تكمن أهمية أية مبادرة في ألا تكون منحازة، وتتبدى نزاهة أي وسيط في عدم ارتهانه الى أي من الافرقاء المتصارعين، بما يسهل طرح الأفكار ومشاريع الحلول باستمرار.

ولعل ميزة الموفد الدولي العربي الاخضر الابراهيمي انه عندما تولى مهمته السورية الجديدة، كان واقعيا، «وعقله في رأسه وليس في رأس غيره، مبتعدا في الوقت نفسه عن الاستعراضية ولغة التهديد التي رافقت مهمة سلفه كوفي انان ، مشيرا الى أنه من بين شروط نجاح مهمة الابراهيمي «اقتناع كل الافرقاء الداخليين في سورية والمحركين والداعمين الخارجيين بأن لا سبيل للخروج من نزيف الدم ومسلسل الدمار إلا عبر الحل السلمي وحده من دون غيره».

ويقول المصدر «ان الابراهيمي ترك انطباعا إيجابيا عند من التقاهم في بيروت، فالرجل يبتعد عن المبالغات والوصفات الجاهزة ولا يتصرف بوصفه خبيرا أجنبيا، وهي المنطلقات التي ميزت قبوله المهمة الجديدة، فقد رسم منذ البداية خطا فاصلا عن كل العوامل التي يمكن أن تفشل جهوده من خلال رفضه الانقياد وراء توجهات أي من المؤثرين في الازمة السورية».

ويضيف المصدر أن ضمانة الابراهيمي الدولية الاولى «هي الدعم المتوازي لمهمته من قبل كل من روسيا والولايات المتحدة الاميركية، ما دفعه للتشجع على الانطلاق في عملية البحث عن فرص الحل واقتناصها عندما تسنح، برغم تكراره بأن المهمة صعبة جدا إلا أنها غير مستحيلة، وأنه لا يملك وصفة سحرية».

ويكشف المصدر الديبلوماسي معلومات مهمة تتصل بالمراحل الاولى لبدء الابراهيمي مهمته، ويقول «عندما تم تعيين الابراهيمي موفدا أمميا كانت له زيارة الى مصر تزامنت مع انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب، حيث زاره في مقر إقامته الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ناقلا اليه ان رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ينتظرك في الفندق حيث مقر إقامته، فكان رد الابراهيمي ان من يريدني هو يحضر للقائي ولست أنا أذهب الى لقائه، فما كان من نبيل العربي إلا أن أخبر حمد بن جاسم برد الابراهيمي، فجاء المسؤول القطري الى جناح الموفد الجديد متجهم الوجه، فقال له الابراهيمي «اذا كنت تحضر وأنت منزعج فكان من الأفضل ألا تأتي، لكنني أريد أن أفهمك عدة أمور:

- أنا  لست موظفا لا عندك ولا عند غيرك.

- أنا  لا أتلقى الأوامر لا منك ولا من غيرك.

- أنا  لست ممن توضع له خريطة طريق أو خطة سياسية مسبقة ويطلب منه السير على أساسها كما حصل مع غيري.

- المعنيون بالأزمة السورية هم الدولة السورية ممثلة   بالرئيس بشار الاسد من  جهة، والمعارضة السورية (الداخلية والخارجية) من جهة ثانية وأنت لست معنيا أكثر من غيرك.

- اذا  أردت أن تتعاطى معي بكل احترام كممثل للأمين العام للأمم المتحدة وكموفد أممي وعربي فأهلا وسهلا بك واذا رغبت غير ذلك فلا مجال للتعاطي معي خارج هذا الاطار».

ويقول المصدر «ان هذه الواقعة شكلت درسا لنبيل العربي لأنه كان شاهدا عليها، ورسالة واضحة لكل الدول التي أدت سياساتها الى إفشال الحلول ودخول سورية في مزيد من الدماء والدمار، لا سيما تركيا والسعودية اللتين كانتا ترغبان في مصادرة الابراهيمي قبل بدء مهمته السورية عبر رئيس وزراء قطر».

ويوضح المصدر «انه بعد هذه الواقعة، أعلن الابراهيمي انه سيزور سورية وسيلتقي الرئيس الاسد وسماه الرئيس السوري، وقال في كل لقاءاته ان الاسد يبقى رئيسا لسورية الى حين الانتهاء من التسوية، فإما أن يبقى رئيسا أو يُنتخب رئيس بديل، لذلك لم يكتف الابراهيمي بزيارة تركيا والسعودية بل زار ايران والعراق ولبنان والاردن، وكل من التقاهم تعاطوا معه بحذر واحترام كونه صاحب المهمة وصانع أفكار الحل والتسوية».

وخلص المصدر الى القول «ان مهمة الابراهيمي تبدأ بالتفاعل الايجابي بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية وبدء التواصل الجدي حول إيجاد حل للأزمة السورية بين روسيا والصين من جهة وأميركا وفرنسا من جهة ثانية، من دون إغفال أدوار أساسية لدول إقليمية مؤثرة، ومع التذكير بأن الابراهيمي يشكل تقاطعا دوليا بين هذه الدول وهو موضع ثقتها واحترامها كلها».

  • فريق ماسة
  • 2012-10-18
  • 9469
  • من الأرشيف

بعد ان اعطى درسا "قيما" "للعربي وبن جاسم ...الإبراهيمي يسير على أرض ثابتة «لاقتناص التسوية السورية»

تكمن أهمية أية مبادرة في ألا تكون منحازة، وتتبدى نزاهة أي وسيط في عدم ارتهانه الى أي من الافرقاء المتصارعين، بما يسهل طرح الأفكار ومشاريع الحلول باستمرار. ولعل ميزة الموفد الدولي العربي الاخضر الابراهيمي انه عندما تولى مهمته السورية الجديدة، كان واقعيا، «وعقله في رأسه وليس في رأس غيره، مبتعدا في الوقت نفسه عن الاستعراضية ولغة التهديد التي رافقت مهمة سلفه كوفي انان ، مشيرا الى أنه من بين شروط نجاح مهمة الابراهيمي «اقتناع كل الافرقاء الداخليين في سورية والمحركين والداعمين الخارجيين بأن لا سبيل للخروج من نزيف الدم ومسلسل الدمار إلا عبر الحل السلمي وحده من دون غيره». ويقول المصدر «ان الابراهيمي ترك انطباعا إيجابيا عند من التقاهم في بيروت، فالرجل يبتعد عن المبالغات والوصفات الجاهزة ولا يتصرف بوصفه خبيرا أجنبيا، وهي المنطلقات التي ميزت قبوله المهمة الجديدة، فقد رسم منذ البداية خطا فاصلا عن كل العوامل التي يمكن أن تفشل جهوده من خلال رفضه الانقياد وراء توجهات أي من المؤثرين في الازمة السورية». ويضيف المصدر أن ضمانة الابراهيمي الدولية الاولى «هي الدعم المتوازي لمهمته من قبل كل من روسيا والولايات المتحدة الاميركية، ما دفعه للتشجع على الانطلاق في عملية البحث عن فرص الحل واقتناصها عندما تسنح، برغم تكراره بأن المهمة صعبة جدا إلا أنها غير مستحيلة، وأنه لا يملك وصفة سحرية». ويكشف المصدر الديبلوماسي معلومات مهمة تتصل بالمراحل الاولى لبدء الابراهيمي مهمته، ويقول «عندما تم تعيين الابراهيمي موفدا أمميا كانت له زيارة الى مصر تزامنت مع انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب، حيث زاره في مقر إقامته الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ناقلا اليه ان رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ينتظرك في الفندق حيث مقر إقامته، فكان رد الابراهيمي ان من يريدني هو يحضر للقائي ولست أنا أذهب الى لقائه، فما كان من نبيل العربي إلا أن أخبر حمد بن جاسم برد الابراهيمي، فجاء المسؤول القطري الى جناح الموفد الجديد متجهم الوجه، فقال له الابراهيمي «اذا كنت تحضر وأنت منزعج فكان من الأفضل ألا تأتي، لكنني أريد أن أفهمك عدة أمور: - أنا  لست موظفا لا عندك ولا عند غيرك. - أنا  لا أتلقى الأوامر لا منك ولا من غيرك. - أنا  لست ممن توضع له خريطة طريق أو خطة سياسية مسبقة ويطلب منه السير على أساسها كما حصل مع غيري. - المعنيون بالأزمة السورية هم الدولة السورية ممثلة   بالرئيس بشار الاسد من  جهة، والمعارضة السورية (الداخلية والخارجية) من جهة ثانية وأنت لست معنيا أكثر من غيرك. - اذا  أردت أن تتعاطى معي بكل احترام كممثل للأمين العام للأمم المتحدة وكموفد أممي وعربي فأهلا وسهلا بك واذا رغبت غير ذلك فلا مجال للتعاطي معي خارج هذا الاطار». ويقول المصدر «ان هذه الواقعة شكلت درسا لنبيل العربي لأنه كان شاهدا عليها، ورسالة واضحة لكل الدول التي أدت سياساتها الى إفشال الحلول ودخول سورية في مزيد من الدماء والدمار، لا سيما تركيا والسعودية اللتين كانتا ترغبان في مصادرة الابراهيمي قبل بدء مهمته السورية عبر رئيس وزراء قطر». ويوضح المصدر «انه بعد هذه الواقعة، أعلن الابراهيمي انه سيزور سورية وسيلتقي الرئيس الاسد وسماه الرئيس السوري، وقال في كل لقاءاته ان الاسد يبقى رئيسا لسورية الى حين الانتهاء من التسوية، فإما أن يبقى رئيسا أو يُنتخب رئيس بديل، لذلك لم يكتف الابراهيمي بزيارة تركيا والسعودية بل زار ايران والعراق ولبنان والاردن، وكل من التقاهم تعاطوا معه بحذر واحترام كونه صاحب المهمة وصانع أفكار الحل والتسوية». وخلص المصدر الى القول «ان مهمة الابراهيمي تبدأ بالتفاعل الايجابي بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية وبدء التواصل الجدي حول إيجاد حل للأزمة السورية بين روسيا والصين من جهة وأميركا وفرنسا من جهة ثانية، من دون إغفال أدوار أساسية لدول إقليمية مؤثرة، ومع التذكير بأن الابراهيمي يشكل تقاطعا دوليا بين هذه الدول وهو موضع ثقتها واحترامها كلها».

المصدر : السفير/ داود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة