دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكد وزير الإقتصاد محمد نضال الشعار أن سورية قادرة على صنع معجزة كما في الثمانينيات من القرن الماضي بخصوص الاكتفاء الذاتي، حيث قال الشعار: وضعنا اليوم أفضل بكثير من تلك العقود السابقة إذ لم يكن لدى سورية في تلك الفترة مصانع بالنوعية والكم الموجود حالياً حيث كان الوضع الصناعي في سورية متواضعاً جداً مقارنة مع اليوم الذي فيه فرصة أكبر لأنه خلال السنوات السابقة بنّي في سورية قدرات تقنية ومصانع قادرة على الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وما يهمنا من هذا الموضوع تشغيل العمالة المحلية في سورية ويمكن أن تكون هذه الفرصة المناسبة لذلك.
وأكد الشعار أن المواطن العربي أينما كان في السعودية أو الإمارات أو الكويت لديه نمط استهلاكي جزء منه يعتمد على البضائع القادمة من سورية ، وحرمانه من هذه البضائع هي تشويه لنمطه الاستهلاكي الذي اعتاد عليه لمئات السنين، فالأذى الناتج عن العقوبات الإقتصادية على سورية سيكون للمواطن السوري وللعربي في الوقت نفسه، وقال "أتمنى أن يقدروا هذا الشيء إذ إنه لا داعي لتخريب هذه الأنماط التي استمرت لمئات السنين تتطور وتنمو وفيها نوع من التضامن، وتوقعاتي أن يتأثر الطرفان بالعقوبات".
وعن احتمال قيام سورية بتحويل شراكاتها مع الدول الملتزمة بالعقوبات إلى دول أخرى لن تلتزم بها أجاب وزير الاقتصاد: أنا لا أتوقع أن تلتزم جميع الدول العربية بهذه العقوبات مثل لبنان والعراق والأردن بسبب الجوار والعلاقات التجارية الوثيقة، أما الدول الأخرى التي ستلتزم فإن جزءاً من التزامها سيكون صورياً حسب ما أتوقعه وليس واقعياً، فالمستهلك اسمه مستهلك، وهو يريد الحصول على حاجته ولن يرضى بتشويه نمطه الاستهلاكي بسبب قرار سياسي، وإن التزم البعض بالعقوبات فإنها لن تكون كاملة ولفترة مؤقتة.
وفيما لو كان لدى سورية وسائل للرد على العقوبات وخصوصاً فيما يتعلق بحركة الترانزيت الكثيفة أو بعض السلع التي يستفيد منها العديد من الدول العربية لفت الوزير إلى أن سوريا عبارة عن ممر لحركة الترانزيت وهي ليست المستفيدة الأولى وإنما جميع الدول العربية والمجاورة، وهو ما يجعل تحويل حركة الترانزيت إلى خارج سوريا مكلفاً جداً بالنسبة للبلدان العربية وعلى المواطن العربي، وكيف يمكن لقرارات سياسية أن تفكك علاقة عمرها آلاف السنين وهذا في حقيقة الأمر أمر غريب.
تمنى وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد نضال الشعار العودة إلى ضمائرنا ووجداننا كشعوب عربية بسبب تاريخنا المشترك، وأن نلحظ هذا التاريخ التراكمي والهائل والمقدس الذي يربطنا وألا نؤطره بقرارات سياسية قد تكون مؤقتة وناتجة عن غضب وتسرع، وأن نتحلى بقدر أكبر من الحكمة والرّوية في اتخاذ قرارات تنعكس على جميع الشعوب العربية لأن المنطق يقتضي أن يبقى هذا الضمير والوجدان العربي حياً لنفتخر به.
وحول إذا ما كانت لدى الحكومة خطة عمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات بما يتناسب مع المرحلة المقبلة التي سيمر بها الاقتصاد السوري قال وزير الاقتصاد: يجب من حيث المبدأ العودة للتركيز على الداخل والخطوة الأولى في هذا المجال تتمثل بالنظر في احتياجات الصناعة الوطنية الواعدة في الداخل وخصوصاً أن سوريا تمتلك قاعدة صناعية متنوعة جداً، مشيراً إلى أنه من الصعب في المرحلة الحالية التركيز على جميع الصناعات ويجب أن تكون هناك عملية انتقاء ضمن معايير كمستقبل هذه الصناعة، وقدرتها على تلبية حاجات المواطن كماً ونوعاً، والسرعة في الإنجاز.
وكشف الوزير الشعار نية الحكومة توجيه كتاب خلال اليومين المقبلين إلى غرف الصناعة والحرفيين وجميع الصناعيين في سورية لاستمزاج رأيهم بما هو مطلوب لكي نخلق حالة نمكن فيها هذه الصناعات كي تكون قادرة على الإنتاج فوراً بشكل اقتصادي يحقق كفاءة اقتصادية موضحاً أنه من الممكن البدء فوراً، ولكن حتى يأخذ هذا الإجراء مفاعيله نحتاج إلى وقت على المديين القصير والمتوسط علماً أن هذه الأمور الإستراتيجية كان من المفترض بنا البدء بها منذ زمن أبعد إلى الوراء من الآن.
ولفت الشعار إلى "أنه خلال الفترة الماضية توجهنا إلى الخارج دون العناية بالداخل حيث كان من المفترض بنا العناية وتمكين الداخل وتقويته ثم الخروج إلى الخارج، ولكن ذلك لم يحدث ومع ذلك فإنني أرى فرصة لمراجعة وضعنا الداخلي وتقويته قدر الإمكان وإعطائه العناصر الكافية لتخلق عنده التنافسية في النوع والكمية وليكون مصدراً للاعتماد على الذات في ظل جميع العقوبات المفروضة علينا من الدول كافة".
وفي سؤال حول السلع الإستراتيجية التي لن تشملها العقوبات العربية وإمكانية الاستغناء عنها أجاب وزير الاقتصاد بأن هذا النوع من السلع ليست محصورة بمصدر معين سواء كان هذا شراء من القطاع حكومي أو القطاع خاص، وقال: إن الحديث عن السلع الإستراتيجية فضفاض ولا ندري ما أبعاده لكنني أرى أن تطبيق العقوبات فيها ضرر كبير على سوريا ولكن في الوقت ذاته هناك ضرر على شعوب البلدان العربية إذ تربطنا بهذه البلدان شراكة في التاريخ والعادات إضافة إلى النمط الاستهلاكي المشترك، وعندما تمنع البلدان العربية التعاون المشترك مع سوريا فهي بشكل اقتصادي ومنطقي تقوم بتخريب وتشويه النمط الاستهلاكي لمواطنيها أنفسهم.
وأضاف بخصوص العقوبات التي تتضمن الحجز على أموال الحكومة السورية أكد الشعار قائلاً: حتى اللحظة نحن لا نعرف ما هي وعندما اجتمع وزراء المالية والعرب كان الحديث عن الأموال الحكومية مجرد توصيات ولكن اجتماع وزراء الخارجية العرب قد يظهر فيه قرارات أوضح بهذا الشأن والآن لا نستطيع تقييم الموقف النهائي لهذا البند.
وفي موضوع دراسة مقترح إلغاء الحدود الجمركية مع الجانب العراقي وإمكانية تسريع الدراسة خلال هذه المرحلة وتفعيلها مع سريان العقوبات أوضح الشعار أنه لدينا اتفاقيات مع الجانب العراقي وحركة انسياب البضائع مستمرة معهم منذ فترة طويلة، والعراق أبدت موقفها الرافض الالتزام بالعقوبات وهو ما يدفعنا في الوقت الراهن إلى التركيز على هذه العلاقة في هذا الوقت كي تكون أقوى في المستقبل.
وعن الخشية على موارد سورية من القطع الأجنبي في المرحلة المقبلة أكد وزير الاقتصاد أن مواردنا من القطع الأجنبي ستتأثر في حال تطبيق العقوبات خصوصاً فيما يتعلق بالتبادل التجاري بين سوريا والدول العربية، وأن هناك حجماً لا بأس به من الصادرات السورية إلى الدول العربية والتي بدورها ستتوقف وسيكون لها تأثير في وراداتنا من هذا القطع، «ولكن في الوقت نفسه على المستوى الحكومي ما زلنا نتمتع برصيد جيد من القطع إلى جانب ذلك نحن واثقون من أن التاجر والصناعي السوري لديهما كل الوسائل والطرق كي يستمرا في عملية الاستيراد والتصدير ولديه القطع خارج سوريا ونحن متأكدون من ذلك، وطبيعة التجارة السورية في فترات سابقة كانت تحتم على التاجر والصناعي أن يضعا قطعاً أجنبياً خارج سوريا، علماً أن تحويلات المغتربين ما زالت مستمرة وتطبيق العقوبات له أثر في هذا الجانب ولكنه ليس كارثياً، ولكن أؤكد أنه لا يمكن السماح لقرار سياسي لأسباب غضب أو أمور أخرى تفكيك علاقة عمرها آلاف السنين من التواصل والود علماً أنه لم يحصل مثل هذا الشيء في تاريخ العرب».
وأردف قائلاً: بصراحة لا يمكن أن نتخيل لأي عقوبات أي جانب مضيء لكن في بعض الأحيان هناك عقوبات تشكل فرصاً ونوافذ واستغلال أو توظيف هذه الفرص قد يخلق جوانب مضيئة، وفرصتنا التي يمكن لنا تشكيلها بعد العقوبات هي التركيز على الداخل ورعايته، ومن الممكن لزيادة العرض الداخلي أن يخفض في أسعار السلع، ولكن يهمنا أيضاً زيادة موارد سوريا من القطع الأجنبي وتهمنا التبادلات التجارية وقيمة العملة السورية وألا تتوقف المصانع التي تمتلك قدرات إنتاجية.
وعن موقف الحكومة تجاه المستوردين والمصدرين في القطاع الخاص والضرر الذي قد يصيبهم في المرحلة المقبلة أكد وزير الاقتصاد أن الحكومة سوف تترك القطاع الخاص يعمل لأنه يعمل بكفاءة أكبر من الحكومة ولديه روح المغامرة وحساباته الخاصة والجرأة واتصالاته والقدرة والمرونة على التحرك، مشيراً إلى أنه على الدولة القيام في هذه المرحلة بدور المسهل فقط لعمل القطاع الخاص بما يراه مناسباً، مع أن تترك لهذا القطاع الحرية الكاملة ليقوم بترتيب أموره بنفسه لأنه قادر على ذلك وتاريخ سوريا يشير إلى أن التاجر والصناعي السوري قادران على تريب أمورهما بشكل ذكي وفعال ولا داعي لتدخل الحكومة سوى بدور المسهل لتيسير وتسهيل أعمال القطاع الخاص.
وفيما لو كان ما ينطبق على الحكومة من عقوبات ينطبق على القطاع الخاص أكد الوزير أن مساهمة الحكومة في الناتج المحلي لا تتجاوز 30% والحصة الكبرى هي للقطاع الخاص علماً أن علاقة القطاع الخاص المتبادلة مع الحكومة لا تتجاوز نسبتها 10%، ومستوردات الحكومة هي إما عبر القطاع الخاص وإما الاستيراد المباشر.
وأضاف: القطاع الخاص عبارة عن شركات وشخصيات اعتبارية مستقلة ولهم ارتباطات تجارية وعلاقات اقتصادية في الخارج ومن غير الممكن أن يتوقف جميعه، لأن هذا الأمر يعني أن الأمور ذهبت إلى أماكن متطرفة جداً.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة