من حيث أراد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أن يدافع عن سياسة حكومته تجاه سورية في مواجهة تشكيك المعارضة والرأي العام التركي بجدواها،أوقع نفسه في ما كان يتهمه به خصومه حين قال «إما الشرق الأوسط الجديد وإما الفوضى»، في تماه كامل مع المخططات الأميركية للمنطقة، وعرض لذرائع ممكن أن تستخدمها بلاده للعدوان ضد سورية منها إنشاء منطقة عازلة للسوريين الفارين إلى بلاده، أو لـ«محاربة الإرهاب».

في غضون ذلك، تواصل أنقرة وواشنطن تنسيقهما لـ«تسريع الانتقال السياسي في سورية من دون (الرئيس) بشار الأسد».

وقال وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو خلال لقاء مع ممثلي وسائل إعلام تركية في معرض دفاعه عن السياسة التي انتهجتها حكومة حزب العدالة والتنمية في سورية: أن أنقرة «منذ البداية توقعت أن الحال مع سورية سيكون أصعب بكثير من ليبيا ومصر»، وأضاف «(كان) أمامنا ثلاثة خيارات: الأول أن نقف إلى جانب السلطات السورية.. الثاني: سياسة عدم التدخل، كما كان الوضع في العراق (إبان الغزو الأميركي عام 2003)، والثالث هو السياسة التي تتخذها الحكومة التركية حالياً إزاء سورية».

وتتعرض الإستراتيجية التركية التي يقودها داوود أوغلو تحت مسمى «صفر مشاكل» و«العمق الإستراتيجي»، لانتقادات حادة في تركيا، واصفةً إياها بـ«صفر سياسة» و«العمى الإستراتيجي».

وزعم داوود أوغلو أن «الفوضى وبقاء السلطات الحالية في سورية من شأنها تحويل البلاد إلى لبنان جديدة، وتقضي بالتالي على وحدة وتماسك سورية واستقلاليتها» الأمر الذي ترفضه بلاده، لكنه اعتبر أن «المنطقة تشهد تغييراً كبيراً، فإما القبول بشرق أوسط جديد أو القبول بالفوضى»، في إشارة إلى المشروع الذي روجت له وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس أيام حرب تموز، عندما اعتبرت العدوان الإسرائيلي في 2006 على جنوب لبنان بمثابة «مخاض لشرق أوسط جديد».

وتعتبر أوساط معارضة وأكاديمية تركية أن سياسات العدالة والتنمية هي جزء من الإستراتيجية الأميركية في المنطقة القائمة على دعم الإسلاميين المتوافقين مع إسرائيل وتفتيت المنطقة.

وأضاف داوود أوغلو الذي يعتبر أبرز المنظرين الأتراك لفكر «العثمانيين الجدد»، «أن التغيير الذي تشهده المنطقة يعد التغيير الأهم والأكبر في المئة عام الأخيرة»، مشيراً بذلك إلى سقوط السلطنة العثمانية.

وكرر تهديدات بلاده التي لا تسمن ولا تغني من جوع بشأن تواجد «منظمات إرهابية» على حدود بلاده مع سورية سواء أكان حزب العمال الكردستاني أم تنظيم القاعدة أم غيرهما، قائلاً إن تركيا «لن تسمح في حال من الأحوال بوجودها»، واعتبر أن «وجود مثل تلك المنظمات على حدود تركيا سيعطيها المشروعية والحق للدفاع عن نفسها، وسيكون من حقها أيضاً اتخاذ جميع التدابير اللازمة»، ملمحاً إلى التدخل العسكري ضد سورية، وأضاف إن السلطات التركية تعلم عدد وأماكن مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين تسللوا إلى سورية.

وتجاهل المسؤول التركي ما تقوم به بلاده من دعم للمجموعات الإرهابية وللمقاتلين العرب، الذين يجدون ملاذاً آمناً لهم على الأراضي التركية.

وكانت أنقرة افتعلت ضجة كبيرة بشأن مزاعم روجت لها عن تسليم السلطات السورية لخمس مدن في محافظة الحسكة إلى حزب العمال الكردستاني، وذلك بغية تبرير تدخل عسكري تحضر له بالتعاون مع واشنطن.

ومستكملاً تحضير الذرائع للتدخل العسكري ضد سورية، أشار داوود أوغلو إلى أنه في حال وصل عدد السوريين الفارين إلى بلاده من عنف المجموعات الإرهابية المسلحة، إلى 100 ألف فإن بلاده قد تقيم منطقة عازلة لاستيعابهم، ومضى يقول: «هذه المنطقة يمكن أن تقام في سورية وليس في تركيا بواسطة المجتمع الدولي».

وأبدى الوزير التركي انزعاجاً من طريقة إدارة الأمم المتحدة للأزمة في سورية، في تلميح إلى دور روسيا والصين اللتين عطلتا خطط الدول الغربية والعربية للتدخل ضد سورية، وقال: إن «الأزمة السورية بمثابة امتحان جاد لمنظمة الأمم المتحدة، لكنها بطيئة في معالجتها»، واعتبر أن الأزمة في سورية تملي الضرورة لعملية إصلاح شاملة للمنظمة الدولية.

وفي واشنطن، قال البيت الأبيض في بيان له إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «تحادثا هاتفياً اليوم (الإثنين) لتنسيق جهودهما من أجل تسريع الانتقال السياسي في سورية، وعلى أن يتضمن ذلك رحيل (الرئيس) بشار الأسد والاستجابة لمتطلبات الشعب السوري».

وأعرب أوباما وأردوغان عن «قلقهما المتصاعد» مما وصفاه «الهجمات الوحشية التي يشنها النظام السوري على شعبه وآخرها في حلب» على حد زعمهما، ووعدا «بتنسيق جهودهما لمساعدة العدد الأكبر من النازحين السوريين ليس فقط في سورية ولكن أيضاً في تركيا وفي كل المنطقة».

وفي هذا السياق، أشاد أوباما بـ«سخاء الأتراك» في الوقت الذي تستقبل فيه تركيا نحو 44 ألف سوري هربوا من أعمال العنف في بلادهم في عشر مخيمات للاجئين.

وعلى وقع التهديد الإيراني لتركيا بعدم تغيير «قواعد اللعبة» مع دمشق وإلا فعلت اتفاقية الدفاع المشترك مع سورية، وصل مساعد وزير الخارجية التركية لشؤون الشرق الأوسط خالد تشاويك أمس إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين بينهم وزير الخارجية علي أكبر صالحي ومساعده لشؤون آسيا والمحيط الهادئ عباس عراقجي، تتعلق بالأوضاع في المنطقة وبالأخص في سورية، بحسب ما نقلت وكالة (مهر) الإيرانية للأنباء.

ويوم الأحد، قال مصدر دبلوماسي عربي في اتصال مع «الوطن» من العاصمة التركية أنقرة، إن تركيا تلقت خلال الساعات الماضية تحذيرات إيرانية شديدة اللهجة ورسالة مفادها: إياكم وتغيير قواعد اللعبة، وذلك في رد واضح على التهديدات الأخيرة لرئيس الوزراء التركي بأن بلاده قد توجه ضربات للمقاتلين الأكراد داخل الأراضي السورية.

 الوطن

  • فريق ماسة
  • 2012-07-31
  • 12855
  • من الأرشيف

داوود أوغلو متماهياً مع المخططات الأميركية للمنطقة: إما الشرق الأوسط الجديد وإما الفوضى

من حيث أراد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أن يدافع عن سياسة حكومته تجاه سورية في مواجهة تشكيك المعارضة والرأي العام التركي بجدواها،أوقع نفسه في ما كان يتهمه به خصومه حين قال «إما الشرق الأوسط الجديد وإما الفوضى»، في تماه كامل مع المخططات الأميركية للمنطقة، وعرض لذرائع ممكن أن تستخدمها بلاده للعدوان ضد سورية منها إنشاء منطقة عازلة للسوريين الفارين إلى بلاده، أو لـ«محاربة الإرهاب». في غضون ذلك، تواصل أنقرة وواشنطن تنسيقهما لـ«تسريع الانتقال السياسي في سورية من دون (الرئيس) بشار الأسد». وقال وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو خلال لقاء مع ممثلي وسائل إعلام تركية في معرض دفاعه عن السياسة التي انتهجتها حكومة حزب العدالة والتنمية في سورية: أن أنقرة «منذ البداية توقعت أن الحال مع سورية سيكون أصعب بكثير من ليبيا ومصر»، وأضاف «(كان) أمامنا ثلاثة خيارات: الأول أن نقف إلى جانب السلطات السورية.. الثاني: سياسة عدم التدخل، كما كان الوضع في العراق (إبان الغزو الأميركي عام 2003)، والثالث هو السياسة التي تتخذها الحكومة التركية حالياً إزاء سورية». وتتعرض الإستراتيجية التركية التي يقودها داوود أوغلو تحت مسمى «صفر مشاكل» و«العمق الإستراتيجي»، لانتقادات حادة في تركيا، واصفةً إياها بـ«صفر سياسة» و«العمى الإستراتيجي». وزعم داوود أوغلو أن «الفوضى وبقاء السلطات الحالية في سورية من شأنها تحويل البلاد إلى لبنان جديدة، وتقضي بالتالي على وحدة وتماسك سورية واستقلاليتها» الأمر الذي ترفضه بلاده، لكنه اعتبر أن «المنطقة تشهد تغييراً كبيراً، فإما القبول بشرق أوسط جديد أو القبول بالفوضى»، في إشارة إلى المشروع الذي روجت له وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس أيام حرب تموز، عندما اعتبرت العدوان الإسرائيلي في 2006 على جنوب لبنان بمثابة «مخاض لشرق أوسط جديد». وتعتبر أوساط معارضة وأكاديمية تركية أن سياسات العدالة والتنمية هي جزء من الإستراتيجية الأميركية في المنطقة القائمة على دعم الإسلاميين المتوافقين مع إسرائيل وتفتيت المنطقة. وأضاف داوود أوغلو الذي يعتبر أبرز المنظرين الأتراك لفكر «العثمانيين الجدد»، «أن التغيير الذي تشهده المنطقة يعد التغيير الأهم والأكبر في المئة عام الأخيرة»، مشيراً بذلك إلى سقوط السلطنة العثمانية. وكرر تهديدات بلاده التي لا تسمن ولا تغني من جوع بشأن تواجد «منظمات إرهابية» على حدود بلاده مع سورية سواء أكان حزب العمال الكردستاني أم تنظيم القاعدة أم غيرهما، قائلاً إن تركيا «لن تسمح في حال من الأحوال بوجودها»، واعتبر أن «وجود مثل تلك المنظمات على حدود تركيا سيعطيها المشروعية والحق للدفاع عن نفسها، وسيكون من حقها أيضاً اتخاذ جميع التدابير اللازمة»، ملمحاً إلى التدخل العسكري ضد سورية، وأضاف إن السلطات التركية تعلم عدد وأماكن مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين تسللوا إلى سورية. وتجاهل المسؤول التركي ما تقوم به بلاده من دعم للمجموعات الإرهابية وللمقاتلين العرب، الذين يجدون ملاذاً آمناً لهم على الأراضي التركية. وكانت أنقرة افتعلت ضجة كبيرة بشأن مزاعم روجت لها عن تسليم السلطات السورية لخمس مدن في محافظة الحسكة إلى حزب العمال الكردستاني، وذلك بغية تبرير تدخل عسكري تحضر له بالتعاون مع واشنطن. ومستكملاً تحضير الذرائع للتدخل العسكري ضد سورية، أشار داوود أوغلو إلى أنه في حال وصل عدد السوريين الفارين إلى بلاده من عنف المجموعات الإرهابية المسلحة، إلى 100 ألف فإن بلاده قد تقيم منطقة عازلة لاستيعابهم، ومضى يقول: «هذه المنطقة يمكن أن تقام في سورية وليس في تركيا بواسطة المجتمع الدولي». وأبدى الوزير التركي انزعاجاً من طريقة إدارة الأمم المتحدة للأزمة في سورية، في تلميح إلى دور روسيا والصين اللتين عطلتا خطط الدول الغربية والعربية للتدخل ضد سورية، وقال: إن «الأزمة السورية بمثابة امتحان جاد لمنظمة الأمم المتحدة، لكنها بطيئة في معالجتها»، واعتبر أن الأزمة في سورية تملي الضرورة لعملية إصلاح شاملة للمنظمة الدولية. وفي واشنطن، قال البيت الأبيض في بيان له إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «تحادثا هاتفياً اليوم (الإثنين) لتنسيق جهودهما من أجل تسريع الانتقال السياسي في سورية، وعلى أن يتضمن ذلك رحيل (الرئيس) بشار الأسد والاستجابة لمتطلبات الشعب السوري». وأعرب أوباما وأردوغان عن «قلقهما المتصاعد» مما وصفاه «الهجمات الوحشية التي يشنها النظام السوري على شعبه وآخرها في حلب» على حد زعمهما، ووعدا «بتنسيق جهودهما لمساعدة العدد الأكبر من النازحين السوريين ليس فقط في سورية ولكن أيضاً في تركيا وفي كل المنطقة». وفي هذا السياق، أشاد أوباما بـ«سخاء الأتراك» في الوقت الذي تستقبل فيه تركيا نحو 44 ألف سوري هربوا من أعمال العنف في بلادهم في عشر مخيمات للاجئين. وعلى وقع التهديد الإيراني لتركيا بعدم تغيير «قواعد اللعبة» مع دمشق وإلا فعلت اتفاقية الدفاع المشترك مع سورية، وصل مساعد وزير الخارجية التركية لشؤون الشرق الأوسط خالد تشاويك أمس إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين بينهم وزير الخارجية علي أكبر صالحي ومساعده لشؤون آسيا والمحيط الهادئ عباس عراقجي، تتعلق بالأوضاع في المنطقة وبالأخص في سورية، بحسب ما نقلت وكالة (مهر) الإيرانية للأنباء. ويوم الأحد، قال مصدر دبلوماسي عربي في اتصال مع «الوطن» من العاصمة التركية أنقرة، إن تركيا تلقت خلال الساعات الماضية تحذيرات إيرانية شديدة اللهجة ورسالة مفادها: إياكم وتغيير قواعد اللعبة، وذلك في رد واضح على التهديدات الأخيرة لرئيس الوزراء التركي بأن بلاده قد توجه ضربات للمقاتلين الأكراد داخل الأراضي السورية.  الوطن

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة