في الفترة الأخيرة، طرحت الكثير من علامات الإستفهام حول الأحداث التي تجري على الحدود السورية، سواء مع لبنان أو مع تركيا، خاصة وأن لدى النظام السوري، بحسب ما يعلن، معلومات مؤكدة عن تهريب مقاتلين وأسلحة عبر هذه الحدود بشكل دائم، ويتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تمنع الجيش السوري من إتخاذ خطوات تضع حداً لهذه المسألة، وعمّا إذا كانت تنم عن ضعف ما داخل الجيش، أم عن إستراتيجية مدروسة من قبله لمواجهة التحديات المختلفة التي يعانيها.

مراحل "إستهداف" سورية

لدى القيادة السورية قراءة خاصة لمجمل الأحداث التي واجهتها على مدى ما يقارب العام من الزمن، فهي تعتبر أن "الإستهداف" الذي تتعرض له وضعت له عدة أدوات تستخدم على مراحل بحسب تطور الأحداث على الأرض، وتعترف هذه القيادة، بحسب ما تنقل مصادر لبنانية عنها، بأنها أخطأت في قراءة بعض المعطيات في البداية، لكنها اليوم تقرأ جيداً ما يحصل من حولها، لا بل أنها باتت تتوقع الخطوات التي ستقوم بها الجهات التي وصفتها بالمعادية لها قبل أن تحصل.

وتوضح المصادر اللبنانية أن المرحلة الأولى من الخطة "المعادية" لسورية تمثلت بإستغلال التحركات الشعبية التي حصلت في بداية الأحداث، والتي حملت مطالب إصلاحية محقة إستجاب لها الرئيس السوري بشار الأسد عبر القيام بالعديد من الإصلاحات التي تحقق هذه المطالب، وتشير إلى أن فشل هذه المرحلة أدى إلى الإنتقال إلى المرحلة الثانية التي تمثلت بالسعي إلى إحداث إنشقاقات في صفوف الجيش السوري تؤدي إلى إضعاف النظام، خصوصا وأن الجيش أظهر أنه الضامن الوحيد لبقائه، وتؤكد أن هذه المرحلة فشلت أيضاً بتأكيد الجيش السوري تماسكه ووقوفه خلف القيادة بغض النظر عن كل الكلام عما يسمى "الجيش السوري الحر" الذي لا وجود له على أرض الواقع بل أن هناك مجموعات مسلحة مختلفة لا تنسق فيما بينها بل في بعض الأحيان تقاتل بعضها، أما المرحلة الثالثة فتتمثل بالسعي إلى إيجاد مناطق "مستقلة" أو "بنغازي جديدة" تمثل نقطة تمركز للمعارضة السورية المسلحة لكي تعمل بحرية مطلقة، وتلفت المصادر إلى أن البداية كانت في منطقة درعا على الحدود مع الأردن، ومن ثم الإنتقال إلى منطقة إدلب على الحدود مع تركيا، وفي ما بعد إلى مناطق الزبداني وتلكلخ وحمص التي شكلت أزمة كبيرة قبل أن يتمكن الجيش السوري من معالجتها نسبياً.

التفجيرات الأمنية و"الفخ" الحدودي

النجاحات التي يعتبر النظام السوري أنه حققها في الفترة الأخيرة عبر المعالجة الأمنية، والتي تتحدث عنها المصادر اللبنانية المقربة منه، لا تعني إنتهاء المعركة بحسب ما تؤكد، حيث تشير إلى أنها لا تزال في بداياتها لأن القرار المتخذ بإستهداف سورية من قبل العديد من الأنظمة العربية والدولية والإقليمية لم يتم التراجع عنه بعد، وتلفت إلى أن القيادة السورية تدرك بأنها يجب أن تبقى يقظة لأي خطوة مفاجئة يتخذها الطرف الآخر في أي لحظة، وتؤكد أن كل المبادرات السياسية التي تطرح في الوقت الحالي لم تنضج ظروفها بعد لأن التسوية الكبرى بين مختلف اللاعبين الدوليين، التي سيكون الملف السوري أحد بنودها، لم يتم التوصل إليها بعد، وتعتبر أن الأزمة السورية حتى لو تم التوصل إلى حل سياسي لها في وقت قريب فإن مختلف ذيولها لن تنتهي معالجتها قبل 3 سنوات بالحد الأدنى، نظراً لوجود العديد من الآثار الإقتصادية والإجتماعية التي تحتاج إلى وقت لحلّها، بالإضافة إلى دخول مجموعات مسلحة في المعركة لا تستطيع أي جهة ضبطها والسيطرة على نشاطها.

وفي هذا السياق، يلفت مصدر معني إلى أن النظام السوري سيواجه في المرحلتين الحالية والمقبلة تحديين هو يدركهما جيداً، ويوضح أن التحدي الأول يتمثل بالعمليات الأمنية التي تقوم بها المجموعات المسلحة وتستهدف شخصيات عسكرية وسياسية معينة، وبالتفجيرات التي تحصل بين الحين والآخر بهدف جر البلاد إلى حرب داخلية، أما التحدي الثاني فهو "فخ" ينصب للنظام السوري عبر الأحداث التي تجري في مختلف المناطق الحدودية وبالأخص لناحية تركيا ولبنان، ويرى المصدر أن هناك من يريد أن يدفع الجيش السوري إلى القيام بعملية عسكرية خارج حدوده تكون مبررا لتدخل عسكري أجنبي بموجب الفصل السابع تحت مظلة الأمم المتحدة أو بقيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويؤكد أن الجيش السوري يدرك هذا الأمر جيداً وهو ما يدفعه إلى ضبط النفس في الكثير من الأوقات التي تحصل فيها إعتداءات عليه عبر المناطق الحدودية، ويعتبر أن إنجرار الجيش السوري إلى هكذا "فخ" سيكون بمثابة خدمة كبيرة للقوى "المعادية"، ويشدد المصدر على أن العمل على هذا الأمر كبير جداً في هذه المرحلة، ويضع في هذا الإطار الزيارات التي يقوم بها العديد من المسؤولين الغربيين إلى الدول التي لها حدود مشتركة مع سوريا، لكنه يرى أن هذا الأمر سيحتاج إلى تحقيق المعارضة السورية المسلحة تقدماً ملحوظاً على الأرض، ويعتبر أن شكل التدخل الذي قد تقوم به بعض الجهات الدولية قد يكون على طريقة عمليات إستخباراتية خاصة تستهدف مراكز وشخصيات أمنية وعسكرية محددة.

  • فريق ماسة
  • 2012-05-04
  • 10564
  • من الأرشيف

هل ينجح النظام السوري في تجاوز "الفخ" الحدودي الذي يُحفر له؟

في الفترة الأخيرة، طرحت الكثير من علامات الإستفهام حول الأحداث التي تجري على الحدود السورية، سواء مع لبنان أو مع تركيا، خاصة وأن لدى النظام السوري، بحسب ما يعلن، معلومات مؤكدة عن تهريب مقاتلين وأسلحة عبر هذه الحدود بشكل دائم، ويتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تمنع الجيش السوري من إتخاذ خطوات تضع حداً لهذه المسألة، وعمّا إذا كانت تنم عن ضعف ما داخل الجيش، أم عن إستراتيجية مدروسة من قبله لمواجهة التحديات المختلفة التي يعانيها. مراحل "إستهداف" سورية لدى القيادة السورية قراءة خاصة لمجمل الأحداث التي واجهتها على مدى ما يقارب العام من الزمن، فهي تعتبر أن "الإستهداف" الذي تتعرض له وضعت له عدة أدوات تستخدم على مراحل بحسب تطور الأحداث على الأرض، وتعترف هذه القيادة، بحسب ما تنقل مصادر لبنانية عنها، بأنها أخطأت في قراءة بعض المعطيات في البداية، لكنها اليوم تقرأ جيداً ما يحصل من حولها، لا بل أنها باتت تتوقع الخطوات التي ستقوم بها الجهات التي وصفتها بالمعادية لها قبل أن تحصل. وتوضح المصادر اللبنانية أن المرحلة الأولى من الخطة "المعادية" لسورية تمثلت بإستغلال التحركات الشعبية التي حصلت في بداية الأحداث، والتي حملت مطالب إصلاحية محقة إستجاب لها الرئيس السوري بشار الأسد عبر القيام بالعديد من الإصلاحات التي تحقق هذه المطالب، وتشير إلى أن فشل هذه المرحلة أدى إلى الإنتقال إلى المرحلة الثانية التي تمثلت بالسعي إلى إحداث إنشقاقات في صفوف الجيش السوري تؤدي إلى إضعاف النظام، خصوصا وأن الجيش أظهر أنه الضامن الوحيد لبقائه، وتؤكد أن هذه المرحلة فشلت أيضاً بتأكيد الجيش السوري تماسكه ووقوفه خلف القيادة بغض النظر عن كل الكلام عما يسمى "الجيش السوري الحر" الذي لا وجود له على أرض الواقع بل أن هناك مجموعات مسلحة مختلفة لا تنسق فيما بينها بل في بعض الأحيان تقاتل بعضها، أما المرحلة الثالثة فتتمثل بالسعي إلى إيجاد مناطق "مستقلة" أو "بنغازي جديدة" تمثل نقطة تمركز للمعارضة السورية المسلحة لكي تعمل بحرية مطلقة، وتلفت المصادر إلى أن البداية كانت في منطقة درعا على الحدود مع الأردن، ومن ثم الإنتقال إلى منطقة إدلب على الحدود مع تركيا، وفي ما بعد إلى مناطق الزبداني وتلكلخ وحمص التي شكلت أزمة كبيرة قبل أن يتمكن الجيش السوري من معالجتها نسبياً. التفجيرات الأمنية و"الفخ" الحدودي النجاحات التي يعتبر النظام السوري أنه حققها في الفترة الأخيرة عبر المعالجة الأمنية، والتي تتحدث عنها المصادر اللبنانية المقربة منه، لا تعني إنتهاء المعركة بحسب ما تؤكد، حيث تشير إلى أنها لا تزال في بداياتها لأن القرار المتخذ بإستهداف سورية من قبل العديد من الأنظمة العربية والدولية والإقليمية لم يتم التراجع عنه بعد، وتلفت إلى أن القيادة السورية تدرك بأنها يجب أن تبقى يقظة لأي خطوة مفاجئة يتخذها الطرف الآخر في أي لحظة، وتؤكد أن كل المبادرات السياسية التي تطرح في الوقت الحالي لم تنضج ظروفها بعد لأن التسوية الكبرى بين مختلف اللاعبين الدوليين، التي سيكون الملف السوري أحد بنودها، لم يتم التوصل إليها بعد، وتعتبر أن الأزمة السورية حتى لو تم التوصل إلى حل سياسي لها في وقت قريب فإن مختلف ذيولها لن تنتهي معالجتها قبل 3 سنوات بالحد الأدنى، نظراً لوجود العديد من الآثار الإقتصادية والإجتماعية التي تحتاج إلى وقت لحلّها، بالإضافة إلى دخول مجموعات مسلحة في المعركة لا تستطيع أي جهة ضبطها والسيطرة على نشاطها. وفي هذا السياق، يلفت مصدر معني إلى أن النظام السوري سيواجه في المرحلتين الحالية والمقبلة تحديين هو يدركهما جيداً، ويوضح أن التحدي الأول يتمثل بالعمليات الأمنية التي تقوم بها المجموعات المسلحة وتستهدف شخصيات عسكرية وسياسية معينة، وبالتفجيرات التي تحصل بين الحين والآخر بهدف جر البلاد إلى حرب داخلية، أما التحدي الثاني فهو "فخ" ينصب للنظام السوري عبر الأحداث التي تجري في مختلف المناطق الحدودية وبالأخص لناحية تركيا ولبنان، ويرى المصدر أن هناك من يريد أن يدفع الجيش السوري إلى القيام بعملية عسكرية خارج حدوده تكون مبررا لتدخل عسكري أجنبي بموجب الفصل السابع تحت مظلة الأمم المتحدة أو بقيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويؤكد أن الجيش السوري يدرك هذا الأمر جيداً وهو ما يدفعه إلى ضبط النفس في الكثير من الأوقات التي تحصل فيها إعتداءات عليه عبر المناطق الحدودية، ويعتبر أن إنجرار الجيش السوري إلى هكذا "فخ" سيكون بمثابة خدمة كبيرة للقوى "المعادية"، ويشدد المصدر على أن العمل على هذا الأمر كبير جداً في هذه المرحلة، ويضع في هذا الإطار الزيارات التي يقوم بها العديد من المسؤولين الغربيين إلى الدول التي لها حدود مشتركة مع سوريا، لكنه يرى أن هذا الأمر سيحتاج إلى تحقيق المعارضة السورية المسلحة تقدماً ملحوظاً على الأرض، ويعتبر أن شكل التدخل الذي قد تقوم به بعض الجهات الدولية قد يكون على طريقة عمليات إستخباراتية خاصة تستهدف مراكز وشخصيات أمنية وعسكرية محددة.

المصدر : النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة