قال التلفزيون المصري نقلا عن مصدر عسكري إن المجلس العسكري عين كمال الجنزوري رئيسا للوزراء بكامل الصلاحيات. وقال المصدر إن الجنزوري سيشكل حكومة انقاذ وطني خلفا لحكومة عصام شرف التي استقالت هذا الاسبوع وسط احتجاجات في القاهرة ومدن اخرى مناهضة للمجلس العسكري.

وبقدر سنوات عمره التي تقترب من الثمانين، يحمل كمال الجنزوري خبرة اقتصادية وتخطيطية نادرة.. هكذا يصفه الخبراء الاقتصاديون. فقد تقلد أكثر من عشرة مناصب حكومية لأكثر من 30 عاما، حتى وصل لمنصب رئيس وزراء مصر عام 1996، وحينها لُقب بـ«وزير الفقراء» والوزير المعارض، لما بدا منه برعاية محدودي الدخل ومواجهة أي خطط حكومية تتعلق بالخصخصة وبيع ممتلكات الدولة، قبل أن يخرج من الحكومة في مشهد درامي وهو في أوج نجاحه، ويظل صامتا مبتعدا عن المصريين 11 عاما، ليمثل واحدة من أغرب القصص الغامضة في السياسة المصرية، فسرها الجنزوري بعد ذلك بأن النظام كان لا يطيق شعبيته الكبيرة لدى المواطنين.

ولد الدكتور كمال الجنزوري (78 عاما)، في قرية «جروان» مركز «الباجور» بمحافظة المنوفية في 12 يناير (كانون الثاني) 1933، ومتزوج وله ثلاثة من البنات، وكان لاعبا لكرة القدم منذ كان طالبا في المرحلة الثانوية.

حصل الجنزوري على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميشغان الأميركية، وشغل عدة مناصب أكاديمية وعلمية في مجال التخطيط والاقتصاد، أبرزها مستشار اقتصادي بالبنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، وعضو هيئة مستشاري رئيس الجمهورية، قبل أن يتقلد العديد من المناصب الحكومية والوزارية، بدأ من وكيل وزارة التخطيط بين عامي 1974 - 1975، ومحافظ الوادي الجديد 1976، ومحافظ بني سويف 1977، ومدير معهد التخطيط 1977، ثم وزير التخطيط 1982، ووزير التخطيط والتعاون الدولي يونيو (حزيران) 1984، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط والتعاون الدولي أغسطس (آب) 1986، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، قبل أن يتوج بمنصب رئيس الوزراء في يناير (كانون الثاني) 1996، لمدة ثلاث سنوات فقط. في عهده بدأ الجنزوري عدة مشاريع ضخمة تهدف إلى تسيير عجلة الإنتاج والزراعة، معتمدا على تربة مصر الخصبة ولكي يتم التوسع بعيدا عن منطقة الدلتا المزدحمة بالكثافة السكانية، من ضمنها مشروع مفيض توشكى الذي يقع في أقصي جنوب مصر، وشرق العوينات وتعمير سيناء، إضافة إلى الخط الثاني لمترو الأنفاق، للحد من الازدحام المروري. كما أقر مجموعة من القوانين الجريئة من بينها قانون الاستئجار الجديد محدود المدة. احتفظ الجنزوري بانطباعات طيبة جدا لدى المواطنين، الذين توقعوا استمراره سنوات وسنوات، لكنهم فوجئوا بخروجه من الحكومة بعد 3 سنوات فقط، وتعيين عاطف عبيد مكانه، وتردد حينها أن الرئيس السابق حسني مبارك كان يخشى من شعبية الجنزوري بين المواطنين ففضل إزاحته، كما أشيع أنه وضع تحت الإقامة الجبرية ومنع من الحديث لوسائل الإعلام.

وبعد صمت ظل 11 عاما كان لغزا حير الجميع، أطلق عليه الجنزوري نفسه «خرس طويل» ووصفه بأنه كان «بليغا»، تحدث الجنزوري للشعب المصري لأول مرة في حوار إعلامي في الأيام الأولى لثورة 25 يناير، وقال حينها: «إن ما حدث في مصر يجعل أي شخص يخرج عن صمته».

وقال الجنزوري إن «سبب اختفائه طوال هذه المدة، هو الترحيب والحب الذي كان يلاقيه من الجميع عند ذهابه إلى أي مكان، وهو ما كان يضع النظام السابق في حرج، بسبب التساؤل عن خروجه من الوزارة رغم كل الحفاوة التي يقابله الجميع بها»، ودلل الجنزوري على ذلك بأنه خرج من الوزارة في 5 أكتوبر 1999، وعند حضوره لحفلة في 13 أكتوبر، وعند دخوله قاعة الاحتفال قوبل بتصفيق حاد لدقائق، فما كان من جميع الوزراء حتى من عينهم هو في وزارته، إلا قطع اتصالاتهم به، فلم يرغب في إحراجهم عند النظام بسبب علاقتهم به».

وفيما يبدو أنه سبب في إقالته من رئاسة الحكومة، قال الجنزوري إنه «يؤمن أن رئيس الوزراء يجب ألا يستأذن من رئيس الجمهورية عند اتخاذ القرارات، وكذلك الوزير يجب ألا يستأذن من رئيس الوزراء، ولكنهما يحاسبان على قراراتهما بعد ذلك، وإنه كان رئيس وزراء حقيقيا وليس مجرد سكرتير للرئيس».

لكن العديد من المراقبين، يأخذون على الجنزوري صمته هذا ويعتبرونه وفاءً منه لمبارك ورجاله، وأنه فضل الصمت والحفاظ على ولائه للنظام بدلا من كشف فساده وسياساته الخاطئة.

وحول الثورة المصرية، قال الجنزوري إنه اقترب من هؤلاء الشباب في ميدان التحرير دون أن يدخل، لأنه كان يريد أن يسعد بهذا الجيل الذي مُنِع من ممارسة السياسة في الجامعات فلجأ إلى استخدام الإنترنت، وأنه قال لشباب طالبوا بنزوله لميدان التحرير إنه «لا يرغب في اختلاس نصرهم الذي حققوه بمفردهم».

ويرى الجنزوري، أن الفساد في مصر أصبح سلوكا يوميا كالطعام والشراب والمشي، وأن انتشاره رأسي وليس أفقيا، ويعتبر أن إهمال قطاعات الإنتاج واتجاه الدولة للأنشطة الريعية هما السبب الرئيسي في انهيار الاقتصاد.

  • فريق ماسة
  • 2011-11-24
  • 6806
  • من الأرشيف

بعد غياب 11 عام ...الجنزوري "وزير الفقراء" يعود لرئاسة وزراء مصر وبصلاحيات كاملة

قال التلفزيون المصري نقلا عن مصدر عسكري إن المجلس العسكري عين كمال الجنزوري رئيسا للوزراء بكامل الصلاحيات. وقال المصدر إن الجنزوري سيشكل حكومة انقاذ وطني خلفا لحكومة عصام شرف التي استقالت هذا الاسبوع وسط احتجاجات في القاهرة ومدن اخرى مناهضة للمجلس العسكري. وبقدر سنوات عمره التي تقترب من الثمانين، يحمل كمال الجنزوري خبرة اقتصادية وتخطيطية نادرة.. هكذا يصفه الخبراء الاقتصاديون. فقد تقلد أكثر من عشرة مناصب حكومية لأكثر من 30 عاما، حتى وصل لمنصب رئيس وزراء مصر عام 1996، وحينها لُقب بـ«وزير الفقراء» والوزير المعارض، لما بدا منه برعاية محدودي الدخل ومواجهة أي خطط حكومية تتعلق بالخصخصة وبيع ممتلكات الدولة، قبل أن يخرج من الحكومة في مشهد درامي وهو في أوج نجاحه، ويظل صامتا مبتعدا عن المصريين 11 عاما، ليمثل واحدة من أغرب القصص الغامضة في السياسة المصرية، فسرها الجنزوري بعد ذلك بأن النظام كان لا يطيق شعبيته الكبيرة لدى المواطنين. ولد الدكتور كمال الجنزوري (78 عاما)، في قرية «جروان» مركز «الباجور» بمحافظة المنوفية في 12 يناير (كانون الثاني) 1933، ومتزوج وله ثلاثة من البنات، وكان لاعبا لكرة القدم منذ كان طالبا في المرحلة الثانوية. حصل الجنزوري على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميشغان الأميركية، وشغل عدة مناصب أكاديمية وعلمية في مجال التخطيط والاقتصاد، أبرزها مستشار اقتصادي بالبنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، وعضو هيئة مستشاري رئيس الجمهورية، قبل أن يتقلد العديد من المناصب الحكومية والوزارية، بدأ من وكيل وزارة التخطيط بين عامي 1974 - 1975، ومحافظ الوادي الجديد 1976، ومحافظ بني سويف 1977، ومدير معهد التخطيط 1977، ثم وزير التخطيط 1982، ووزير التخطيط والتعاون الدولي يونيو (حزيران) 1984، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط والتعاون الدولي أغسطس (آب) 1986، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، قبل أن يتوج بمنصب رئيس الوزراء في يناير (كانون الثاني) 1996، لمدة ثلاث سنوات فقط. في عهده بدأ الجنزوري عدة مشاريع ضخمة تهدف إلى تسيير عجلة الإنتاج والزراعة، معتمدا على تربة مصر الخصبة ولكي يتم التوسع بعيدا عن منطقة الدلتا المزدحمة بالكثافة السكانية، من ضمنها مشروع مفيض توشكى الذي يقع في أقصي جنوب مصر، وشرق العوينات وتعمير سيناء، إضافة إلى الخط الثاني لمترو الأنفاق، للحد من الازدحام المروري. كما أقر مجموعة من القوانين الجريئة من بينها قانون الاستئجار الجديد محدود المدة. احتفظ الجنزوري بانطباعات طيبة جدا لدى المواطنين، الذين توقعوا استمراره سنوات وسنوات، لكنهم فوجئوا بخروجه من الحكومة بعد 3 سنوات فقط، وتعيين عاطف عبيد مكانه، وتردد حينها أن الرئيس السابق حسني مبارك كان يخشى من شعبية الجنزوري بين المواطنين ففضل إزاحته، كما أشيع أنه وضع تحت الإقامة الجبرية ومنع من الحديث لوسائل الإعلام. وبعد صمت ظل 11 عاما كان لغزا حير الجميع، أطلق عليه الجنزوري نفسه «خرس طويل» ووصفه بأنه كان «بليغا»، تحدث الجنزوري للشعب المصري لأول مرة في حوار إعلامي في الأيام الأولى لثورة 25 يناير، وقال حينها: «إن ما حدث في مصر يجعل أي شخص يخرج عن صمته». وقال الجنزوري إن «سبب اختفائه طوال هذه المدة، هو الترحيب والحب الذي كان يلاقيه من الجميع عند ذهابه إلى أي مكان، وهو ما كان يضع النظام السابق في حرج، بسبب التساؤل عن خروجه من الوزارة رغم كل الحفاوة التي يقابله الجميع بها»، ودلل الجنزوري على ذلك بأنه خرج من الوزارة في 5 أكتوبر 1999، وعند حضوره لحفلة في 13 أكتوبر، وعند دخوله قاعة الاحتفال قوبل بتصفيق حاد لدقائق، فما كان من جميع الوزراء حتى من عينهم هو في وزارته، إلا قطع اتصالاتهم به، فلم يرغب في إحراجهم عند النظام بسبب علاقتهم به». وفيما يبدو أنه سبب في إقالته من رئاسة الحكومة، قال الجنزوري إنه «يؤمن أن رئيس الوزراء يجب ألا يستأذن من رئيس الجمهورية عند اتخاذ القرارات، وكذلك الوزير يجب ألا يستأذن من رئيس الوزراء، ولكنهما يحاسبان على قراراتهما بعد ذلك، وإنه كان رئيس وزراء حقيقيا وليس مجرد سكرتير للرئيس». لكن العديد من المراقبين، يأخذون على الجنزوري صمته هذا ويعتبرونه وفاءً منه لمبارك ورجاله، وأنه فضل الصمت والحفاظ على ولائه للنظام بدلا من كشف فساده وسياساته الخاطئة. وحول الثورة المصرية، قال الجنزوري إنه اقترب من هؤلاء الشباب في ميدان التحرير دون أن يدخل، لأنه كان يريد أن يسعد بهذا الجيل الذي مُنِع من ممارسة السياسة في الجامعات فلجأ إلى استخدام الإنترنت، وأنه قال لشباب طالبوا بنزوله لميدان التحرير إنه «لا يرغب في اختلاس نصرهم الذي حققوه بمفردهم». ويرى الجنزوري، أن الفساد في مصر أصبح سلوكا يوميا كالطعام والشراب والمشي، وأن انتشاره رأسي وليس أفقيا، ويعتبر أن إهمال قطاعات الإنتاج واتجاه الدولة للأنشطة الريعية هما السبب الرئيسي في انهيار الاقتصاد.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة