قال عضو اللجنة الوطنية المشكلة بالقرار الجمهوري رقم 33 تاريخ 15/10/2011 لإعداد مشروع دستور للجمهورية العربية السورية قدري جميل أن مشروع الدستور السوري والذي تم تحديد موعد الاستفتاء عليه بموجب المرسوم التشريعي رقم 85 للعام 2012 يوم الأحد الواقع في 26/2/2012 تحدث في مادته الثالثة عشرة المتعلقة بالمبادئ الاقتصادية عن أن الاقتصاد الوطني يقوم على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل.

 

مبيناً أن هذه الفكرة تتضمن شقين وهما رفع الإنتاج وتحسين مستوى معيشة الفرد، أي إن زيادة الدخل تتم عبر تنمية الاقتصاد الحقيقي بالدرجة الأولى وهذا ما يؤكد ضرورة الإقلاع عن السياسات الليبرالية القائمة على القطاعات غير الإنتاجية والتي تحولت لبؤر لجر الاقتصاد الوطني لمطارح غير مفيدة، على حين هذه الفقرة تؤكد أن من يطور الاقتصاد الوطني هو الإنتاج، الذي هدفه تحسين معيشة الفرد، وهذا ما وضع الأساس النظري والقانوني لإلزام الحكومات اللاحقة بسياسات الدستور الجديدة، بحيث لن نسمع بعد اليوم من يقول إن التجارة هي قاطرة الاقتصاد، أو إنه يمكن اختيار قاطرة اقتصادية معينة مادام تطوير الإنتاج الحقيقي هو الأساس للاقتصاد السوري اليوم.

وبيّن د.جميل أن المبادئ الاقتصادية تنص أيضاً على أن هدف السياسة الاقتصادية للدولة هو تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة، كما تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى التجارة والاستثمار وتمنع الاحتكار فـي مختلف المجالات الاقتصادية وتعمل على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل، بما يخدم الاقتصاد الوطني. موضحاً أن العدالة الاجتماعية لا تختلف مع النمو الاقتصادي رغم أن هناك نظريات تقول إن النمو لا يمكن أن تتحقق معه عدالة، أما الدستور فينص بأنه يمكن تفعيل الأمرين أيضاً دون تناقض بين تحقيق العدالة والنمو، لافتاً إلى أن النمو يتم عبر الاستثمارات، ولكن ليست تلك الاستثمارات التي توضع بمجال لا ينمي الاقتصاد الوطني ولا يمنحه القيمة المضافة، كما لا يجب تحفيز الاستثمارات بالقطاعات الخدمية على حساب القطاعات الإنتاجية فتلك الأخيرة لها الأولوية لأنها تحمل القيمة المضافة، أما القطاعات الخدمية ففيها توسيع للقيمة المضافة فقط، وبالتالي إذا ركزنا الاستثمارات على الخدمات نكبح تطور الإنتاج الحقيقي، والصحيح هو أنه يجب أن يكون هناك نسبة وتناسب بين التوظيفات التي يمكن أن تساهم بالإنتاج الحقيقي وبين تلك التي ستذهب للمشاريع الخدمية. مشيراً إلى أن المقصود من ذلك ليس إهمال المشاريع الخدمية لكن أن تكون هذه المشاريع مشتقة من المشاريع الإنتاجية وتخدمها وليس العكس، وخاصة أن القطاعات الإنتاجية تحولت بالفترة الأخيرة لمصدر ثراء ودخل للكثيرين.

أما الضامن للسير بهذا النهج من الاستثمار -حسب د. جميل- هو السياسات الحكومية التي تحفز الاستثمار بهذا القطاع أو ذاك، وبالتالي أي حكومة تعمل خلاف ذلك يكون موقفها غير دستوري.

وأشار د.جميل إلى أن المادة 40 من مشروع الدستور الجديد تحدثت أيضاً عن حقوق العمال من حيث أجورهم، فحددت لكل عامل أجراً عادلاً حسب نوعية العمل ومردوده، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها، وخاصة أن الحد الأدنى للأجور لم يكن حقيقياً بل اسمي وهناك فجوة كبيرة بينه وبين الحد الضروري الأدنى لمستوى المعيشة، فالحد الأدنى للأجور اليوم يقترب من 11 ألف ليرة على حين هو بالحقيقة 30 ألف ليرة، وهذا ما انتبه إليه مشروع الدستور الجديد الذي يقول إن الحد الأدنى للأجور يجب أن يتطابق مع ضرورات المعيشة، أما الحديث عن ماهية هذه الضرورات فهو أمر سيناقش لاحقاً، وله حسابات معروفة عالمياً مثل سلة الاستهلاك المكونة من 40% غذاء و60% مواد أخرى غير غذاء، علماً بأن الأغذية بالتعريف هي التي تؤمن للفرد الواحد يومياً 2400 سعرة حرارية سعرها يزيد على 100 ل.س، فإذا كانت العائلة مؤلفة من 5 أفراد، فهذا يعني أنها تحتاج يومياً لأغذية تصل قيمتها إلى 500 ليرة سورية وترتفع بالشهر لـ15 ألف ليرة، هذا طبعاً ماعدا المواد غير الغذائية التي تصل نسبتها لـ60% ومع إضافتها يرتفع الحد الأدنى للأجور لما يزيد على 30%، وبالسوق السورية فإن الحد الأعلى للأجور هو 4 أضعاف الحد الأدنى، ما يعني أن الحد الأعلى يجب ألا يقل أيضاً عن 120 ألف ليرة، والحد الوسطي يتراوح من 50 إلى 100 ألف ليرة.

كما لفت د.جميل إلى أنه يحق للمواطنين وفق المادة 44 من مشروع الدستور حق الإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور، مشيراً إلى أن الإضراب هو حالة مفيدة جداً للاقتصاد السوري وليس العكس، فالعامل يحتاج لأداة يطالب بها بحقه، وخاصة أن الكثير من العمال هم بالقطاع الخاص الذي لا يلتزم بقوانين الأجور والعمل، ومن هنا فالعامل يحق له الإضراب عن العمل للحصول على حقوقه، علماً بأنه سيصدر لاحقاً قانون لتنظيم الإضراب يضمن ممارسة العامل لحقوقه.

  • فريق ماسة
  • 2012-02-15
  • 16033
  • من الأرشيف

الحد الأدنى للأجور 30 ألف والأعلى 120

قال عضو اللجنة الوطنية المشكلة بالقرار الجمهوري رقم 33 تاريخ 15/10/2011 لإعداد مشروع دستور للجمهورية العربية السورية قدري جميل أن مشروع الدستور السوري والذي تم تحديد موعد الاستفتاء عليه بموجب المرسوم التشريعي رقم 85 للعام 2012 يوم الأحد الواقع في 26/2/2012 تحدث في مادته الثالثة عشرة المتعلقة بالمبادئ الاقتصادية عن أن الاقتصاد الوطني يقوم على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل.   مبيناً أن هذه الفكرة تتضمن شقين وهما رفع الإنتاج وتحسين مستوى معيشة الفرد، أي إن زيادة الدخل تتم عبر تنمية الاقتصاد الحقيقي بالدرجة الأولى وهذا ما يؤكد ضرورة الإقلاع عن السياسات الليبرالية القائمة على القطاعات غير الإنتاجية والتي تحولت لبؤر لجر الاقتصاد الوطني لمطارح غير مفيدة، على حين هذه الفقرة تؤكد أن من يطور الاقتصاد الوطني هو الإنتاج، الذي هدفه تحسين معيشة الفرد، وهذا ما وضع الأساس النظري والقانوني لإلزام الحكومات اللاحقة بسياسات الدستور الجديدة، بحيث لن نسمع بعد اليوم من يقول إن التجارة هي قاطرة الاقتصاد، أو إنه يمكن اختيار قاطرة اقتصادية معينة مادام تطوير الإنتاج الحقيقي هو الأساس للاقتصاد السوري اليوم. وبيّن د.جميل أن المبادئ الاقتصادية تنص أيضاً على أن هدف السياسة الاقتصادية للدولة هو تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة، كما تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى التجارة والاستثمار وتمنع الاحتكار فـي مختلف المجالات الاقتصادية وتعمل على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل، بما يخدم الاقتصاد الوطني. موضحاً أن العدالة الاجتماعية لا تختلف مع النمو الاقتصادي رغم أن هناك نظريات تقول إن النمو لا يمكن أن تتحقق معه عدالة، أما الدستور فينص بأنه يمكن تفعيل الأمرين أيضاً دون تناقض بين تحقيق العدالة والنمو، لافتاً إلى أن النمو يتم عبر الاستثمارات، ولكن ليست تلك الاستثمارات التي توضع بمجال لا ينمي الاقتصاد الوطني ولا يمنحه القيمة المضافة، كما لا يجب تحفيز الاستثمارات بالقطاعات الخدمية على حساب القطاعات الإنتاجية فتلك الأخيرة لها الأولوية لأنها تحمل القيمة المضافة، أما القطاعات الخدمية ففيها توسيع للقيمة المضافة فقط، وبالتالي إذا ركزنا الاستثمارات على الخدمات نكبح تطور الإنتاج الحقيقي، والصحيح هو أنه يجب أن يكون هناك نسبة وتناسب بين التوظيفات التي يمكن أن تساهم بالإنتاج الحقيقي وبين تلك التي ستذهب للمشاريع الخدمية. مشيراً إلى أن المقصود من ذلك ليس إهمال المشاريع الخدمية لكن أن تكون هذه المشاريع مشتقة من المشاريع الإنتاجية وتخدمها وليس العكس، وخاصة أن القطاعات الإنتاجية تحولت بالفترة الأخيرة لمصدر ثراء ودخل للكثيرين. أما الضامن للسير بهذا النهج من الاستثمار -حسب د. جميل- هو السياسات الحكومية التي تحفز الاستثمار بهذا القطاع أو ذاك، وبالتالي أي حكومة تعمل خلاف ذلك يكون موقفها غير دستوري. وأشار د.جميل إلى أن المادة 40 من مشروع الدستور الجديد تحدثت أيضاً عن حقوق العمال من حيث أجورهم، فحددت لكل عامل أجراً عادلاً حسب نوعية العمل ومردوده، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها، وخاصة أن الحد الأدنى للأجور لم يكن حقيقياً بل اسمي وهناك فجوة كبيرة بينه وبين الحد الضروري الأدنى لمستوى المعيشة، فالحد الأدنى للأجور اليوم يقترب من 11 ألف ليرة على حين هو بالحقيقة 30 ألف ليرة، وهذا ما انتبه إليه مشروع الدستور الجديد الذي يقول إن الحد الأدنى للأجور يجب أن يتطابق مع ضرورات المعيشة، أما الحديث عن ماهية هذه الضرورات فهو أمر سيناقش لاحقاً، وله حسابات معروفة عالمياً مثل سلة الاستهلاك المكونة من 40% غذاء و60% مواد أخرى غير غذاء، علماً بأن الأغذية بالتعريف هي التي تؤمن للفرد الواحد يومياً 2400 سعرة حرارية سعرها يزيد على 100 ل.س، فإذا كانت العائلة مؤلفة من 5 أفراد، فهذا يعني أنها تحتاج يومياً لأغذية تصل قيمتها إلى 500 ليرة سورية وترتفع بالشهر لـ15 ألف ليرة، هذا طبعاً ماعدا المواد غير الغذائية التي تصل نسبتها لـ60% ومع إضافتها يرتفع الحد الأدنى للأجور لما يزيد على 30%، وبالسوق السورية فإن الحد الأعلى للأجور هو 4 أضعاف الحد الأدنى، ما يعني أن الحد الأعلى يجب ألا يقل أيضاً عن 120 ألف ليرة، والحد الوسطي يتراوح من 50 إلى 100 ألف ليرة. كما لفت د.جميل إلى أنه يحق للمواطنين وفق المادة 44 من مشروع الدستور حق الإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور، مشيراً إلى أن الإضراب هو حالة مفيدة جداً للاقتصاد السوري وليس العكس، فالعامل يحتاج لأداة يطالب بها بحقه، وخاصة أن الكثير من العمال هم بالقطاع الخاص الذي لا يلتزم بقوانين الأجور والعمل، ومن هنا فالعامل يحق له الإضراب عن العمل للحصول على حقوقه، علماً بأنه سيصدر لاحقاً قانون لتنظيم الإضراب يضمن ممارسة العامل لحقوقه.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة