كلما تهاوى واحد من الأنظمة التي كانت تحمل راية العروبة، ولو ادّعاءً، أو تنادي بالعروبة نفاقاً، تتبدى الساحة السياسية فارغة من أية قوى سياسية جدية وتطفو على السطح أطياف الإسلاميين، بمختلف تنظيماتهم العلنية أو السرية.

بسرعة قياسية تختفي التنظيمات السياسية التي كانت الأنظمة قد أنشأتها ومولتها وحصنتها ومكنتها من الاستيلاء على أجهزة الدولة بعد ما طاردت حتى الاستئصال الأحزاب او القوى السياسية ذات الهوية الفكرية الواضحة سواء أكانت قومية عربية او تقدمية اشتراكية او ماركسية. فالنظام يرى في نفسه انه يجسد العروبة والتقدم والعدل الاجتماعي، وبالتالي فلا مبرر لوجود معارضة تحمل الشعارات نفسها... فالحزب الحاكم هو البديل الشرعي والفعلي عن تلك التنظيمات جميعاً، وطالما انه حاضر وانه مصدر السلطة، فليذهب المناضلون الى بيوتهم، وإلا فالسجون والمنافي تنتظرهم افراداً وجماعات.

لكأن الانتفاضات او الثورات العربية قد قامت أساساً ضد العروبة ذاتها، بعدما وحدت بين المدّعي وبين الشعار الذي رفعه ليموه به طغيانه وانحرافه السياسي.

في الغالب الأعم رفعت الأنظمة الدكتاتورية التي تهاوت او هي في طريق التهاوي شعارات تموه غربتها عن واقع شعبها... فهي تدّعي أنها «وطنية» وأنها تقر بانتماء شعبها الى الهوية العربية وإن قدم عليها همومه المحلية، مرجئاً الالتزام بالعروبة الى ما بعد الفراغ من بناء تجربته في الداخل... وهي مهمة تتطلب منه التفرغ الكامل لإنجازها، مرجئاً حديث الالتزام بموجبات العروبة الى ما بعد الفراغ من بناء الوطن، لاجئاً الى «جامعة الدول العربية» وميثاقها لتأكيد الانتماء العربي لشعبه ودولته.

بل إن العديد من قيادات الانتفاضات العربية تبادر، وغالباً من دون طلب، الى توكيد إسلاميتها او التزامها الشريعة دستوراً، بما يضع الإسلام بديلاً من العروبة ـ أي أنها تهرب من الالتزام الوطني بأبعاده القومية الى الشعار الإسلامي الذي لا يمكن اعتباره الهوية لشعب بالذات من بين قافلة الشعوب الإسلامية التي يزيد تعدادها عن المليار إنسان، والتي لا يمكن للإسلام أن يشكل هوية وطنية او قومية لكل منها... فماذا، عدا الدين الحنيف، يمكن ان يجمع بين الأندوينسي والسوداني، بين الباكستاني والمغربي، بين الجزائري والبنغلادشي؟

بديهي ان التضامن بين الشعوب، عموماً ، واجب،بالتأكيد فإن هناك رابطة إضافية تجمع بين الشعوب الإسلامية، في مجالات شرعية محددة. أما الهوية السياسية أو الهوية الوطنية لبلد ما فلا تنطلق من الانتماء الديني، حتى حيث يسود الإيمان بدين واحد، فكيف حين تتعدد الانتماءات الدينية والطائفية في بلد واحد او دولة واحدة؟

لقد انتهى زمن الدولة الدينية. وفي ما عدا دولة العدو الإسرائيلي ليس ثمة من دولة تجهر بهويتها انطلاقاً من الدين وحده, حتى الدول التي تضع الشعار الإسلامي على علمها فهي إنما تضيفه الى شعارها الوطني الثابت والذي يؤكد الهوية الوطنية لشعبها عبر تاريخه، بنضالاته التي قد يشكل الجهاد ثابتاً من ثوابتها ولكنه لا يلغي الانتماء لأرض بالذات لها تاريخها الخاص الحافل بالنضال ضد قوى استعمارية أجنبية، بينها دول إمبراطورية إسلامية (العثمانيين مثلا) ولها هويتها الخاصة التي تميزها عن دول أخرى قد تشترك معها في الدين ولكنها تختلف عنها في ما عدا ذلك.

ليس الحديث عن فشل «القومية العربية» تزكية فورية لشعار الإسلام هو الحل. ولقد أثبتت تجارب عديدة ومكلفة أن الدين وحده أسمى من أن يسخر لغرض سياسي، وهو أعظم من أن يكون هوية لشعب له تاريخه الخاص وله جغرافيته الخاصة وله مصالحه التي لا تتصل بالدين من قريب او بعيد. الإسلام دين وليس قومية. والدين لا يُحدّ بوطن او بهوية محلية ولم يثبت مرة، عبر التاريخ، انه يصلح قاعدة وحيدة لدولة بذاتها. وليس بغير دلالة ان تجربة التنظيمات الإسلامية في مختلف الأقطار ذات الأكثرية الإسلامية لم تنجح في إقامة دولة، بالمعنى المألوف للكلمة.

حتى الدولة الوحيدة التي يطلق ملكها على نفسه لقب حامي الحرمين الشريفين والتي تتخذ من الشريعة قاعدة لحكمها تتصرف في سياساتها بما يتناسب مع القواعد التي اعتمدها المجتمع الدولي، والتي لا تمت بصلة الى الشرع الإسلامي بقواعده ونواهيه.

ومن الطريف أن نتخيل رئاسة مجلس الأمن وقد آلت الى دولة تطبق الشريعة الإسلامية في حكمها، وكيف سيتصرف ممثلها في القضايا المطروحة عليها اذا ما أصر على تطبيق الشرع.

حتى في الجمهورية الإيرانية الإسلامية فإن الدولة ومؤسساتها تتصرف بما يتناسب مع مصالحها الوطنية.

يتصرف الإسلاميون، بطبعاتهم المختلفة، وكأنهم قد أنجزوا انتصارهم التاريخي على العروبة، وإنهم يخوضون الآن «تصفية الحساب» مع التيارات الوطنية، وإن الطرق قد انفتحت أمامهم، أخيراً، الى السلطة ليحكموا باسم الدين الحنيف وشرعه السامي.

ويبادر بعض قادة الانتفاضات التي نجحت في خلع حكم الطغيان الذي كان قائماً في بلادهم الى التوكيد على «الإسلام» كهوية للثورة، وعلى «الاستقلالية» المطلقة كمنهجية ثابتة في حماية «الكيان» ثم يرون ـ كما في نموذج ليبيا- ضرورة الإشارة الى القبلية والى الجهوية والى بعض «القوميات» او العناصر في محاولة تبرير الابتعاد عن تحديد هوية عربية، ولو بنسبة ما، للانتفاضة ولمن قادها وضحى في سبيلها حتى الاستشهاد.

ثم ان بعض هؤلاء الذين لا يتورعون عن قطع الاجتماعات ذات الطابع الدولي الحاسم من اجل أداء الصلاة، لا يجدون حرجاً في الحديث عن الدعم الأميركي للثورة، او عن اللجوء الى واشنطن لكي تتولى حماية «الثورة» التي ما كان لها ان تصل الى الحكم إلا عبر الطيران الحربي لحلف النيتو... بعدما تعذرت الاستعانة بالطيور الأبابيل!

وفي مثال ليبيا، من البديهي مناقشة العلاقة الجدلية بين الشرع الإسلامي والحلف الأطلسي. فليس في التاريخ شواهد تؤكد أن «أساطيل الكفار» قد تدخلت لإقامة حكم الشرع الحنيف في أية دولة في العالم.

أما في مثال مصر فمن الصعب التصديق أن الإخوان المسلمين إنما ذهبوا الى واشنطن لاقتباس الدستور العلماني من اجل إقامة حكومتهم الإسلامية في قاهرة المعز.

وأنه لمن الظلم تحميل العروبة كل هذا التراث الوحشي لأنظمة الطغيان.

فالعروبة كانت الضحية الأولى لتلك الأنظمة التي رفعت شعاراتها لتمويه حقيقتها المعادية للعروبة، وهي أنظمة كانت كيانية منذ لحظة قيامها بالقوة العسكرية وحتى لحظة خلعها بقوة الجماهير التي كانت ضحية طغيانها وتزويرها طيلة عقود.

ومع العروبة تسقط فلسطين على الطريق الى السلطة التي سوف تجري مصادرتها باسم الإسلام.

لم نسمع في أي ميدان، إلا قليلاً في القاهرة، اسم فلسطين يملأ الهواء، او علم فلسطين يرفعه شباب الثورة ليتخذوا منه الهوية ويحددوا به الهدف الأسمى لانتفاضتهم.

ومن أسف أننا لم نسمع كلمة عن إسرائيل كعدو للأمة جميعاً بمسلميها ومسيحييها من قادة الانتفاضات سواء من تسلقوا الميادين الى السلطة او من نجحوا في الانتخابات بتراثهم النضالي ضد الطغيان، برغم فصاحتهم في الحديث عن ديموقراطيتهم وعن اعترافهم بالهويات الدينية الأخرى لبعض مواطنيهم اليهود.

الإسلام ليس الهوية السياسية لهذه الأرض العربية التي تدين الأكثرية الساحقة من مواطنيها بالإسلام. والحكم الإسلامي، بنماذجه المعروضة، ليس المستقبل.

ان الإسلام السياسي كما يُطرح في بازار الانتخابات ليس البديل من العروبة. إنه يُطرح لإلغائها، أي لإلغاء هوية هذه المجتمعات والرابط السياسي بينها جميعاً. وبالتأكيد فلم يلعلع الفرح في مختلف العواصم العربية بانتصار الانتفاضة في هذا القطر العربي او ذاك لأسباب تتصل بالدين، بل لأسباب سياسية تتصل بالحياة وهمومها وتكاليفها كما بالمستقبل المشترك اولاً وأخيراً.

الإسلام ليس البديل عن العروبة... خصوصاً أنه ينطق الشهادتين بلكنة اميركية.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-11-15
  • 12272
  • من الأرشيف

الثورة تقاتل العروبة بالإسلام.. والكيانية أقصر الطرق إلى الحماية الأجنبية

          كلما تهاوى واحد من الأنظمة التي كانت تحمل راية العروبة، ولو ادّعاءً، أو تنادي بالعروبة نفاقاً، تتبدى الساحة السياسية فارغة من أية قوى سياسية جدية وتطفو على السطح أطياف الإسلاميين، بمختلف تنظيماتهم العلنية أو السرية. بسرعة قياسية تختفي التنظيمات السياسية التي كانت الأنظمة قد أنشأتها ومولتها وحصنتها ومكنتها من الاستيلاء على أجهزة الدولة بعد ما طاردت حتى الاستئصال الأحزاب او القوى السياسية ذات الهوية الفكرية الواضحة سواء أكانت قومية عربية او تقدمية اشتراكية او ماركسية. فالنظام يرى في نفسه انه يجسد العروبة والتقدم والعدل الاجتماعي، وبالتالي فلا مبرر لوجود معارضة تحمل الشعارات نفسها... فالحزب الحاكم هو البديل الشرعي والفعلي عن تلك التنظيمات جميعاً، وطالما انه حاضر وانه مصدر السلطة، فليذهب المناضلون الى بيوتهم، وإلا فالسجون والمنافي تنتظرهم افراداً وجماعات. لكأن الانتفاضات او الثورات العربية قد قامت أساساً ضد العروبة ذاتها، بعدما وحدت بين المدّعي وبين الشعار الذي رفعه ليموه به طغيانه وانحرافه السياسي. في الغالب الأعم رفعت الأنظمة الدكتاتورية التي تهاوت او هي في طريق التهاوي شعارات تموه غربتها عن واقع شعبها... فهي تدّعي أنها «وطنية» وأنها تقر بانتماء شعبها الى الهوية العربية وإن قدم عليها همومه المحلية، مرجئاً الالتزام بالعروبة الى ما بعد الفراغ من بناء تجربته في الداخل... وهي مهمة تتطلب منه التفرغ الكامل لإنجازها، مرجئاً حديث الالتزام بموجبات العروبة الى ما بعد الفراغ من بناء الوطن، لاجئاً الى «جامعة الدول العربية» وميثاقها لتأكيد الانتماء العربي لشعبه ودولته. بل إن العديد من قيادات الانتفاضات العربية تبادر، وغالباً من دون طلب، الى توكيد إسلاميتها او التزامها الشريعة دستوراً، بما يضع الإسلام بديلاً من العروبة ـ أي أنها تهرب من الالتزام الوطني بأبعاده القومية الى الشعار الإسلامي الذي لا يمكن اعتباره الهوية لشعب بالذات من بين قافلة الشعوب الإسلامية التي يزيد تعدادها عن المليار إنسان، والتي لا يمكن للإسلام أن يشكل هوية وطنية او قومية لكل منها... فماذا، عدا الدين الحنيف، يمكن ان يجمع بين الأندوينسي والسوداني، بين الباكستاني والمغربي، بين الجزائري والبنغلادشي؟ بديهي ان التضامن بين الشعوب، عموماً ، واجب،بالتأكيد فإن هناك رابطة إضافية تجمع بين الشعوب الإسلامية، في مجالات شرعية محددة. أما الهوية السياسية أو الهوية الوطنية لبلد ما فلا تنطلق من الانتماء الديني، حتى حيث يسود الإيمان بدين واحد، فكيف حين تتعدد الانتماءات الدينية والطائفية في بلد واحد او دولة واحدة؟ لقد انتهى زمن الدولة الدينية. وفي ما عدا دولة العدو الإسرائيلي ليس ثمة من دولة تجهر بهويتها انطلاقاً من الدين وحده, حتى الدول التي تضع الشعار الإسلامي على علمها فهي إنما تضيفه الى شعارها الوطني الثابت والذي يؤكد الهوية الوطنية لشعبها عبر تاريخه، بنضالاته التي قد يشكل الجهاد ثابتاً من ثوابتها ولكنه لا يلغي الانتماء لأرض بالذات لها تاريخها الخاص الحافل بالنضال ضد قوى استعمارية أجنبية، بينها دول إمبراطورية إسلامية (العثمانيين مثلا) ولها هويتها الخاصة التي تميزها عن دول أخرى قد تشترك معها في الدين ولكنها تختلف عنها في ما عدا ذلك. ليس الحديث عن فشل «القومية العربية» تزكية فورية لشعار الإسلام هو الحل. ولقد أثبتت تجارب عديدة ومكلفة أن الدين وحده أسمى من أن يسخر لغرض سياسي، وهو أعظم من أن يكون هوية لشعب له تاريخه الخاص وله جغرافيته الخاصة وله مصالحه التي لا تتصل بالدين من قريب او بعيد. الإسلام دين وليس قومية. والدين لا يُحدّ بوطن او بهوية محلية ولم يثبت مرة، عبر التاريخ، انه يصلح قاعدة وحيدة لدولة بذاتها. وليس بغير دلالة ان تجربة التنظيمات الإسلامية في مختلف الأقطار ذات الأكثرية الإسلامية لم تنجح في إقامة دولة، بالمعنى المألوف للكلمة. حتى الدولة الوحيدة التي يطلق ملكها على نفسه لقب حامي الحرمين الشريفين والتي تتخذ من الشريعة قاعدة لحكمها تتصرف في سياساتها بما يتناسب مع القواعد التي اعتمدها المجتمع الدولي، والتي لا تمت بصلة الى الشرع الإسلامي بقواعده ونواهيه. ومن الطريف أن نتخيل رئاسة مجلس الأمن وقد آلت الى دولة تطبق الشريعة الإسلامية في حكمها، وكيف سيتصرف ممثلها في القضايا المطروحة عليها اذا ما أصر على تطبيق الشرع. حتى في الجمهورية الإيرانية الإسلامية فإن الدولة ومؤسساتها تتصرف بما يتناسب مع مصالحها الوطنية. يتصرف الإسلاميون، بطبعاتهم المختلفة، وكأنهم قد أنجزوا انتصارهم التاريخي على العروبة، وإنهم يخوضون الآن «تصفية الحساب» مع التيارات الوطنية، وإن الطرق قد انفتحت أمامهم، أخيراً، الى السلطة ليحكموا باسم الدين الحنيف وشرعه السامي. ويبادر بعض قادة الانتفاضات التي نجحت في خلع حكم الطغيان الذي كان قائماً في بلادهم الى التوكيد على «الإسلام» كهوية للثورة، وعلى «الاستقلالية» المطلقة كمنهجية ثابتة في حماية «الكيان» ثم يرون ـ كما في نموذج ليبيا- ضرورة الإشارة الى القبلية والى الجهوية والى بعض «القوميات» او العناصر في محاولة تبرير الابتعاد عن تحديد هوية عربية، ولو بنسبة ما، للانتفاضة ولمن قادها وضحى في سبيلها حتى الاستشهاد. ثم ان بعض هؤلاء الذين لا يتورعون عن قطع الاجتماعات ذات الطابع الدولي الحاسم من اجل أداء الصلاة، لا يجدون حرجاً في الحديث عن الدعم الأميركي للثورة، او عن اللجوء الى واشنطن لكي تتولى حماية «الثورة» التي ما كان لها ان تصل الى الحكم إلا عبر الطيران الحربي لحلف النيتو... بعدما تعذرت الاستعانة بالطيور الأبابيل! وفي مثال ليبيا، من البديهي مناقشة العلاقة الجدلية بين الشرع الإسلامي والحلف الأطلسي. فليس في التاريخ شواهد تؤكد أن «أساطيل الكفار» قد تدخلت لإقامة حكم الشرع الحنيف في أية دولة في العالم. أما في مثال مصر فمن الصعب التصديق أن الإخوان المسلمين إنما ذهبوا الى واشنطن لاقتباس الدستور العلماني من اجل إقامة حكومتهم الإسلامية في قاهرة المعز. وأنه لمن الظلم تحميل العروبة كل هذا التراث الوحشي لأنظمة الطغيان. فالعروبة كانت الضحية الأولى لتلك الأنظمة التي رفعت شعاراتها لتمويه حقيقتها المعادية للعروبة، وهي أنظمة كانت كيانية منذ لحظة قيامها بالقوة العسكرية وحتى لحظة خلعها بقوة الجماهير التي كانت ضحية طغيانها وتزويرها طيلة عقود. ومع العروبة تسقط فلسطين على الطريق الى السلطة التي سوف تجري مصادرتها باسم الإسلام. لم نسمع في أي ميدان، إلا قليلاً في القاهرة، اسم فلسطين يملأ الهواء، او علم فلسطين يرفعه شباب الثورة ليتخذوا منه الهوية ويحددوا به الهدف الأسمى لانتفاضتهم. ومن أسف أننا لم نسمع كلمة عن إسرائيل كعدو للأمة جميعاً بمسلميها ومسيحييها من قادة الانتفاضات سواء من تسلقوا الميادين الى السلطة او من نجحوا في الانتخابات بتراثهم النضالي ضد الطغيان، برغم فصاحتهم في الحديث عن ديموقراطيتهم وعن اعترافهم بالهويات الدينية الأخرى لبعض مواطنيهم اليهود. الإسلام ليس الهوية السياسية لهذه الأرض العربية التي تدين الأكثرية الساحقة من مواطنيها بالإسلام. والحكم الإسلامي، بنماذجه المعروضة، ليس المستقبل. ان الإسلام السياسي كما يُطرح في بازار الانتخابات ليس البديل من العروبة. إنه يُطرح لإلغائها، أي لإلغاء هوية هذه المجتمعات والرابط السياسي بينها جميعاً. وبالتأكيد فلم يلعلع الفرح في مختلف العواصم العربية بانتصار الانتفاضة في هذا القطر العربي او ذاك لأسباب تتصل بالدين، بل لأسباب سياسية تتصل بالحياة وهمومها وتكاليفها كما بالمستقبل المشترك اولاً وأخيراً. الإسلام ليس البديل عن العروبة... خصوصاً أنه ينطق الشهادتين بلكنة اميركية.  

المصدر : طلال سلمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة