#
  • فريق ماسة
  • 2025-10-13
  • 1190

سوريا على موعد مع اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين

إن المساعي السورية للعودة للارتباط بالمجتمع الدولي بعد حرب امتدت قرابة 14 عاماً دفعت بحكومة دمشق للذهاب إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية التي يقيمها هناك كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وتجمع تلك الاجتماعات وزراء المالية من كل بقاع العالم، إلى جانب حكام المصارف المركزية، والمتنفذين في القطاع الخاص، وذلك حتى يناقشوا أجندة الاقتصاد العالمي، إلى جانب دعم برامج بعض الدول الأعضاء في هاتين المؤسستين (أي صندوق النقد والبنك الدوليين).

كما تعتبر تلك الاجتماعات فرصة للمسؤولين الأجانب حتى يلتقوا بنظرائهم الأميركيين، ويتعمقوا في فهم أجندة واشنطن. تأتي اجتماعات هذا العام في خضم تحول اقتصادي وسياسي كبير تجتاحه توترات في مجال التجارة وديون كبيرة تثقل كاهل الحكومات، ناهيك عن أن حض الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الانحياز للبنك وصندوق النقد الدوليين، بما أن الولايات المتحدة من أكبر الجهات المساهمة في هاتين المؤسستين، والهدف من ذلك الالتزام بشكل أكبر بالمصالح التي حددتها إدارته.

غير أن تهديداً جديداً أطلقه ترمب عندما أعلن عن رفع الرسوم الجمركية على الصين بنسبة 100% ابتداء من شهر تشرين الثاني، زاد من حدة تلك التوترات في مجال التجارة خلال الأيام التي تسبق هذه الاجتماعات. كما ستعقد تلك الاجتماعات بعد أن أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع من مقر الجمعية العمومية بنيويورك قبل أسابيع قليلة عن عودة بلاده للساحة الدولية بعد سقوط نظام الأسد.

العودة لربط سوريا وإعادة إعمارها

من المزمع أن يعود مسؤولو الحكومة السورية الجديدة إلى واشنطن بعد مرور سبعة أشهر تقريباً على عقد اجتماعات الربيع، لتكون تلك أول زيارة لمسؤولين سوريين إلى الولايات المتحدة منذ سقوط نظام بشار الأسد في أواخر العام الماضي.

هذا وقد سعت سوريا لحشد دعم المجتمع الدولي من أجل إعادة الإعمار وما تحتاجه من أمور لتتعافى، وتقدر كلفة كل ذلك بمليارات الدولارات. ولهذا صوت مجلس الشيوخ الأميركي مساء الخميس الماضي على رفع قانون قيصر الذي صدر في عام 2019، وفرضت بموجبه عقوبات قاسية على كيانات ومسؤولين مرتبطين بنظام الأسد، لذا فإن إلغاء هذا القانون ضمن خطة موسعة لميزانية وزارة الدفاع الأميركية يتعين على الرئيس الأميركي التوقيع عليها، اعتبر بمنزلة خطوة مهمة على طريق إعادة ربط سوريا بالنظام المالي العالمي.

ولكن ماتزال هنالك معوقات وعلى رأسها مسألة الاستمرار في رفع العقوبات، إلى جانب مسألة التصويت على ذلك، وهنالك قضايا عالقة تتصل بطريقة معالجة الحكومة السورية الجديدة وقطاعها المصرفي لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما ينبغي عليهما بذله لمكافحة كل ذلك.

تعقيباً على ذلك، تقول راشيل زيمبا، مؤسسة شركة Ziemba Insights المتخصصة بتقدير المخاطر الجيوسياسية: "من الضروري متابعة رد الحكومة السورية على هذين التساؤلين"، وأضافت بأن هنالك قضايا أخرى تتصل بطريقة تعامل الحكومة المؤقتة السورية مع التكنوقراط الذين وصلوا إلى المصرف المركزي لسوريا.

يذكر أن سوريا حققت تقدماً ملحوظاً من خلال مناشداتها التي وجهتها للمجتمع الدولي في نيسان الماضي، ومن خلال الطاولة المستديرة التي جمعتها مع رئيس البنك الدولي آجاي بانغا، ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان، وذلك بخصوص تلبية احتياجات سوريا، بناء على المحادثات التي عقدت في مدينة العلا السعودية في شهر شباط الماضي،

إذ ذكرت السيدة جورجيفا وقتئذ بأن أهم أولويات صندوق النقد الدولي بناء إمكانات تعمل على جمع بيانات موثوقة، وإعادة بناء المصرف المركزي الذي بقي يعمل في البلد إلى جانب إعادة بناء السياسة الضريبية، وقالت: "أظن أنه من الصعب بالنسبة للمؤسسات متعددة الأطراف تقديم كثير من الأمور فيما يتصل بالجانب المالي إلى أن تقوم حكومة أطول ديمومة في سوريا، وإلى جانب رفع العقوبات بشكل دائم عنها".

الرسوم الجمركية والاقتصاد العالمي

أظهرت بيانات نشرت مؤخراً بأن الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الأميركي على وجه الخصوص، تمتعا بمرونة كبيرة حتى الآن في وجه صدمة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترمب في مطلع هذه السنة، وفي تصريح من معهد ميلكن خلال الأسبوع الماضي، وصفت جورجيفا الوضع بأنه: "أحسن مما كنا نخشاه، لكنه أسوأ مما يجب علينا مجابهته".

أظهرت التوقعات الاقتصادية التي قدمها صندوق النقد الدولي في تموز الماضي بأن الاقتصاد العالمي سيشهد نمواً بنسبة 3% خلال هذا العام، أي أعلى بنسبة 0.2% مما كانت عليه التوقعات في شهر نيسان، ويعود أحد أسباب ذلك إلى تخفيض الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة أدنى من التوقعات وذلك على الدول الشريكة للولايات المتحدة، إلى جانب تراجع الدولار الأميركي. في حين أن التوقعات الجديدة لمعهد بيترسون المعني بالاقتصاد الدولي في واشنطن، رفع توقعاته بخصوص نمو الناتج القومي الإجمالي في العالم ليصل إلى 3.1% خلال هذا العام مقارنة بنسبة 2.7% التي حددها في الربيع الماضي، على الرغم من توقعه بأن الاقتصاد سيشهد حالة تباطؤ وتراجع بنسبة تصل إلى 2.9% في عام 2026.

تعلق على ذلك كارين دينان وهي باحثة غير مقيمة لدى معهد بيترسون، فتقول: "إن تلك المرونة محمودة، لكني لا أتوقع لها أن تستمر". فالتوقعات التي نشرها البنك الدولي خلال الأسبوع الماضي كشفت عن احتمال تحقيق الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الخليج لزيادة بنسبة 3.5% خلال هذا العام، أي بزيادة عن التقديرات التي وصلت إلى 3.2% في نيسان الماضي.

إذ بالنسبة لدول الخليج التي لم تتأثر إلا بشكل محدود بالرسوم الجمركية، فإن السؤال المطروح الآن هو لأي مدى يمكن أن يؤثر تراجع الطلب على النفط على النمو الاقتصادي في تلك الدول.

تجيب زيمبا على هذا السؤال بالقول: "ماتزال هنالك علاقة وطيدة ما بين أسعار النفط والطلب العالمي على النفط وذلك من خلال السيولة والنشاط الاقتصادي في دول الخليج، على الرغم من نمو الاقتصاد غير النفطي". وهنالك أيضاً تشكيك بالدولار الذي تراجعت قيمته خلال هذا العام في ظل أجندة ترمب المعنية بالرسوم الجمركية، وسط ارتفاع الطلب على شراء سندات الخزانة الأميركية والذهب قبل انعقاد هذه الاجتماعات خلال هذا الأسبوع.

أزمة الأرجنتين

يواجه صندوق النقد الدولي أزمة اقتصادية أخرى في الأرجنتين التي تشهد حالة تقلبات كبيرة في السوق، فقد اختتمت وزارة الخزانة الأميركية يوم الخميس الماضية عملية تبادل عملات نقدية بقيمة عشرين مليار دولار مع الأرجنتين، حيث اشترت العملة الأرجنتينية (البيزو) من السوق الحرة بهدف دعم مالية الأرجنتين بعد تعثرها، وقد أعلن وزير الخزانة الأميركية بيسينت عن ذلك بعد أيام من اجتماعه بوزير المالية الأرجنتيني ضم مسؤولين من صندوق النقد الدولي الذي أطلق برنامجاً بلغت قيمته عشرين مليار دولار في الأرجنتين.

وصرح الوزير سكوت بيسينت عبر منصة إكس بأن: "نجاح جدول إصلاحات الأرجنتين يمثل أهمية منهجية، كما أن تحول الأرجنتين إلى دولة قوية ومستقرة تعمل على ترسيخ الازدهار في العالم الغربي يمثل مصلحة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة". وذكر بيسينت بأنه من المزمع عقد اجتماع يضم ترمب والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في بحر الأسبوع المقبل، وأضاف بأنه يخطط للقاء وزير المالية الأرجنتيني على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.  





المصدر : تلفزيون سوريا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة