دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
هل ينقلب الناخبون اليهود في الولايات المتحدة على باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية القادمة وكانت أصواتهم تذهب باستمرار لمصلحة حزبه الديمقراطي
على اعتبار أنهم يشكلون أكثر شرائحه ثراءً؟ لم تكن تلك الاحتمالات قائمة خلال الأشهر القليلة الماضية حتى نظمت في شهر أيلول المنصرم انتخابات نيويورك حيث تتواجد أضخم جالية يهودية في الولايات المتحدة ولتمنح تلك الشريحة من الناخبين أصواتها لمصلحة الحزب الجمهوري فهناك بالطبع تفسيرات عدة لهذا التحول.
أولاً: إن تلك الانتخابات التمهيدية الرئاسية وتجرى حالياً في بلاد شبيهة بالانتخابات الفرعية في بريطانيا فعندما يتراجع أداء الناخبين تحدث مفاجآت عدة غيرسارة.
ثانياً: يبدو أن تلك المقاطعة النيويوركية وتضم أكبر تجمع لليهود في الولايات المتحدة وينتشر أولئك كذلك في كونيز وبروكلين خاب أملهم نتيجة فشل أوباما من إنعاش الاقتصاد الأميركي وإعادته إلى الحياة علماً أن فشله لم يسبقه إليه رئيس للبلاد قبل الآن، ثالثاً: لانستطيع القول إن مرشح الحزب الديمقراطي الحالي ينتمي إلى أرفع طبقات المجتمع الأميركي لذلك المطلوب من شريحة الناخبين مقاطعة المرشح الديمقراطي أوباما منذ صدور قانون في حزيران الماضي يسمح بزواج المثليين في الولايات المتحدة ثم هناك عدد من المرشحين الديمقراطيين على غرار عضو الكونغرس الأميركي الأسبق »انطوني ولينز« المتورطين في فضائح جنسية تتناقلها وسائل الإعلام الغربي باستمرار ما يثير ضدهم الرأي العام إضافة لتحفظ شرائح من الناخبين تجاه العديد من المرشحين الديمقراطيين إثر قيام القيادة في هذا الحزب الديمقراطي بالضغط على »أنطوني ولينز« ليقدم استقالته من عضوية هذا المجلس.
كذلك هناك قضية أخرى تقوم بدور بارز على هذا الصعيد وتتمحور حول السياسات التي ينتهجها أوباما تجاه إسرائيل.
أما نقطة التحول الأساسية في الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية وانطلقت في حزيران من هذا العام فتتمحور حول إقدام محافظ نيويورك السابق »ايدكوش« عضو الحزب الديمقراطي وهو يهودي إسرائيلي الانتماء على تأييد مرشح الجمهوريين متهماً الرئيس أوباما برمي إسرائيل تحت عجلة القطار.
ففي الأوضاع الطبيعية أي حين لايعاني الاقتصاد الأميركي من أزمة خانقة كما هو الحال عليه الآن يحتفظ اليهود الأميركيون ومؤيدو الحزب الديمقراطي في أجندتهم خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية بأكثر من قضية فمن المألوف ألا يترك أسلوب تعاطي الشخصية التي ستتسلم سدة الحكم في البيت الأبيض مع إسرائيل صدى واسعاً في الشارع الأميركي.
فبالنسبة لإسرائيل التي تعاني حالياً من اضطرابات داخلية لاتعتبر الأوضاع الأميركية الراهنة طبيعية بالنسبة لها فالهجوم الشعبي الذي شن على السفارة الإسرائيلية في القاهرة والاضطرابات التي فجرها مايسمى بالربيع العربي وما خلفت تلك الأخيرة من تبعات جعلت اجتماعها معاً الكيان اليهودي يشعر بمزيد من العزلة وسوف تتنامى هذه العزلة كما يرجح المراقبون في حال صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة الاعتراف بدولة فلسطينية ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة وفي ظل تلك الظروف تبحث إسرائيل عن صديق فعلي يعتمد عليه وما من صديق لها أفضل من الولايات المتحدة يكن الوفاء للدولة العبرية ولاتكمن المشكلة في كون الرئيس أوباما مناوئاً لإسرائيل وإنما في تقاعسه في إغداق المديح على هذا الكيان وهو ما ألفت سماعه الدولة العبرية من أكثر حلفاء إسرائيل شأناً وتعكس تلك السياسة الحاجة الأميركية لتحسين مواقف واشنطن في العالم العربي هذا وسيواجه أوباما خلال حملة إعادة انتخابه للرئاسة الأميركية معركة ضروساً على صعيد الحصول على تأييد الناخبين المستقلين له بعد أن راحت الدلائل والمؤشرات المرافقة لحملته تنذر بخطر قادم والجدير ذكره أن شريحة اليهود الأميركيين ليست فقط الممول الرئيسي لحملة انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة فحسب وإنما هي كذلك من أكثر المجموعات الأميركية التي تصوت بشكل منتظم ودائم وهناك قاعدة تبنتها تلك الشريحة من المجتمع الأميركي تنص على أن تلجأ نسبة تتراوح بين 70 و80% من اليهود للتصويت لمصلحة الحزب الديمقراطي الأميركي.
وتعتبر نيويورك حزينة الحزب الديمقراطي الأميركي لكونها تضم أكبر عدد من السكان اليهودي في العالم مقارنة بأي مدينة أخرى على وجه الأرض.
أما أصوات الناخبين الأميركيين في كل من ولايتي بنسلفانيا وفلوريدا فتتأرجح لأن أي تحول يطرأ على أصوات الناخبين اليهود فيها يقرر من أي الحزبين الديمقراطي والجمهوري سيتسلم زمام السلطة في البيت الأبيض، ففي ولاية فلوريدا يشكل الناخبون اليهود فيها 8% من سكانها الأصليين وغالبيتهم من المتقاعدين ونتيجة فشل شريحة من هؤلاء اليهود في استيعاب لعبة صناديق الاقتراع الطيارة على شواطئ بالم بيتش خسر المرشح الـ »غور« انتخابات عام 2000.
أما في ولاية بنسلفانيا حيث يقتطع اليهود فيها نسبة 5% من أصوات الناخبين وتشكل مقاطعتهم انتخابات الرئاسة الأميركية وامتناعهم عن المشاركة في الاقتراع كارثة بالنسبة لأوباما ذلك لأن نتائج الحملة الانتخابية لعام 2012 تظهر من الآن من تلك الولاية تقارباً في نتائج الاقتراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومن غير المستغرب يقول كاتب هذا المقال إن نشاهد انفتاح الحزب الجمهوري أكثر فأكثر على الدولة العبرية فقد تغيرت طبيعة سياسة هذا الحزب على امتداد الأعوام الماضية وخاصة على صعيد ازدياد شعبية وثقل الجناح المسيحي المحافظ منه ما يؤدي إلى تعزيز عملية الاعتراف بالدولة العبرية ألم تطلق تسمية سياسة الله الخارجية على الدعم الذي يتلقاه الكيان الإسرائيلي؟.
فقد صرح المدعو »ميشيل بكمان« وهو من أبرز المرشحين للبيت الأبيض قائلاً: كل دولة تقوم بمباركة إسرائيل تتلقى بركات السماء.
وليس من قبيل المصادفة أن تتناول كل من وول ستريت وجيروزليم بوست في افتتاحيتيهما مقاله »ريك بيري« حاكم تكساس والمرشح عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية ينتقد فيها سياسة الرئيس أوباما إزاء إسرائيل كما ويتهم هذا المرشح في مقالته الفلسطينيين بالوقوف وراء الآمال المعقودة لإحلال السلام في الشرق الأوسط نتيجة مناورتهم الطائشة لإقامة دولة فلسطينية ولا بد أن يذكر التاريخ مواقف أوباما فالتعامل بشدة مع إسرائيل ليس عملاً جيداً بالنسبة لإعادة انتخابه في الولايات المتحدة، ففي الانتخابات الرئاسية الأميركية وجرت عام 1980 اتهم الرئيس جيمي كارتر بإفراطه في توجيه الانتقادات للدولة العبرية لذلك لم يحصل سوى على نسبة 45% من أصوات الناخبين اليهود فخسر فرصته في التجديد له لرئاسة أميركا ثانية.
هذا بينما حقق »رونالد ريغان« فوزاً ساحقاً خلال إعادة انتخابه مجدداً كرئيس للبيت الأبيض ثم حاول جورج بوش الأب بعد ذلك سحق الإسرائيليين بكعب حذائه من خلال معارضته تأمين ضمانات للقروض التي تمنحها واشنطن لإسرائيل لبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة فخسر التجديد له لولاية ثانية لذلك تفوق عليه بيل كلنتون خلال الانتخابات الرئاسية آنذاك قد لايكون اللغط الذي أثير حول ضمانات القروض الأميركية العامل الفاصل في هزيمة جورج بوش الأب لكن بالنسبة لأوباما لايستطيع هذا الرئيس تجاهل دروس تاريخ أسلافه ومن المرجح خسارة أوباما في انتخابات العام القادم لأنه يواجه مشكلة تمويل واشنطن بناء المستوطنات الإسرائيلية.
وتظهر استطلاعات الرأي الأميركي انخفاض شعبية أوباما في صفوف الناخبين اليهود من 80% سجلها عام 2008 إلى نسبة 55% اليوم.
المصدر :
الاندبندنت بقلم: روبرت كورنويلم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة