سقط أمس 39 متظاهرا بين قتيل وجريح مناهضين للرئيس اليمني علي عبدالله صالح برصاص موالين للنظام...

وكأن شيئا لم يكن. هو المشهد ذاته يتكرر في الشارع اليمني غداة توقيع صالح والمعارضة اليمنية على المبادرة الخليجية التي افترض ان تمريرها سيحلّ الأزمة، إلا أنها تبدو وكأنها مقدمة جديدة لازمة جديدة.. وأطول.

فلا شك ان ما أتت به بنود المبادرة اظهر «فوز» صالح إن لناحية الحصانة القضائية التي حظي بها او لجهة بقائه في السلطة «رئيسا شرفيا» لثلاثة اشهر او حتى لجهة عدم إقالة أقربائه من المؤسسات الأمنية والحكومية. أما أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة التي وقّعت الاتفاق متغاضية عن مطلب الشارع، فمن المتوقع ان تكون مشكلتها المستقبلية شعبية بالدرجة الأولى فيما يشعر «الثوار» بخيبة امل كبيرة.

بيديه المشوهتين اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة في حزيران الماضي، تباهى صالح في الرياض، ممسكاً بقلمه، ابتسم، ووقّع.. وصفّق لفترة وجيزة قبل شن كلمته العنيفة ضد خصومه. ربما كان مصدر الثقة المفرطة بالنفس التي بدت على وجهه، اطمئنانه لعدم اختبار تجربة «السقوط» بالنسخة التونسية او المصرية او الليبية، حتى انه وجّه، وفقا لصحيفة «الاندبندنت» البريطانية، «كلمة حادة تناقضت مع المزاج العام في العاصمة السعودية، حيث وصف الملك عبدالله توقيع الاتفاق بالصفحة الجديدة في تاريخ اليمن».

يؤكد الثوار الذين يخرجون اليوم ايضا في تظاهرات مضادة لخصومهم رفضا للمبادرة، ان معركتهم لا تقوم على إزاحة رجل واحد بل الهدف في النهاية التخلص من النظام ككل. هذا ما لم يتحقق لهم حتى الساعة فأصروا على مواصلة تحركهم بالرغم من سقوط 1300 قتيل خلال 10 أشهر من زمن الثورة. اما اتباع صالح فبعضهم من عبّر أيضا عن هذا الرفض. فما لبث ان تم التوقيع في الرياض «حتى سمع دوي الرصاص والقذائف في العاصمة بسبب عدم امتنان وحدات عسكرية موالية للنظام من الخطوة»، كما نقلت مجلة «التايم» البريطانية. وأضافت المجلة «صالح يغادر تاركا خلفه إرثا مزعجاً. فاستراتيجياته المتتالية للبقاء في السلطة شملت الإيقاع بين القبائل، والتغاضي عن تنظيم القاعدة سعيا وراء المساعدات الغربية في مكافحة الإرهاب، وصولا إلى إهماله تماما قضية الحراك الجنوبي والحوثيين في الشمال».

وبالرغم من ضبابية المشهد اليمني ما بعد التوقيع، يتفاءل المحللون بفرص نجاح اتفاق نقل السلطة. ويقول مدير «مركز دراسات المستقبل» في صنعاء فارس السقاف أن «القطار بات على السكة» بالرغم من «التجارب المريرة السابقة مع صالح من حيث الانقلاب على الاتفاقات، لكنه الآن وقع على المبادرة وخيارات عدم التنفيذ محدودة جدا بالنسبة له لأنه بات تحت المراقبة والمتابعة من السعودية وكل المجتمع الدولي».

يوافق المحلل في معهد «بروكينغز» في الدوحة ابراهيم شرقية على ان فرص نجاح المبادرة حقيقية خصوصا بسبب «الاستثمار السياسي على اعلى المستويات، وبالتحديد رعاية الملك عبدالله التي تدل على متابعة سعودية قوية للتطبيق».

اما المحلل اليمني علي سيف حسن فيرى ان اطراف «النزاع الأسري» في اليمن، اي الصراع بين صالح وآل الاحمر الذي حول في الاشهر الاخيرة «الثورة السلمية» الى صراع دام في شوارع صنعاء وتعز، «جميعهم موالون للسعودية» لذا فإن «كل الاطراف التي يمكنها ان تعرقل الحل هي تحت السقف السعودي».

وفي التفاصيل الميدانية، قتل مسلحون امس 5 أشخاص كانوا يحتجون على توقيع المبادرة الخليجية بوسط العاصمة صنعاء، فيما اصيب 34 آخرون في اعمال العنف. وقال نائل، احد المحتجين «كنا في مسيرة في شارع الزبير نطالب بمحاكمة صالح وأعوانه عندما هاجمــنا مسلحون في ملابس مدنية وفتحوا النار علينا مباشرة».

في المقابل، أدان صالح مقتل المتظاهرين وطلب من السلطات الأمنية القبض على المسؤولين عن هذا العنف لمحاسبتهم، حسبما أفاد بيان رسمي نقلته وكالة الانباء اليمنية. وذكر البيان ان صالح وجه «وزارة الداخلية بالتحقيق الفوري والكامل وإحالة مرتكبي هذه الجريمة الى العدالة من اي طرف كان»، معربا عن «اسفه لاستمرار القوى والعناصر التي لا تريد الأمن والاستقرار والسلام في الوطن والتي تعمل على إشعال فتيل الحرب وإثارة الفوضى كلما لاحت بارقة امل في تحقيق الامن والسلام في الوطن».

وبدأت الشقوق تظهر في التضامن بين المحتجين. وانقلب بعضهم على حزب الإصلاح الإسلامي الذي أيد حملتهم وكان في السابق متحالفا مع صالح. ورشق محتجون في الساحة بالزجاجات والحجارة أعضاء من الحزب الذي تودد للمحتجين المناهضين له بإمدادات من الطعام. ورددت مجموعات من المتظاهرين شعارات تطالب بسقوط حزب الإصلاح. واندلعت أيضا اشتباكات بالأيدي بين «إصلاحيين» ومؤيدين لجماعات الشباب.

وفي جنوب اليمن، قتل 17 مسلحا من تنظيم القاعدة، بينهم بحريني ومصري، في قصف مدفعي شنه الجيش اليمني على موقع للتنظيم شرق مدينة زنجبار عاصمة محافظة ابين.

  • فريق ماسة
  • 2011-11-24
  • 6253
  • من الأرشيف

اليمن ما بعد التوقيع: السعودية تضمن تطبيق المبادرة

سقط أمس 39 متظاهرا بين قتيل وجريح مناهضين للرئيس اليمني علي عبدالله صالح برصاص موالين للنظام... وكأن شيئا لم يكن. هو المشهد ذاته يتكرر في الشارع اليمني غداة توقيع صالح والمعارضة اليمنية على المبادرة الخليجية التي افترض ان تمريرها سيحلّ الأزمة، إلا أنها تبدو وكأنها مقدمة جديدة لازمة جديدة.. وأطول. فلا شك ان ما أتت به بنود المبادرة اظهر «فوز» صالح إن لناحية الحصانة القضائية التي حظي بها او لجهة بقائه في السلطة «رئيسا شرفيا» لثلاثة اشهر او حتى لجهة عدم إقالة أقربائه من المؤسسات الأمنية والحكومية. أما أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة التي وقّعت الاتفاق متغاضية عن مطلب الشارع، فمن المتوقع ان تكون مشكلتها المستقبلية شعبية بالدرجة الأولى فيما يشعر «الثوار» بخيبة امل كبيرة. بيديه المشوهتين اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة في حزيران الماضي، تباهى صالح في الرياض، ممسكاً بقلمه، ابتسم، ووقّع.. وصفّق لفترة وجيزة قبل شن كلمته العنيفة ضد خصومه. ربما كان مصدر الثقة المفرطة بالنفس التي بدت على وجهه، اطمئنانه لعدم اختبار تجربة «السقوط» بالنسخة التونسية او المصرية او الليبية، حتى انه وجّه، وفقا لصحيفة «الاندبندنت» البريطانية، «كلمة حادة تناقضت مع المزاج العام في العاصمة السعودية، حيث وصف الملك عبدالله توقيع الاتفاق بالصفحة الجديدة في تاريخ اليمن». يؤكد الثوار الذين يخرجون اليوم ايضا في تظاهرات مضادة لخصومهم رفضا للمبادرة، ان معركتهم لا تقوم على إزاحة رجل واحد بل الهدف في النهاية التخلص من النظام ككل. هذا ما لم يتحقق لهم حتى الساعة فأصروا على مواصلة تحركهم بالرغم من سقوط 1300 قتيل خلال 10 أشهر من زمن الثورة. اما اتباع صالح فبعضهم من عبّر أيضا عن هذا الرفض. فما لبث ان تم التوقيع في الرياض «حتى سمع دوي الرصاص والقذائف في العاصمة بسبب عدم امتنان وحدات عسكرية موالية للنظام من الخطوة»، كما نقلت مجلة «التايم» البريطانية. وأضافت المجلة «صالح يغادر تاركا خلفه إرثا مزعجاً. فاستراتيجياته المتتالية للبقاء في السلطة شملت الإيقاع بين القبائل، والتغاضي عن تنظيم القاعدة سعيا وراء المساعدات الغربية في مكافحة الإرهاب، وصولا إلى إهماله تماما قضية الحراك الجنوبي والحوثيين في الشمال». وبالرغم من ضبابية المشهد اليمني ما بعد التوقيع، يتفاءل المحللون بفرص نجاح اتفاق نقل السلطة. ويقول مدير «مركز دراسات المستقبل» في صنعاء فارس السقاف أن «القطار بات على السكة» بالرغم من «التجارب المريرة السابقة مع صالح من حيث الانقلاب على الاتفاقات، لكنه الآن وقع على المبادرة وخيارات عدم التنفيذ محدودة جدا بالنسبة له لأنه بات تحت المراقبة والمتابعة من السعودية وكل المجتمع الدولي». يوافق المحلل في معهد «بروكينغز» في الدوحة ابراهيم شرقية على ان فرص نجاح المبادرة حقيقية خصوصا بسبب «الاستثمار السياسي على اعلى المستويات، وبالتحديد رعاية الملك عبدالله التي تدل على متابعة سعودية قوية للتطبيق». اما المحلل اليمني علي سيف حسن فيرى ان اطراف «النزاع الأسري» في اليمن، اي الصراع بين صالح وآل الاحمر الذي حول في الاشهر الاخيرة «الثورة السلمية» الى صراع دام في شوارع صنعاء وتعز، «جميعهم موالون للسعودية» لذا فإن «كل الاطراف التي يمكنها ان تعرقل الحل هي تحت السقف السعودي». وفي التفاصيل الميدانية، قتل مسلحون امس 5 أشخاص كانوا يحتجون على توقيع المبادرة الخليجية بوسط العاصمة صنعاء، فيما اصيب 34 آخرون في اعمال العنف. وقال نائل، احد المحتجين «كنا في مسيرة في شارع الزبير نطالب بمحاكمة صالح وأعوانه عندما هاجمــنا مسلحون في ملابس مدنية وفتحوا النار علينا مباشرة». في المقابل، أدان صالح مقتل المتظاهرين وطلب من السلطات الأمنية القبض على المسؤولين عن هذا العنف لمحاسبتهم، حسبما أفاد بيان رسمي نقلته وكالة الانباء اليمنية. وذكر البيان ان صالح وجه «وزارة الداخلية بالتحقيق الفوري والكامل وإحالة مرتكبي هذه الجريمة الى العدالة من اي طرف كان»، معربا عن «اسفه لاستمرار القوى والعناصر التي لا تريد الأمن والاستقرار والسلام في الوطن والتي تعمل على إشعال فتيل الحرب وإثارة الفوضى كلما لاحت بارقة امل في تحقيق الامن والسلام في الوطن». وبدأت الشقوق تظهر في التضامن بين المحتجين. وانقلب بعضهم على حزب الإصلاح الإسلامي الذي أيد حملتهم وكان في السابق متحالفا مع صالح. ورشق محتجون في الساحة بالزجاجات والحجارة أعضاء من الحزب الذي تودد للمحتجين المناهضين له بإمدادات من الطعام. ورددت مجموعات من المتظاهرين شعارات تطالب بسقوط حزب الإصلاح. واندلعت أيضا اشتباكات بالأيدي بين «إصلاحيين» ومؤيدين لجماعات الشباب. وفي جنوب اليمن، قتل 17 مسلحا من تنظيم القاعدة، بينهم بحريني ومصري، في قصف مدفعي شنه الجيش اليمني على موقع للتنظيم شرق مدينة زنجبار عاصمة محافظة ابين.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة