أضحت مدينة عكا بشمال أرض فلسطين 48 الشريان الرئيسي لمخططات ومشاريع المؤسسة الإسرائيلية الهادفة لتهويد الجليل، عبر تعزيز الاستيطان واستقدام اليهود القوميين والمتدينين (الحريديم) والجنود والقادمين الجدد، وذلك لمواجهة الزيادة الطبيعية للفلسطينيين الذين ما زالوا أغلبية بشمال البلاد.

وتحظى الجمعيات اليهودية الناشطة في مجال الاستيطان -والتي كثفت من نشاطها ومشاريعها بعكا- بدعم من حكومة بنيامين نتنياهو التي ترصد لها الميزانيات وتسخر لها مسطحات الأراضي، لتقوم بتشييد الأحياء السكنية الخاصة باليهود فوق أراض للاجئين الفلسطينيين.

 

وتقوم جمعيتان استيطانيتان ببناء حي سكني "أجروف" لليهود الحريديم بعد فوزهما بمناقصة أعلنت عنها ما يسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل"، حيث ستقام 177 وحدة سكنية بيعت وسوقت قبل تشييدها، لتكون متاخمة لحي "البستان" الذي أقيم خصيصا للخادمين في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.   وطعنت جمعية "حقوق المواطن" في شرعية هذه المناقصات التي تتنافى مع القانون بتوفير المسكن الشعبي لكافة الجمهور، وعليه التمست من المحكمة العليا مطالبة بإلغائها لكونها تعتمد على تسويق تمييزي وحصري على أساس قومي وديني وانتهاك الحق بالمساواة.

 

عقلية المحتل

ووصف عضو بلدية عكا أحمد عودة ما يحصل بتطهير عرقي وتواصل لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، مقابل استقدام المستوطنين ومنحهم الحوافز والدعم والأفضلية ليصل مجمل تعداد اليهود بالمدينة إلى نحو 35 ألفا.

وأوضح أن الجمعيات الاستيطانية تتطلع لمنع التواصل الجغرافي بين الأحياء السكنية العربية، وتستغل أي مساحة أرض لإقامة أحياء أشبه بالبؤر الاستيطانية، حيث من المتوقع في غضون العامين المقبلين بناء ألفي وحدة سكنية وخلق تواصل جغرافي بين الأحياء السكنية اليهودية لمنع أي توسع عمراني للعرب.

وبين عودة -في حديثه للجزيرة نت- أن عقلية الاستيطان والمحتل التي تطبق في الضفة الغربية وقطاع غزة استنسخت لتنفذ في الداخل الفلسطيني، وتحديدا في المدن الساحلية التي تشهد عملية تهجير وتشريد لسكانها الفلسطينيين مقابل استقدام اليهود إليها.

ولفت إلى أن عقارات وأراضي اللاجئين بعكا تباع بالمزاد العلني للمستثمرين اليهود، حيث تشهد المدينة مشاريع استيطانية وسياحية وإسكانية مدعومة حكوميا، يُحظر على السكان العرب الاستفادة منها رغم أنهم بحاجة فورية إلى ألف وحدة سكنية. كما تقام لجان قبول لفحص هوية المتقدمين لشراء المنازل.

 

تهويد وتشريد

وتتحرك المشاريع الاستيطانية بالتوازي مع عمليات تضييق الخناق التي يتعرض لها الفلسطينيون البالغ تعدادهم 17 ألفا بالمدينة، والذين يعانون من نقص شديد في الوحدات السكنية وتمنع عنهم مشاريع الإسكان العمومية، خصوصا القاطنين في البلدة القديمة ويصل تعدادهم إلى ستة آلاف نسمة.

ويحظر على السكان -وتحديدا بالبلدة القديمة- ترميم منازلهم أو توسيعها لدفعهم إلى الهجرة القسرية، وهناك قرابة 150 عائلة صدرت بحقها أوامر إخلاء منازل وهي عرضة للطرد والتشريد في أي لحظة، لتباع عقاراتها لمستثمرين يهود.

البقاء والصمود

ويرى مدير جمعية "الياطر" لقضايا المسكن سامي هواري أن ما يجري هو إتمام لعملية تهويد المدينة وتهجير ما تبقى من سكانها الفلسطينيين من خلال التضييق عليهم ومنعهم من الحصول على السكن ودفعهم إلى تركها، لافتا إلى أنه لا حل لفلسطينيي 48 إلا البقاء والصمود.

 

وقال -للجزيرة نت- إن "هذا الأمر يتلاءم، بل هو مكمل لجهود إسرائيل لتهويد الجليل والنقب، حيث كانت عكا عاصمة الجليل ومركزا حضاريا واجتماعيا وتجاريا وحلقة الوصل بين الشام ومصر، وتهدف جهود تهويدها لعزلها تماما عن امتدادها العربي وبسط السيطرة الإسرائيلية".

 

وأكد بأن ما يجري في عكا إقصاء للفلسطينيين عن هذه المدينة السياحية التاريخية ومنعهم من الاستفادة من اعتراف اليونسكو بها أثرا إنسانيا عالميا، في حين يعول سكانها الفلسطينيون على مستثمرين عرب من الداخل والخارج للاستثمار في المدينة وتحقيق ربح تجاري إضافة إلى مساهمتهم في تعزيز صمود سكانها.

 

  • فريق ماسة
  • 2012-03-03
  • 8427
  • من الأرشيف

عكا.. توطين اليهود وتشريد الفلسطينيين

أضحت مدينة عكا بشمال أرض فلسطين 48 الشريان الرئيسي لمخططات ومشاريع المؤسسة الإسرائيلية الهادفة لتهويد الجليل، عبر تعزيز الاستيطان واستقدام اليهود القوميين والمتدينين (الحريديم) والجنود والقادمين الجدد، وذلك لمواجهة الزيادة الطبيعية للفلسطينيين الذين ما زالوا أغلبية بشمال البلاد. وتحظى الجمعيات اليهودية الناشطة في مجال الاستيطان -والتي كثفت من نشاطها ومشاريعها بعكا- بدعم من حكومة بنيامين نتنياهو التي ترصد لها الميزانيات وتسخر لها مسطحات الأراضي، لتقوم بتشييد الأحياء السكنية الخاصة باليهود فوق أراض للاجئين الفلسطينيين.   وتقوم جمعيتان استيطانيتان ببناء حي سكني "أجروف" لليهود الحريديم بعد فوزهما بمناقصة أعلنت عنها ما يسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل"، حيث ستقام 177 وحدة سكنية بيعت وسوقت قبل تشييدها، لتكون متاخمة لحي "البستان" الذي أقيم خصيصا للخادمين في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.   وطعنت جمعية "حقوق المواطن" في شرعية هذه المناقصات التي تتنافى مع القانون بتوفير المسكن الشعبي لكافة الجمهور، وعليه التمست من المحكمة العليا مطالبة بإلغائها لكونها تعتمد على تسويق تمييزي وحصري على أساس قومي وديني وانتهاك الحق بالمساواة.   عقلية المحتل ووصف عضو بلدية عكا أحمد عودة ما يحصل بتطهير عرقي وتواصل لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، مقابل استقدام المستوطنين ومنحهم الحوافز والدعم والأفضلية ليصل مجمل تعداد اليهود بالمدينة إلى نحو 35 ألفا. وأوضح أن الجمعيات الاستيطانية تتطلع لمنع التواصل الجغرافي بين الأحياء السكنية العربية، وتستغل أي مساحة أرض لإقامة أحياء أشبه بالبؤر الاستيطانية، حيث من المتوقع في غضون العامين المقبلين بناء ألفي وحدة سكنية وخلق تواصل جغرافي بين الأحياء السكنية اليهودية لمنع أي توسع عمراني للعرب. وبين عودة -في حديثه للجزيرة نت- أن عقلية الاستيطان والمحتل التي تطبق في الضفة الغربية وقطاع غزة استنسخت لتنفذ في الداخل الفلسطيني، وتحديدا في المدن الساحلية التي تشهد عملية تهجير وتشريد لسكانها الفلسطينيين مقابل استقدام اليهود إليها. ولفت إلى أن عقارات وأراضي اللاجئين بعكا تباع بالمزاد العلني للمستثمرين اليهود، حيث تشهد المدينة مشاريع استيطانية وسياحية وإسكانية مدعومة حكوميا، يُحظر على السكان العرب الاستفادة منها رغم أنهم بحاجة فورية إلى ألف وحدة سكنية. كما تقام لجان قبول لفحص هوية المتقدمين لشراء المنازل.   تهويد وتشريد وتتحرك المشاريع الاستيطانية بالتوازي مع عمليات تضييق الخناق التي يتعرض لها الفلسطينيون البالغ تعدادهم 17 ألفا بالمدينة، والذين يعانون من نقص شديد في الوحدات السكنية وتمنع عنهم مشاريع الإسكان العمومية، خصوصا القاطنين في البلدة القديمة ويصل تعدادهم إلى ستة آلاف نسمة. ويحظر على السكان -وتحديدا بالبلدة القديمة- ترميم منازلهم أو توسيعها لدفعهم إلى الهجرة القسرية، وهناك قرابة 150 عائلة صدرت بحقها أوامر إخلاء منازل وهي عرضة للطرد والتشريد في أي لحظة، لتباع عقاراتها لمستثمرين يهود. البقاء والصمود ويرى مدير جمعية "الياطر" لقضايا المسكن سامي هواري أن ما يجري هو إتمام لعملية تهويد المدينة وتهجير ما تبقى من سكانها الفلسطينيين من خلال التضييق عليهم ومنعهم من الحصول على السكن ودفعهم إلى تركها، لافتا إلى أنه لا حل لفلسطينيي 48 إلا البقاء والصمود.   وقال -للجزيرة نت- إن "هذا الأمر يتلاءم، بل هو مكمل لجهود إسرائيل لتهويد الجليل والنقب، حيث كانت عكا عاصمة الجليل ومركزا حضاريا واجتماعيا وتجاريا وحلقة الوصل بين الشام ومصر، وتهدف جهود تهويدها لعزلها تماما عن امتدادها العربي وبسط السيطرة الإسرائيلية".   وأكد بأن ما يجري في عكا إقصاء للفلسطينيين عن هذه المدينة السياحية التاريخية ومنعهم من الاستفادة من اعتراف اليونسكو بها أثرا إنسانيا عالميا، في حين يعول سكانها الفلسطينيون على مستثمرين عرب من الداخل والخارج للاستثمار في المدينة وتحقيق ربح تجاري إضافة إلى مساهمتهم في تعزيز صمود سكانها.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة