المحكمة الجنائية الدولية أحالت عدداً من الرؤساء السابقين إلى التحقيق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أو حرب إبادة، ومَثَل أمامها بعضهم مثل رئيس صربيا السابق ميلوسيفيتش، ويمثل أمامها يوم الاثنين رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من بينها القتل والاغتصاب، كما تطالب بمثول الرئيس السوداني عمر البشير ووزير دفاعه عبدالرحيم حسين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، وهذه المحكمة أنشئت العام 2002 بموجب ميثاق روما الذي دخل حيز التنفيذ في إبريل/ نيسان من السنة نفسها .

كان يمكن لهذه المحكمة أن تكتسب الصدقية وتحظى باحترام الرأي العام العالمي، لو أنها طبقت المعايير إياها إزاء كل القضايا التي ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية، أما وأنها لجأت إلى الانتقائية وازدواجية المعايير في اختيار مثل هذه الجرائم، فإنها بذلك تفقد أهليتها في أن تكون محكمة تحقق العدالة الدولية .

فهذه المحكمة لم تتحرك إزاء جرائم الحرب التي ارتكبها قادة الكيان خلال العدوان على لبنان عام ،2006 ولا تحركت إزاء المجازر التي ارتكبوها خلال حربهم على قطاع غزة 2008 - ،2009 وهي غير مبالية تجاه الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان .

لقد دعت منظمة العفو الدولية قبل يومين حكومات إثيوبيا وتنزانيا وزامبيا إلى اعتقال الرئيس الأمريكي السابق  جورج بوش  خلال الزيارة التي يقوم بها إلى بلدانهم قريباً، بتهمة ارتكاب جرائم حرب بموجب القانون الدولي .

وكان أحرى بالمحكمة الجنائية الدولية أن تصدر مذكرة اعتقال بحق جورج بوش ومحاكمته أمامها بسبب ما اقترفه من جرائم، ومسؤوليته المباشرة عن مقتل مئات آلاف المدنيين في العراق وأفغانستان، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمت بأوامر منه، مثل التعذيب وممارسة التحقيقات اللاإنسانية والفظائع التي ارتكبت في سجن أبوغريب ومعتقل غوانتانامو .

إن العدالة الدولية سوف تبقى مفتقدة طالما بقي مجرمو حرب مثل القادة الصهاينة والرئيس الأمريكي السابق وبطانته خارج التحقيق والمساءلة، وسيبقى العالم رهينة ازدواجية المعايير في العدالة والسياسة على حد سواء، طالما ظل النظام الدولي يرى بعين واحدة، هي العين الأمريكية  الإسرائيلية.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-12-03
  • 12709
  • من الأرشيف

العدالة الدولية المفقودة ..

  المحكمة الجنائية الدولية أحالت عدداً من الرؤساء السابقين إلى التحقيق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أو حرب إبادة، ومَثَل أمامها بعضهم مثل رئيس صربيا السابق ميلوسيفيتش، ويمثل أمامها يوم الاثنين رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من بينها القتل والاغتصاب، كما تطالب بمثول الرئيس السوداني عمر البشير ووزير دفاعه عبدالرحيم حسين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، وهذه المحكمة أنشئت العام 2002 بموجب ميثاق روما الذي دخل حيز التنفيذ في إبريل/ نيسان من السنة نفسها . كان يمكن لهذه المحكمة أن تكتسب الصدقية وتحظى باحترام الرأي العام العالمي، لو أنها طبقت المعايير إياها إزاء كل القضايا التي ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية، أما وأنها لجأت إلى الانتقائية وازدواجية المعايير في اختيار مثل هذه الجرائم، فإنها بذلك تفقد أهليتها في أن تكون محكمة تحقق العدالة الدولية . فهذه المحكمة لم تتحرك إزاء جرائم الحرب التي ارتكبها قادة الكيان خلال العدوان على لبنان عام ،2006 ولا تحركت إزاء المجازر التي ارتكبوها خلال حربهم على قطاع غزة 2008 - ،2009 وهي غير مبالية تجاه الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان . لقد دعت منظمة العفو الدولية قبل يومين حكومات إثيوبيا وتنزانيا وزامبيا إلى اعتقال الرئيس الأمريكي السابق  جورج بوش  خلال الزيارة التي يقوم بها إلى بلدانهم قريباً، بتهمة ارتكاب جرائم حرب بموجب القانون الدولي . وكان أحرى بالمحكمة الجنائية الدولية أن تصدر مذكرة اعتقال بحق جورج بوش ومحاكمته أمامها بسبب ما اقترفه من جرائم، ومسؤوليته المباشرة عن مقتل مئات آلاف المدنيين في العراق وأفغانستان، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمت بأوامر منه، مثل التعذيب وممارسة التحقيقات اللاإنسانية والفظائع التي ارتكبت في سجن أبوغريب ومعتقل غوانتانامو . إن العدالة الدولية سوف تبقى مفتقدة طالما بقي مجرمو حرب مثل القادة الصهاينة والرئيس الأمريكي السابق وبطانته خارج التحقيق والمساءلة، وسيبقى العالم رهينة ازدواجية المعايير في العدالة والسياسة على حد سواء، طالما ظل النظام الدولي يرى بعين واحدة، هي العين الأمريكية  الإسرائيلية.  

المصدر : افتتاحية صحيفة الخليج الاماراتية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة