عمد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إثر مقاطعة الكثير من دول العالم له إلى محاولة فتح آفاق لعلاقات مع دول أضعف، وخصوصا في أفريقيا.

وآمن ليبرمان بأن إسرائيل المتطورة والقوية بعلاقاتها مع الولايات المتحدة يمكن أن تكسب من تحالفها مع هذه الدول الضعيفة، خصوصا في المحافل الدولية. ولكن يبدو أن الأمور لم تتوقف عند ليبرمان ونظرته إلى العالم، بل تخطته لتغدو سياسة رسمية لإسرائيل.

وتحت عنوان «العودة إلى أفريقيا» تناولت صحيفة «معاريف» التوجه الإسرائيلي الراهن نحو أفريقيا، والذي لا يختلف في جوهره عن التوجه الأصلي الذي كان لإسرائيل مع مطلع الستينات، إثر تحرر الدول الأفريقية من الاستعمار الأجنبي. حينها حاولت إسرائيل التسلل إلى مواقع النفوذ في تلك الدول بوصفها «نموذج نجاح» اقتصادي وتطويري ومن أجل تحقيق غايات تكتيكية وإستراتيجية. وتكفي الإشارة هنا إلى أن دولا كالتي تحيط بمنابع النيل كانت هدفا في إطار ما كان يعرف بسياسة التحالف مع الدول التي تحيط بالدول العربية. وفي حينه لعبت أثيوبيا دورا بارزا في هذه السياسة التحالفية، وفي مواجهة المشروع العربي.

وأمس أشارت «معاريف» إلى أنه بعد 53 سنة من الزيارة «التاريخية» لوزيرة الخارجية غولدا مئير، و45 سنة على زيارة رئيس الحكومة في حينه ليفي اشكول إلى أفريقيا، يخطط رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسفر في زيارة رسمية إلى القارة السوداء. وسيسافر نتنياهو في بداية السنة المقبلة لزيارة أوغندا وكينيا، ويحتمل أن يصل أيضا إلى كل من أثيوبيا والدولة الشابة في جنوب السودان.

وأوضحت «معاريف» أنه من غير المستبعد أن يعقد خلال الزيارة في أوغندا احتفال بذكرى شقيقه يوني نتنياهو، قائد عملية عنتيبة، الذي قُتل أثناء عملية تخليص رهائن طائرة مختطفة. تجدر الإشارة إلى أنه قبل نحو أسبوعين التقى نتنياهو بالرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس وزراء كينيا رايلا اودينغا في القدس المحتلة. وقد دعياه لزيارتهما، والآن يعمل ديوان رئيس الوزراء على تنسيق الزيارتين.

وكشفت النقاب عن أن نتنياهو يعمل في الأشهر الأخيرة على بلورة حلف إسرائيلي مع بضع دول مسيحية في أفريقيا، كي تشكل نوعا من حزام ضد الإسلام المتصاعد في دول شمال أفريقيا في أعقاب أحداث «الربيع العربي». وحسب مصدر رفيع المستوى في تل أبيب فان «التغييرات الواقعة في شمال أفريقيا تؤثر أيضا على باقي الدول الأفريقية، التي تخشى من إمكانية تعزز الإسلام المتطرف، ومن تأثيره على القارة بأسرها. وهذه بالتأكيد مواضيع تشغل بال الدول المسيحية في القارة وإسرائيل التي تخشى هي أيضا من صعود الإسلام المتطرف، وبالتالي ثمة بالتأكيد ما يتوفر في هذا الحلف».

ومع ذلك أشارت الصحيفة إلى أن المصلحة الإسرائيلية في توثيق الحلف مع دول أفريقيا أكثر اتساعا. وتنقل عن مصدر رفيع المستوى في القدس قوله إن «هذه مصلحة إستراتيجية إسرائيلية – إنشاء اتصال أقصى مع دول القرن الأفريقي التي تشكل بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل، سواء في الجو أم في البحر». وحسب أقواله، فان هذه الدول تطل على مسارات الإبحار إلى ايلات وقريبة من مصر والسعودية.

وكانت منشورات أجنبية قد ذكرت مرارا أن إسرائيل ضالعة في الشؤون السياسية الداخلية في تلك الدول، في ضوء ذاك التفكير الاستراتيجي. لإسرائيل مصلحة كبيرة أيضا في تصعيد التعاون الأمني والاستخباراتي مع هذه الدول، وكذا التصدير الأمني إلى الدول التي يمكنها أن تعتبر هدفا مركزيا بالنسبة للأسلحة الإسرائيلية.

الدول موضع الحديث معنية من جانبها بالتكنولوجيا الإسرائيلية في المجال الأمني، وذلك ضمن أمور أخرى، كي تتصدى للخلايا الإسلامية ذات الصلة بتنظيم القاعدة، العاملة في أفريقيا بشكل عام وفي الصومال بشكل خاص. كما أن لإسرائيل مصلحة في محاولة صد التسلل الإيراني إلى القارة، والذي تنفذه طهران من خلال استثمارات مالية كبيرة، وبالتالي يشكل تهديدا على بعض من الدول، ولا سيما تلك المسيحية.

كذلك لإسرائيل مصالح اقتصادية آخذة في الاتساع في أفريقيا في مجالات الزراعة، الاتصالات والبنى التحتية. فمثلا، مشروع كبير تشارك فيه إسرائيل وألمانيا يتمثل في تطوير بحيرة فيكتوريا، ولا سيما في مجال الصيد.

اودينغا، تناول التحديات الأمنية لبلاده والمساهمة الإسرائيلية في التصدي لهذه التحديات، بعد زيارته إلى القدس، فقال «إسرائيل يمكنها أن تساعد كينيا على بناء منظومة ضبط واعتقال المسلحين، اكتشاف أسلحتهم وتوجيه ضربة مسبقة لهم». أما تل أبيب فالتزمت الصمت، ولكن اودينغا ورجاله سارعوا إلى الإعلان بأن إسرائيل استجابت لطلبهم. وحسب الكينيين، قال لهم نتنياهو: «أعداء كينيا هم أعداء إسرائيل. علينا أن نساعد. هذه فرصة لتعزيز علاقاتنا».

وأكد مصدر سياسي رفيع المستوى أنه تُجرى مؤخرا جهود إسرائيلية في أفريقيا «في ضوء النظام العالمي الجديد». ويشار إلى أن من اتخذ الخطوة الأولى في المحاولة الإسرائيلية للتقرب من أفريقيا كان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي، منذ أيلول 2009، قام بزيارة شاملة إلى القارة.

  • فريق ماسة
  • 2011-11-30
  • 6068
  • من الأرشيف

إسرائيل تتوجه إلى أفريقيا لإقامة تحالف ضد «الإسلاميين»

          عمد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إثر مقاطعة الكثير من دول العالم له إلى محاولة فتح آفاق لعلاقات مع دول أضعف، وخصوصا في أفريقيا. وآمن ليبرمان بأن إسرائيل المتطورة والقوية بعلاقاتها مع الولايات المتحدة يمكن أن تكسب من تحالفها مع هذه الدول الضعيفة، خصوصا في المحافل الدولية. ولكن يبدو أن الأمور لم تتوقف عند ليبرمان ونظرته إلى العالم، بل تخطته لتغدو سياسة رسمية لإسرائيل. وتحت عنوان «العودة إلى أفريقيا» تناولت صحيفة «معاريف» التوجه الإسرائيلي الراهن نحو أفريقيا، والذي لا يختلف في جوهره عن التوجه الأصلي الذي كان لإسرائيل مع مطلع الستينات، إثر تحرر الدول الأفريقية من الاستعمار الأجنبي. حينها حاولت إسرائيل التسلل إلى مواقع النفوذ في تلك الدول بوصفها «نموذج نجاح» اقتصادي وتطويري ومن أجل تحقيق غايات تكتيكية وإستراتيجية. وتكفي الإشارة هنا إلى أن دولا كالتي تحيط بمنابع النيل كانت هدفا في إطار ما كان يعرف بسياسة التحالف مع الدول التي تحيط بالدول العربية. وفي حينه لعبت أثيوبيا دورا بارزا في هذه السياسة التحالفية، وفي مواجهة المشروع العربي. وأمس أشارت «معاريف» إلى أنه بعد 53 سنة من الزيارة «التاريخية» لوزيرة الخارجية غولدا مئير، و45 سنة على زيارة رئيس الحكومة في حينه ليفي اشكول إلى أفريقيا، يخطط رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسفر في زيارة رسمية إلى القارة السوداء. وسيسافر نتنياهو في بداية السنة المقبلة لزيارة أوغندا وكينيا، ويحتمل أن يصل أيضا إلى كل من أثيوبيا والدولة الشابة في جنوب السودان. وأوضحت «معاريف» أنه من غير المستبعد أن يعقد خلال الزيارة في أوغندا احتفال بذكرى شقيقه يوني نتنياهو، قائد عملية عنتيبة، الذي قُتل أثناء عملية تخليص رهائن طائرة مختطفة. تجدر الإشارة إلى أنه قبل نحو أسبوعين التقى نتنياهو بالرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس وزراء كينيا رايلا اودينغا في القدس المحتلة. وقد دعياه لزيارتهما، والآن يعمل ديوان رئيس الوزراء على تنسيق الزيارتين. وكشفت النقاب عن أن نتنياهو يعمل في الأشهر الأخيرة على بلورة حلف إسرائيلي مع بضع دول مسيحية في أفريقيا، كي تشكل نوعا من حزام ضد الإسلام المتصاعد في دول شمال أفريقيا في أعقاب أحداث «الربيع العربي». وحسب مصدر رفيع المستوى في تل أبيب فان «التغييرات الواقعة في شمال أفريقيا تؤثر أيضا على باقي الدول الأفريقية، التي تخشى من إمكانية تعزز الإسلام المتطرف، ومن تأثيره على القارة بأسرها. وهذه بالتأكيد مواضيع تشغل بال الدول المسيحية في القارة وإسرائيل التي تخشى هي أيضا من صعود الإسلام المتطرف، وبالتالي ثمة بالتأكيد ما يتوفر في هذا الحلف». ومع ذلك أشارت الصحيفة إلى أن المصلحة الإسرائيلية في توثيق الحلف مع دول أفريقيا أكثر اتساعا. وتنقل عن مصدر رفيع المستوى في القدس قوله إن «هذه مصلحة إستراتيجية إسرائيلية – إنشاء اتصال أقصى مع دول القرن الأفريقي التي تشكل بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل، سواء في الجو أم في البحر». وحسب أقواله، فان هذه الدول تطل على مسارات الإبحار إلى ايلات وقريبة من مصر والسعودية. وكانت منشورات أجنبية قد ذكرت مرارا أن إسرائيل ضالعة في الشؤون السياسية الداخلية في تلك الدول، في ضوء ذاك التفكير الاستراتيجي. لإسرائيل مصلحة كبيرة أيضا في تصعيد التعاون الأمني والاستخباراتي مع هذه الدول، وكذا التصدير الأمني إلى الدول التي يمكنها أن تعتبر هدفا مركزيا بالنسبة للأسلحة الإسرائيلية. الدول موضع الحديث معنية من جانبها بالتكنولوجيا الإسرائيلية في المجال الأمني، وذلك ضمن أمور أخرى، كي تتصدى للخلايا الإسلامية ذات الصلة بتنظيم القاعدة، العاملة في أفريقيا بشكل عام وفي الصومال بشكل خاص. كما أن لإسرائيل مصلحة في محاولة صد التسلل الإيراني إلى القارة، والذي تنفذه طهران من خلال استثمارات مالية كبيرة، وبالتالي يشكل تهديدا على بعض من الدول، ولا سيما تلك المسيحية. كذلك لإسرائيل مصالح اقتصادية آخذة في الاتساع في أفريقيا في مجالات الزراعة، الاتصالات والبنى التحتية. فمثلا، مشروع كبير تشارك فيه إسرائيل وألمانيا يتمثل في تطوير بحيرة فيكتوريا، ولا سيما في مجال الصيد. اودينغا، تناول التحديات الأمنية لبلاده والمساهمة الإسرائيلية في التصدي لهذه التحديات، بعد زيارته إلى القدس، فقال «إسرائيل يمكنها أن تساعد كينيا على بناء منظومة ضبط واعتقال المسلحين، اكتشاف أسلحتهم وتوجيه ضربة مسبقة لهم». أما تل أبيب فالتزمت الصمت، ولكن اودينغا ورجاله سارعوا إلى الإعلان بأن إسرائيل استجابت لطلبهم. وحسب الكينيين، قال لهم نتنياهو: «أعداء كينيا هم أعداء إسرائيل. علينا أن نساعد. هذه فرصة لتعزيز علاقاتنا». وأكد مصدر سياسي رفيع المستوى أنه تُجرى مؤخرا جهود إسرائيلية في أفريقيا «في ضوء النظام العالمي الجديد». ويشار إلى أن من اتخذ الخطوة الأولى في المحاولة الإسرائيلية للتقرب من أفريقيا كان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي، منذ أيلول 2009، قام بزيارة شاملة إلى القارة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة