شكل يوم الجمعة الأخير ميدانا لاختبار ملامح مرحلة ما بعد المفاجأة السورية التي صدمت الجامعة العربية والدوائر الغربية معا من خلال الإعلان عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مناقشات معمقة أجرتها القيادة السورية مع اللجنة الوزارية العربية.

أولا: خلافا لتوقعات مصادر مجلس اسطنبول حول حجم المسيرات والتظاهرات، فإن حصاد الجمعة في جميع الأنحاء السورية لم يتخطى حدود خروج الآلاف كما هي الحال منذ حوالي ثلاثة أشهر وباعتراف المعارضين أنفسهم فإن معظم التجمعات والمسيرات التي وقعت هذه الجمعة لم تتعرض لإطلاق النار كما كان يزعم مرارا فما حصل هو تجمعات هتفت في بلدات خارج مراكز المحافظات بشعارات مجلس اسطنبول ثم تفرقت بينما كانت القوى الأمنية تراقب عن بعد ولم تتخذ أي تدبير حتى في حدود صلاحيات مكافحة الشغب المتعارف عليها دوليا عند قيام بعض المتظاهرين أو المتجمعين بالاعتداء على الأملاك العامة.

ثانيا: حصاد القتلى المرتبك من حيث أرقامه والذي جرى تعميمه من قبل المعارضات في الداخل والخارج مأخوذ فعلا عن الأحداث التي تجري في محافظة حمص بشكل خاص وحيث تستمر حالة الارتباك الواضحة في رواية المعارضات عن حقيقة ما يجري فمرة يقال أن جنودا منشقين يقاتلون الجيش وقوات حفظ النظام ومرة تزعم رواية المعارضات أن محتجين يتعرضون لنيران القوى الأمنية.

الوقائع الحية تشير إلى أن قتلى وجرحى من قوات حفظ النظام سقطوا في الأحداث وروايات المواطنين المقيمين في مسرح التطورات تؤكد وجود عصابات مسلحة تضم ملتحين وملثمين ينتمون إلى تيار التكفير والى تنظيم الأخوان المسلمين يقيمون الحواجز والكمائن ويمارسون الخطف والقتل على الهوية وقد ارتكبوا جرائم مروعة على الأرض حصدت العشرات خلال الأيام القليلة الماضية بينما ارتفع صراخ الناس في محافظة حمص لمطالبة القيادة السورية نشر الجيش وحسم الموقف.

ثالثا: بادرت القيادة السورية منذ الإعلان عن اتفاق القاهرة إلى تنفيذ خطة سحب تدريجي لوحدات الجيش من مناطق الأحداث وهي تتجه واقعيا إلى تكليف قوات مكافحة الشغب التي جهزت مؤخرا بالتعامل مع التظاهرات والاحتجاجات في حال وقوعها، وبينما بات معلوما أن عددا كبيرا من المعتقلين خلال الأحداث ومن يغر المتورطين في عمليات القتل أو الخطف سوف يتم الإفراج عنهم جاء إعلان وزير الداخلية السورية عن مهلة أسبوع للعفو عمن يسلمون أنفسهم وأسلحتهم إلى مراكز الشرطة بين الخامس والثاني عشر من الشهر الحالي ليقدم فرصة جدية لمعالجة الموقف على الأرض.

رابعا: انتقلت الإدارة الأميركية والحكومات الغربية في تعاملها مع اتفاق القاهرة من التحفظ والترحيب على مضض إلى محاولة التخريب ميدانيا من خلال بيان الخارجية الأميركية الذي طلب إلى المسلحين عدم التجاوب مع بيان وزير الداخلية السوري.

البيان الأميركي يكشف بوضوح حجم المونة السياسية والمعنوية والعملية التي تتصرف بها إدارة اوباما مع مجلس اسطنبول وميليشياته، بقدر ما يبرهن على وجود قرار أميركي بتغذية عمليات نشر السلاح والمسلحين لإثارة الفوضى وافتعال الفتن داخل سورية وهو ما يؤكد حقيقة أن الجماعات اللبنانية والأجهزة السعودية والأردنية والتركية التي تورطت في مثل هذه الأفعال إنما تنفذ قرارا أميركيا بتخريب سورية.

مقابل التجاوب الاستثنائي مع متطلبات الاتفاق الذي أعلن من القاهرة في سلوك القيادة السورية التي وضعت ترتيبات الحوار في عهدة اللجنة الوزارية والجامعة العربية من حيث المبدأ ولم تحصل على أي ضمانات جدية بسحب المسلحين ووقف عمليات قتل المدنيين التي تمارسها ميليشيات مجلس اسطنبول في الميدان، بدا وبكل وضوح في المشهد الإعلامي أن حكومات تركيا وقطر والسعودية ما تزال مستمرة في التآمر على سورية.

خامسا   تحدث أردوغان بهيستيرية بعد اتفاق القاهرة وهدد اوغلو وتوعد بينما بات معروفا ان حكومة الوهم العثماني لا تملك شيئا تفعله في حملتها العدائية ضد سورية وهي غارقة في غير مشكلة توجب على قادة العدالة والتنمية أن يحسبوا ألف حساب لكل خطوة تقود إلى المزيد من التورط في الشأن السوري الداخلي وخصوصا بعدما جاهروا بإيواء عصابات مسلحة يزعمون أنها لا تحظى بالتسهيلات للقيام بعمليات داخل الأراضي السورية.

ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه يتعلق بالموقفين القطري والسعودي، فمن المفترض أن الشيخ حمد الذي بالكاد أبدى سعادته بالاتفاق الذي تولى تلاوة نصه من مقر الجامعة العربية يجب أن يكون وفق المنطق حريصا على مبادلة التعاون السوري بانتقال قطر إلى موقع أكثر حيادية ونزاهة في التعامل مع الشأن السوري وهذا ما لم تظهره قناة الجزيرة ولا الصحف القطرية الرسمية أو شبه الرسمية بل ما حصل يوم الجمعة كان يشير إلى منسوب متقدم من العدائية في الأداء القطري وكأن المبادرة لا تعني قطر ولا أميرها ولا رئيس وزرائه فقد ظل إعلام هذه الدولة التي تحكمها القاعدة الأميركية على ما يبدو أحاديا في التغطية تحريضيا في الأداء ومزورا في الوقائع.

أما المملكة السعودية التي يفترض بقادتها أن يحسبوا لمرحلة ما بعد الهروب الأميركي من العراق فما تزال وسائل إعلامهم المملوكة من أمراء العائلة الحاكمة مباشرة أو بواسطة سعد الحريري تخوض حرب العرعور والاخوان المسلمين وعصابات العملاء والمجرمين الذين يعبثون بالأمن السوري.

بكلمة جاءت الوقائع تظهر كمية كبيرة من الدجل في خطاب الحكومات العربية التي قالت أنها تريد مساعدة سورية في الخروج من الأزمة وعلى الرغم من ذلك فان القيادة السورية محسودة حقا على طول بالها وتصميمها الواجب في إعطاء الفرصة مداها من أجل سورية ومصلحة شعبها ومن أجل خيار المقاومة والاستقلال في المنطقة ولكن كثيرا من الوقائع التي سجلها أسبوع ما بعد الاتفاق تقتضي وضع النقاط على الحروف ولو في الحلقات الضيقة.

  • فريق ماسة
  • 2011-11-06
  • 4377
  • من الأرشيف

محاولات تخريب اتفاق القاهرة .. بقلم : غالب قنديل

شكل يوم الجمعة الأخير ميدانا لاختبار ملامح مرحلة ما بعد المفاجأة السورية التي صدمت الجامعة العربية والدوائر الغربية معا من خلال الإعلان عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مناقشات معمقة أجرتها القيادة السورية مع اللجنة الوزارية العربية. أولا: خلافا لتوقعات مصادر مجلس اسطنبول حول حجم المسيرات والتظاهرات، فإن حصاد الجمعة في جميع الأنحاء السورية لم يتخطى حدود خروج الآلاف كما هي الحال منذ حوالي ثلاثة أشهر وباعتراف المعارضين أنفسهم فإن معظم التجمعات والمسيرات التي وقعت هذه الجمعة لم تتعرض لإطلاق النار كما كان يزعم مرارا فما حصل هو تجمعات هتفت في بلدات خارج مراكز المحافظات بشعارات مجلس اسطنبول ثم تفرقت بينما كانت القوى الأمنية تراقب عن بعد ولم تتخذ أي تدبير حتى في حدود صلاحيات مكافحة الشغب المتعارف عليها دوليا عند قيام بعض المتظاهرين أو المتجمعين بالاعتداء على الأملاك العامة. ثانيا: حصاد القتلى المرتبك من حيث أرقامه والذي جرى تعميمه من قبل المعارضات في الداخل والخارج مأخوذ فعلا عن الأحداث التي تجري في محافظة حمص بشكل خاص وحيث تستمر حالة الارتباك الواضحة في رواية المعارضات عن حقيقة ما يجري فمرة يقال أن جنودا منشقين يقاتلون الجيش وقوات حفظ النظام ومرة تزعم رواية المعارضات أن محتجين يتعرضون لنيران القوى الأمنية. الوقائع الحية تشير إلى أن قتلى وجرحى من قوات حفظ النظام سقطوا في الأحداث وروايات المواطنين المقيمين في مسرح التطورات تؤكد وجود عصابات مسلحة تضم ملتحين وملثمين ينتمون إلى تيار التكفير والى تنظيم الأخوان المسلمين يقيمون الحواجز والكمائن ويمارسون الخطف والقتل على الهوية وقد ارتكبوا جرائم مروعة على الأرض حصدت العشرات خلال الأيام القليلة الماضية بينما ارتفع صراخ الناس في محافظة حمص لمطالبة القيادة السورية نشر الجيش وحسم الموقف. ثالثا: بادرت القيادة السورية منذ الإعلان عن اتفاق القاهرة إلى تنفيذ خطة سحب تدريجي لوحدات الجيش من مناطق الأحداث وهي تتجه واقعيا إلى تكليف قوات مكافحة الشغب التي جهزت مؤخرا بالتعامل مع التظاهرات والاحتجاجات في حال وقوعها، وبينما بات معلوما أن عددا كبيرا من المعتقلين خلال الأحداث ومن يغر المتورطين في عمليات القتل أو الخطف سوف يتم الإفراج عنهم جاء إعلان وزير الداخلية السورية عن مهلة أسبوع للعفو عمن يسلمون أنفسهم وأسلحتهم إلى مراكز الشرطة بين الخامس والثاني عشر من الشهر الحالي ليقدم فرصة جدية لمعالجة الموقف على الأرض. رابعا: انتقلت الإدارة الأميركية والحكومات الغربية في تعاملها مع اتفاق القاهرة من التحفظ والترحيب على مضض إلى محاولة التخريب ميدانيا من خلال بيان الخارجية الأميركية الذي طلب إلى المسلحين عدم التجاوب مع بيان وزير الداخلية السوري. البيان الأميركي يكشف بوضوح حجم المونة السياسية والمعنوية والعملية التي تتصرف بها إدارة اوباما مع مجلس اسطنبول وميليشياته، بقدر ما يبرهن على وجود قرار أميركي بتغذية عمليات نشر السلاح والمسلحين لإثارة الفوضى وافتعال الفتن داخل سورية وهو ما يؤكد حقيقة أن الجماعات اللبنانية والأجهزة السعودية والأردنية والتركية التي تورطت في مثل هذه الأفعال إنما تنفذ قرارا أميركيا بتخريب سورية. مقابل التجاوب الاستثنائي مع متطلبات الاتفاق الذي أعلن من القاهرة في سلوك القيادة السورية التي وضعت ترتيبات الحوار في عهدة اللجنة الوزارية والجامعة العربية من حيث المبدأ ولم تحصل على أي ضمانات جدية بسحب المسلحين ووقف عمليات قتل المدنيين التي تمارسها ميليشيات مجلس اسطنبول في الميدان، بدا وبكل وضوح في المشهد الإعلامي أن حكومات تركيا وقطر والسعودية ما تزال مستمرة في التآمر على سورية. خامسا   تحدث أردوغان بهيستيرية بعد اتفاق القاهرة وهدد اوغلو وتوعد بينما بات معروفا ان حكومة الوهم العثماني لا تملك شيئا تفعله في حملتها العدائية ضد سورية وهي غارقة في غير مشكلة توجب على قادة العدالة والتنمية أن يحسبوا ألف حساب لكل خطوة تقود إلى المزيد من التورط في الشأن السوري الداخلي وخصوصا بعدما جاهروا بإيواء عصابات مسلحة يزعمون أنها لا تحظى بالتسهيلات للقيام بعمليات داخل الأراضي السورية. ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه يتعلق بالموقفين القطري والسعودي، فمن المفترض أن الشيخ حمد الذي بالكاد أبدى سعادته بالاتفاق الذي تولى تلاوة نصه من مقر الجامعة العربية يجب أن يكون وفق المنطق حريصا على مبادلة التعاون السوري بانتقال قطر إلى موقع أكثر حيادية ونزاهة في التعامل مع الشأن السوري وهذا ما لم تظهره قناة الجزيرة ولا الصحف القطرية الرسمية أو شبه الرسمية بل ما حصل يوم الجمعة كان يشير إلى منسوب متقدم من العدائية في الأداء القطري وكأن المبادرة لا تعني قطر ولا أميرها ولا رئيس وزرائه فقد ظل إعلام هذه الدولة التي تحكمها القاعدة الأميركية على ما يبدو أحاديا في التغطية تحريضيا في الأداء ومزورا في الوقائع. أما المملكة السعودية التي يفترض بقادتها أن يحسبوا لمرحلة ما بعد الهروب الأميركي من العراق فما تزال وسائل إعلامهم المملوكة من أمراء العائلة الحاكمة مباشرة أو بواسطة سعد الحريري تخوض حرب العرعور والاخوان المسلمين وعصابات العملاء والمجرمين الذين يعبثون بالأمن السوري. بكلمة جاءت الوقائع تظهر كمية كبيرة من الدجل في خطاب الحكومات العربية التي قالت أنها تريد مساعدة سورية في الخروج من الأزمة وعلى الرغم من ذلك فان القيادة السورية محسودة حقا على طول بالها وتصميمها الواجب في إعطاء الفرصة مداها من أجل سورية ومصلحة شعبها ومن أجل خيار المقاومة والاستقلال في المنطقة ولكن كثيرا من الوقائع التي سجلها أسبوع ما بعد الاتفاق تقتضي وضع النقاط على الحروف ولو في الحلقات الضيقة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة