#
  • فريق ماسة
  • 2025-01-30
  • 1429

مسألة رفع العقوبات عن سوريا تتشابك مع مطالب تمس العلاقات الخارجية للبلاد

تواجه القيادة السورية الجديدة معضلة كبيرة مع استمرار سير العقوبات المفروضة على سوريا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من زوال الأسباب التي أدت إلى فرض هذه العقوبات. ومرهون رفعها بجملة من المطالب التي تؤثر سلبًا على توازن القوى في البلاد، وتصب في تعزيز نفوذ دولة معينة على حساب الأخرى.ويعتبر رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أنه من الطبيعي أن تقطع الدول علاقتها السياسية مع نظام الأسد، وتفرض عليه عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية، "لكن مع توقف القصف الكيميائي والتعذيب وتدمير المدن والتشريد القسري، أصبح من الضروري رفع العقوبات" حسب قوله.كما يعتقد عبد الغني، أن الغرب يجب أن يتجاوب بشكل أفضل بكثير مع مطلب رفع العقوبات، لأنها فُرضت على النظام السوري بسبب الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي مارسها في ظل حكم بشار الأسد.وقد وصف رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان مراقبة الدول الغربية للوضع السوري، المعتمد على التزام البلاد من عدمه لرفع العقوبات، بـ"الوصاية والابتزاز"، موضحا أن "الأصل أن تُرفع العقوبات لأن الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد توقفت، وفي حال انتهك النظام السوري الجديد جرائم فظيعة، فحينئذ يجب التحقق منها أولا والتصرف على ذلك الأساس".وهذا ما دفع بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني، للانطلاق في جولة كبيرة إلى عدة دول ومؤتمرات لبحث مسألة رفع العقوبات عن سوريا، التي تعرقل بشكل كبير ملف إعادة الإعمار وترميم الاقتصاد و بناء الدولة.وحاول الوزير في آخر لقائاته القاء بعض الضوء على مستقبل سوريا، في حديث مثمر جمعه مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، شدد خلاله على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق باعتباره "مفتاح الاستقرار" في بلاده التي مزقتها الحرب لعدة سنوات.بينما من جهتها تعمل القيادة السورية الجديدة، ورئيسها أحمد الشرع، بشكل دؤوب على بسط الأمن وحماية البعثات الدبلوماسية والسفارات، واستقبال الوفود العربية والغربية، وإرسال إشارات إيجابية لجميع الدول، في مسعى منها لتكوين صورة ايجابية وواضحة مفادها انفتاح سوريا وعلاقاتها الخارجية على دول العالم، وتحقيق علاقات تعاون واكتساب الشرعية.وبالعودة إلى المطالب التي تُرهن بها مسألة رفع العقوبات، يدور الحديث بشكل أساسي حول المطالب الغربية بإنهاء التواجد الروسي في سوريا، وتحديدًا موقف الاتحاد الأوروبي، الذي وضع مسألة رفع العقوبات عن سوريا مشروطا برفع القواعد الروسية من الأراضي السورية، على الرغم من تصريحات القيادة السورية الجديدة التي وصفت العلاقات مع روسيا، بالـ"استراتيجية" و"القديمة".                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        وبهذا الصدد أشار الباحث والكاتب بسام السليمان، في حديث مع قناة سوريا، إلى أن الإدارة السورية الجديدة قد تصل إلى صيغة للتفاهم مع أوروبا، خصوصًا وأنه ليس من مصلحة دمشق أن تصطدم مع أحد من الدول (روسيا)، مؤكدًا بأن الأوروبيين يجب أن يعملوا على حلحلة مشاكلهم مع روسيا بنفسهم وعدم جرّ الإدارة السورية معهم.وأضاف السليمان بأن روسيا دولة عظمى، وكما تستطيع مساعدة الشعب السوري في إعادة الإعمار وفي النهوض الاقتصادي، تستطيع أيضًا أن تعرقل، ولديها حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة، مستبعدًا خيار اتجاه الإدارة السورية الجديدة للانصياع لمطالب الاتحاد الأوروبي الابتزازية.بينما من جهته أشار الكاتب العراقي مثنى عبد الله، في مقال صحفي، إلى أن روسيا لها ثوابت سياسية كأي دولة أخرى، ومن هذه الثوابت اعتماد مبدأ الديمقراطية السيادية، الذي ينص على أن كل ما يجري داخل دولة ما لا يخص دولا أخرى، ولا يستدعي التدخل طالما لا يشكل تهديدا للآخرين، وتدخلها في سوريا ودعمها لبشار الأسد أتى بموجب طلب تقدمت به السلطات البائدة. والآن هناك سلطة شرعية جديدة في سوريا، وتسعى للتعامل معها بحثا عن مصالحها، التي تتوافق مع مصالح السلطة الجديدة. كما تُراهن على أن البراغماتية ستسود بين البلدين والذاكرة دائما قصيرة في العلاقات الدولية.وعلى صعيد آخر تستمر روسيا في إرسال إشارات إيجابية بالمثل للإدارة السورية الجديدة، وبعد أول تصريح لرئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع حول موضوع العلاقات مع روسيا في 29 ديسمبر الماضي مع قناة "العربية"، والذي وصف خلاله العلاقات مع روسيا بأنها "استراتيجية". مؤكداً على أهمية التعاون مع الروس، قائلاً بأن روسيا ثاني أقوى دولة في العالم ولها أهمية كبيرة.من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريح صحفي رداً على سؤال حول نفس الموضوع: "تجدر الإشارة إلى أن القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تحدث مؤخراً إلى بي بي سي، واصفاً العلاقات السورية مع روسيا بأنها قديمة واستراتيجية. ونحن نتفق معه في ذلك. ولدينا الكثير من القواسم المشتركة مع أصدقائنا السوريين".إلى جانب ذلك أكد الكرملين بأن الاتصالات مع المسؤولين السوريين الجدد لا تزال مستمرة، ويجري النقاش حول القواعد العسكرية الروسية في سوريا، كما أكدت الخارجية الروسية أن السفارة الروسية في دمشق تعمل كالمعتاد.واللافت أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، صرح أيضًا بشكل إيجابي حول العلاقات مع سوريا، وقال أن "روسيا تؤكد التزامها بالتسوية الشاملة للوضع في سوريا، وأن السوريين أنفسهم هم من يقررون مستقبل بلادهم"، مضيفًا أن "روسيا مستعدة لمواصلة تقديم الدعم للشعب السوري والمساعدات الإنسانية حتى استعادة الوضع في البلاد بالكامل".

المصدر : الكاتب محمد صادق* باحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة