دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
محفوفة بالعنف والمبالغة جاءت معظم مسلسلات الدراما السورية لهذا العام في محاكاة لحالة تعيشها البلاد منذ فترة تقارب السنتين فأخفقت بأن تكون ملجأ للتخفيف من أعباء يوم طويل أو ملاذاً للتسلية من قسوة نشرات الأخبار وذلك بكافة أنواعها سواء أكانت كوميديا ساخرة أم دراما اجتماعية واقعية مثلها مثل مسلسل (ساعات الجمر) الجزء الثاني من مسلسل (الولادة من الخاصرة) الذي وإن استكمل تفاصيل الحكايات المؤلمة التي قدمها في الفصل الأول إلا أنه جاء أكثر عنفا ومبالغة وتهويلا هذا العام.
المسلسل الذي حاول تقديم نماذج من واقع المجتمع السوري لجأ بشكل غير مباشر إلى تقديم صورة تحاكي العنف الذي يعيشه السوريون اليوم عبر تقديم نموذج الإرهاب ممثلا بـ (أبو نبال شيخ الوادي.. باسم ياخور) والفئات التي يستهدف تجنيدها لصالحه من الشعب ممثلة بـ (جابر.. قصي خولي) الشاب الفقير الذي امتحنته الحياة في مواضع كثيرة سببت له ألماً دفعه إلى تغيير نهج حياته القائم على المحبة وفعل الخير إضافة إلى (رندة) الطالبة الجامعية البسيطة التي يسهل التأثير عليها تحت سطوة المال.
اعتمد المسلسل التشويق والإثارة من خلال حشد أساليب عدة للعنف مارسها (أبو نبال) فمرة يقطع رجل (أبو مقداد) لتحرشه بالفتاة التي تخصه وأخرى يلاحق مدير الناحية وعائلته ويعريه في الشارع مجبرا إياه على تسجيل فيديو يبتزه فيه لاحقا مقابل أن يخرج أخيه من السجن في غياب غير منطقي للمارة ممن قد يشاهدون هذا الفعل ويحاولون إنقاذ مدير الناحية وثالثة يقتحم منزلا محروسا بعناصر الأمن يعود لصاحب مطعم كان علم بوشايته ضده للشرطة.
أما الحبكة الدرامية في (ساعات الجمر) فافتقدت للمنطق والواقعية في نواح كثيرة فالطريقة التي أخرج بها الضابط (رؤوف.. عابد فهد) من السجن بعد تهم عدة ثبتت ضده في الجزء الأول كانت بعيدة عن أن يقبل بها عقل المشاهد السوري وإن كان يعي مسارب الفساد التي تطول بعض جوانب مجتمعه لكن ليس لدرجة أن تتمكن ابنة (رؤوف) ذات الثمانية عشر ربيعا من استخدام معلومات قدمها والدها لها للإفراج عنه.
الأمر ذاته تكرر بالنسبة للعلاقة التي جمعت (جابر) ب(أبو نبال) إذ شابها كثير من الغموض والعجالة في طرح الموضوع في محاولة لجمع نموذج في غاية البساطة بآخر يمثل قمة الشر وهو أمر وإن كان يحصل كثيرا في أغلب المجتمعات إلا أنه أتى بطريقة ساذجة ومبالغ بها ضمن العمل لاسيما حين حاول جعل النموذجين يتقاربان وتتعمق علاقتهما بطريقة غريبة ومريبة أيضا.
كما حاول المسلسل تقديم نماذج أخرى تلطيفا لأجواء العنف عبر مواقف كوميدية خفيفة لكنها لم تنجح في التخفيف من وطأة القسوة التي صبغت معظم المشاهد حال (أم الزين.. شكران مرتجى) التي اعتمدت اللهجة الحلبية لإضفاء مسحة الكوميديا على دورها و(أبو حسام.. عبد الهادي صباغ) الغارق في ذكرى مشاركته بحرب تشرين التحريرية معتبراً إياها مصباح الضوء الذي يسلطه على كل مواقف حياته.
أي أن مسلسل (ساعات الجمر) شكل جرعة من الألم والعنف والخوف عبر مجموعة من المشاكل والمواقف الصعبة التي تتعرض لها الشخصيات فسطت القسوة وحرارة الجمر على ساعات حلقاته تاركة المشاهد السوري متخبطا بين واقع عنيف يشهده يوميا في ظل الوضع الراهن وبين أمل بأن يكون للخير حضوره بما من شأنه أن يمحو قسوة الألم وسطوة الظلم والعنف فتمنحه الراحة التي أثقل كاهله البحث عنها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة