«جميل السيد سيعود إلى السجن، لكونه متورطاً مع ميشال سماحة في التحضير لتفجيرات في الشمال». تختصر هذه العبارة الكثير مما قيل أمس عن المدير العام الأسبق للأمن العام، بناءً على تقرير قدمه فرع المعلومات إلى القضاء. لكن رجال الأمن والقضاء المتابعين للقضية، يعرفون حقيقة ما جرى يوم 7 آب 2012، على طريق دمشق ــ بيروت

 

هل يعود اللواء جميل السيد إلى السجن؟ هذا ما يتمناه خصومه في قوى 14 آذار، سياسيين وأمنيين. ويأتي طرح السؤال مجدداً من باب ملف الوزير السابق ميشال سماحة، المدعى عليه بجرم نقل متفجرات من سوريا إلى لبنان، ومحاولة تفجيرها في الشمال اللبناني، في مجالس للمعارضين السوريين. اسم المدير العام الأسبق للأمن العام «لمع» ضمن معلومات جرى تسريبها بعد أيام من توقيف سماحة، تشير إلى أنه رافق الأخير من دمشق إلى بيروت يوم 7 آب 2012، في السيارة ذاتها التي نقل فيها الوزير السابق المتفجرات. لكن «السبق الصحافي» الجديد الذي حصل عليه موقع «الرواد» (لصاحبته الإعلامية ماريا معلوف)، يُبعد قضية سماحة عن القيل والقال. هذه المرة، قدم فرع المعلومات إلى القضاء العسكري «أدلة دامغة » ـــ بحسب وصف «الرواد» ـــ عن أن السيد هو من كان في سيارة سماحة في الرحلة المتفجرة.

وبعيداً عن «الرواد»، أمكن رصد «المعطيات» التالية أمس:

سلّم فرع المعلومات النيابة العامة العسكرية تقريراً بشأن المضبوطات التي صاردها من منزل سماحة. وبحسب مصادر قضائية معنية بالملف، فإن التقرير يتضمن معلومات موثقة «بالصوت»، تفيد بأن الهاتف الشخصي لسماحة يحوي برنامجاً لتسجيل المكالمات. وبعد تحليل مضمون هذه المكالمات، تم التعرف إلى صوت اللواء جميل السيد، في اتصالات أجراها به سماحة في اليوم الذي نُقِلَت فيه المتفجرات من دمشق إلى بيروت. ويظهر مضمون المكالمات أن سماحة والسيد انتقلا من العاصمة السورية إلى العاصمة اللبنانية في سيارة واحدة. ومما ساهم في تكوين الاقتناع بشأن كونهما معاً، تحليل داتا الاتصالات الهاتفية في لبنان، يوم عودة سماحة من دمشق، إذ بيّنت هذه البيانات أن رقمي الهاتفين الشخصيين لكل من سماحة والسيد كانا في الأمكنة والأزمنة ذاتها على طول الطريق الدولية الممتدة من الحدود اللبنانية ـــ السورية إلى بيروت.

وقال مرجع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» إن التقرير يشير أيضاً إلى أن نتائج فحص الحمض النووي (دي إن إي) أثبتت أن السيد كان في سيارة سماحة. لكن مصادر قضائية أكدت أن التقرير لا يحوي شيئاً من هذا القبيل، لافتة إلى أن هكذا «دليل» لا يمكن الركون إليه، كونه لا يعطي وقتاً محدداً لوجود السيد في السيارة (في حال صح ذلك)، إذ من الممكن أن يكون السيد قد استقل سيارة سماحة قبل أسبوعين من الرحلة الأخيرة، فتبقى آثار الـ«دي إن إي» في المكان. كذلك لفت المرجع الأمني إلى وجود شاهد رأى السيد في السيارة ذاتها مع سماحة، عند نقطة المصنع الحدودية. وهذا الشاهد لم يقبل تدوين إفادته التي قدمها لفرع المعلومات، لكونه موظفاً في الأمن العام، علماً بأنه قريب لنائب لبناني (يجزم المرجع الأمني أنه ليس النائب جمال الجراح الذي أشيع اسمه سابقاً في هذه القضية). وأكد المرجع الأمني أن «كل المعطيات التي في حوزتنا أرسلناها إلى القضاء العسكري، والقرار النهائي يعود إلى قاضي التحقيق». ونفى المرجع وجود أي دليل يشير إلى أن السيد كان يعرف «مخطط سماحة».

تجدر الإشارة إلى أن الوزير السابق الموقوف كان قد كشف لوكلاء الدفاع عنه أن فرع المعلومات لا يريد إعادة هواتفه المصادرة إليه، «لأن في أحدها تسجيلات لكل المكالمات التي أجريتها خلال السنوات الماضية».

في المقابل، التزم اللواء جميل السيد موقفه ذاته: لا نفي ولا تأكيد. قال إنه لن يرد على تسريبات، وإن «وسام الحسن والقاضي رياض أبو غيدا» يعرفان أن «البيضة فاسدة». وأكد السيد أنه لن يقبل بأي مساومة بشأن ملاحقته للواء أشرف ريفي وللعميد وسام الحسن في قضية شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان لافتاً ما قاله السيد لقناة المنار أمس، إذ أشار إلى أن الحقيقة يعرفها قاضي التحقيق (الأول رياض أبو غيدا). وفسّر مرجع قضائي قول السيد بكون القاضي أبو غيدا سبق أن أثار هذه النقطة في إحدى جلسات التحقيق مع سماحة.

وتشير مصادر معنية بالملف إلى أن فرع المعلومات «يدرك جيداً أن السيد لم يكن على علم لا من قريب ولا من بعيد بما هو منسوب لسماحة (نقل المتفجرات والإعداد لتفجيرات في شمال لبنان)». فالاتصالات التي أجراها الأخير في سوريا مع السيد، ومع مسؤولين سوريين، والمسجلة على الهاتف المُصادَر، تثبت أن المدير العام الأسبق للأمن العام لم يكن مطلعاً على ما يقوم به الوزير السابق في دمشق خلال وجودهما فيها يوم 7 آب. ففي الوقت الذي كان فيه السيد يزور وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار، انتقل سماحة إلى مكان يجهله السيد. وحرص الأول على ألا يعرف الثاني المكان الذي يتوجه إليه وغرضه من هذه الزيارة «السرية».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-09-10
  • 11360
  • من الأرشيف

القضاء: لا علاقة للسيّد بملف سماحة

  «جميل السيد سيعود إلى السجن، لكونه متورطاً مع ميشال سماحة في التحضير لتفجيرات في الشمال». تختصر هذه العبارة الكثير مما قيل أمس عن المدير العام الأسبق للأمن العام، بناءً على تقرير قدمه فرع المعلومات إلى القضاء. لكن رجال الأمن والقضاء المتابعين للقضية، يعرفون حقيقة ما جرى يوم 7 آب 2012، على طريق دمشق ــ بيروت   هل يعود اللواء جميل السيد إلى السجن؟ هذا ما يتمناه خصومه في قوى 14 آذار، سياسيين وأمنيين. ويأتي طرح السؤال مجدداً من باب ملف الوزير السابق ميشال سماحة، المدعى عليه بجرم نقل متفجرات من سوريا إلى لبنان، ومحاولة تفجيرها في الشمال اللبناني، في مجالس للمعارضين السوريين. اسم المدير العام الأسبق للأمن العام «لمع» ضمن معلومات جرى تسريبها بعد أيام من توقيف سماحة، تشير إلى أنه رافق الأخير من دمشق إلى بيروت يوم 7 آب 2012، في السيارة ذاتها التي نقل فيها الوزير السابق المتفجرات. لكن «السبق الصحافي» الجديد الذي حصل عليه موقع «الرواد» (لصاحبته الإعلامية ماريا معلوف)، يُبعد قضية سماحة عن القيل والقال. هذه المرة، قدم فرع المعلومات إلى القضاء العسكري «أدلة دامغة » ـــ بحسب وصف «الرواد» ـــ عن أن السيد هو من كان في سيارة سماحة في الرحلة المتفجرة. وبعيداً عن «الرواد»، أمكن رصد «المعطيات» التالية أمس: سلّم فرع المعلومات النيابة العامة العسكرية تقريراً بشأن المضبوطات التي صاردها من منزل سماحة. وبحسب مصادر قضائية معنية بالملف، فإن التقرير يتضمن معلومات موثقة «بالصوت»، تفيد بأن الهاتف الشخصي لسماحة يحوي برنامجاً لتسجيل المكالمات. وبعد تحليل مضمون هذه المكالمات، تم التعرف إلى صوت اللواء جميل السيد، في اتصالات أجراها به سماحة في اليوم الذي نُقِلَت فيه المتفجرات من دمشق إلى بيروت. ويظهر مضمون المكالمات أن سماحة والسيد انتقلا من العاصمة السورية إلى العاصمة اللبنانية في سيارة واحدة. ومما ساهم في تكوين الاقتناع بشأن كونهما معاً، تحليل داتا الاتصالات الهاتفية في لبنان، يوم عودة سماحة من دمشق، إذ بيّنت هذه البيانات أن رقمي الهاتفين الشخصيين لكل من سماحة والسيد كانا في الأمكنة والأزمنة ذاتها على طول الطريق الدولية الممتدة من الحدود اللبنانية ـــ السورية إلى بيروت. وقال مرجع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» إن التقرير يشير أيضاً إلى أن نتائج فحص الحمض النووي (دي إن إي) أثبتت أن السيد كان في سيارة سماحة. لكن مصادر قضائية أكدت أن التقرير لا يحوي شيئاً من هذا القبيل، لافتة إلى أن هكذا «دليل» لا يمكن الركون إليه، كونه لا يعطي وقتاً محدداً لوجود السيد في السيارة (في حال صح ذلك)، إذ من الممكن أن يكون السيد قد استقل سيارة سماحة قبل أسبوعين من الرحلة الأخيرة، فتبقى آثار الـ«دي إن إي» في المكان. كذلك لفت المرجع الأمني إلى وجود شاهد رأى السيد في السيارة ذاتها مع سماحة، عند نقطة المصنع الحدودية. وهذا الشاهد لم يقبل تدوين إفادته التي قدمها لفرع المعلومات، لكونه موظفاً في الأمن العام، علماً بأنه قريب لنائب لبناني (يجزم المرجع الأمني أنه ليس النائب جمال الجراح الذي أشيع اسمه سابقاً في هذه القضية). وأكد المرجع الأمني أن «كل المعطيات التي في حوزتنا أرسلناها إلى القضاء العسكري، والقرار النهائي يعود إلى قاضي التحقيق». ونفى المرجع وجود أي دليل يشير إلى أن السيد كان يعرف «مخطط سماحة». تجدر الإشارة إلى أن الوزير السابق الموقوف كان قد كشف لوكلاء الدفاع عنه أن فرع المعلومات لا يريد إعادة هواتفه المصادرة إليه، «لأن في أحدها تسجيلات لكل المكالمات التي أجريتها خلال السنوات الماضية». في المقابل، التزم اللواء جميل السيد موقفه ذاته: لا نفي ولا تأكيد. قال إنه لن يرد على تسريبات، وإن «وسام الحسن والقاضي رياض أبو غيدا» يعرفان أن «البيضة فاسدة». وأكد السيد أنه لن يقبل بأي مساومة بشأن ملاحقته للواء أشرف ريفي وللعميد وسام الحسن في قضية شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان لافتاً ما قاله السيد لقناة المنار أمس، إذ أشار إلى أن الحقيقة يعرفها قاضي التحقيق (الأول رياض أبو غيدا). وفسّر مرجع قضائي قول السيد بكون القاضي أبو غيدا سبق أن أثار هذه النقطة في إحدى جلسات التحقيق مع سماحة. وتشير مصادر معنية بالملف إلى أن فرع المعلومات «يدرك جيداً أن السيد لم يكن على علم لا من قريب ولا من بعيد بما هو منسوب لسماحة (نقل المتفجرات والإعداد لتفجيرات في شمال لبنان)». فالاتصالات التي أجراها الأخير في سوريا مع السيد، ومع مسؤولين سوريين، والمسجلة على الهاتف المُصادَر، تثبت أن المدير العام الأسبق للأمن العام لم يكن مطلعاً على ما يقوم به الوزير السابق في دمشق خلال وجودهما فيها يوم 7 آب. ففي الوقت الذي كان فيه السيد يزور وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار، انتقل سماحة إلى مكان يجهله السيد. وحرص الأول على ألا يعرف الثاني المكان الذي يتوجه إليه وغرضه من هذه الزيارة «السرية».  

المصدر : الاخبار /حسن عليق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة