دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مهمة أقل ما يمكن وصفها بالصعبة هي ما يواجهه
العاملون على مشروع التحول الرقمي الوطني، ورغم عدم كفاية البدلات المادية والتعويضات
التي تحصل عليها الكوادرالعاملة في هذا القطاع، إلا أن الحسّ بالمسؤولية يبقيهم ليتابعوا
المشروع الذي بدأ يطوي مرحلته الأولى بالاتجاه نحو المرحلة الثانية .
إلا أن القطاع الخاص –الشريك المفترض- برؤوس
أمواله الكبيرة، مازال شبه غائب أو مغيباً عن هذا المشروع الاستراتيجي الوطني بكل معنى
الكلمة.. هو غائب بفعل القوانين أولاً، وقلة الجرأة لمواجهة العثرات التشريعية ثانياً،
وعدم وضوح الرؤية ببعدها المتكامل ثالثاً.. ثالوث تبدو معه التشاركية حتى الآن شبه
مستحيلة في وقت غدت فيه العلاقات الاقتصادية والتعاملات التجارية بين الدول معظمها
إلكترونية في عالم يتطور سريعاً، ولا يبدو أنه يمتلك الوقت لينتظر أي أحد.
أين وصلنا في مسار التحول الرقمي؟ ما الإشكاليات
والمعوقات والصعوبات؟ وأين تكمن؟ وفي أي مفاصل؟ وإذا كان هذا المسار غير متعثر وإنما
بطيء فأين هي العقدة؟ هل هناك اختلاف ما بين البطء والتعثر، أليس البطء تعثراً من نوع
ما أو شكلاً من أشكاله؟
ما دور القطاع الخاص؟ ولماذا هو ضرورة أو
حاجة لا غنى عنها؟.. كيف نستطيع رسم علاقة واضحة مع القطاع الخاص تشريعياً وقانونياً
للوصول إلى أحسن ممارسة للعمل وبما يُسرع عجلة التحول الرقمي، وفي الوقت نفسه تلافي
مطبات هذا التحول، وضمانه آمناً بصورة نستطيع فيها الموازنة والتوفيق في العلاقة بين
القطاعين العام والخاص على قاعدة الفوائد المشتركة؟ هذا من جهة.. ومن جهة ثانية كيف
نستطيع تأمين البنية التحتية والخبرات في ظل الظروف الحالية التي تعيشها سورية؟
“منصة تشرين” تطرح سلسلة تساؤلاتها على
المعنيين مباشرة في التحول الرقمي، وأين وصل هذا المشروع الواعد الذي أطلق عام
2021 ؟
7
أشهر مدة التنفيذ
يشرح مدير مشروع التحوّل الرقمي في وزارة
الاتصالات والتقانة المهندس تامر تامر لـ”منصة تشرين” انطلاقة مشروع الناقل الحكومي،
مؤكداً أنه انطلق فعلياً على الأرض وتم حجز كل الموارد له والبنية التحتية، وحالياً
باشر المشروع بالمرحلة الأولى التي تترافق مع خطة عمل للتنفيذ تمتد الى 7 أشهر، مبيناً
أنه لو لم تكن هناك إرادة حقيقية لدى العاملين عليه، لما كان هذا المشروع بدأ بإبصار النور ولم يكن ليتسنى له من الوصول إلى
هذه المرحلة في عام 2023.
نحو الأمام
وعند طرح سؤال هل مشروعات التحول الرقمي
في سورية متعثرة، نفى المهندس تامر تامر مدير المشروع الوطني للتحول الرقمي في وزارة
الاتصالات والتقانة أمر التعثر, موضحاً أن المشروعات تسير إلى الأمام، مبرزاً أمثلة حول التقدم من خلال عمليات
التتبع المستمرة للمشروعات، موضحاً أنه خلال اجتماعين عقدتهما اللجنة العليا للتحول
الرقمي الأول في شهر حزيران الفائت، والثاني خلال شهر تشرين الأول الجاري تم التأكيد
على تقدم المشروعات، وكان تنفيذ بعض المشروعات على سبيل المثال بنسبة 3% وأصبحت 5% وبعض المشروعات كانت 25% بالمئة وأصبحت
45% بالمئة وذلك خلال الفترة الممتدة بين الاجتماعين.
تامر: عندما نحقق هذا الترابط ضمن الحوسبة السحابية، وتكون التطبيقات اللازمة
موجودة، يمكن القول عندها إننا بدأنا بالانتقال إلى الخدمات الإلكترونية
تامر: السجل التجاري الإلكتروني والفوترة الإلكترونية مرتبطان ببعضهما البعض،
بحيث لا يمكننا الحصول على فوترة إلكترونية من دون الحصول مسبقاً على ترميز إلكتروني
مدير التحول الرقمي تحدث عن بناء خدمات
تفاعلية مع المواطن، ومن أجل ذلك لا بد من بنية أساسية تقوم على مشروعات أساسية، أولها
الحوسبة السحابية، ويقول: لا نستطيع المضي في التحول الرقمي إذا لم نمتلك تقنيات سحابية
(كلاود كمبيوتري، وكلاود تكنولوجي). وثانيها هو الناقل الحكومي (ضمن مشروعات الحكومة
الإلكترونية التي تم اعتمادها 2016).
ماذا يعني الناقل الحكومي، يضيف تامر: يعني
أن أنجز تخاطباً بيني وبين الجهات العامة، وهذا ضمن البنى الداعمة، مشيراً إلى أن هذا
المشروع لم يمض قدماً.
ويتابع تامر حول فكرة الناقل الحكومي بقوله:
هي أن أربط بين الجهات العامة، بهدف توفير خدمات عامة للمواطن، أي خدمة حكومية إما
تطبيق “ويب” أو تطبيق موبايل، وبالتالي المواطن الذي يريد خدمة حكومية عليه إما أن
يفتح موقعاً إلكترونياً تفاعلياً ويقدم على الخدمة ويضع الوثائق المطلوبة، وبعدها يحصل
على الخدمة المطلوبة.. أو يفتح تطبيق موبايل، هذا هو المنتج النهائي للتحول الرقمي،
لكن حتى أستطيع الوصول إلى فاعلية نهائية لهذه الخدمة لا بد من ربط بين الجهات المشتركة
في هذه الخدمة (الربط بين الجهات العامة)، فإذا ما أردت الحصول على جواز سفر، على سبيل
المثال، فهذا الجواز بحاجة إلى سجل مدني أو بيان عائلي.. إلخ، وبالتالي يجب أن يكون
هناك ربط بين السجل المدني والجهة التي تقدم لها المواطن للحصول على هذه الخدمة، هذه
هي فكرة الترابط بين الجهات العامة.
عندما نحقق هذا الترابط ضمن الحوسبة السحابية،
وتكون التطبيقات اللازمة موجودة، يمكن القول عندها إننا بدأنا بالانتقال إلى الخدمات
الإلكترونية، وهناك مسألة البوابة الحكومية الإلكترونية التي هي عبارة عن عرض فقط للخدمات
التي تقدمها الدولة، والمواطن يستخدمها هنا للاطلاع على كل خدمة وما تحتاجه لناحية
تأمين الوثائق المطلوبة، ولناحية التواقيت والمواعيد، وبعد موضوع الترابط البيني أو
الناقل الحكومي ننتقل إلى موضوع التفاعلية، أي أن أستطيع طلب الخدمة من بوابة الحكومة
الإلكترونية، أطلبها وأحصل عليها.
تتبع المشروعات
مدير التحول الرقمي في وزارة الاتصالات
والتقانة شرح موضوع تتبع المشروعات من خلال تقسيمه إلى جزأين: الأول تتبع مادي والثاني
تتبع مالي، وهناك مشروعات خاصة بوزارة الاتصالات وهي داعمة للتحول الرقمي، ومشروعات
الجهات العامة وهي ضمن استراتيجيات قطاعية، حيث كانت الفكرة أن نضع الاستراتيجية الوطنية
للتحول الرقمي، واستراتيجيات قطاعية ( كقطاع التعليم – قطاع الزراعة – قطاع الصناعة.. إلخ).
مشروع
الفوترة الإلكترونية
ويوضح تامر أن المرحلة الأولى للمشروع انتهت
وتضمنت بناء البنى الداعمة، والمرحلة الثانية تتضمن تأسيس خدمات تفاعلية والتي بدأت
بالتزامن مع المرحلة الأولى في بعض تفاصيلها، منها مشروع السجل الصحي ومشروع التذكرة
الإلكترونية للمؤسسة السورية للطيران، ومشروع القبابين التابع لوزارة النقل، ومشروع
السجل الصناعي لوزارة الصناعة والسجل التجاري الإلكتروني، والفوترة الإلكترونية، حيث
يعد مشروع الفوترة الإلكتروني أهم مشروع وتشرف علية ثلاث جهات هي وزارة التجارة الداخلية
وحماية المستهلك ووزارة الاتصالات والهيئة العامة للضرائب والرسوم.
وأكد تامر اكتساب مشروع الفوترة الإلكترونية
أهمية قصوى لكونه يعمل على الحد من التهرب الضريبي، وحالياً المشروع مستمر بمستوياته
المختلفة، حيث يتم العمل حاليا بمنهجية الترميز الوطنية، بمعنى أن العمل جار حالياً لترميز السلع والخدمات كلها ما يفعل أيضا الفواتير
الإلكترونية.
الترميز وتحديد الاستهلاك
ويكتسب موضوع الترميز بدوره أهمية مزدوجة
من ناحية الفواتير، ومن ناحية اجتماعية وتحديد استهلاك ومتطلبات السوق المحلية من أي
مادة موجودة، مشيراً إلى أنه يتم العمل حالياً على أرشفة السجلات والمحال التجارية،
بما فيها تجار الجملة والمفرق.
وأوضح تامر أن مشروعات التحول الرقمي القطاعية
مرتبطة ببعضها بعضاً، وموضوع السجل التجاري الإلكتروني والفوترة الإلكترونية مرتبطان
ببعضهما بعضاً، بحيث لا يمكننا الحصول على فوترة إلكترونية من دون الحصول مسبقاً على
ترميز إلكتروني.
المزيد من الصلاحيات
الدكتور عمار دللول خبير الاتصالات وعضو
مجلس إدارة – خازن الغرفة السورية – الإيرانية المشتركة، وجد أن الناقل الحكومي بوضعه
الحالي يحتاج فعلياً إلى سلطة وصلاحيات تمارسها وزارة الاتصالات على باقي الجهات لتتناسب
مع الجهد المبذول من المبرمجين خاصة أن الناقل
الحكومي مرتبط بكل الجهات العامة وبقطاعاتها المختلفة، ووزارة الاتصالات لها القوة
اللازمة للضغط على الجهات الأخرى التي من المهم تعاونها السريع معها، حيث يبذل العاملون
في التحول الرقمي جهداً جباراً كي يستمر المشروع، والتعاون أمر أساسي لاكتمال المشروع.
دللول: الناقل الحكومي بوضعه الحالي يحتاج فعلياً إلى سلطة وصلاحيات تمارسها
وزارة الاتصالات على بقية الجهات لتتناسب مع الجهد المبذول من قبل المبرمجين
دللول: أحذِّر من عدم قدرتنا على مواكبة العالم والتطور الإلكتروني، إن استمر التأخير أكثر
كما تحدث دللول عن الاستراتيجية الوطنية،
مبيناً أنها عبارة عن خطة طويلة المدى، ” تقريباً بين 10 و 15 سنة (حتى 2030)”. والمشروعات
والبرامج ضمن هذه الخطة هي مشروعات يتم تحديدها وفق الأولويات، أي منظومة معلوماتية
حتى يتم إنشاؤها لا بد أولاً من دراسة احتياجاتها، والجدوى الاقتصادية، والأولويات..
فهذه الأمور هي التي تحدد المنظومات المعلوماتية.. اليوم عندما تقول استراتيجية على
المستوى الوطني لا بد أن تدرس ما هو اجتماعي
واقتصادي وقانوني، إضافة إلى الإداري.
ويضيف دللول: وفق الاحتياجات كانت منظومة
خدمة المواطن هي رقم واحد، لأن هذه المنظومة تحقق وفراً مالياً بصورة كبيرة، ونحن هنا
دائماً نتحدث على المديين المتوسط والطويل، وليس على المدى القصير.
فإذا ما أردت تحقيق وفر، وإذا كلفت المنظومة
مثلاً مليار ليرة، فإنها على المستوى الوطني وفرت محروقات وتنقلات ووقتاً وأجوراً وعاملين
وطباعة.. إلخ، هذه الأمور كلها حققت الأولوية، لذلك كانت في البداية انطلاقة مشروع
مراكز خدمة المواطن.
وبرأي دللول فإن مشروع الناقل الحكومي وغيره
من المشروعات الأخرى المرتبطة ليست متعثرة حقيقة، لكن أي مشروع يجب أن تؤسس له بطريقة
صحيحة، وإلا فإنه سيفشل، إذ نتكلم عن بنية تحتية ضخمة يجب أن تدرس بشكل جيد ويجب أن
تكون الشركات مؤهلة تماماً، ونقصد الشركات الخاصة، التي ستقوم بهذه المهمة.. وبكل الأحوال
أنا كحكومة لا أستطيع العمل وحدي.
التشاركية شبه معدومة
وتحدث
دللول عن التشاركية الشبه المعدومة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال
الحيوي والسريع التطور، محملاً المسؤولية للتشريعات القائمة ولقلة الجرأة لدى بعض الجهات
المسؤولة لاتخاذ القرار المناسب لتفعيل هذه التشاركية التي يجدها مهمة جداً للطرفين
في آن معاً، طارحاً سؤالاً: ما الثغرات التي يجب أن نعمل على ردمها لنساعد أنفسنا بالدرجة
الأولى، ونستفيد جميعاً من التحول الرقمي؟
تعديل تشريعي
دللول حدد المشكلة من وجهة نظر القطاع الخاص،
أن التعاون من الجهات الحكومية بحاجة إلى تفعيل
أكثر، مطالباً إياها بأن تكون متعاونة أكثر وأن تكون هناك مرونة لدى صاحب القرار خلال
التعامل مع القطاع الخاص، والحاجة ماسة وفقاً لدللول لتعديل تشريعي أو تعميم، إلى جانب
الجرأة من الشخص المسؤول، مؤكداً أن ما ينقص القطاع العام هو الأموال التي هي موجودة
لدى القطاع الخاص، ويمكن التوصل لصيغة شراكة عادلة وتحفظ حقوق الطرفين وتحت سقف القانون.
التشاركية وقانون العقود
أما المهندس إياد درويش مدير مركز التميز
السوري – الهندي فوجد أن مفهوم التشاركية بين القطاعين العام والخاص، هو مفهوم قانوني،
يحدده قانون العقود وهو عقود الأشغال عقود (BOT).
ويعطي مثالاً عقود شركات الخليوي، أي توجد شركة خاصة مشغلة وتمنح حصة مالية للقطاع
العام مقابل أن يؤول المشروع بالكامل بعد 10 أو 15سنة بالكامل للقطاع الخاص.
درويش: 35 مهندساً يقومون بتشغيل المشروع على مستوى البلاد وهم يعملون ليلاً ونهاراً مقابل تعويضات ومردود
مادي متواضع نسبياً مقابل الدور والعمل الذي يقومون به
درويش: تقسيم أدوار ما بين الدولة والقطاع الخاص.. الدولة لها الإدارة والإشراف..
وأحياناً التشغيل
وتحدث درويش عن المعوقات القانونية والتشريعية،
وهي تسمح بشكل عام بوجود القطاع الخاص رغم وجود بعض المعوقات فيها، كالقانون المالي،
قانون العقود الحالي، لكن يمكن القول بشكل عام إن هناك مساراً جيداً تحقق. اليوم هناك
أفكار لتعديل القانون بالنسبة للمنظومات المعلوماتية خصوصاً. وزارة الاتصالات والتقانة
عقدت ورشة عمل من باب الحوار الاجتماعي مع الشركات ومديري المعلوماتية بالجهات العامة،
ومع العاملين المنخرطين في المسألة، بحيث نصل إلى مرحلة نستطيع فيها تعديل بعض المواد
في القانون أو تخصيص بعض المواد فيما يخص المنظومات المعلوماتية.
لا بد من دخول القطاع الخاص
ولا شك هنا بأن عامل الوقت مهم، يقول الدكتور
دللول، ويضيف: إذا أردنا أن نقرأ الواقع، فإن وزارة الاتصالات ضمن الوضع الحالي تقوم
بجهود جبارة سواء بصورة مباشرة من قبلها أم من خلال هيئاتها، في سبيل تحقيق تقدم. بمعنى
إذا ما نظرنا إلى الإنجاز نسبة إلى المُدخل لوزارة الاتصالات فهو إنجاز كبير قياساً
بالمتوفر لديها من إمكانيات، فوزارة الاتصالات هي الوزارة التي استمرت بتقديم خدمات
خلال الأزمة، لم يكن هناك أي قطع لخدمات الاتصال و«النت». وعلى صعيد الكوادر فهي لديها
أفضل الكوادر لناحية الخبرات ولناحية الجهد الكبير الذي تقدمه وبصورة تطوعية في أغلب
الأحيان، هذا ونحن لم نتحدث عن المعوقات والصعوبات في التحويلات والموازنات والعقوبات
وإدارة الموارد البشرية… إلخ.
ويضيف الدكتور دللول: اليوم القطاع الخاص
يستطيع أن يساهم مساهمة كبيرة في هذا الوضع من خلال ما يتمتع به من مرونة التحرك في
التعاطي واتخاذ القرار وعقد الاتفاقات والتفاوض للوصول إلى أفضل النتائج التي تصب في
مصلحته وحتى عمليات الالتفاف (التحايل على العقوبات).. كل ذلك من دون الخضوع إلى الروتين
القاتل الذي يفرضه القطاع العام، وهذا خلل، لأن الوقت يمضي بسرعة ولا ينتظرنا. إذاً
لماذا لا يدخل القطاع الخاص بصورة أوسع وأعمق ليكون يداً بيد مع القطاع العام لتسريع
خطوات التحول الرقمي.
دللول: اليوم القطاع الخاص يستطيع أن يسهم مساهمة كبيرة من خلال ما يتمتع به
من مرونة التحرك في التعاطي واتخاذ القرار وعقد الاتفاقات والتفاوض للوصول إلى أفضل
النتائج
ويعرض الدكتور دللول لفوائد التعاون بين
القطاعين العام والخاص ويؤكد أنه من أجل نجاح التحول الرقمي لا بد أن يكونا معاً، وهذا
ما فعلته كل الدول في العالم، والدول العربية أيضاً مثل السعودية، الإمارات، مصر، على
سبيل المثال، وكان هناك اعتماد كبير على الشركات الخاصة. لنأخذ مثالاً هو الدفع الإلكتروني
الذي لم يمض قدماً إلا عندما دخلت على الخط شركات القطاع الخاص.
ويتابع: بالنتيجة النهائية لا بد من القطاع
الخاص وإلا ستبقى عجلة التحول الرقمي بطيئة، لكن هذا ليس معناه أبداً أنه ليس هناك
عمل، هناك عمل، لكن بوتيرة بطيئة، بينما خدمات التحول الرقمي والأتمتة والاتصالات هي
خدمات متطورة بشكل سريع جداً وبما لا يُقارن بما يفرضه علينا الروتين الحكومي. ولنأخذ
مثالاً مشروع التوقيع الإلكتروني الذي ما زال بطيئاً.
ويدلي المهندس تامر بدلوه في مسألة التشاركية
مع القطاع الخاص، مشيراً إلى تأمين احتياجات الجهات العامة عن طريق القطاع الخاص، سواء
بشركاته المحلية أم شركات خارجية، سواء كانت معدات أم برمجيات، لكن يبقى موضوع التشغيل
موضوعاً حكومياً لأن الخدمات هنا هي خدمات حكومية، فإذا ما أراد المواطن خدمة حجز تذكرة
طيران إلكترونية على «السورية للطيران» على سبيل المثال فإن الشركة الخاصة تعلم من
هي الوجهة التي سيتم التخاطب من خلالها والتي سجل من خلالها المواطن.. الآن، من يستثمر
هنا هو السورية للطيران، جهة عامة، هنا ينتهي دور القطاع الخاص، فيما تقديم الخدمة
هي للقطاع الحكومي.
المحاذير وهواجس الأمان
كل ما يُقال عن المحاذير والثغرات الأمنية
وأمن المعلومات ومسائل الخصوصية، هي هواجس في الواقع، فعندما تكون الخدمة من القطاع
الخاص هل يعني أن هذا خصخصة أو تحول اقتصادي، بالمقابل عندما يكون هناك قطاع حكومي
هل يعني حتمية الاحتكار الحكومي لخدمات التحول الرقمي؟
يرى الدكتور دللول أنه إذا كان هناك عقد
إطاري على أسس صحيحة بين القطاعين العام والخاص فإن الدولة تحتضن القطاع الخاص.
بينما يرى درويش أنه لا بد من ضمان أفضل
الممارسات عند تشغيل أي منظومة عندما نتكلم عن أمن المعلومات، ونحن هنا نتحدث عن سياسات
ترسمها الدولة.
اليوم أي تطبيق يخضع للمسح كل 6 أشهر. والفكرة
أنه عند المسح الأمني للتطبيقات هناك معضلة أن هذه التطبيقات ليست فقط لهذا اليوم،
بل كل يوم، هذا عمل/بزنس/ يتطور كل يوم، وتشغيل التطبيق وإجراء عمليات تحديث وتطوير
وترقية، لذلك كل 6 أشهر يتم مسح التطبيق ويتم الكشف عما طرأ عليه من تطويرات وإذا ما
أدت هذه التطويرات إلى ثغرات أمنية.
ما الثغرات الأمنية؟
هي الثغرات التي تسمح باختراق التطبيق،
بما يتضمنه من بيانات شخصية، والتي من خلالها يصل إلى كل متعلقات المستخدم الشخصية،
ويوضح الدكتور دللول أكثر متحدثاً عن تطبيقات تسمى عابرة للقارات أو تطبيقات فوق الدولة،
وهي موجوده بقوة القيمة السوقية لها مثل «واتس آب» مثلاً.
الحصول على الخدمة “السهلة”
المهندس تامر تامر أوجز مفهوم التحول الرقمي
بكل ببساطة، بأنه يعني التحول والانتقال من حالة إلى أخرى، وهو التخلص من الخدمات الورقية
التي تتطلب الحضور المكاني والحصول على الخدمة بأسهل الإمكانات وبما يحقق الشفافية، والمستخدم لهذه الخدمة الجديدة يتقبلها بناء على
الثقة بهذه الخدمات، ومن خلال الترويج لها من خلال وسائل الإعلام بالطريقة الصحيحة
ومن خلال وسائل الإعلام وإقامة ورشات تعريفية، ومن أهم توصيات اللجنة العليا للتحول
الرقمي هو التوجيه لوزارات الإعلام والتربية والتعليم وكل الجهات التي لها علاقة مباشرة
بنشر ثقافة التحول الرقمي وأمن المعلومات.. فقد أصبح بالإمكان التقدم إلى المناقصات
الحكومية من خلال تطبيق «ويب» لكن يجب أن يكون التوقيع الإلكتروني مفعلاً أيضاً، والحفاظ
على السرية والسلامة وتوافر المعلومات بشكل مستمر، علماً أن الاستراتيجية الموضوعة
لم توضع من أجل النظر إليها، وإنما من أجل التطبيق والتنفيذ وتم وضع الخطط والأسس الصحيحة
والمهم هو التخطيط الصحيح، ولو أخذ وقتاً أطول، كما أن المهم هو التنفيذ السليم والسريع،
علماً أنه تم توسيع الحزمة الدولية.
ومن الأمور المهمة أيضاً لحسن تطبيق التحول
الرقمي هو توافر شبكة الإنترنت لكونها الأساس ويجب أن تكون شبكة الإنترنت متوافرة حيث
تمت زيادة عدد البوابات من خلال الشركة السورية للاتصالات، ووجهة النظر الحكومية ووزارة
الاتصالات والتقانة أن المشغل الثالث سيقوم بحل مشكلة الإنترنت ولديه سرعات مقبولة
“ابلود وداونلود”.
الحفاظ على الكوادر
المهندس إياد درويش مدير المركز السوري
– الهندي لتقانة المعلومات أشار إلى أهمية القانون رقم /7/، معزياً السبب الرئيسي لإصداره
بأنه للحفاظ على الكوادر العاملة في الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات، حيث لا
يتجاوز العدد الحالي للعاملين في الهيئة أكثر من 35 مهندساً يقومون بتشغيل المشروع
على مستوى البلاد وهم يعملون ليلاً نهاراً مقابل تعويضات ومردود مادي متواضع نسبياً
مقابل الدور والعمل الذي يقومون به .. فخدمات أمن المعلومات وخدمات تقانة المعلومات
للقطاع الحكومي هي من صلاحيات واختصاص الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات، والمطلوب
تعديل تشريعي بحيث يسمح بدخول القطاع الخاص
إلى هذا المجال بشكل أوسع وإقرار إحداث صناديق لدعم العاملين في هذا المجال وتشجيعهم
على البقاء في عملهم.
درويش: خلال سنة وستة أشهر أنجز مركز التميز السوري – الهندي عدة دورات تدريبية
وبلغ عدد المتدربين ما يقارب 350 متدرباً، كما تم إعداد 18 كورساً تدريبياً
وفيما يتعلق بمجال تقانة المعلومات توجد
معايير يجب الاستناد إليها وهي معايير عالمية، وأيضاً هناك منظمات عالمية تقوم بوضع
المعايير وتحددها ونحن يجب أن نسير وفق هذه المعايير أيضاً وبالتالي سوف تكون مقبولة عالمياً.
انطلاقة واعدة بعد التوقف
وبالنسبة لمركز التميز السوري – الهندي
لفت المهندس درويش إلى أنه انطلق خلال عام 2010 وأقام دورات تدريبية حتى عام 2012 وخلال
الحرب التي تعرضت لها البلاد توقف المركز حتى عام 2019، وتم توقيع مذكرة مع الجانب
الهندي للإقلاع مجدداً بالمركز وتم الاعتماد على البنية التحتية القديمة الموجودة في
المركز وتم إيفاد ثلاثة مدربين من الخبراء الهنود وقاموا بإنجاز دورات تدريبية في المركز،
وبتاريخ 21/11/2021 تم إطلاق الدورة الأولى بعد إعادة تجهيز المركز بالكامل وبعد الدراسة
مع الجانب الهندي للدورات المطلوب إنجازها.. وخلال سنة وستة أشهر تم إنجاز عدة دورات
تدريبية وبلغ عدد المتدربين ما يقارب 350 متدرباً، كما تم إعداد 18 «كورس» تدريبياً،
وبناء على استراتيجية التحول الرقمي أنجزنا العديد من الدورات والبرامج، كمشروع الحوسبة
السحابية في سورية ودورات في البرمجة وأمن المعلومات والاختراق الاحترافي، ومشروع منظومة الاستجابة لطوارىء المعلومات وخدمات
الدعم الفني التي انطلقت بشكل تطوعي.
المصدر :
تشرين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة