دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
سلطت مجلة «فورين بوليسي» الضوء، أمس، على مدى تغلغل «الجهاديين» في الحراك السوري ودورهم في «تخريب» ذلك الحراك، في تحقيق للكاتب المتخصص في الملف الجهادي آرون زيلن الذي تناول دور»جبهة النصرة» ومسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية الأخيرة، تحت عنوان ما يسمى بـ«الجهاديين الجدد».
واعتبر زيلن أن سوريا عاشت هذا الشهر أسوأ هجوم إرهابي تشهده منذ عقود بعد انفجار سيارتين قرب مقر فرع للاستخبارات العسكرية في دمشق، موديا بحياة 55 شخصاً وجرح المئات.
في البداية، ظهر أن النظام السوري يمتلك الأدلة حول الجهة المسؤولة، حيث انتشر، في الثاني عشر من الشهر الحالي، تسجيل مصور لفرع فلسطيني للمجموعة الجهادية المسماة «جبهة النصرة»، تتبنى فيه المسؤولية عن الهجوم. ولكن بعد يومين، أصدرت «جبهة النصرة» بياناً نفت فيه نشرها للشريط، من دون أن تنفي تنفيذها الهجوم. وبدلاً من ذلك، قالت وسائل إعلام «الجبهة» إنها «لم تسمع بعد من قادة الجناح العسكري عما إذا كانوا قد نفذوا عمليتي التفجير».
علّق كاتب «فورين بوليسي» على ما سبق، بالقول «سواء كانت (جبهة النصرة) متورطة في هجوم دمشق أم لا، فهي قد تحولت إلى قوة حقيقية خلال الأسابيع الأخيرة، مهددة بتقويض الجيش السوري الحر، المكون من منشقين عن الجيش النظامي وميليشيات محلية».
أوضح الكاتب أن «جبهة النصرة أعلنت عن وجودها للمرة الأولى في 23 كانون الثاني في تسجيل مصور تمّ توزيعه على منتديات الجهاديين حول العالم، وظهر فيه الناطق باسمها الفاتح أبو محمد الجولاني. وفي التسجيل، استعاد الجولاني الشعارات الجهادية المعتادة، كما اتهم الولايات المتحدة والجامعة العربية وتركيا وإيران والغرب بالتعاون مع نظام الأسد ضد المسلمين (السنة). كما يظهر الشريط العشرات من العناصر الذين يتدربون بينما يحملون رشاشات»أ ك 47» في منطقة صحراوية وتظهر أعلام كبيرة تحمل كلمات الشهادة، وتشبه تلك التي يستخدمها الأصوليون في أنحاء الشرق الأوسط.
وفيما قد تنجح هجمات «جبهة النصرة» في توجيه ضربات موجعة، والكلام للكاتب، إلا أن الواضح أنها لا تمثل سوى جزء محدود جداً من المعارضة السورية، كما أن لا شيء ظاهراً يربطها بـ«الجيش السوري الحر». في المقابل، لفت زيلن إلى أن أعضاء منتديات «القاعدة» المعروفة على الانترنت أعربوا عن سرورهم الكبير بولادة منظمة جهادية جديدة في سوريا. وإلى جانب «القاعدة الشعبية» التي شكلتها على الانترنت، حظيت «جبهة النصرة» بدعم العديد من المنظرين الجهاديين مثل الشيخ أبو سعد العاملي (وهو كاتب مقالات بارز على الانترنت) والشيخ أبو المنذر الشنقيطي (منظر بارز ذو نفوذ عالمي) والشيخ أبو محمد الطحاوي (سلفي أردني بارز) والشيخ أبو الزهراء الزبيدي (وهو جهادي لبناني). وقد وجه هؤلاء دعوة إلى جميع المسلمين من أجل تأييد قضية «جبهة النصرة»، إما عبر المساعدة المالية أو عبر الانضمام إليها في ساحة المعركة.
وفيما ذكر الكاتب بأن الأسد ما زال مصراً منذ بدء الانتفاضة على أنه يحارب إرهابيين أجانب، تشير التقارير إلى أن هناك توجهاً من مسلمين غير سوريين لمحاربة الأسد، رغم أن حركة الاحتجاجات الداخلية تشكل أغلبية من المعارضة. وقال الكاتب «على الرغم من عدم وجود ما يؤكد أن هؤلاء المقاتلين ينضمون لـ(جبهة النصرة)، إلا أن الأدلة الراهنة تثبت أن الجبهة تقوم بعمليات تجنيد جديدة، لأجانب ومحليين، من أجل تعزيز قدراتها. ويردف «في وقت قامت (جبهة النصرة) بثلاث عمليات من كانون الثاني حتى أواسط نيسان، فإن وتيرة عملياتها تكشف احتمال تلقيها دعماً جديداً».
وأشار الكاتب إلى أن «الجبهة» بثت ثلاثة تسجيلات مصورة بعد ذاك الذي أعلنت فيه عن وجودها. الأول، وضع على منتديات الجهاديين في 26 شباط، ادّعى المسؤولية عن هجوم انتحاري مزدوج على مبنى لقوات الأمن السورية في حلب في وقت سابق من ذلك الشهر. الثاني نشر في نيسان تضمن خطبة دينية تحث الأفراد على الانضمام للجهاد ضد الأسد وأتباعه العلويين. أما الأحدث فنشر أواخر شهر نيسان ناشدوا فيه الأفراد للانضمام لقضيتهم.
من جهة ثانية، قال زيلن إن «المنظمة الجهادية الناشئة عارضت بشدة خطة كوفي أنان لوقف إطلاق النار، واصفة إياها بالمخادعة. كما اعتبرت (جبهة النصرة) أن الهدنة المقترحة هي حيلة غربية لتقويض قدرة الشعب السوري».
وفي النهاية، لفت الكاتب إلى أهمية الانتباه إلى أن «جبهة النصرة» ركزت في قتالها ضدّ النظام على الأهداف العسكرية، فيما يوحي بأنها «تعلمت من تجربة (القاعدة) في العراق، حيث وجدت أن قتل المدنيين يبعد الداعمين المحتملين لها. وختم زيلن بالقول إن «(جبهة النصرة) لو نجحت في تجنيد أعداد كبيرة، إلا أنها تظل تشكل إزعاجاً ليس فقط للنظام، إنما لـ(الجيش السوري الحرّ) الذي يسعى لتعزيز شرعيته بهدف الحصول على دعم عسكري لقضيته. وفي ظلّ الفوضى التي تعمّ سوريا، تمثل (جبهة النصرة) عنصر تدمير في صراع لا أفق واضحاً له».
(«السفير»)
المصدر :
السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة