للصين في المنطقة العربية حضورٌ اقتصادي. هي الصورة التي اعتدنا التقاطها عن بكين في الشرق الأوسط، استنادا إلى حجم التعاون التجاري او الصناعي او التكنولوجي او النفطي الذي قد يجمع بينها وبين إيران، وسورية، وشمال إفريقيا (فضلاً عن وسط وجنوب القارة السمراء)، ودول الخليج... إلا أن العام 2011، ألبس المارد الاقتصادي ثوباً سياسياً اكثر وضوحاً، وتحديدا يوم دخل التدويل كلاعب أساسي في ما سُمي بـ«ثورتي» ليبيا وسورية، فكان لمجلس الأمن الدولي ان يقررّ، وللصين، إلى جانب روسيا، ان تعرقل (بالفيتو) او تسهّل (بالامتناع عن التصويت).

واليوم، وفي وقت لا تزال الأزمة السورية تجرجر أذيالها بعد أكثر من عام على اندلاعها، حافظ الموقف الصيني، الرافض للتدخل العسكري ضد النظام في دمشق ولكل قرار دولي قد يوحي بذلك، على صلابته ووضوحه، حاصداً في الوقت عينه انتقادات واسعة النطاق من قبل معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، في سوريا وخارجها... كيف يمكن قراءة الموقف الصيني «الثابت» من الملف السوري؟ ما الذي يمنع بكين من التضحية بالأسد وبالورقة السورية مقابل ما يمكن أن تحصل عليه دولياً؟ لأي اعتبارات إقليمية ودولية تواصل الصين معركتها، بالتنسيق مع روسيا، في وجه غرب متعطّش لإزاحة نظام دمشق؟

بعيدا عن التحليلات المبسّطة التي وضعت موقف بكين في خانة «الحفاظ على حلفها القديم مع دمشق»، و«صون نفوذها في المنطقة»، لا يمكن قراءة الأداء الصيني من خارج إطار العلاقة الأميركية - الصينية، لا بل من الأجدر اعتبار سوريا مرآة تعكس طبيعة هذه العلاقة.. وتقلّباتها.

العلاقة مع أميركا

فبين استخدام الصين لحق النقض في مجلس الأمن مرتين، (المرّة الأولى ضد «العقوبات الاقتصادية والإجراءات الأخرى»، والثانية ضد نص المبادرة العربية التي طالبت بتسليم الأسد السلطة لنائبه)، وبين زيارة نائب الرئيس الصيني تشي جينبينغ «الودّية» إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، أكثر من سؤال.

صحيح ان زيارة تشي إلى البيت الأبيض في 13 شباط الماضي «تأتي قبيل تنصيبه رئيسا للصين في الخريف المقبل.. تماما كما فعل الرئيس الحالي هو جينتاو قبل تسلمه السلطة في العام 2002»، على حدّ تعبير الكاتب أرنو دو لا غرانج في «لو فيغارو» الفرنسية، غير أن السياسة الخارجية تبقى العنصر الطاغي عندما يلتقي ممثلو أكبر المتنافسين الاقتصاديين والسياسيين في العالم: الموقف من سوريا، العلاقة مع إيران، العلاقة مع كوريا الشمالية، التنافس الاقتصادي مع أميركا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والصراع على الطاقة في العالم (وفي دول «ستان» الغنية بالموارد)...

تحضر هذه الملفات مجتمعة على طاولة أي لقاء صيني - أميركي عالي المستوى، على ان تبقى كلها ثانوية أمام «الانجازات التاريخية التي عرفتها العلاقات بين البلدين منذ 1972، والتي حملت للشعبين مكاسب كبيرة»، على حد وصف تشي جينبينغ لصحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضي. وقد يكون ابلغ تعبير عن أهمية هذه العلاقات وتقدّمها رغم الاختلاف والتنافس هي الأرقام التي أظهرها تشي للصحيفة في معرض حديثه عن «العلاقات الأهم والأكثر دينامية في عالم اليوم.. عندما زرتُ أميركا لأول مرة في العام 1985 كانت قيمة التبادل التجاري بيننا 7,7 مليارات دولار ومعدل الزيارات المتبادلة 10 آلاف، أما اليوم فيبلغ التبادل 440 مليار دولار أما الزيارات فتصل إلى 3 ملايين!»...

أرقام كافية لتصوّر مكانة كل من البلدين لدى الآخر، ولاستنتاج قدرة الجانبين على الفصل بشكل كبير، بين العلاقات الاقتصادية والتنافس على ملفات السياسة والطاقة. هذه القدرة على الفصل تبدو لدى الصينيين بالذات، وذلك في نسجهم علاقات اقتصادية مميزة مع أميركا من جهة ومع إيران من جهة أخرى، اذ «تلتزم شركات صينية رسمية على سبيل المثال بمشاريع نفطية في الجمهورية الإسلامية بقيمة 120 مليار دولار، على الرغم من العقوبات الأميركية - الأوروبية الطويلة الأمد على إيران» بحسب تقرير للكاتب دونغ يوم نشره معهد «فورين بوليسي ان فوكس» بعنوان «هل تدخل الصين اللعبة الكبرى مجدداً؟»...

الصين والمنطقة.. وسورية

ما سبق، نموذج عن استراتيجية الصين «المتوازنة» في العالم، التي تسعى لحماية مصالحها في الاقتصاد والطاقة أياً يكن الطرف الذي تجدر بكين التعاون معه لحماية هذه المصالح. بتعبير آخر، عملت الصين طيلة العقد الماضي على تطبيق سياسة «صفر مشاكل» التركية – والتي فشلت أنقرة مؤخراً في انتهاجها على مستوى الشرق الأوسط – غير أن بكين وجدت نفسها هي الأخرى ذاهبة إلى أداء ادوار تخرجها عن «حيادها» النسبي السائد تقليدياً، وذلك بعد التطورات في بلدان «الربيع العربي».

هذا ما شدد عليه يزيد صايغ في معهد «كارنيغي للسلام الدولي» الذي اعتبر ان «الصين في موقف حرج ومثير للاهتمام في آن. فدبلوماسية الصين ومقاربتها للشؤون الدولية والشرق الأوسط، مدفوعةٌ في المقام الأول برغبتها في حماية إمداداتها من الطاقة، وزيادة علاقاتها الاقتصادية بصفة عامة». ويضيف صايغ «جوهر السياسة الصينية هو السعي إلى التعاون في إدارة الشؤون العالمية. ما يسعون إليه في الشرق الأوسط، سواء من حيث العلاقات الاقتصادية أو الطاقة، في إطار بحث نزاعات مثل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الأوضاع في ليبيا وسوريا.. هو التعاون والتفاوض، وتسوية النزاعات».

.. حافظت الصين في المنطقة على معارضتها التقليدية لفكرة «التدخل العسكري» وما تعتبره سياسة غربية في المنطقة. ويعود ذلك جزئياً لتاريخها الخاص التي «عانت خلاله من التدخل الغربي في القرنين العشرين والتاسع عشر، فضلاً عن فرض عقوبات عليها لسنوات عدة خلال الحرب الباردة، بأمر من الولايات المتحدة»، كما قال صايغ. إذاً، للصينيين أسبابهم الخاصة ليكونوا حساسين تجاه التدخل الغربي في سوريا اليوم أو فرض عقوبات على نظام الأسد. ففيما كان للصين موقف «محايد» يوم صوّت مجلس الأمن على قرار عربي بفرض الحظر الجوي فوق ليبيا، وقفت بكين سداً منيعاً بوجه قرار غربي الصنع، يوصي بالعقوبات على سوريا أواخر العام الماضي.

موقف أشعل سجالاً دولياً كبيراً وسط دعوات غربية متنوعة إلى ضرورة ازاحة الأسد بتدخل عسكري شبيه بتجربة «الناتو» في ليبيا، الا ان إصرار الصينيين، كما الروس، على العكس، قائلين إن «الهدف هو تفادي تكرار التدخل الغربي الذي سبب بؤساً في أفغانستان والعراق»، نجح حتى الآن في إلغاء هذا الاحتمال.

اكثر من ذلك، يقرأ معهد «كارنيغي» الموقف الصيني في سوريا من منظار أوسع: «هو القلق الصيني المتزايد مما تعتبره سياسة أميركية رامية إلى حرمانها من الوصول إلى مصادر الطاقة في الشرق الأوسط. فمفهوم السياسة الأميركية المناهضة للصين ظهر في إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في كانون الثاني الماضي عن مراجعة واشنطن استراتيجيتها الدفاعية وتحويلها نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والنتيجة هي معارضة الصين المفتوحة لفرض حظر على استيراد النفط الإيراني، كما أوصت الولايات المتحدة». ويضيف التقرير «أمام الصين معضلة واحدة هي كيفية أن تكون قوة ذات نفوذ في الشرق الاوسط»، خصوصاً انها ليست على مقربة جغرافية من المنطقة، «كما انها ليست في صدد تطوير حضورها في بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن انها لم تبدأ حتى اللحظة في إبراز قوتها العسكرية في المنطقة» (على عكس روسيا)، لذا ليس امام بكين سوى تطبيق الدبلوماسية الناعمة او القوة الناعمة».

هو الخيار الذي يمكّن بكين من الإبقاء على حضورها في المنطقة – دائماً في موقع المنافس للولايات المتحدة – مع الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع «دول الطاقة» وعلى رأسها دول مجلس مجلس التعاون الخليجي «الذين يؤمنون بصادراتهم أكثر من نصف احتياجات شرق آسيا من الطاقة... علاقة الصين بالشرق الأوسط متعددة الأوجه، لا بل استراتيجية في ما يتعلق بالطاقة»... وهذا ما يجعل سياسة بكين في سوريا أكثر حذراً من سياسة حليفتها موسكو.

  • فريق ماسة
  • 2012-03-05
  • 8504
  • من الأرشيف

الصين والأزمة السورية: عين على دمشق وعين على الطاقة

للصين في المنطقة العربية حضورٌ اقتصادي. هي الصورة التي اعتدنا التقاطها عن بكين في الشرق الأوسط، استنادا إلى حجم التعاون التجاري او الصناعي او التكنولوجي او النفطي الذي قد يجمع بينها وبين إيران، وسورية، وشمال إفريقيا (فضلاً عن وسط وجنوب القارة السمراء)، ودول الخليج... إلا أن العام 2011، ألبس المارد الاقتصادي ثوباً سياسياً اكثر وضوحاً، وتحديدا يوم دخل التدويل كلاعب أساسي في ما سُمي بـ«ثورتي» ليبيا وسورية، فكان لمجلس الأمن الدولي ان يقررّ، وللصين، إلى جانب روسيا، ان تعرقل (بالفيتو) او تسهّل (بالامتناع عن التصويت). واليوم، وفي وقت لا تزال الأزمة السورية تجرجر أذيالها بعد أكثر من عام على اندلاعها، حافظ الموقف الصيني، الرافض للتدخل العسكري ضد النظام في دمشق ولكل قرار دولي قد يوحي بذلك، على صلابته ووضوحه، حاصداً في الوقت عينه انتقادات واسعة النطاق من قبل معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، في سوريا وخارجها... كيف يمكن قراءة الموقف الصيني «الثابت» من الملف السوري؟ ما الذي يمنع بكين من التضحية بالأسد وبالورقة السورية مقابل ما يمكن أن تحصل عليه دولياً؟ لأي اعتبارات إقليمية ودولية تواصل الصين معركتها، بالتنسيق مع روسيا، في وجه غرب متعطّش لإزاحة نظام دمشق؟ بعيدا عن التحليلات المبسّطة التي وضعت موقف بكين في خانة «الحفاظ على حلفها القديم مع دمشق»، و«صون نفوذها في المنطقة»، لا يمكن قراءة الأداء الصيني من خارج إطار العلاقة الأميركية - الصينية، لا بل من الأجدر اعتبار سوريا مرآة تعكس طبيعة هذه العلاقة.. وتقلّباتها. العلاقة مع أميركا فبين استخدام الصين لحق النقض في مجلس الأمن مرتين، (المرّة الأولى ضد «العقوبات الاقتصادية والإجراءات الأخرى»، والثانية ضد نص المبادرة العربية التي طالبت بتسليم الأسد السلطة لنائبه)، وبين زيارة نائب الرئيس الصيني تشي جينبينغ «الودّية» إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، أكثر من سؤال. صحيح ان زيارة تشي إلى البيت الأبيض في 13 شباط الماضي «تأتي قبيل تنصيبه رئيسا للصين في الخريف المقبل.. تماما كما فعل الرئيس الحالي هو جينتاو قبل تسلمه السلطة في العام 2002»، على حدّ تعبير الكاتب أرنو دو لا غرانج في «لو فيغارو» الفرنسية، غير أن السياسة الخارجية تبقى العنصر الطاغي عندما يلتقي ممثلو أكبر المتنافسين الاقتصاديين والسياسيين في العالم: الموقف من سوريا، العلاقة مع إيران، العلاقة مع كوريا الشمالية، التنافس الاقتصادي مع أميركا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والصراع على الطاقة في العالم (وفي دول «ستان» الغنية بالموارد)... تحضر هذه الملفات مجتمعة على طاولة أي لقاء صيني - أميركي عالي المستوى، على ان تبقى كلها ثانوية أمام «الانجازات التاريخية التي عرفتها العلاقات بين البلدين منذ 1972، والتي حملت للشعبين مكاسب كبيرة»، على حد وصف تشي جينبينغ لصحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضي. وقد يكون ابلغ تعبير عن أهمية هذه العلاقات وتقدّمها رغم الاختلاف والتنافس هي الأرقام التي أظهرها تشي للصحيفة في معرض حديثه عن «العلاقات الأهم والأكثر دينامية في عالم اليوم.. عندما زرتُ أميركا لأول مرة في العام 1985 كانت قيمة التبادل التجاري بيننا 7,7 مليارات دولار ومعدل الزيارات المتبادلة 10 آلاف، أما اليوم فيبلغ التبادل 440 مليار دولار أما الزيارات فتصل إلى 3 ملايين!»... أرقام كافية لتصوّر مكانة كل من البلدين لدى الآخر، ولاستنتاج قدرة الجانبين على الفصل بشكل كبير، بين العلاقات الاقتصادية والتنافس على ملفات السياسة والطاقة. هذه القدرة على الفصل تبدو لدى الصينيين بالذات، وذلك في نسجهم علاقات اقتصادية مميزة مع أميركا من جهة ومع إيران من جهة أخرى، اذ «تلتزم شركات صينية رسمية على سبيل المثال بمشاريع نفطية في الجمهورية الإسلامية بقيمة 120 مليار دولار، على الرغم من العقوبات الأميركية - الأوروبية الطويلة الأمد على إيران» بحسب تقرير للكاتب دونغ يوم نشره معهد «فورين بوليسي ان فوكس» بعنوان «هل تدخل الصين اللعبة الكبرى مجدداً؟»... الصين والمنطقة.. وسورية ما سبق، نموذج عن استراتيجية الصين «المتوازنة» في العالم، التي تسعى لحماية مصالحها في الاقتصاد والطاقة أياً يكن الطرف الذي تجدر بكين التعاون معه لحماية هذه المصالح. بتعبير آخر، عملت الصين طيلة العقد الماضي على تطبيق سياسة «صفر مشاكل» التركية – والتي فشلت أنقرة مؤخراً في انتهاجها على مستوى الشرق الأوسط – غير أن بكين وجدت نفسها هي الأخرى ذاهبة إلى أداء ادوار تخرجها عن «حيادها» النسبي السائد تقليدياً، وذلك بعد التطورات في بلدان «الربيع العربي». هذا ما شدد عليه يزيد صايغ في معهد «كارنيغي للسلام الدولي» الذي اعتبر ان «الصين في موقف حرج ومثير للاهتمام في آن. فدبلوماسية الصين ومقاربتها للشؤون الدولية والشرق الأوسط، مدفوعةٌ في المقام الأول برغبتها في حماية إمداداتها من الطاقة، وزيادة علاقاتها الاقتصادية بصفة عامة». ويضيف صايغ «جوهر السياسة الصينية هو السعي إلى التعاون في إدارة الشؤون العالمية. ما يسعون إليه في الشرق الأوسط، سواء من حيث العلاقات الاقتصادية أو الطاقة، في إطار بحث نزاعات مثل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الأوضاع في ليبيا وسوريا.. هو التعاون والتفاوض، وتسوية النزاعات». .. حافظت الصين في المنطقة على معارضتها التقليدية لفكرة «التدخل العسكري» وما تعتبره سياسة غربية في المنطقة. ويعود ذلك جزئياً لتاريخها الخاص التي «عانت خلاله من التدخل الغربي في القرنين العشرين والتاسع عشر، فضلاً عن فرض عقوبات عليها لسنوات عدة خلال الحرب الباردة، بأمر من الولايات المتحدة»، كما قال صايغ. إذاً، للصينيين أسبابهم الخاصة ليكونوا حساسين تجاه التدخل الغربي في سوريا اليوم أو فرض عقوبات على نظام الأسد. ففيما كان للصين موقف «محايد» يوم صوّت مجلس الأمن على قرار عربي بفرض الحظر الجوي فوق ليبيا، وقفت بكين سداً منيعاً بوجه قرار غربي الصنع، يوصي بالعقوبات على سوريا أواخر العام الماضي. موقف أشعل سجالاً دولياً كبيراً وسط دعوات غربية متنوعة إلى ضرورة ازاحة الأسد بتدخل عسكري شبيه بتجربة «الناتو» في ليبيا، الا ان إصرار الصينيين، كما الروس، على العكس، قائلين إن «الهدف هو تفادي تكرار التدخل الغربي الذي سبب بؤساً في أفغانستان والعراق»، نجح حتى الآن في إلغاء هذا الاحتمال. اكثر من ذلك، يقرأ معهد «كارنيغي» الموقف الصيني في سوريا من منظار أوسع: «هو القلق الصيني المتزايد مما تعتبره سياسة أميركية رامية إلى حرمانها من الوصول إلى مصادر الطاقة في الشرق الأوسط. فمفهوم السياسة الأميركية المناهضة للصين ظهر في إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في كانون الثاني الماضي عن مراجعة واشنطن استراتيجيتها الدفاعية وتحويلها نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والنتيجة هي معارضة الصين المفتوحة لفرض حظر على استيراد النفط الإيراني، كما أوصت الولايات المتحدة». ويضيف التقرير «أمام الصين معضلة واحدة هي كيفية أن تكون قوة ذات نفوذ في الشرق الاوسط»، خصوصاً انها ليست على مقربة جغرافية من المنطقة، «كما انها ليست في صدد تطوير حضورها في بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن انها لم تبدأ حتى اللحظة في إبراز قوتها العسكرية في المنطقة» (على عكس روسيا)، لذا ليس امام بكين سوى تطبيق الدبلوماسية الناعمة او القوة الناعمة». هو الخيار الذي يمكّن بكين من الإبقاء على حضورها في المنطقة – دائماً في موقع المنافس للولايات المتحدة – مع الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع «دول الطاقة» وعلى رأسها دول مجلس مجلس التعاون الخليجي «الذين يؤمنون بصادراتهم أكثر من نصف احتياجات شرق آسيا من الطاقة... علاقة الصين بالشرق الأوسط متعددة الأوجه، لا بل استراتيجية في ما يتعلق بالطاقة»... وهذا ما يجعل سياسة بكين في سوريا أكثر حذراً من سياسة حليفتها موسكو.

المصدر : السفير /دنيز يمين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة