دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تحالفت مؤشرات الأسواق المالية الأوروبية، أمس، مع أصوات البرلمانيين الايطاليين للدفع في اتجاه تنحية رئيس الوزراء سلفيو برلوسكوني، الذي بات ثاني زعيم اوروبي تطيحه الازمة الاقتصادية بعد نظيره اليوناني جورج باباندريو الذي توصل حزبه الاشتراكي بعد مفاوضات مع المعارضة المحافظة إلى اتفاق حول خليفته لوكاس باباديموس. لكن تنحية الزعيمين، وإن كانت نتيجة تصاعد خطورة الأزمة، لن تبدد القلق المتزايد من انهيار اليورو في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم في ايطاليا ومخاطر انتقال العدوى إلى دول أخرى مثل اسبانيا.
وتعرّض برلوسكوني لإهانة شديدة في البرلمان في تصويت أظهر انه لم تعد لديه الغالبية ما زاد الضغوط عليه ليستقيل. وفازت حكومة برلوسكوني في تصويت مهم على الميزانية بعد ان امتنعت المعارضة عن التصويت لكنها حصلت فقط على 308 أصوات في حين تحتاج الغالبية المطلقة في مجلس النواب الى 316 صوتاً. وبعد لقاء بين برلوسكوني والرئيس جورجيو نابوليتانو، أصدر مكتب الأخير بياناً أكد أن رئيس الوزراء «فهم نتائج هذا التصويت» ووعد بالاستقالة بعد إقرار البرلمان نهائياً للإصلاحات المصممة لمواجهة ازمة الديون الهائلة. ومن المقرر التصويت على خطة الإصلاحات خلال الأسبوع المقبل. كما قال برلوسكوني بعد لقائه نابوليتانو إن «الحل الوحيد الذي أراه هو انتخابات جديدة».
وقال زعيم الحزب الديموقراطي المعارض الرئيسي بير لويجي بيرساني إن ايطاليا تواجه خطراً حقيقياً بفقدان القدرة على دخول الاسواق المالية بعد ان دفعت الشكوك السياسية اسعار العوائد على السندات الحكومية الى خط احمر عند سبعة في المئة.
وقال بيرساني بعد التصويت مباشرة «إنني أطلب منكم يا سيادة رئيس الوزراء بكل قوتي ان تأخذوا في الاعتبار الموقف... وتستقيلوا». وكان من اللافت أن مؤشرات الأسهم الأوروبية ارتفعت مباشرة بعد تصاعد وتيرة الحديث عن استقالة برلوسكوني، في رسالة واضحة مفادها أن على الأخير أن يرحل.
وكانت الضربة الداخلية الأقوى لبرلوسكوني في وقت سابق عندما طلب زعيم رابطة الشمال اومبرتو بوسي أقرب حليف لرئيس الوزراء منه تقديم استقالته ليحل محله الأمين العام لحزب شعب الحرية الذي يتزعمه برلوسكوني أنجيلينو الفانو. وقال للصحافيين خارج البرلمان «طلبنا من رئيس الوزراء التنحي». لكن المعارضة قد تسعى لمنع تسلم شخص من حزب برلوسكوني رئاسة الوزراء.
واعتبر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية اولي رين ان الوضع الاقتصادي في ايطاليا «يدعو للقلق الشديد» بعد الارتفاع الكبير لفوائد قروض هذا البلد في سوق السندات. وأبدى أولي رين في مؤتمر صحافي رغبته في مساعدة هذا البلد على تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها لطمأنة الأسواق. واضاف في ختام اجتماع لوزراء المالية الاوروبيين في بروكسل أن «ايطاليا تواجه حالياً ضغوطاً كبيرة جداً في
الاسواق». واوضح رين أن «الوضع يقلقنا كثيراً، ونراقبه عن كثب»، ووصف ارتفاع فوائد قروض ايطاليا في سوق السندات التي تقترب من 7 في المئة في عشر سنوات، بأنه «مأساوي».
الأزمة اليونانية
أما في اليونان فتواصلت المفاوضات بين الاشتراكيين والمحافظين حول الحكومة التي ستدير البلاد بعد تنحّي باباندريو المتفق عليه. وقال مصدر في الحزب الاشتراكي إنه «يتم انهاء المفاوضات على أساس تعيين باباديموس رئيس للوزراء». ويذكر أن باباديموس نائب رئيس سابق للمصرف المركزي الأوروبي.
وتقوم خطة انتقال السلطة التي ضغط في اتجاهها قادة اوروبا وخاصة الثنائي الفرنسي الألماني، على أن تدير الحكومة المقبلة البلاد خلال الـ«100 يوم» المقبلة لإنجاح التصويت على خطة تقشف إضافية تخول البلاد الحصول على حزمة مساعدات اوروبية بقيمة 130 مليار يورو، بما يشمل تنازلات «اختيارية» من القطاع المصرفي الخاص عن 50 في المئة من الديون اليونانية، وذلك قبل إجراء الانتخابات التشريعية في شباط المقبل.
ورحّب متحدث باسم البيت الابيض بالاتفاق الذي تمّ التوصل اليه بين الحزبين الرئيسيين اليونانيين من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، محذراً في الوقت نفسه من انه سيترتب على الحكومة الجديدة «التحرك بأسرع ما يمكن للالتزام بتعهداتها المتعلقة بتطبيق خطة الإنقاذ» الاوروبية لليونان. في المقابل، يتوجب على اثينا الالتزام بخطة تقشف صارمة والقبول بشبه وصاية عليها. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي تزور موسكو إن «ما نحتاج اليه من وجهة نظر الصندوق هو الوضوح السياسي». واضافت «انه شرط لأي مفاوضات ولتسليم اي دفعات».
من جهته، دافع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن رؤيته لـ«اتحاد اوروبي بسرعتين» مختلفتين. وخلال كلمة موجهة لطلاب فرنسيين في مدينة استراسبورغ، قال ساركوزي «لا أحد يظن أن الفدرالية، والاندماج الكامل سيكون ممكناً مع 33، 34 أو 35 دولة»، وأضاف «من الواضح أن اوروبا ستكون بسرعتين: سرعة تتقدم نحو مزيد من الاندماج في منطقة اليورو وأخرى للكونفدرالية في الاتحاد الأوروبي». واعتبر ساركوزي مرة أخرى أن انضمام اليونان لليورو كان خطأ، وقال إن ايطاليا لن تتمكن من تجنب اجراءات تقشفية قاسية.
وفي بروكسل، اتفق وزراء مالية منطقة اليورو أمس الاول على خريطة طريق لتعزيز إمكانيات صندوق الانقاذ الأوروبي البالغ حجمه 600 مليار دولار، لحماية ايطاليا واسبانيا من عجز محتمل. وأشار المصرف المركزي الأوروبي إلى أن المصارف الايطالية احتاجت إلى 111,3 مليار يورو من التمويل المركزي في تشرين الأول الماضي، مقارنة بـ104,7 مليارات في أيلول الماضي، و41,3 مليار في حزيران الماضي، وذلك في إشارة إلى عزل الأسواق للمصارف الايطالية.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة