لا يزال الجدل متواصلاً بخصوص قضية تواطؤ عدد من شركات الطيران الأوروبية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمنع نشطاء سلام غربيين من السفر إلى الأراضي الفلسطينية، ضمن تظاهرة «أهلاً وسهلاً في فلسطين». وأُثيرت ضجة كبيرة، أول من أمس، في فرنسا، بعدما كُشف عن خرق شركة الطيران الحكومية «إير فرانس» للتشريعات الفرنسية التي تحظر ممارسة التفرقة على أساس عرقي أو ديني، وذلك رضوخاً لأوامر إسرائيلية بإخضاع الراغبين في السفر إلى مطار تل أبيب، يوم 15 نيسان الجاري، للإجابة إجبارياً عن سؤالين مكتوبين، قبل بتّ قبولهم أو رفضهم على الرحلات المتوجهة إلى الكيان الغاضب. السؤال الأول مفاده: هل لديك أقارب يحملون الجنسية الإسرائيلية؟ أما الثاني فيقول: هل تدين بالديانة اليهودية؟

 

وأثار كشف استمارات سفر تحمل هذين السؤالين جدلاً كبيراً في فرنسا، التي تعد البلد الأوروبي الأكثر تشدداً في حظر فرز الناس أو تصنيفهم على أسس عرقية أو دينية. وكانت تشريعات صارمة قد سُنّت في هذا الشأن بعد الحرب العالمية الثانية، إثر عمليات المطاردة التي طاولت اليهود الفرنسيين، وأرغمتهم على حمل «النجمة الصفراء»، تمهيداً لتسليمهم لقوات الاحتلال الألماني، وترحيلهم إلى معسكرات الإبادة النازية. الشيء الذي يجعل اليوم أي إجراء يتعلق بفرز الناس على أساس أصولهم الدينية أو العرقية، حتى لو كان مجرد استطلاع رأي مثلاً يثير حساسية خاصة في فرنسا، لأنه يذكّر بواحدة من أحلك الصفحات في التاريخ الفرنسي المعاصر.

وفي بيان رسمي أصدرته شركة الطيران الفرنسية، أول من أمس، بُرِّر منع النشطاء الغربيين من السفر إلى إسرائيل بـ«اتفاقية شيكاغو» (1944)، التي تنظم الطيران المدني، والتي تلزم شركات الطيران أن تمنع على رحلاتها أي أشخاص غير مرغوب فيهم في بلد الوصول. وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد كشفت أن منع النشطاء الغربيين جاء على أساس «قوائم سوداء» أعدها جهاز «شين بيت»، وسُلِّمت إلى شركات الطيران «إير فرانس» و«لوفتانزا» و»إيزي جات». لكن الإعلامي آلان غريش كشف على مدوّنته أن الأمر لم يقتصر فقط على «القوائم السوداء» التي تضم أسماء نشطاء سلام غير مرغوب فيهم في إسرائيل، وهو أمر اعتادته سلطات الاحتلال، منذ سنين. ونقل غريش عن مدير قطاع الإعلام والدراسات لدى «إير فرانس»، جان شارل تريان، أن السلطات الإسرائيلية طلبت من موظفي شركة الطيران الفرنسية أن يطرحوا سؤالين مكتوبين على العديد من المسافرين الذين لم يكونوا مدرجين على «قوائم شين بيت»، ولكن اشتبه في أنهم قد يكونون من نشطاء السلام، حيث طُلب منهم الإفصاح إن كان لديهم أقارب إسرائيليون وهل يدينون باليهودية، لفرز الموالين للكيان الغاضب عمن يحتمل أن يكونوا من مؤيدي القضية الفلسطينية. وأضاف المسؤول الفرنسي أن الإجابة عن السؤالين المذكورين اعتُمدت أساساً لإصدار حظر من السفر في حالة واحدة على الأقل، تتعلق بمسافرة في مطار نيس، جنوب فرنسا، الشيء الذي يعد خرقاً صارخاً للتشريعات الفرنسية التي تحظر إجراءات التفرقة الدينية أو العرقية.

  • فريق ماسة
  • 2012-04-17
  • 10291
  • من الأرشيف

«إير فرانس» عنصرية فرنسية بأوامر إسرائيلية!

 لا يزال الجدل متواصلاً بخصوص قضية تواطؤ عدد من شركات الطيران الأوروبية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمنع نشطاء سلام غربيين من السفر إلى الأراضي الفلسطينية، ضمن تظاهرة «أهلاً وسهلاً في فلسطين». وأُثيرت ضجة كبيرة، أول من أمس، في فرنسا، بعدما كُشف عن خرق شركة الطيران الحكومية «إير فرانس» للتشريعات الفرنسية التي تحظر ممارسة التفرقة على أساس عرقي أو ديني، وذلك رضوخاً لأوامر إسرائيلية بإخضاع الراغبين في السفر إلى مطار تل أبيب، يوم 15 نيسان الجاري، للإجابة إجبارياً عن سؤالين مكتوبين، قبل بتّ قبولهم أو رفضهم على الرحلات المتوجهة إلى الكيان الغاضب. السؤال الأول مفاده: هل لديك أقارب يحملون الجنسية الإسرائيلية؟ أما الثاني فيقول: هل تدين بالديانة اليهودية؟   وأثار كشف استمارات سفر تحمل هذين السؤالين جدلاً كبيراً في فرنسا، التي تعد البلد الأوروبي الأكثر تشدداً في حظر فرز الناس أو تصنيفهم على أسس عرقية أو دينية. وكانت تشريعات صارمة قد سُنّت في هذا الشأن بعد الحرب العالمية الثانية، إثر عمليات المطاردة التي طاولت اليهود الفرنسيين، وأرغمتهم على حمل «النجمة الصفراء»، تمهيداً لتسليمهم لقوات الاحتلال الألماني، وترحيلهم إلى معسكرات الإبادة النازية. الشيء الذي يجعل اليوم أي إجراء يتعلق بفرز الناس على أساس أصولهم الدينية أو العرقية، حتى لو كان مجرد استطلاع رأي مثلاً يثير حساسية خاصة في فرنسا، لأنه يذكّر بواحدة من أحلك الصفحات في التاريخ الفرنسي المعاصر. وفي بيان رسمي أصدرته شركة الطيران الفرنسية، أول من أمس، بُرِّر منع النشطاء الغربيين من السفر إلى إسرائيل بـ«اتفاقية شيكاغو» (1944)، التي تنظم الطيران المدني، والتي تلزم شركات الطيران أن تمنع على رحلاتها أي أشخاص غير مرغوب فيهم في بلد الوصول. وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد كشفت أن منع النشطاء الغربيين جاء على أساس «قوائم سوداء» أعدها جهاز «شين بيت»، وسُلِّمت إلى شركات الطيران «إير فرانس» و«لوفتانزا» و»إيزي جات». لكن الإعلامي آلان غريش كشف على مدوّنته أن الأمر لم يقتصر فقط على «القوائم السوداء» التي تضم أسماء نشطاء سلام غير مرغوب فيهم في إسرائيل، وهو أمر اعتادته سلطات الاحتلال، منذ سنين. ونقل غريش عن مدير قطاع الإعلام والدراسات لدى «إير فرانس»، جان شارل تريان، أن السلطات الإسرائيلية طلبت من موظفي شركة الطيران الفرنسية أن يطرحوا سؤالين مكتوبين على العديد من المسافرين الذين لم يكونوا مدرجين على «قوائم شين بيت»، ولكن اشتبه في أنهم قد يكونون من نشطاء السلام، حيث طُلب منهم الإفصاح إن كان لديهم أقارب إسرائيليون وهل يدينون باليهودية، لفرز الموالين للكيان الغاضب عمن يحتمل أن يكونوا من مؤيدي القضية الفلسطينية. وأضاف المسؤول الفرنسي أن الإجابة عن السؤالين المذكورين اعتُمدت أساساً لإصدار حظر من السفر في حالة واحدة على الأقل، تتعلق بمسافرة في مطار نيس، جنوب فرنسا، الشيء الذي يعد خرقاً صارخاً للتشريعات الفرنسية التي تحظر إجراءات التفرقة الدينية أو العرقية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة