ما إن احتلت إسرائيل مدينة القدس عام 1967، حتى أعلنت ضمها لدولة الاحتلال، معلنة المدينة «عاصمتها الأبدية والموحدة»، في محاولة منها لطمس معالم المدينة الفلسطينية، التاريخية والدينية، وهو ما فشلت في تحقيقه، إضافة الى أنها لم تحصل على اعتراف دولي بفكرة «الضم والتوحيد». إسرائيل قررت الاحتفال بيوم احتلالها هذا بأسلوبها الخاص كما كل عام: اقتحام المسجد الأقصى من قبل يهود متطرفين، وعقد جلسة خاصة للحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو في تلة الذخيرة في القدس الشرقية المحتلة.

 

وفي هذا اليوم من كل عام، تُنظم جماعات استيطانية متطرفة مسيرات استفزازية ضخمة تضم عشرات الآلاف من المستوطنين في مدينة القدس المحتلة، لمناسبة ما يسمى «ذكرى توحيد القدس» حسب التقويم العبري، وهو التاريخ الذي جرى فيه احتلال المدينة المقدسة على أيدي قوات الاحتلال عام 1967.

ومن أجل هذه الغاية، شهدت مدينة القدس بأحيائها وشوارعها، وخصوصاً أزقة البلدة القديمة، انتشاراً مكثفاً، من قوات الشرطة وحرس الحدود لتوفير الحماية والتسهيلات لعشرات الآلاف من اليهود القادمين سيراً على الأقدام باتجاه أحياء البلدة القديمة وحائط البراق، وضمت المسيرة نحو 50 ألف مستوطن، دخلوا من باب الخليل وشارع داود والسلسلة وباب العامود. وتحت حماية شرطة الاحتلال، اقتحم قرابة 70 مستوطناً من المتطرفين باحات المسجد الأقصى، وتجولوا في باحاته، محاولين إقامة طقوسهم «التلمودية» بداخله، فيما تواجد حراس المسجد في المكان لمنع اندلاع مواجهات بين المستوطنين والمصلين داخل المسجد.

المقدسيون من الفلسطينيين تواجدوا بأعداد كبيرة ورابطوا في المسجد الأقصى لمنع المستوطنين من الدخول اليه رغم محاولات كبيرة لهم لتدنيس باحة المسجد الأقصى. وأفاد المتحدث باسم شرطة الاحتلال، ميكي روزنفيلد أن عضوي كنيست متطرفين قاما في الصباح بزيارة باحة المسجد الأقصى مع مجموعة من اليهود، مشيراً الى انه جرى اعتقال ثلاثة منهم.

وفي ردود الفعل الفلسطينية، رأى مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي أن «هذه المسيرات تعطي رسالة سياسية بأن هذه المدينة موحدة وعاصمة للدولة العبرية، لكن الحقيقة على الأرض أثبتت عكس ذلك، حيث إن سلطات الاحتلال عززت من التشديدات الأمنية وأجبرت التجار على إغلاق محالهم التجارية، ما يؤكد أن هذه المدينة محتلة لا عاصمة لإسرائيل».

أما الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية، فأوضح أن «الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى شهدت تطورات خطيرة في السنوات الماضية، حيث كانت على صورة اقتحامات فردية، وكان الاحتلال يدّعي حينها أنه يمنعها، لكن في العامين الأخيرين أصبح يحيطها بالحراسة، لتتحول من اقتحامات فردية إلى جماعية، حتى أصبحت تضم قطعان المستوطنين والمتدينين من المجتمع الإسرائيلي ورجال الاستخبارات، إضافة إلى الشخصيات الرسمية وأعضاء الكنيست ووزراء وقضاة».

بدورها، دعت الهيئات المقدسية المواطنين الى «التصدّي لأعمال العربدة التي يقوم بها المستوطنون، والى اغلاق المساجد»، وحثت المواطنين على «التوجه الى المسجد الأقصى المبارك للصلاة فيه». ورأى مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ، محمد حسين، أن المسيرة الاستفزازية التي تنظمها جماعات يهودية واستيطانية في مدينة القدس إحياءً لذكرى ضمها «مظهر من مظاهر تهويد المدينة المقدسة، وضد الوجود الفلسطيني فيها».

كذلك عدّ قرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق كافة محالّ المواطنين في المدينة مخالفاً للقانون الدولي، لأن على السلطة القائمة بالاحتلال أن تحمي الممتلكات والمواطنين، ولا يحق لها إصدار أوامر بإغلاق محالّ تجارية وتعطيل نشاطات المواطنين الاقتصادية لمناسبات تخص هذا الاحتلال.

الاستفزاز الإسرائيلي لم يتوقف عند حدّ مسيرات قطعان المستوطنين المتطرفين واقتحامهم المسجد الأقصى، فقد عقدت الحكومة الإسرائيلية جلستها الأسبوعية في مدينة القدس الشرقية، للتأكيد على ما تسميه «توحيد شطري القدس». وقال نتنياهو لرؤساء تحرير وسائل الإعلام العبرية الذين حضروا لتغطية مراسم افتتاح الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية «إننا نفتتح اليوم جلسة خاصة بمناسبة تحرير القدس وتوحيدها»، مضيفاً «إننا نأتي اليوم بحكومة موحدة وواسعة تماماً كما هي القدس».

وقررت الحكومة الإسرائيلية في الاجتماع تخصيص 350 مليون شيكل (91 مليون دولار) لتطوير الاماكن السياحية العامة في القدس خلال الست سنوات القادمة، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء. ونقل البيان عن نتنياهو قوله «القرارات التي نتخذها اليوم هي بمثابة تواصل للاستثمارات الهائلة التي قامت بها هذه الحكومة في القدس خلال السنوات الأخيرة». واضاف «ستساعد هذه الاستثمارات على تحقيق الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها القدس، بصفتها مركزاً سياحياً عالمياً»، كذلك حضر نتنياهو احتفالاً مساء أمس في تلة الذخيرة التي كانت قاعدة عسكرية أردنية مع مسؤولين اسرائيليين آخرين.

من جهته، رحب رئيس بلدية القدس نير بركات باستثمارات الحكومة في المدينة، مشيراً الى أنها نمت اقتصادياً وثقافياً في السنوات الثلاث الماضية، مما حولها الى «مدينة مفتوحة ترحب بالجميع».

بدورها، أعلنت الإذاعة العبرية أن من بين الإجراءات الجديدة لتهويد القدس «وضع خطة استراتيجية لتشجيع السياحة في المدينة، بما في ذلك تطوير البنى التحتية في البلدة القديمة، وترميم المقبرة اليهودية القديمة على جبل الزيتون».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-05-20
  • 16792
  • من الأرشيف

إسرائيل تحتفل باحتلال القدس

 ما إن احتلت إسرائيل مدينة القدس عام 1967، حتى أعلنت ضمها لدولة الاحتلال، معلنة المدينة «عاصمتها الأبدية والموحدة»، في محاولة منها لطمس معالم المدينة الفلسطينية، التاريخية والدينية، وهو ما فشلت في تحقيقه، إضافة الى أنها لم تحصل على اعتراف دولي بفكرة «الضم والتوحيد». إسرائيل قررت الاحتفال بيوم احتلالها هذا بأسلوبها الخاص كما كل عام: اقتحام المسجد الأقصى من قبل يهود متطرفين، وعقد جلسة خاصة للحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو في تلة الذخيرة في القدس الشرقية المحتلة.   وفي هذا اليوم من كل عام، تُنظم جماعات استيطانية متطرفة مسيرات استفزازية ضخمة تضم عشرات الآلاف من المستوطنين في مدينة القدس المحتلة، لمناسبة ما يسمى «ذكرى توحيد القدس» حسب التقويم العبري، وهو التاريخ الذي جرى فيه احتلال المدينة المقدسة على أيدي قوات الاحتلال عام 1967. ومن أجل هذه الغاية، شهدت مدينة القدس بأحيائها وشوارعها، وخصوصاً أزقة البلدة القديمة، انتشاراً مكثفاً، من قوات الشرطة وحرس الحدود لتوفير الحماية والتسهيلات لعشرات الآلاف من اليهود القادمين سيراً على الأقدام باتجاه أحياء البلدة القديمة وحائط البراق، وضمت المسيرة نحو 50 ألف مستوطن، دخلوا من باب الخليل وشارع داود والسلسلة وباب العامود. وتحت حماية شرطة الاحتلال، اقتحم قرابة 70 مستوطناً من المتطرفين باحات المسجد الأقصى، وتجولوا في باحاته، محاولين إقامة طقوسهم «التلمودية» بداخله، فيما تواجد حراس المسجد في المكان لمنع اندلاع مواجهات بين المستوطنين والمصلين داخل المسجد. المقدسيون من الفلسطينيين تواجدوا بأعداد كبيرة ورابطوا في المسجد الأقصى لمنع المستوطنين من الدخول اليه رغم محاولات كبيرة لهم لتدنيس باحة المسجد الأقصى. وأفاد المتحدث باسم شرطة الاحتلال، ميكي روزنفيلد أن عضوي كنيست متطرفين قاما في الصباح بزيارة باحة المسجد الأقصى مع مجموعة من اليهود، مشيراً الى انه جرى اعتقال ثلاثة منهم. وفي ردود الفعل الفلسطينية، رأى مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي أن «هذه المسيرات تعطي رسالة سياسية بأن هذه المدينة موحدة وعاصمة للدولة العبرية، لكن الحقيقة على الأرض أثبتت عكس ذلك، حيث إن سلطات الاحتلال عززت من التشديدات الأمنية وأجبرت التجار على إغلاق محالهم التجارية، ما يؤكد أن هذه المدينة محتلة لا عاصمة لإسرائيل». أما الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية، فأوضح أن «الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى شهدت تطورات خطيرة في السنوات الماضية، حيث كانت على صورة اقتحامات فردية، وكان الاحتلال يدّعي حينها أنه يمنعها، لكن في العامين الأخيرين أصبح يحيطها بالحراسة، لتتحول من اقتحامات فردية إلى جماعية، حتى أصبحت تضم قطعان المستوطنين والمتدينين من المجتمع الإسرائيلي ورجال الاستخبارات، إضافة إلى الشخصيات الرسمية وأعضاء الكنيست ووزراء وقضاة». بدورها، دعت الهيئات المقدسية المواطنين الى «التصدّي لأعمال العربدة التي يقوم بها المستوطنون، والى اغلاق المساجد»، وحثت المواطنين على «التوجه الى المسجد الأقصى المبارك للصلاة فيه». ورأى مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ، محمد حسين، أن المسيرة الاستفزازية التي تنظمها جماعات يهودية واستيطانية في مدينة القدس إحياءً لذكرى ضمها «مظهر من مظاهر تهويد المدينة المقدسة، وضد الوجود الفلسطيني فيها». كذلك عدّ قرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق كافة محالّ المواطنين في المدينة مخالفاً للقانون الدولي، لأن على السلطة القائمة بالاحتلال أن تحمي الممتلكات والمواطنين، ولا يحق لها إصدار أوامر بإغلاق محالّ تجارية وتعطيل نشاطات المواطنين الاقتصادية لمناسبات تخص هذا الاحتلال. الاستفزاز الإسرائيلي لم يتوقف عند حدّ مسيرات قطعان المستوطنين المتطرفين واقتحامهم المسجد الأقصى، فقد عقدت الحكومة الإسرائيلية جلستها الأسبوعية في مدينة القدس الشرقية، للتأكيد على ما تسميه «توحيد شطري القدس». وقال نتنياهو لرؤساء تحرير وسائل الإعلام العبرية الذين حضروا لتغطية مراسم افتتاح الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية «إننا نفتتح اليوم جلسة خاصة بمناسبة تحرير القدس وتوحيدها»، مضيفاً «إننا نأتي اليوم بحكومة موحدة وواسعة تماماً كما هي القدس». وقررت الحكومة الإسرائيلية في الاجتماع تخصيص 350 مليون شيكل (91 مليون دولار) لتطوير الاماكن السياحية العامة في القدس خلال الست سنوات القادمة، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء. ونقل البيان عن نتنياهو قوله «القرارات التي نتخذها اليوم هي بمثابة تواصل للاستثمارات الهائلة التي قامت بها هذه الحكومة في القدس خلال السنوات الأخيرة». واضاف «ستساعد هذه الاستثمارات على تحقيق الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها القدس، بصفتها مركزاً سياحياً عالمياً»، كذلك حضر نتنياهو احتفالاً مساء أمس في تلة الذخيرة التي كانت قاعدة عسكرية أردنية مع مسؤولين اسرائيليين آخرين. من جهته، رحب رئيس بلدية القدس نير بركات باستثمارات الحكومة في المدينة، مشيراً الى أنها نمت اقتصادياً وثقافياً في السنوات الثلاث الماضية، مما حولها الى «مدينة مفتوحة ترحب بالجميع». بدورها، أعلنت الإذاعة العبرية أن من بين الإجراءات الجديدة لتهويد القدس «وضع خطة استراتيجية لتشجيع السياحة في المدينة، بما في ذلك تطوير البنى التحتية في البلدة القديمة، وترميم المقبرة اليهودية القديمة على جبل الزيتون».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة