لم يعد العربي العادي و خصوصا السوري العادي ، بحاجة للكثير من التدقيق و التبصر حتى يكتشف حقيقة ما يجري حبكه في الكواليس ضد المنطقة و ضد الدولة العربية الوحيدة التي قاومت مشاريع الهيمنة الإسرائيلية طيلة ثلاثين عاما و وقفت شامخة صامدة تعبر عن ما تبقى من كرامة قومية فتحدت غطرسة الحلف الاستعماري الصهيوني و قاومت مغامراته العدوانية و إملاءاته منذ كمب ديفيد و غزو لبنان عامي 1978 1982 و حرب الخليج بعد انتصار الثورة التي أسقطت نظام الشاه العميل و هي الدولة العربية الوحيدة التي ناصرت قضية فلسطين و مقاومة شعبها للغزاة .

 

أولا الجامعة العربية التي داهمتها قبل أيام  انتفاضة شعب مصر و سقط على دروبها كثير من الضحايا بنتيجة القمع العنيف ، لم تجد ما يستحق النقاش في ذلك الأمر ، تماما كما لم تجد طيلة أشهر من السحق و السحل و القتل في شوارع المنامة و أنحاء أخرى في البحرين ما يدعو لكلمة واحدة عن العنف الدامي ضد الحركة الشعبية الأصيلة المفرطة في سلميتها  و في تطلعاتها الديمقراطية .

ليست الحمية على الناس هي التي تحرك الجامعة المطعون في نزاهتها اخلاقيا و سياسيا ، و الناس  لا يتقدمون في حسابات حكومات الخليج التي تقودها قطر ، على موجبات الرضى الأميركي الإسرائيلي ، فتلك الحكومات مولت حرب تموز للتخلص من المقاومة اللبنانية و حرب غزة للقضاء على حماس و انفقت المليارات لضمان تزويد إسرائيل بالأسلحة و الذخائر التي مكنتها من ممارسة اوسع إبادة ممكنة في خلال السنوات الماضية ، و هي تجيد التباكي على الناس و تلقي على الدوام ببعض الفتات لتحظى بالبراءة ، و في الحربين الإسرائيليتين ، كانت قطر مكلفة بمهمة خاصة جدا و هي تلميع صورتها السياسية في نظر كتلة المقاومة و اتخاذ المواقف التي تمكنها من لعب دور محوري في احتواء نتائج الهزيمة الأميركية الإسرائيلية و بالشراكة مع حكومة العدالة و التنمية التركية أتقنت قطر تلك اللعبة و نصبت فخا لكتلة المقاومة بجميع مكوناتها و اشتغلت في جمع المعلومات و المعطيات و في تمرير المعلومات المسمومة    و أجرت مناورات جس النبض و التفاوض و قد وقع كثيرون بالمبالغة في تقدير المواقف و المبادرات غير المجانية ، لشدة انفعالهم و تأثرهم بما بدا حينها موقفا تضامنيا لم يطل أمده فانقلبت الصورة بالأمر الأميركي عندما واتت الريح أوهام  قلب المعادلات لمصلحة إسرائيل مرة اخرى .

 

ثانيا منذ انطلاق تدخل الجامعة العربية في الموضوع السوري تكشفت خيوط التحضير للتدخل الأجنبي الهادف إلى إسقاط سورية و تدمير قدراتها و كان الاستفزاز المتعمد مسيطرا على لغة التعامل و طريقة المعالجة في الشأن السوري منذ تحويل تنفيذ المبادرة العربية إلى طلب إذعان السلطات السورية للصيغ المعدة سلفا في مكتب جيفري فيلتمان  و بالتعاون بين المخابرات الأميركية و الإسرائيلية و بدعم مباشر من حكومة الوهم العثماني و حكومة الخيبة الديغولية .

التمهل السياسي السوري تواصل حتى آخر لحظة لضمان التناغم مع الشركاء الاستراتيجيين الإقلميين و الدوليين و بهدف حماية خطوط الردع التي أتاحتها تلك التحالفات في التوازنات الدولية لمصلحة سورية كما تبين في اختبار الفيتو الروسي الصيني المزدوج و هذا ما أفسح المجال أمام تصاعد التفاعل الشعبي داخل سورية التي تموج ملايينها في الساحات  و تفيض تصميما على المقاومة مهما كلف الثمن.

الشعب السوري يفهم ما يدور في بلاده و ما يحاك من حولها و هو يتابع ما تحولت إليه الاحتجاجات التي ظهرت قبل ثمانية أشهر ، فالطابع الرئيسي للأحداث السورية بات محصورا في الإرهاب و التدخل الأجنبي ،  و قد توارى الحوار و الإصلاح خلف ستارة من الفوضى و الدماء و الجاسوسية التي تمثل لب  مشروع المعارضات التي يحتضنها أعداء سورية منذ استقلالها و ظهورها كدولة وطنية في قلب المشرق .

 

ثالثا اشتعلت الأحداث في القاهرة قبل أيام و تساقط القتلى و الجرحى في الطرق المحيطة بمقر الجامعة ، فنقل المعنيون اجتماعاتهم إلى الفنادق ليواصلوا التصعيد ضد سورية  و هم يتنافخون شرفا ، لتأدية الوظيفة العاجلة التي كلفتهم بها الإدارة الأميركية فالمطلوب قبل خروج قوات الاحتلال من العراق ان تكون عدة التصعيد ضد سورية قد تهيأت تماما بقرار من الجامعة العربية يفتح أبواب التدخل الأجنبي بواسطة تركيا و الحلف الأطلسي و بعمليات المخابرات الأميركية التي تنطلق من لبنان و الأردن ، و كل ذلك ينتظر قرارا  من جامعة الغفلة العربية ينقل الملف إلى الأمم المتحدة التي أعلن أمينها العام انتظاره بفارغ الصبر لما سيأتيه عبر حمد بن جاسم بقلم نبيل العربي .

وزير الخارجية التركي هو الآخر متلهف للمشاركة في اجتماعات الجامعة حول سورية لعرض خدمات حكومة تركيا في تصعيد تدخلاتها التخريبية من خلال احتضانها لعصابات مسلحة تنفذ عمليات قتل و تخريب و ترتكب مذابح ضد الشعب السوري و هي تعلن مسؤوليتها لوسائل الإعلام من مكاتبها في اسطنبول او من قواعد و اوكار اقامتها حكومة الوهم العثماني قرب الحدود بين البلدين التي يعرضها الفريق التركي الحاكم لتعود جبهة حرب بعدما تحولت إلى مناطق مفتوحة للتبادل الاقتصادي و الثقافي و للعلاقات الاجتماعية الحية بين الشعبين .

هذا الاستعجال مصدره التصميم الأميركي على إشعال أكبر كمية من الحرائق بالتزامن مع خروج قوات الاحتلال مهزومة من العراق و بالذات في البلد الذي يحمله الأميركيون مسؤولية حاسمة في دعم المقاومة العراقية و احتضانها و في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد باحتضان المقاومة في لبنان و فلسطين و منذ اللحظة التي صفع فيها الرئيس بشار الأسد كولن باول القادم من بغداد المحتلة و رده بخفي حنين .

 

رابعا الحلف العالمي المتورط في خطة تخريب سورية يحشد كل قدراته  و إمكاناته و يحاذر الوقوع في حالة الحرب المفتوحة لأنه يخاف على إسرائيل ، و أدواتهم محددة :

- منظومة عقوبات دولية و إقليمية و عربية لفرض حصار اقتصادي يولد المتاعب و الأزمات الداخلية و يتسبب بحالة من الانهاك .

- تخريب أمني  و اغتيالات و عمليات تفجير واسعة و كبيرة ما أمكن هدفها الاستنزاف و توليد حالة من الفوضى و الاضطراب .

- التحريض المستمر عبر وسائل الإعلام المشاركة من جميع انحاء العالم و في المنطقة و بالتقنيات التي بات كل سوري عادي خبيرا بتفاصيلها .

يبدو واضحا أن استراتيجية تدمير القوة السورية تتوخى في مرحلتها الراهنة اختبار أقصى ما هو ممكن لزعزعة سورية و لتصديعها من الداخل و لخلخلة البنى الوطنية  الاجتماعية و الاقتصادية بالتوازي مع  اختبار فرصة دفع السوريين إلى الفتنة و الحرب الأهلية و الفوضى التي يراد تتويجها بتمزيق المؤسسات السورية و لا سيما الجيش العربي السوري أي تدمير هياكل الدولة الوطنية بكلمة .

الوقت الأميركي الممنوح للمنفذين يمتد لأشهر و ليس لأسابيع كما يظن كثيرون و المعركة تخاض على طريقة نبدأ ثم نرى فالولايات المتحدة لا تدفع كلفة واقعية في هذه المواجهة التي هي بديل مواجهة عسكرية لأن الأميركيين و جميع ملحقاتهم الأوروبية و الخليجية و معهم الوكيل التركي يعرفون أن من أهم عناصر التميز في تكوين القوة السورية القدرة على الإمساك بمصير رهينة ثمينة هي إسرائيل .

 

  • فريق ماسة
  • 2011-11-27
  • 9903
  • من الأرشيف

جامعة الغفلة العربية و خطوط التآمر على سورية ..

  لم يعد العربي العادي و خصوصا السوري العادي ، بحاجة للكثير من التدقيق و التبصر حتى يكتشف حقيقة ما يجري حبكه في الكواليس ضد المنطقة و ضد الدولة العربية الوحيدة التي قاومت مشاريع الهيمنة الإسرائيلية طيلة ثلاثين عاما و وقفت شامخة صامدة تعبر عن ما تبقى من كرامة قومية فتحدت غطرسة الحلف الاستعماري الصهيوني و قاومت مغامراته العدوانية و إملاءاته منذ كمب ديفيد و غزو لبنان عامي 1978 1982 و حرب الخليج بعد انتصار الثورة التي أسقطت نظام الشاه العميل و هي الدولة العربية الوحيدة التي ناصرت قضية فلسطين و مقاومة شعبها للغزاة .   أولا الجامعة العربية التي داهمتها قبل أيام  انتفاضة شعب مصر و سقط على دروبها كثير من الضحايا بنتيجة القمع العنيف ، لم تجد ما يستحق النقاش في ذلك الأمر ، تماما كما لم تجد طيلة أشهر من السحق و السحل و القتل في شوارع المنامة و أنحاء أخرى في البحرين ما يدعو لكلمة واحدة عن العنف الدامي ضد الحركة الشعبية الأصيلة المفرطة في سلميتها  و في تطلعاتها الديمقراطية . ليست الحمية على الناس هي التي تحرك الجامعة المطعون في نزاهتها اخلاقيا و سياسيا ، و الناس  لا يتقدمون في حسابات حكومات الخليج التي تقودها قطر ، على موجبات الرضى الأميركي الإسرائيلي ، فتلك الحكومات مولت حرب تموز للتخلص من المقاومة اللبنانية و حرب غزة للقضاء على حماس و انفقت المليارات لضمان تزويد إسرائيل بالأسلحة و الذخائر التي مكنتها من ممارسة اوسع إبادة ممكنة في خلال السنوات الماضية ، و هي تجيد التباكي على الناس و تلقي على الدوام ببعض الفتات لتحظى بالبراءة ، و في الحربين الإسرائيليتين ، كانت قطر مكلفة بمهمة خاصة جدا و هي تلميع صورتها السياسية في نظر كتلة المقاومة و اتخاذ المواقف التي تمكنها من لعب دور محوري في احتواء نتائج الهزيمة الأميركية الإسرائيلية و بالشراكة مع حكومة العدالة و التنمية التركية أتقنت قطر تلك اللعبة و نصبت فخا لكتلة المقاومة بجميع مكوناتها و اشتغلت في جمع المعلومات و المعطيات و في تمرير المعلومات المسمومة    و أجرت مناورات جس النبض و التفاوض و قد وقع كثيرون بالمبالغة في تقدير المواقف و المبادرات غير المجانية ، لشدة انفعالهم و تأثرهم بما بدا حينها موقفا تضامنيا لم يطل أمده فانقلبت الصورة بالأمر الأميركي عندما واتت الريح أوهام  قلب المعادلات لمصلحة إسرائيل مرة اخرى .   ثانيا منذ انطلاق تدخل الجامعة العربية في الموضوع السوري تكشفت خيوط التحضير للتدخل الأجنبي الهادف إلى إسقاط سورية و تدمير قدراتها و كان الاستفزاز المتعمد مسيطرا على لغة التعامل و طريقة المعالجة في الشأن السوري منذ تحويل تنفيذ المبادرة العربية إلى طلب إذعان السلطات السورية للصيغ المعدة سلفا في مكتب جيفري فيلتمان  و بالتعاون بين المخابرات الأميركية و الإسرائيلية و بدعم مباشر من حكومة الوهم العثماني و حكومة الخيبة الديغولية . التمهل السياسي السوري تواصل حتى آخر لحظة لضمان التناغم مع الشركاء الاستراتيجيين الإقلميين و الدوليين و بهدف حماية خطوط الردع التي أتاحتها تلك التحالفات في التوازنات الدولية لمصلحة سورية كما تبين في اختبار الفيتو الروسي الصيني المزدوج و هذا ما أفسح المجال أمام تصاعد التفاعل الشعبي داخل سورية التي تموج ملايينها في الساحات  و تفيض تصميما على المقاومة مهما كلف الثمن. الشعب السوري يفهم ما يدور في بلاده و ما يحاك من حولها و هو يتابع ما تحولت إليه الاحتجاجات التي ظهرت قبل ثمانية أشهر ، فالطابع الرئيسي للأحداث السورية بات محصورا في الإرهاب و التدخل الأجنبي ،  و قد توارى الحوار و الإصلاح خلف ستارة من الفوضى و الدماء و الجاسوسية التي تمثل لب  مشروع المعارضات التي يحتضنها أعداء سورية منذ استقلالها و ظهورها كدولة وطنية في قلب المشرق .   ثالثا اشتعلت الأحداث في القاهرة قبل أيام و تساقط القتلى و الجرحى في الطرق المحيطة بمقر الجامعة ، فنقل المعنيون اجتماعاتهم إلى الفنادق ليواصلوا التصعيد ضد سورية  و هم يتنافخون شرفا ، لتأدية الوظيفة العاجلة التي كلفتهم بها الإدارة الأميركية فالمطلوب قبل خروج قوات الاحتلال من العراق ان تكون عدة التصعيد ضد سورية قد تهيأت تماما بقرار من الجامعة العربية يفتح أبواب التدخل الأجنبي بواسطة تركيا و الحلف الأطلسي و بعمليات المخابرات الأميركية التي تنطلق من لبنان و الأردن ، و كل ذلك ينتظر قرارا  من جامعة الغفلة العربية ينقل الملف إلى الأمم المتحدة التي أعلن أمينها العام انتظاره بفارغ الصبر لما سيأتيه عبر حمد بن جاسم بقلم نبيل العربي . وزير الخارجية التركي هو الآخر متلهف للمشاركة في اجتماعات الجامعة حول سورية لعرض خدمات حكومة تركيا في تصعيد تدخلاتها التخريبية من خلال احتضانها لعصابات مسلحة تنفذ عمليات قتل و تخريب و ترتكب مذابح ضد الشعب السوري و هي تعلن مسؤوليتها لوسائل الإعلام من مكاتبها في اسطنبول او من قواعد و اوكار اقامتها حكومة الوهم العثماني قرب الحدود بين البلدين التي يعرضها الفريق التركي الحاكم لتعود جبهة حرب بعدما تحولت إلى مناطق مفتوحة للتبادل الاقتصادي و الثقافي و للعلاقات الاجتماعية الحية بين الشعبين . هذا الاستعجال مصدره التصميم الأميركي على إشعال أكبر كمية من الحرائق بالتزامن مع خروج قوات الاحتلال مهزومة من العراق و بالذات في البلد الذي يحمله الأميركيون مسؤولية حاسمة في دعم المقاومة العراقية و احتضانها و في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد باحتضان المقاومة في لبنان و فلسطين و منذ اللحظة التي صفع فيها الرئيس بشار الأسد كولن باول القادم من بغداد المحتلة و رده بخفي حنين .   رابعا الحلف العالمي المتورط في خطة تخريب سورية يحشد كل قدراته  و إمكاناته و يحاذر الوقوع في حالة الحرب المفتوحة لأنه يخاف على إسرائيل ، و أدواتهم محددة : - منظومة عقوبات دولية و إقليمية و عربية لفرض حصار اقتصادي يولد المتاعب و الأزمات الداخلية و يتسبب بحالة من الانهاك . - تخريب أمني  و اغتيالات و عمليات تفجير واسعة و كبيرة ما أمكن هدفها الاستنزاف و توليد حالة من الفوضى و الاضطراب . - التحريض المستمر عبر وسائل الإعلام المشاركة من جميع انحاء العالم و في المنطقة و بالتقنيات التي بات كل سوري عادي خبيرا بتفاصيلها . يبدو واضحا أن استراتيجية تدمير القوة السورية تتوخى في مرحلتها الراهنة اختبار أقصى ما هو ممكن لزعزعة سورية و لتصديعها من الداخل و لخلخلة البنى الوطنية  الاجتماعية و الاقتصادية بالتوازي مع  اختبار فرصة دفع السوريين إلى الفتنة و الحرب الأهلية و الفوضى التي يراد تتويجها بتمزيق المؤسسات السورية و لا سيما الجيش العربي السوري أي تدمير هياكل الدولة الوطنية بكلمة . الوقت الأميركي الممنوح للمنفذين يمتد لأشهر و ليس لأسابيع كما يظن كثيرون و المعركة تخاض على طريقة نبدأ ثم نرى فالولايات المتحدة لا تدفع كلفة واقعية في هذه المواجهة التي هي بديل مواجهة عسكرية لأن الأميركيين و جميع ملحقاتهم الأوروبية و الخليجية و معهم الوكيل التركي يعرفون أن من أهم عناصر التميز في تكوين القوة السورية القدرة على الإمساك بمصير رهينة ثمينة هي إسرائيل .  

المصدر : غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة