دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من كان يتابع في السنوات السابقة قرارات العقوبات الدولية التي فرضت على العراق والسودان وليبيا وسورية ورد الفعل المستنكر لها من قبل الجامعة العربية وخطابها السياسي والإعلامي يقف مذهولاً أمام تبدل اللوحة اليوم،
فالجامعة ومؤسساتها كانت في كل قمة وكل مؤتمر تشجب منطق العقوبات وتصفها بأنها تدمر الشعوب العربية، فكم من مرة قالت بأن العقوبات الغربية على العراق كانت ظالمة جداً وأدت إلى هلاك مئات الآلاف من العراقيين وكذا فعلت مع السودان وليبيا وغيرهما.
لكن المفارقة الصارخة والتي تدعو للسخرية والاستهزاء في آن معاً أن ما كانت تستنكره الجامعة بحق هذه الدولة العربية أو تلك تفعله بنفسها اليوم، وتحمل سيف التهديد والوعيد بفرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري، فتقر وقف التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف التبادلات التجارية مع سورية وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية ووقف التعاملات مع المصرف التجاري السوري ثم تقول بأنها لا تستهدف الشعب السوري وإنما تستهدف النظام في سورية.
وإذا كانت سورية قد اعتبرت هذا الإجراء مخالفاً لقواعد التعاون الاقتصادي العربي وغير مسبوق على مستوى العلاقات بين الأشقاء فإن عبارات الوصف التي يمكن لنا أن نطلقها أكبر بكثير من مخالفة القواعد والمبادئ، فما عجزت عنه الدول التي تستهدف سورية ومواقفها القومية والوطنية الثابتة تقوم به الجامعة نيابة عن أعداء سورية الذين يحاولون بشتى السبل إركاعها وابتزازها وتطويق دورها السياسي الصلب المدافع عن القضايا العربية.
ولا شك أن قرار العقوبات التي تستهدف الشعب السوري تؤكد أن الجامعة العربية تحولت إلى أداة بيد البعض في الغرب وفي المنطقة وبناء على منظومات المال التي تملكها دول بعينها تريد فرض الرؤية الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، وتريد عزل سورية سياسياً فتحولت الجامعة بذلك إلى مطيّة لأميركا وإسرائيل وحلفائهما في المنطقة يحددون لها مساراتها وسياساتها لاستهداف خط المقاومة العربية.
ومع كل أسف فإن الجامعة وهي تقر مثل هذه القرارات لم ترَ الخطوات الإصلاحية التي قامت بها القيادة في سورية في الأشهر السابقة ودعوات الحوار وحلقاته التي عقدت ولم ترَ ويبدو أنها لا تريد رؤية حقيقة العصابات المسلحة المموّلة والمدربة في تركيا وغيرها والتي تقتل المدنيين السوريين وتقطع أوصالهم، بل لا تريد أن ترى إلا ما تبثه القنوات المغرضة وما تفبركه بحق سورية لإدانتها وإلصاق التهم بها.
وأخيراً رغم كل هذه العقوبات الجائرة التي تستهدف الشعب السوري فإن سورية ستخرج قوية كما عهدها الجميع لأنها استطاعت أن تخرج قوية عزيزة في أحلك الظروف وقد جرّب العالم العقوبات ضدها في الثمانينات لكنه فشل فشلاً ذريعاً في ثنيها عن مواقفها أو اسقاطها وستبقى سورية أكبر من مخططات العدوان وستخرج من دائرة الأزمة والعقوبات بفضل قوة إرادة شعبها وتلاحمه ووحدته الوطنية مهما اتسعت مؤامراتهم ومخططاتهم.
المصدر :
الثورة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة