوديين في الوسط السُّني العراقي في الفترة التي سبقت وتلت هذا الاستحقاق. كان الأتراك يتولون التنظيم، فيما يتولى السعوديون التمويل. وقد دعموا، هم والسوريون والسعوديون والأميركيون، ترشيح علاوي. لكن الوضع اختلف اليوم، على ما تكشف المعلومات. بات الأتراك يتفهمون بالكامل الهواجس الإيرانية والسورية في العراق، وقد سلموا، مع الإيرانيين، للأسد إدارة ملف رئاسة الحكومة والتعامل مع وضع السُّنة في هذا البلد أين الأميركي في ظل هذه المعمعة كلها؟ يبدو أن إدارة باراك أوباما قد اعتمدت في تعاملها مع العراق سياسة الحد من الخسائر. هي مشغولة بأولويات أخرى. باتت تقبل بتقاسم العراق مع إيران على قاعدة أنها شر لا بد منه. بل لعلها تعتقد أن أمراً كهذا قد يكون مساعداً في ضمان انسحاباً مشرفاً لقواتها من بلاد الرافدين. لا شك في أن مرشحها المفضل هو علاوي. لكن عدم حصوله على هذا المنصب ليس نهاية العالم بالنسبة إليها. يمكنها أن تتعايش مع شخصية أخرى، على ما يبدو، شرط أن تضمن ألا تقلب الطاولة عليها فور خروجها المرتقب من العراق هذا إقليمياً. أما في بغداد، فإن الوضع مختلف. طرأت مشكلة خلال الأيام الماضية فرضت على الجميع الاستنفار تحسباً لاستحقاق اليوم. كان الكل يفكر ويجهد على مدى الأسابيع الماضية لحل معضلة رئاسة الحكومة. لكنهم تنبهوا فجأة إلى أن المطلوب واحد في الوقت الراهن، بنص دستوري: انتخاب رئيس للجمعية الوطنية. استحقاق لا يمكن الاستجابة له من دون التوافق على صفقة شاملة بين الكتل النيابية تشمل رئيس الجمهورية الذي يعين بدوره رئيس مجلس الوزراء تشير التوقعات إلى أن الجلسة الأولى اليوم ستعقد برئاسة النائب الأكبر سناً، لكنها لن تتمخض عن شيء على ما يبدو، إلا أنها لا بد من أن تطلق دينامية تفرض الاستعجال في التوصل إلى التسوية المبتغاة، وخصوصاً أن الأمور قد اتضحت في مسارها وعقدها المرشحون المطروحة أسماؤهم باتوا معروفين. نوري المالكي وإياد علاوي وعادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري، ولكل منهم نقاط قوة وضعف. الأول مرشح «دولة القانون» والثاني «العراقية» والثالث «المجلس الأعلى» والرابع التيار الصدري علاوي وسياسة الابتزاز بات واضحاً أن علاوي خرج من اللعبة، هو الذي خاض المعركة تحت عنوان «إما أنا أو أي كان غير المالكي»، مع تفضيله لعادل عبد المهدي. لم يفهم أن الطريق إلى رئاسة الوزراء العراقية تمر بالنجف وقم. العقدة الإيرانية التي يعانيها هي أحد الأسباب. هناك أيضاً حقيقة تناقض المصالح بينه وبين لائحته. أولاً واقعة أنه شيعي يرأس قائمة سُنية. ثانياً، ذاك التوافق العراقي الذي يحرم رئيس الوزراء أي منصب سيادي آخر، بمعنى أن علاوي إذا تولى هذا المنصب، فإن أياً من مكونات كتلته، من طارق الهامشي وأسامة النجيفي وصالح المطلق ورافع العيساوي، لن يحصل على شيء، علماً بأن هؤلاء يدركون أنهم إذا فاوضوا كطائفة سُنية فإنهم سيحصلون على الحصة المخصصة لهم من الكعكة كاملة. فضلاً عن حقيقة أنه يسعى خلف مقعد مخصص للشيعة، فيما كتلته لا تضم سوى 11 نائباً شيعياً تصريحاته الجديدة عن محاولة إيران اغتياله سياسياً وجسدياً تبدو لافتة وتعني أمرين: إما أنه يرى أن مراكبه كلها قد احترقت وما عاد لديه شيء ليخسره، فتراه يحاول تأدية دور البطل الوطني الشهيد، أو أنه يمارس سياسة ابتزاز في محاولة أخيرة لاستدرار الرضى الإيراني المفقود. وفي هذه الحالة يكون يلعب الورقة الخطأ في وقت أكثر ما يحتاج إليه هو المصالحة وتطبيع العلاقات بينه وبين طهران لقاؤه مع المالكي قبل يومين لا يخرج عن هذا السياق، كذلك حال اللجنة المشتركة التي أُلفت في ختامه. محاولة من الطرفين للعب في اللحظات الأخيرة. المالكي يحاول أن يبتز «التيار الصدري» و«المجلس الأعلى» وتليين مواقفهما، فيما يسعى علاوي إلى إبرام صفقة تضمن له منصباً مهماً آخر، غير رئاسة الوزراء (ربما الرئاسة بحسب عروض أميركية سابقة) أو حصة من الكعكة الحكومية أوساط المالكي تقول إن «اللقاء كان لإذابة الجليد. كانت هناك مشكلة شخصية بين الرجلين، وقد حُلَّت خلال اللقاء» الذي «لم يُبحث خلاله أي من التفاصيل، بل اتُّفق على عقد لقاءات أخرى». وتضيف أن «اللقاء ترافق مع غداء في مكتب حزب الدعوة، وقد استتبع بعشاء في منزل رافع العيساوي في نوع من رد المجاملة»، مشيرة إلى أن «الأجواء كانت إيجابية. لم تعد هناك مقاطعة ولا قيود ولا خطوط حمر. واتفقا على عقد لقاءات أخرى وتؤكد الأوساط نفسها أن المفاوضات مع قيادات الكتلة «العراقية» لم تنقطع يوماً، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة تفضل «دولة القانون» على «الائتلاف الوطني» لأسباب متعددة، أولها أنه «يجمع كثير من الشخصيات التي كانت سابقاً في الكتلة العراقية، والمسحة الطائفية فيه أقل وضوحاً مما هي لدى المجلس الأعلى أو التيار الصدري». كذلك، إن المالكي هو «الأقدر على إعطاء مناصب دسمة لسُنّة هذه اللائحة، لكون قراراته نابعة من اقتناعاته لا من الخارج وتقول مصادر وثيقة الاطلاع إن المالكي كان يؤجل اللقاء مع علاوي إلى حين تأليف التحالف بين «دولة القانون» و«الائتلاف الموحد». وأضافت أن المالكي «يعتمد سياسة تيئيس علاوي الذي كان يراهن على لقاء المالكي بصفته رئيس الكتلة الأكبر، وهو ما لم يعد صحيحاً ترويكا المنافسة يبقى الصراع بين الثلاثة الباقين، وهو صراع يُخاض في البيت الشيعي الداخلي من دون أن يعني انتفاء إمكان ظهور مرشحين جدد في اللحظة الأخيرة. صحيح أن كتلتي «دولة القانون» و«الائتلاف الموحد» قد اندمجتا في كتلة واحدة سميت «التحالف الوطني»، لكن هذا لا يعني أبداً أن الخلافات انتهت بينهما، بل في داخل كل منهما. وهي خلافات كانت حتى يوم أمس تبدو عصية على الحل الجعفري، مرشح التيار الصدري، مبدئي، صدامي، لا علاقة له بالبراغماتية. لا يحبه الأميركيون ولا الأكراد. السوري يراه قديم الطراز، فيما يراه الإيراني بطيئاً في اتخاذ القرارات والاستجابة للتطورات والأحداث. لا كتلة تدعمه، فهو نائب منفرد ضمن «الائتلاف الوطني علاوي، الذي يمارس سياسة ابتزاز حيال طهران، لم يفهم أن الطريق إلى رئاسة الوزراء تمر بالنجف وقم أما عادل عبد المهدي، مرشح المجلس الأعلى، فتربطه صداقات عميقة مع الكثير من المسؤولين السوريين. ولا يمانع الإيرانيون توليه رئاسة الحكومة، وإن كان يحتل المرتبة الأخيرة على قائمتهم. مشكلته أنه كان بعثياً قبل أن يصبح شيوعياً فإسلامياً فليبرالياً. لكن المشكلة الأكبر هي حراك جماعته في الغرب، حيث يدعون إلى ما يسمى «المقبولية الشيعية»، بمعنى أن على الشيعة أن يفعلوا ما يجعلهم مقبولين لدى هذا الغرب، فضلاً عن ترويجهم للتفريق بين شيعة عرب وشيعة فرس، مع ما لذلك من تداعيات على البيت الشيعي ووجهته السياسية يبقى المالكي، مرشح دولة القانون، وقد بات معروفاً أنه عملي. سريع الحسم. لكن غالباً ما ينتهي بالاصطدام بالحائط. نظيف الكف. واحد من قلة من المعارضة السابقة التي لم تتلوث. لعل السبب يعود إلى أنه لم يتغرب. أمضى نحو 20 عاماً بين سوريا وإيران. شجاع. لا يهاب أحداً. لديه مشكلتان: متقلب في قراراته بفعل تأثير الآخرين عليه (نسمة تأخذه وريح تجيء به). إضافة إلى إحاطته نفسه بمجموعة من المستشارين، معظمهم لديهم ارتباطات غربية، وأميركية على وجه الخصوص آلية الترشيح يبدو أن المكونات الثلاثة للتحالف الوطني تتجه نحو اتفاق على آلية لاختيار مرشح التحالف لرئاسة الحكومة. وتقول مصادر وثيقة الاطلاع إن «دولة القانون» و«المجلس الأعلى» اتفقتا على أن يدخل التحالف البرلمان بثلاثة مرشحين باسمه، هم المالكي وعبد المهدي والجعفري، على أن تختار الجمعية الوطنية واحداً منهم. وتضيف أن اتفاقاً كهذا لا يزال بحاجة إلى موافقة التيار الصدري، الذي تنفي مصادر قيادية فيه أن يكون قد جرى التوصل إلى أي تفاهم بهذا الشأن الذي كان موضوع جلسة للتحالف عقدت مساء أمس وكانت كتلة المالكي تضغط باتجاه دخول البرلمان بمرشح واحد، فيما كان «المجلس الأعلى» يسعى إلى الضغط باتجاه التوافق على مرشحين اثنين فقط، هما المالكي وعبد المهدي، على أن يفصل بينهما البرلمان، بينما يراهن التيار الصدري على مأزق يخرج من خلاله الجعفري مرشحاً توافقياً وكانت مصادر من الدائرة المحيطة بالمالكي قد اتهمت المجلس الأعلى بأنه «يسير عكس التيار. يحاول أن ينتزع في السياسة ما عجز عن تحصيله في الانتخابات»، موضحة أن سيناريو المجلس يقوم على أن تُطرح ثلاثة أسماء على البرلمان لاختيار واحد منها لرئاسة الحكومة هي المالكي وعبد المهدي وإياد علاوي الذي يعود ويسحب ترشيحه فينحصر التصويت بين المالكي وعبد المهدي. ويراهن المجلس، بحسب المصادر نفسها، على أن يحظى هذا الأخير بأصوات «المجلس الأعلى» و«العراقية» والحزبين الكرديين، ما يضمن له الفوز لقاء دمشق تتحدث المصادر نفسها عن زيارة قام بها أخيراً وفد من حزب الدعوة لدمشق قبل أسابيع، التقى خلالها بالرئيس بشار الأسد. وتضيف: «في هذا الاجتماع، بُحثت الإشكالات بين طرفين. صحيح أنها لم تُحَلّ، لكن تمت قوننتها». وتوضح أن «المشلكة الأساس بالنسبة إلى المالكي هي وجود القيادات البعثية في سوريا وحركتها السياسية والأمنية في العراق من تفجيرات وغيرها. قال السوريون إنهم لا يستطيون طردهم باعتبارهم لاجئين إلى سوريا، لكنهم تعهدوا الحؤول دون قيامهم بأي عمل يمسّ بأمن العراق. في المقابل، قدم العراقيون وعوداً باتفاقات تجارية واقتصادية لكن مصادر وثيقة الاطلاع على ما دار في اللقاء تؤكد أن «أعضاء تحدثوا مع الأسد بالعموميات، عن رغبتهم في تنقية الشوائب في العلاقات وإعادتها إلى أفضل مما كانت عليه، وعن أن هاجس المالكي هو خطر القاعدة والسلفيين الذي يتهدد البلدين. ثم فتحوا موضوع أنبوب النفط العراقي الذي يمر عبر سوريا بالتفاصيل، وطلبوا أن يجري الحديث مع الشركة الروسية التي أنشأته، لناحية إصلاحه أو استبداله بحسب الحاجة. جرى التوافق على مبادئ تأسيسية لإعادة إنتاج العلاقة بين دولة القانون وسوريا. وفي النهاية، أبلغهم الأسد أن لا فيتو على أحد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة