إيقاف بث القنوات السورية… إرهاب إعلامي…!في خطوة تترجم عجز المستعربين وجهلهم إزاء صمود سورية، وفي سلوك ينم عن انحطاط وخوف دفين من الكلمة الصادقة التي يقاوم بها الإعلام السوري ما تبثه فضائيات الفتنة وقنوات التحريض… قامت شركة "نايل سات" و"عرب سات" بإيقاف بث القنوات السورية، في إجراء أحادي يخالف شروط العقد المبرم مع الشركات المذكورة وينتهك مواثيق الشرف الإعلامي ويتعرض بشكل سافر وغير مبرر لأصول ومبادىء العمل الإعلامي. حيث وبقرار من مختطفي الجامعة العربية من "غربان" الخليج وممالك العار العربية وقف بث القنوات الفضائية السورية الرسمية وغير الرسمية على القمر "نايل سات" و"عرب سات " في محاولة مكشوفة وبائسة لإسكات صوت الحقيقة والواقع خدمة لقنوات الفبركة والتضليل التي تمارس دورها التخريبي داخل المجتمع السوري.

 

قرار إيقاف بث القنوات السورية، معيب وسيئ الصيت، قرار سياسي غير مسبوق يتناقض بشكل فاضح مع مبادئ حرية الإعلام ووثيقة تنظيم البث الفضائي العربي المعتمدة من وزراء الإعلام العرب عام 2008، ولاسيما الفقرة الرابعة من البند الخامس والتي تقضي الالتزام بمبدأ حرية استقبال البث وإعادة البث وحق المواطن العربي في استقبال ما يشاء من بث تلفزيوني صادر من أراضي أي من الدول أعضاء جامعة الدول العربية، وهو يخالف مضمون البند الرابع القاضي بإلزام هيئات البث ومقدمي خدمات البث الفضائي وإعادة البث الفضائي، ويشكل تناقضاً حاداً مع حرية الوصول إلى المعلومات التي أقرتها القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف 2003 وتوجهات لجنة الإعلام التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك حرية تدفق المعلومات والمعارف والأفكار التي يقوم عليها مجتمع المعلومات، ولابد من التأكيد والتشديد أن القرار يخالف فعلياً البند السادس من خطة المبعوث الدولي في النسخة الجديدة إلى سورية "الأخضر الإبراهيمي"، ويفضح نيات قطر والسعودية وانخراطهما في مخطط استهداف سورية.‏

فصل جديد من فصول إرهابهم على سورية، بقيادة دول عرب الخليج المرهونة لقوى خارجية أميركية صهيونية، كان تحت لواء الجامعة المسماة بالعربية، لتعلن قرارها الطلب من إدارة القمر الصناعي "عرب سات" و "نايل سات"وقف بث القنوات السورية، قرار أصدره مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية التي عُقدت في العاصمة القطرية بداية شهر حزيران، لم يستطع هذا المجلس سماع صوت الحق الصادح من أربع محطات سورية، علماً أن هناك أكثر من 800 محطة إعلامية تشن الحرب والعدوان على سورية، والقرار الذي يتناقض مع حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي ومناقض لحرية الإعلام والصحافة، كان نتيجة لما تبثه القنوات السورية عن انتهاكات كانت ترتكب بحق الشعب السوري، وتكشف المجازر المرتكبة ضده من قبل عملاء مجندين تحت لواء التيار الوهابي وكيل الإرهاب العالمي الصهيو ـ أميركي.‏

لم يأت خبر منع وسائل الإعلام السوري الشريف من البث بالمفاجأة على الشعب السوري أو حتى على من يعمل في وسائل الإعلام النظيف… فمنذ بدء الخليقة والصراع قائم بين الخير والشر الذي تمثله اليوم منابر قطرائيل وأقزام العروبة ممن اشتركوا في ممارسة الإرهاب الفكري الذي لا يقبله منطق ولا عقل ولا دين يريدون حجب القنوات الشريفة عن عيون البشرية وذلك اعترافاً منهم بالفشل الذريع أمام المنابر السورية النقية على الرغم من ضعف بعض أدواتها المادية أمام أموال مردوخ وحراس النفط الأميركي الذي سخر للجزيرة المجرمة والعربية المزيفة.‏ ورغم كل ما يتضمنه هذا القرار الجاهلي والجائر من إرهاب إعلامي واعتداء سافر على حرية الإعلام والكلمة فإنه أثبت بالدليل القاطع أن الإعلام السوري يشكل شوكة في حلق المتآمرين الساعين لإشاعة الخراب في مجتمعنا، وأنه كسب الرهان ونجح في منع الفتنة التي يروج لها هؤلاء، وإلا لما كانوا لجؤوا إلى هذا الأسلوب الإقصائي الالغائي الذي يحمل في طياته رائحة التكفير القائم على الفكر الوهابي المتعفن.‏ لقد اعتمد المخطط الوهابي على الإرهاب والإعلام لمواصلة حربه القذرة تلك فلجأ من ضمن وسائله الخبيثة إلى الإعلام خصوصاً فكان هناك خط تزويري فتنوي من خلال إعلامه المشبوه للتحريض والتعمية على الحقائق دون أدنى اعتبار للموضوعية ولقواعد القانون والأخلاق وخط قمعي إقصائي يتمثل بمحاولة خنق الإعلام الوطني السوري لمنعه من إيصال الحقائق للشعب لتسهيل إسقاط مناعته ولمنع تحصينه أمام العدوان الإعلامي المعادي.‏

يقول أحد الباحثين إن أميركا والناتو ومعهما حكومات السعودية وقطر وتركيا وظفوا مليارات الدولارات وجندوا امبراطوريات إعلامية كبرى لترويج الأكاذيب وفبركة الأفلام بل واستعادوا أفلاماً وصوراً عن أحداث خارج سورية من أجل تضليل الرأي العام المحلي والغربي والعالمي وتكوين صورة افتراضية معتمة تشوه حقيقة ما يجري في سورية: كما استهدفوا الإعلام الوطني السوري بعقوبات أميركية ثم أوروبية وحركوا مجلس الجامعة العربية ليطلب وقف القنوات الفضائية السورية ثم أوعزوا لإرهابيهم لاقتحام وتدمير الإخبارية السورية وتصفية العاملين فيها في جريمة موصوفة بشعة وغير مسبوقة، لكن كل هذه المؤامرات لم تنل من إرادة الإعلام السوري الوطني،وكما يؤكد خبير مرموق فإن الإعلام السوري خطا خطوات جبارة وسريعة في النهوض لمقاومة العدوان وكسب التحدي، فقد أظهر الإعلاميون السوريون ديناميكية عالية في القدرة على التكيف وتميزوا بحس وطني يستحق الاحترام والتقدير… وقدموا ويقدمون دماءهم ويتحدون الخطر في سبيل وطنهم.‏

في مطلق الأحوال لم يكن استهداف الإعلام السوري بأبنائه ومؤسساته بالأمر المستغرب أو غير المتوقع بعد أن شكل هذا الإعلام والعاملون فيه على مدار الأزمة التي نعيشها ظهيراً قوياً للجيش البطل الذي يفكك شبكات الإرهاب ويدك أوكارها ومعاقلها على امتداد الأرض السورية، وبعد أن أصبح رافداً ثرياً للحقيقة التي نتوخاها بين هذا الكم الهائل من التضليل والتحريض والتزييف الذي تنشره الفضائيات الشريكة في سفك الدم السوري على مدار الساعة، فالإعلام السوري ورغم كل الملاحظات والانتقادات ظل وطنياً وبرهن على حضوره مهنياً وأخلاقياً في الشارع إلى جانب أبناء شعبه ناقلاً لهمومهم ومخاوفهم ومعبراً عن تطلعاتهم وأحلامهم في العبور مجدداً إلى سورية الأمان والاستقرار والإصلاح، كما ساهم مساهمة فعالة في كشف خيوط المؤامرة وعرى حقيقة المتآمرين والمرتزقة وفضح نواياهم وأهدافهم ومن يقف خلفهم ويدعمهم.‏

فلم يعد من يقف خلف هذه الاعتداءات الجبانة مجهولاً، فالجامعة العربية وضعت نفسها في مقدمة المتهمين بعد أن سمحت لنفسها بالتطاول على الإعلام السوري والطلب من إدارتي نايلسات وعربسات وقف بث القنوات السورية الرسمية وغير الرسمية في استهداف معنوي وإجراء غير مسبوق في تاريخ هذه الجامعة التي كانت سورية من أول المؤسسين لها، ثم إن هناك دولاً بعينها تمول الإرهاب في سورية وتدفع بالإرهابيين التابعين لها لمهاجمة مؤسسات الإعلام السوري وكوادره، وهو اعتداء لم يكن ليتم لولا الضوء الأخضر التي أعطته مشيخات العار العربية لعناصرها الإرهابية لتنفث نار حقدها على الإعلام الذي فضح تآمر الأعراب على سورية وعرى خياناتهم لشعوبهم وأمتهم.‏

 

المفارقة الكبرى أن عربان اليوم ورغم امتلاكهم لمئات القنوات الفضائية التي تتاجر بالإسلام والعروبة وقضايا العرب وعلى رأسها قضية فلسطين، وحرصهم على تفريخ القنوات التي تسوق للفتنة والكراهية والقتل وتبث مشاعر الفرقة والإحباط في الجسم العربي، وتخرب بنيان المجتمع وتفسد أخلاقياته، رغم كل ذلك ضاقوا ببضع قنوات سورية تروج للعروبة والمقاومة وتقدم نموذجاً حضارياً للإسلام، ورأوا فيها عدواً حقيقياً وخطراً على وجودهم ووظيفتهم، فحاولوا بشتى السبل والأساليب منعها من البث، وأوكلوا لمرتزقتهم وعملائهم مهمة الاعتداء عليها وتصفية بعض العاملين فيها، فإلى أي درك وصل هؤلاء المستعربون، وإلى أي مستوى من السفالة والقذارة والانحطاط يمكن أن يصلوا، ربما هو سؤال من الصعب الإجابة عليها طالما هم مستمرون في غيهم وانحدارهم.‏ و"معذورون" أولئك الحكام والأمراء، ربما لأنهم لا يدركون المخاطر الحقيقية لانقيادهم من قبل الأميركيين والأوروبيين والأتراك والصهاينة، ولا يعرفون أن نهايتهم ستكون على أيدي أولئك بعد أن أيقنوا أنهم ضعاف النفوس، لا موقف لهم ولا وجوداً إلا على طاولات المقامرة و واللهو.‏

والسؤال المطروح هو: لو لم يصبح الإعلام السوري بكل أنواعه وبخاصة الفضائي منه مسموعاً ومشاهداً ومؤثراً ولو لم يستطع أن يواجه أعتى حرب إعلامية افتراضية شنت على سورية ولم يسبق لها مثيل في العصور القديمة والحديثة، فلماذا يجهد الأجانب المستعربون أمثال حمد الصغير وسعود المرتجف ومن لف لفهما لاتخاذ قرار كهذا؟.

الجواب بات معروفاً: إنهم لا يريدون أن تهشم أقنعتهم أكثر ولا أن تظهر عوراتهم بكل قبحها ولا أن تفضح مؤامراتهم كلها, ليس على سورية فقط بل على كل البلدان العربية التي ساهم إعلامهم المأجور والكاذب في تدميرها وقتل أبنائها وإثارة الفوضى العارمة فيها. أما فيما يخص سورية فهم لا يريدون أن يستكمل فضح خفايا بابا عمرو ولا أن تُكشف خيوط مجازر الحولة وتلدو والشومرية والأيادي التي قامت بارتكابها وممولوها وداعموها،ولا أن يرى الشعب العربي والرأي العام الإقليمي والعالمي الإرهابيين الليبيين والسعوديين والقطريين واللبنانيين والجزائريين والتونسيين والأتراك والأفغان والباكستانيين على شاشات الفضائيات السورية التي تبث لدول هؤلاء الإرهابيين عبر القمرين عرب سات ونايل سات وهم يدلون باعترافاتهم التي تؤكد أن تنظيم القاعدة المتحالف مع هؤلاء العربان هو الذي يرسلهم إلى سورية ليفجروا ويقتلوا الشعب السوري، وأن الجزيرة القطرية والعربية السعودية هما من يحرضهم على ارتكاب الجرائم في سورية وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وتصفية عائلات بكاملها لتقدما مادة إعلامية تفوح منها رائحة دماء الأطفال ومن ثم لتقولا من دون أن يتصدى لهما أحد إن الدولة السورية هي من ترتكب هذه المجازر.

ومن الواضح أن الباصمين على القرار ليسوا بوارد التفكير أن الدور آتٍ على بلادهم، إلا في حالة واحدة هي استمرارهم في انتهاج سياسة البصم على قرارات ربما لم يطّلعوا عليها إيماناً منهم أن سلوكهم هذا سيحمي بلادهم، ناسين أن نَهَمَ أصحاب هذا القرار إلى الدم العربي لا يتوقف عند حدّ.?وبطبيعة الحال فإن استهداف وسائل الإعلام السورية ليس أمراً جديداً، فقد كان مراسلو هذه الوسائل وعبر عدة شهور هدفاً للعديد من الاعتداءات الهمجية، وهي اعتداءات لم يتعامل معها الإعلام المحلي كما ينبغي، إذ كان من المفترض أن تتصدر هذه الاعتداءات نشرات الأخبار على مدى الساعة كي يرى العالم أجمع مدى الفكر الديمقراطي والحرّ والمنفتح الذي يتمترس خلفه فرسان الحرّية في القرن الحادي والعشرين. واليوم ماذا ستكون ردّة فعل المنظمات العالمية المدافعة عن حرية الصحافة والإعلام؟ بل ماذا ستكون ردّة فعل أصحاب الحميّة من المدافعين عن حقوق الإنسان في أن يدمر بلده، شرط أن يكون البلد المدمّر هو بلد الآخرين لا بلدهم هم؟

حكومات العالم الحرّ كلها تنتفض إذا أزعج شرطيّ ما في العالم الثالث مراهقاً يعبث بعواطف الناس ويبث الحقد والضغينة ويقامر بالأرواح عبر شبكة الانترنت، لكن هذه الحكومات تقف شريكة حقيقية في كبت وسائل ومؤسسات إعلامية بعتادها وعديدها لسبب واحد هو أنها لا تنسجم مع فكر هذه الحكومات التي قد تدافع عن حرية (إعلامي) واحد في العبث بمصير شعبه لكنها تغض النظر عن سياسة عدائية سافرة تجاه وسائل إعلام تقوم على أكتاف مئات الإعلاميين.

ومن الطبيعي أن يتصرف العدو والعملاء والخونة مثل هذا التصرف المتوقع وبطرق عديدة لأنهم يريدون إنتاج الاستعمار القديم بثوب جديد لإحكام السيطرة على مقدرات العرب وفك ارتباطهم بعروبتهم وأمتهم وبوحدتهم لتعبيد الطريق أمام الكيان الصهيوني الغاصب والحاقد لتستمر حقبة جديدة للسيطرة لتنفيذ مخططاتهم الآثمة. لقد كان هذا خطهم منذ البداية لأنهم منفذون لإرادة الأعداء وإذا وصفناهم بالعملاء نشرفهم لأن للعميل إرادة ولو كانت جزئية وهم لا إرادة لهم إلا تنفيذ رغبة أسيادهم، وهذا الموقف الجديد في شكله من قبل مجلس الجامعة لم يفاجئ الشعب السوري ولا الشارع العربي لأن ما يخطط له هؤلاء المأجورون يهدف إلى إجبار الشعب السوري على ترك قضاياه الوطنية وخصوصاً القومية والرضوخ لإسرائيل يؤكد ذلك محاولاتهم الحثيثة لتفتيت الشعب المتماسك لكنهم فشلوا وسعوا إلى تفكيك العقيدة العسكرية للجيش العربي السوري، ولن يستطيعوا وحاولوا تحطيم الوحدة الوطنية وغسل أدمغة المواطنين لإقناعهم بما يخططون له فباعد الله بينهم وبين أهدافهم وحمى الله الشعب السوري العريق من دناءة مؤامراتهم وهالهم الوعي والإدارك الذي حض الشعب وحماه وظنوا أن الأقنية الإعلامية الوطنية على قلتها هي الحامل والرافع لهذا الإدراك سيما أنه بدأ يتغلغل في عقول المواطنين في كل الأقطار لأنها الحقيقة فوجهوا هجومهم بكل طاقاته ليقيموا الحد على هذه القنوات ليكتموا الصوت الصادق والحس الحقيقي الذي استطاعت القنوات السورية أن تواجه به المؤامرة.

هذا القرار يعيدنا بالذاكرة إلى سلوك مماثل قامت به دول أوروبية منذ بضع سنوات في محاولة لإسكات قناة المنار صوت المقاومة خدمة للكيان الصهيوني، وهو نفس ما جرى مع قناة الدنيا العام الماضي، وما دام عربان الخليج باتوا مجرد حراس للمصالح الغربية والصهيونية في المنطقة فلم يعد مستغرباً أن يرتكبوا أي حماقة جديدة بحق سورية لأنها تحرجهم وتفضح ارتهانهم وعريهم وعهرهم.‏

فمن يستعرض قائمة القنوات التي تبث على القمرين النايلسات والعربسات سيصاب بالغثيان والنفور نتيجة ما يشاهده من قنوات كثيرة ليس لديها ما تروجه سوى الفتنة والكراهية والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، وهي كلها قنوات مملوكة لممالك ومشيخات العار الخليجية التي أخذت على عاتقها ضرب العروبة وتشويه الإسلام في مقابل الترويج للصهيونية العالمية وكيانها الإرهابي المصطنع والعمل على دمجه في محيطه العربي.‏

تُرى أما كان من الأجدر بالباصمين على قرار منع بثّ الفضائيات السورية أن يبصموا أيضاً على منع بثّ فضائيات الدعارة المتسترة بستار أغاني الفيديو كليب التي يكاد الفضاء العربي يتقيؤها؟ وأما كان الأجدر بالباصمين أن يدعوا إلى منع بثّ قنوات الفتنة التي تجهد على بثّ روح التناحر ليلاً ونهاراً بيت أبناء البلد الواحد؟ ثمّ ألم يفكر هؤلاء الباصمون أن واجبهم تجاه بلادهم هو أن يمنعوا تلك الفضائيات المنتقلة بكاميراتها من أرض عربية إلى أخرى لبثّ الفوضى فيها وتأليب الناس على بعضهم مستغلة جهلهم وانجرارهم الأعمى وراء غرائزهم العقائدية؟

قد ينجح هؤلاء الأوغاد في منع بث القنوات الفضائية السورية، رغم كل ما يعتري هذا السلوك من مخالفات قانونية وإساءة لميثاق الشرف الإعلامي، لأنهم يهيمنون على قرار الجامعة ويملكون المال الكافي لشراء الذمم والضمائر، ولكنهم حتما سيفشلون في معركتهم ضد سورية لأنهم يجهلون صمودها وقدرة شعبها على الإبداع وتجاوز الصعاب.‏

الدور الذي لعبه الإعلام السوري بكل أشكاله المرئي والمسموع والمقروء دفع بعض مراكز الأبحاث الإعلامية لدراسة حقيقة الوقائع في سورية، وإصدار دراسات وبحوث بهذا الشأن، منها ما أصدره مركز أبحاث العولمة الكندي في ورقته البحثية والتي جاءت تحت عنوان "الحقيقة… والبروباغاندا… والتلاعب الإعلامي" أشار فيها أن الأحداث الأخيرة في سورية والمنطقة قد كشفت عن مدى ضخامة حجم التضليل المعلوماتي الذي لم ينحصر هذه المرة في القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والوكالات الإعلامية، وإنما امتد ليشمل المواقع الإلكترونية الخاصة بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة لأفراد ومجموعات المدونين وشبكات التواصل الاجتماعي التويتر والفيسبوك، وذلك من خلال سيطرة جماعات المصالح الأميركية والأوروبية الغربية والأفراد ذوي التوجهات المعادية على الوسائل الإعلامية، كما أكد البروفيسور ميشيل خوسو دوفيسكي في دراسة أكاديمية "التضليل الإعلامي وحركة الاحتجاجات في سورية" أن وكالة الأسوشيتيد برس الأميركية وصحيفة الغارديان البريطانية وشبكة ما يسمى بالأخبار الوطنية الإسرائيلية، وموقع يا لبنان تفادت عمداً الإشارة إلى مقتل رجال الشرطة السوريين على يد العصابات المسلحة، وكذلك تغاضت عن ذكر استهداف وتدمير وحرق المنشآت المدنية على يد بعض الارهابيين وسعت هذه الوسائل بشكل أو بآخر إلى التأكيد على مزاعم تزايد الاحتجاجات والعمل على توظيف هذه الأحداث على أساس أنها تنطوي على العنف من قبل السلطات في قمعها.‏‏

 

وبدوره، أقر "فرانك لا رو" المقرر الخاص لحرية التعبير في مجلس حقوق الإنسان بأن القرار يتناقض مع مبادئ حرية التعبير، مذكراً بضرورة ألا تعوق أي دولة حرية البث الفضائي والإعلامي، وبخاصة في مثل الظروف التي تمر سورية بها، حيث يجب نقل صورة واضحة عن حقيقة ما يجري فيها للرأي العام.‏ كما أكد "سعيد دودين" مدير مؤسسة عالم واحد للبحث والإعلام في ألمانيا أن الإعلام السوري جسّد الحقيقة التي تحاول فضائيات عربية إخفاءها خدمة لأجندات تستهدف تفتيت المنطقة وقال:"إن وقف بث القنوات الفضائية السورية يعكس الخوف من الحقيقة التي يجسدها الإعلام السوري"، وأضاف: "إن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب دليل انحطاط وتخلف في الثقافة السياسية والخطورة تكمن في أن هذا القرار غير المستقل يأتي تنفيذاً للتعليمات التي تصدرها أشرس قيادات الصهيونية والتي تجلت واضحة في تصريحات الصهاينة "برنار هنري ليفي" و"جوزيف ليبرمان" و"إيلي فيزن" هؤلاء الذين يخافون الحقيقة التي يُعبّر عنها الإعلام السوري والتي شكلت خطراً أدى لانهيار منظومة أكاذيبهم".‏

فمع أن القرار شهادة امتياز للإعلام السوري وشهادة على أنه ليس قادراً على كشف فبركاتهم وكذبهم وزيف ادعاءاتهم، عن حقيقة ما يجري من أحداث مؤسفة دعموا منفذيها بالمال والسلاح فحسب، إنما ذاك القرار اعتراف واضح وصريح أن هذا الإعلام يزعجهم ويؤرقهم وإذا استمر بفضح ألاعيبهم ستلاحقهم لعنات الشعوب التي تأذت منهم إلى لحودهم، لذا لم يجدوا بداً من حجبه، لكنهم لا يدركون أن شمس الحقيقة لن يغطيها الغربال القطري والسعودي ولا الإمعان في المخطط التآمري العدواني، والإعلاميون السوريون مستمرون بإيصال رسالتهم وقادرون على تجاوز تلك القرارات ولو كلفهم ذلك حيواتهم.‏

خلاصة القول: فلتكُ وسائل الإعلام السورية وليمة لغيبوبة عربية، إعلامية، سياسية وربما بعض أخلاقية، علها على فداحتها، تشبع فيهم جوعهم الكافر للدماء وانزياحهم الأعمى لمؤامرة "الشرق الجديد المفتت"، ولكن ليس من ديمومة لأي زيف، مهما بلغ صانعوه من أساليب وطرائق ضغط وإغواء، لأن البكاء مع الراعي والضحك مع الذئاب، سيأتي على من أوكت يداه ونفخ فوه وإن بعد حين، وستزيد طرائق استهداف منع الإعلام السوري من قرائه ومشاهديه، ليس من قبيل كل ممنوع مرغوب فحسب، بل لأن أي تذاكي على المتلقي سيقلب الطاولة على صناع السياسات الإعلامية المنطلقين من التزييف والتجييش في أغلب الأحايين، موئلاً الزامياً لمضامين وبناء أخبارهم وأهدافهم.

 

  • فريق ماسة
  • 2012-09-08
  • 7908
  • من الأرشيف

إيقاف بث القنوات السورية… إرهاب إعلامي…!

  إيقاف بث القنوات السورية… إرهاب إعلامي…!في خطوة تترجم عجز المستعربين وجهلهم إزاء صمود سورية، وفي سلوك ينم عن انحطاط وخوف دفين من الكلمة الصادقة التي يقاوم بها الإعلام السوري ما تبثه فضائيات الفتنة وقنوات التحريض… قامت شركة "نايل سات" و"عرب سات" بإيقاف بث القنوات السورية، في إجراء أحادي يخالف شروط العقد المبرم مع الشركات المذكورة وينتهك مواثيق الشرف الإعلامي ويتعرض بشكل سافر وغير مبرر لأصول ومبادىء العمل الإعلامي. حيث وبقرار من مختطفي الجامعة العربية من "غربان" الخليج وممالك العار العربية وقف بث القنوات الفضائية السورية الرسمية وغير الرسمية على القمر "نايل سات" و"عرب سات " في محاولة مكشوفة وبائسة لإسكات صوت الحقيقة والواقع خدمة لقنوات الفبركة والتضليل التي تمارس دورها التخريبي داخل المجتمع السوري.   قرار إيقاف بث القنوات السورية، معيب وسيئ الصيت، قرار سياسي غير مسبوق يتناقض بشكل فاضح مع مبادئ حرية الإعلام ووثيقة تنظيم البث الفضائي العربي المعتمدة من وزراء الإعلام العرب عام 2008، ولاسيما الفقرة الرابعة من البند الخامس والتي تقضي الالتزام بمبدأ حرية استقبال البث وإعادة البث وحق المواطن العربي في استقبال ما يشاء من بث تلفزيوني صادر من أراضي أي من الدول أعضاء جامعة الدول العربية، وهو يخالف مضمون البند الرابع القاضي بإلزام هيئات البث ومقدمي خدمات البث الفضائي وإعادة البث الفضائي، ويشكل تناقضاً حاداً مع حرية الوصول إلى المعلومات التي أقرتها القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف 2003 وتوجهات لجنة الإعلام التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك حرية تدفق المعلومات والمعارف والأفكار التي يقوم عليها مجتمع المعلومات، ولابد من التأكيد والتشديد أن القرار يخالف فعلياً البند السادس من خطة المبعوث الدولي في النسخة الجديدة إلى سورية "الأخضر الإبراهيمي"، ويفضح نيات قطر والسعودية وانخراطهما في مخطط استهداف سورية.‏ فصل جديد من فصول إرهابهم على سورية، بقيادة دول عرب الخليج المرهونة لقوى خارجية أميركية صهيونية، كان تحت لواء الجامعة المسماة بالعربية، لتعلن قرارها الطلب من إدارة القمر الصناعي "عرب سات" و "نايل سات"وقف بث القنوات السورية، قرار أصدره مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية التي عُقدت في العاصمة القطرية بداية شهر حزيران، لم يستطع هذا المجلس سماع صوت الحق الصادح من أربع محطات سورية، علماً أن هناك أكثر من 800 محطة إعلامية تشن الحرب والعدوان على سورية، والقرار الذي يتناقض مع حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي ومناقض لحرية الإعلام والصحافة، كان نتيجة لما تبثه القنوات السورية عن انتهاكات كانت ترتكب بحق الشعب السوري، وتكشف المجازر المرتكبة ضده من قبل عملاء مجندين تحت لواء التيار الوهابي وكيل الإرهاب العالمي الصهيو ـ أميركي.‏ لم يأت خبر منع وسائل الإعلام السوري الشريف من البث بالمفاجأة على الشعب السوري أو حتى على من يعمل في وسائل الإعلام النظيف… فمنذ بدء الخليقة والصراع قائم بين الخير والشر الذي تمثله اليوم منابر قطرائيل وأقزام العروبة ممن اشتركوا في ممارسة الإرهاب الفكري الذي لا يقبله منطق ولا عقل ولا دين يريدون حجب القنوات الشريفة عن عيون البشرية وذلك اعترافاً منهم بالفشل الذريع أمام المنابر السورية النقية على الرغم من ضعف بعض أدواتها المادية أمام أموال مردوخ وحراس النفط الأميركي الذي سخر للجزيرة المجرمة والعربية المزيفة.‏ ورغم كل ما يتضمنه هذا القرار الجاهلي والجائر من إرهاب إعلامي واعتداء سافر على حرية الإعلام والكلمة فإنه أثبت بالدليل القاطع أن الإعلام السوري يشكل شوكة في حلق المتآمرين الساعين لإشاعة الخراب في مجتمعنا، وأنه كسب الرهان ونجح في منع الفتنة التي يروج لها هؤلاء، وإلا لما كانوا لجؤوا إلى هذا الأسلوب الإقصائي الالغائي الذي يحمل في طياته رائحة التكفير القائم على الفكر الوهابي المتعفن.‏ لقد اعتمد المخطط الوهابي على الإرهاب والإعلام لمواصلة حربه القذرة تلك فلجأ من ضمن وسائله الخبيثة إلى الإعلام خصوصاً فكان هناك خط تزويري فتنوي من خلال إعلامه المشبوه للتحريض والتعمية على الحقائق دون أدنى اعتبار للموضوعية ولقواعد القانون والأخلاق وخط قمعي إقصائي يتمثل بمحاولة خنق الإعلام الوطني السوري لمنعه من إيصال الحقائق للشعب لتسهيل إسقاط مناعته ولمنع تحصينه أمام العدوان الإعلامي المعادي.‏ يقول أحد الباحثين إن أميركا والناتو ومعهما حكومات السعودية وقطر وتركيا وظفوا مليارات الدولارات وجندوا امبراطوريات إعلامية كبرى لترويج الأكاذيب وفبركة الأفلام بل واستعادوا أفلاماً وصوراً عن أحداث خارج سورية من أجل تضليل الرأي العام المحلي والغربي والعالمي وتكوين صورة افتراضية معتمة تشوه حقيقة ما يجري في سورية: كما استهدفوا الإعلام الوطني السوري بعقوبات أميركية ثم أوروبية وحركوا مجلس الجامعة العربية ليطلب وقف القنوات الفضائية السورية ثم أوعزوا لإرهابيهم لاقتحام وتدمير الإخبارية السورية وتصفية العاملين فيها في جريمة موصوفة بشعة وغير مسبوقة، لكن كل هذه المؤامرات لم تنل من إرادة الإعلام السوري الوطني،وكما يؤكد خبير مرموق فإن الإعلام السوري خطا خطوات جبارة وسريعة في النهوض لمقاومة العدوان وكسب التحدي، فقد أظهر الإعلاميون السوريون ديناميكية عالية في القدرة على التكيف وتميزوا بحس وطني يستحق الاحترام والتقدير… وقدموا ويقدمون دماءهم ويتحدون الخطر في سبيل وطنهم.‏ في مطلق الأحوال لم يكن استهداف الإعلام السوري بأبنائه ومؤسساته بالأمر المستغرب أو غير المتوقع بعد أن شكل هذا الإعلام والعاملون فيه على مدار الأزمة التي نعيشها ظهيراً قوياً للجيش البطل الذي يفكك شبكات الإرهاب ويدك أوكارها ومعاقلها على امتداد الأرض السورية، وبعد أن أصبح رافداً ثرياً للحقيقة التي نتوخاها بين هذا الكم الهائل من التضليل والتحريض والتزييف الذي تنشره الفضائيات الشريكة في سفك الدم السوري على مدار الساعة، فالإعلام السوري ورغم كل الملاحظات والانتقادات ظل وطنياً وبرهن على حضوره مهنياً وأخلاقياً في الشارع إلى جانب أبناء شعبه ناقلاً لهمومهم ومخاوفهم ومعبراً عن تطلعاتهم وأحلامهم في العبور مجدداً إلى سورية الأمان والاستقرار والإصلاح، كما ساهم مساهمة فعالة في كشف خيوط المؤامرة وعرى حقيقة المتآمرين والمرتزقة وفضح نواياهم وأهدافهم ومن يقف خلفهم ويدعمهم.‏ فلم يعد من يقف خلف هذه الاعتداءات الجبانة مجهولاً، فالجامعة العربية وضعت نفسها في مقدمة المتهمين بعد أن سمحت لنفسها بالتطاول على الإعلام السوري والطلب من إدارتي نايلسات وعربسات وقف بث القنوات السورية الرسمية وغير الرسمية في استهداف معنوي وإجراء غير مسبوق في تاريخ هذه الجامعة التي كانت سورية من أول المؤسسين لها، ثم إن هناك دولاً بعينها تمول الإرهاب في سورية وتدفع بالإرهابيين التابعين لها لمهاجمة مؤسسات الإعلام السوري وكوادره، وهو اعتداء لم يكن ليتم لولا الضوء الأخضر التي أعطته مشيخات العار العربية لعناصرها الإرهابية لتنفث نار حقدها على الإعلام الذي فضح تآمر الأعراب على سورية وعرى خياناتهم لشعوبهم وأمتهم.‏   المفارقة الكبرى أن عربان اليوم ورغم امتلاكهم لمئات القنوات الفضائية التي تتاجر بالإسلام والعروبة وقضايا العرب وعلى رأسها قضية فلسطين، وحرصهم على تفريخ القنوات التي تسوق للفتنة والكراهية والقتل وتبث مشاعر الفرقة والإحباط في الجسم العربي، وتخرب بنيان المجتمع وتفسد أخلاقياته، رغم كل ذلك ضاقوا ببضع قنوات سورية تروج للعروبة والمقاومة وتقدم نموذجاً حضارياً للإسلام، ورأوا فيها عدواً حقيقياً وخطراً على وجودهم ووظيفتهم، فحاولوا بشتى السبل والأساليب منعها من البث، وأوكلوا لمرتزقتهم وعملائهم مهمة الاعتداء عليها وتصفية بعض العاملين فيها، فإلى أي درك وصل هؤلاء المستعربون، وإلى أي مستوى من السفالة والقذارة والانحطاط يمكن أن يصلوا، ربما هو سؤال من الصعب الإجابة عليها طالما هم مستمرون في غيهم وانحدارهم.‏ و"معذورون" أولئك الحكام والأمراء، ربما لأنهم لا يدركون المخاطر الحقيقية لانقيادهم من قبل الأميركيين والأوروبيين والأتراك والصهاينة، ولا يعرفون أن نهايتهم ستكون على أيدي أولئك بعد أن أيقنوا أنهم ضعاف النفوس، لا موقف لهم ولا وجوداً إلا على طاولات المقامرة و واللهو.‏ والسؤال المطروح هو: لو لم يصبح الإعلام السوري بكل أنواعه وبخاصة الفضائي منه مسموعاً ومشاهداً ومؤثراً ولو لم يستطع أن يواجه أعتى حرب إعلامية افتراضية شنت على سورية ولم يسبق لها مثيل في العصور القديمة والحديثة، فلماذا يجهد الأجانب المستعربون أمثال حمد الصغير وسعود المرتجف ومن لف لفهما لاتخاذ قرار كهذا؟. الجواب بات معروفاً: إنهم لا يريدون أن تهشم أقنعتهم أكثر ولا أن تظهر عوراتهم بكل قبحها ولا أن تفضح مؤامراتهم كلها, ليس على سورية فقط بل على كل البلدان العربية التي ساهم إعلامهم المأجور والكاذب في تدميرها وقتل أبنائها وإثارة الفوضى العارمة فيها. أما فيما يخص سورية فهم لا يريدون أن يستكمل فضح خفايا بابا عمرو ولا أن تُكشف خيوط مجازر الحولة وتلدو والشومرية والأيادي التي قامت بارتكابها وممولوها وداعموها،ولا أن يرى الشعب العربي والرأي العام الإقليمي والعالمي الإرهابيين الليبيين والسعوديين والقطريين واللبنانيين والجزائريين والتونسيين والأتراك والأفغان والباكستانيين على شاشات الفضائيات السورية التي تبث لدول هؤلاء الإرهابيين عبر القمرين عرب سات ونايل سات وهم يدلون باعترافاتهم التي تؤكد أن تنظيم القاعدة المتحالف مع هؤلاء العربان هو الذي يرسلهم إلى سورية ليفجروا ويقتلوا الشعب السوري، وأن الجزيرة القطرية والعربية السعودية هما من يحرضهم على ارتكاب الجرائم في سورية وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وتصفية عائلات بكاملها لتقدما مادة إعلامية تفوح منها رائحة دماء الأطفال ومن ثم لتقولا من دون أن يتصدى لهما أحد إن الدولة السورية هي من ترتكب هذه المجازر. ومن الواضح أن الباصمين على القرار ليسوا بوارد التفكير أن الدور آتٍ على بلادهم، إلا في حالة واحدة هي استمرارهم في انتهاج سياسة البصم على قرارات ربما لم يطّلعوا عليها إيماناً منهم أن سلوكهم هذا سيحمي بلادهم، ناسين أن نَهَمَ أصحاب هذا القرار إلى الدم العربي لا يتوقف عند حدّ.?وبطبيعة الحال فإن استهداف وسائل الإعلام السورية ليس أمراً جديداً، فقد كان مراسلو هذه الوسائل وعبر عدة شهور هدفاً للعديد من الاعتداءات الهمجية، وهي اعتداءات لم يتعامل معها الإعلام المحلي كما ينبغي، إذ كان من المفترض أن تتصدر هذه الاعتداءات نشرات الأخبار على مدى الساعة كي يرى العالم أجمع مدى الفكر الديمقراطي والحرّ والمنفتح الذي يتمترس خلفه فرسان الحرّية في القرن الحادي والعشرين. واليوم ماذا ستكون ردّة فعل المنظمات العالمية المدافعة عن حرية الصحافة والإعلام؟ بل ماذا ستكون ردّة فعل أصحاب الحميّة من المدافعين عن حقوق الإنسان في أن يدمر بلده، شرط أن يكون البلد المدمّر هو بلد الآخرين لا بلدهم هم؟ حكومات العالم الحرّ كلها تنتفض إذا أزعج شرطيّ ما في العالم الثالث مراهقاً يعبث بعواطف الناس ويبث الحقد والضغينة ويقامر بالأرواح عبر شبكة الانترنت، لكن هذه الحكومات تقف شريكة حقيقية في كبت وسائل ومؤسسات إعلامية بعتادها وعديدها لسبب واحد هو أنها لا تنسجم مع فكر هذه الحكومات التي قد تدافع عن حرية (إعلامي) واحد في العبث بمصير شعبه لكنها تغض النظر عن سياسة عدائية سافرة تجاه وسائل إعلام تقوم على أكتاف مئات الإعلاميين. ومن الطبيعي أن يتصرف العدو والعملاء والخونة مثل هذا التصرف المتوقع وبطرق عديدة لأنهم يريدون إنتاج الاستعمار القديم بثوب جديد لإحكام السيطرة على مقدرات العرب وفك ارتباطهم بعروبتهم وأمتهم وبوحدتهم لتعبيد الطريق أمام الكيان الصهيوني الغاصب والحاقد لتستمر حقبة جديدة للسيطرة لتنفيذ مخططاتهم الآثمة. لقد كان هذا خطهم منذ البداية لأنهم منفذون لإرادة الأعداء وإذا وصفناهم بالعملاء نشرفهم لأن للعميل إرادة ولو كانت جزئية وهم لا إرادة لهم إلا تنفيذ رغبة أسيادهم، وهذا الموقف الجديد في شكله من قبل مجلس الجامعة لم يفاجئ الشعب السوري ولا الشارع العربي لأن ما يخطط له هؤلاء المأجورون يهدف إلى إجبار الشعب السوري على ترك قضاياه الوطنية وخصوصاً القومية والرضوخ لإسرائيل يؤكد ذلك محاولاتهم الحثيثة لتفتيت الشعب المتماسك لكنهم فشلوا وسعوا إلى تفكيك العقيدة العسكرية للجيش العربي السوري، ولن يستطيعوا وحاولوا تحطيم الوحدة الوطنية وغسل أدمغة المواطنين لإقناعهم بما يخططون له فباعد الله بينهم وبين أهدافهم وحمى الله الشعب السوري العريق من دناءة مؤامراتهم وهالهم الوعي والإدارك الذي حض الشعب وحماه وظنوا أن الأقنية الإعلامية الوطنية على قلتها هي الحامل والرافع لهذا الإدراك سيما أنه بدأ يتغلغل في عقول المواطنين في كل الأقطار لأنها الحقيقة فوجهوا هجومهم بكل طاقاته ليقيموا الحد على هذه القنوات ليكتموا الصوت الصادق والحس الحقيقي الذي استطاعت القنوات السورية أن تواجه به المؤامرة. هذا القرار يعيدنا بالذاكرة إلى سلوك مماثل قامت به دول أوروبية منذ بضع سنوات في محاولة لإسكات قناة المنار صوت المقاومة خدمة للكيان الصهيوني، وهو نفس ما جرى مع قناة الدنيا العام الماضي، وما دام عربان الخليج باتوا مجرد حراس للمصالح الغربية والصهيونية في المنطقة فلم يعد مستغرباً أن يرتكبوا أي حماقة جديدة بحق سورية لأنها تحرجهم وتفضح ارتهانهم وعريهم وعهرهم.‏ فمن يستعرض قائمة القنوات التي تبث على القمرين النايلسات والعربسات سيصاب بالغثيان والنفور نتيجة ما يشاهده من قنوات كثيرة ليس لديها ما تروجه سوى الفتنة والكراهية والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، وهي كلها قنوات مملوكة لممالك ومشيخات العار الخليجية التي أخذت على عاتقها ضرب العروبة وتشويه الإسلام في مقابل الترويج للصهيونية العالمية وكيانها الإرهابي المصطنع والعمل على دمجه في محيطه العربي.‏ تُرى أما كان من الأجدر بالباصمين على قرار منع بثّ الفضائيات السورية أن يبصموا أيضاً على منع بثّ فضائيات الدعارة المتسترة بستار أغاني الفيديو كليب التي يكاد الفضاء العربي يتقيؤها؟ وأما كان الأجدر بالباصمين أن يدعوا إلى منع بثّ قنوات الفتنة التي تجهد على بثّ روح التناحر ليلاً ونهاراً بيت أبناء البلد الواحد؟ ثمّ ألم يفكر هؤلاء الباصمون أن واجبهم تجاه بلادهم هو أن يمنعوا تلك الفضائيات المنتقلة بكاميراتها من أرض عربية إلى أخرى لبثّ الفوضى فيها وتأليب الناس على بعضهم مستغلة جهلهم وانجرارهم الأعمى وراء غرائزهم العقائدية؟ قد ينجح هؤلاء الأوغاد في منع بث القنوات الفضائية السورية، رغم كل ما يعتري هذا السلوك من مخالفات قانونية وإساءة لميثاق الشرف الإعلامي، لأنهم يهيمنون على قرار الجامعة ويملكون المال الكافي لشراء الذمم والضمائر، ولكنهم حتما سيفشلون في معركتهم ضد سورية لأنهم يجهلون صمودها وقدرة شعبها على الإبداع وتجاوز الصعاب.‏ الدور الذي لعبه الإعلام السوري بكل أشكاله المرئي والمسموع والمقروء دفع بعض مراكز الأبحاث الإعلامية لدراسة حقيقة الوقائع في سورية، وإصدار دراسات وبحوث بهذا الشأن، منها ما أصدره مركز أبحاث العولمة الكندي في ورقته البحثية والتي جاءت تحت عنوان "الحقيقة… والبروباغاندا… والتلاعب الإعلامي" أشار فيها أن الأحداث الأخيرة في سورية والمنطقة قد كشفت عن مدى ضخامة حجم التضليل المعلوماتي الذي لم ينحصر هذه المرة في القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والوكالات الإعلامية، وإنما امتد ليشمل المواقع الإلكترونية الخاصة بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة لأفراد ومجموعات المدونين وشبكات التواصل الاجتماعي التويتر والفيسبوك، وذلك من خلال سيطرة جماعات المصالح الأميركية والأوروبية الغربية والأفراد ذوي التوجهات المعادية على الوسائل الإعلامية، كما أكد البروفيسور ميشيل خوسو دوفيسكي في دراسة أكاديمية "التضليل الإعلامي وحركة الاحتجاجات في سورية" أن وكالة الأسوشيتيد برس الأميركية وصحيفة الغارديان البريطانية وشبكة ما يسمى بالأخبار الوطنية الإسرائيلية، وموقع يا لبنان تفادت عمداً الإشارة إلى مقتل رجال الشرطة السوريين على يد العصابات المسلحة، وكذلك تغاضت عن ذكر استهداف وتدمير وحرق المنشآت المدنية على يد بعض الارهابيين وسعت هذه الوسائل بشكل أو بآخر إلى التأكيد على مزاعم تزايد الاحتجاجات والعمل على توظيف هذه الأحداث على أساس أنها تنطوي على العنف من قبل السلطات في قمعها.‏‏   وبدوره، أقر "فرانك لا رو" المقرر الخاص لحرية التعبير في مجلس حقوق الإنسان بأن القرار يتناقض مع مبادئ حرية التعبير، مذكراً بضرورة ألا تعوق أي دولة حرية البث الفضائي والإعلامي، وبخاصة في مثل الظروف التي تمر سورية بها، حيث يجب نقل صورة واضحة عن حقيقة ما يجري فيها للرأي العام.‏ كما أكد "سعيد دودين" مدير مؤسسة عالم واحد للبحث والإعلام في ألمانيا أن الإعلام السوري جسّد الحقيقة التي تحاول فضائيات عربية إخفاءها خدمة لأجندات تستهدف تفتيت المنطقة وقال:"إن وقف بث القنوات الفضائية السورية يعكس الخوف من الحقيقة التي يجسدها الإعلام السوري"، وأضاف: "إن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب دليل انحطاط وتخلف في الثقافة السياسية والخطورة تكمن في أن هذا القرار غير المستقل يأتي تنفيذاً للتعليمات التي تصدرها أشرس قيادات الصهيونية والتي تجلت واضحة في تصريحات الصهاينة "برنار هنري ليفي" و"جوزيف ليبرمان" و"إيلي فيزن" هؤلاء الذين يخافون الحقيقة التي يُعبّر عنها الإعلام السوري والتي شكلت خطراً أدى لانهيار منظومة أكاذيبهم".‏ فمع أن القرار شهادة امتياز للإعلام السوري وشهادة على أنه ليس قادراً على كشف فبركاتهم وكذبهم وزيف ادعاءاتهم، عن حقيقة ما يجري من أحداث مؤسفة دعموا منفذيها بالمال والسلاح فحسب، إنما ذاك القرار اعتراف واضح وصريح أن هذا الإعلام يزعجهم ويؤرقهم وإذا استمر بفضح ألاعيبهم ستلاحقهم لعنات الشعوب التي تأذت منهم إلى لحودهم، لذا لم يجدوا بداً من حجبه، لكنهم لا يدركون أن شمس الحقيقة لن يغطيها الغربال القطري والسعودي ولا الإمعان في المخطط التآمري العدواني، والإعلاميون السوريون مستمرون بإيصال رسالتهم وقادرون على تجاوز تلك القرارات ولو كلفهم ذلك حيواتهم.‏ خلاصة القول: فلتكُ وسائل الإعلام السورية وليمة لغيبوبة عربية، إعلامية، سياسية وربما بعض أخلاقية، علها على فداحتها، تشبع فيهم جوعهم الكافر للدماء وانزياحهم الأعمى لمؤامرة "الشرق الجديد المفتت"، ولكن ليس من ديمومة لأي زيف، مهما بلغ صانعوه من أساليب وطرائق ضغط وإغواء، لأن البكاء مع الراعي والضحك مع الذئاب، سيأتي على من أوكت يداه ونفخ فوه وإن بعد حين، وستزيد طرائق استهداف منع الإعلام السوري من قرائه ومشاهديه، ليس من قبيل كل ممنوع مرغوب فحسب، بل لأن أي تذاكي على المتلقي سيقلب الطاولة على صناع السياسات الإعلامية المنطلقين من التزييف والتجييش في أغلب الأحايين، موئلاً الزامياً لمضامين وبناء أخبارهم وأهدافهم.  

المصدر : مصطفى قطبي\ بانوراما الشرق الاوسط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة