#
  • فريق ماسة
  • 2023-10-18
  • 6355

قلق المستثمرين حيال الاقتصاد التركي يتسرب إلى قطاع الإسكان

حملت أحدث المؤشرات التي أعلنت عنها تركيا بشأن نشاط سوق العقارات العام الجاري وخاصة شراءات الأجانب في طياتها الكثير من علامات الاستفهام بشأن مدى قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها لإنعاش قطاع الاستثمار الذي شهد لأشهر حالة من عدم اليقين. أنقرة - تعرض سوق العقارات التركي إلى انتكاسة العام الحالي مع تراجع زخم صفقات الأجانب جراء قلق المستثمرين حيال الاقتصاد، بينما يسعى المسؤولون إلى تعديل بوصلته بعدما تضرر من التضخم وانهيار الليرة والديون. وأظهرت بيانات حديثة الثلاثاء أن مبيعات المنازل للأجانب في تركيا خلال سبتمبر الماضي انخفضت بواقع 42 في المئة، بمقارنة سنوية ليصل العدد إلى 2930 عقارا. وأشارت معطيات هيئة الإحصاء الحكومية أن مبيعات المنازل للأجانب تراجعت خلال الأشهر التسعة الأولى من 2023 بنسبة 43.5 في المئة على أساس سنوي. وجاء مواطنو روسيا في المرتبة الأولى بين الأجانب الأكثر شراء للمنازل في تركيا خلال سبتمبر الماضي بشرائهم 722 عقارا، تلاهم الإيرانيون بنحو 327 ثم العراقيون بنحو 191 منزلا. ويترجم العدد الكبير من الروس الذين اشتروا عقارات في تركيا هروبهم من ارتدادات الحرب في أوكرانيا، في حالة مشابهة لما يحدث في إمارة دبي. وكان العام الماضي قد شهد زيادة في مبيعات العقارات للأجانب بنسبة 15.2 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه. وتحاول أنقرة الاستفادة من الأزمة في شرق أوروبا لاستقطاب المزيد من المستثمرين، الذين يبحثون عن امتلاك عقارات في تركيا في ضوء ما توفره الحكومة من امتيازات لتعزيز الاحتياطات النقدية وبالتالي دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي. بنك أوف أميركا: قدرة الإصلاحات على جذب رؤوس الأموال محل شك وقبل الحرب في أوكرانيا جرفت تداعيات الإغلاق الاقتصادي قطاع العقارات التركي إلى دوامة من الخسائر، وتسبب تراجع الطلب في تقويض أدائه نظرا للتكاليف الإضافية وبطء تنفيذ المشاريع بسبب تقلبات أسعار السلع والركود العالمي. وشهد سوق العقارات منذ بداية 2022 ارتفاعا ملحوظا في الأسعار لأسباب كثيرة من بينها الطلب المتنامي، لاسيما في إسطنبول، أكثر مدن البلاد ازدحاما وحركية اقتصادية بسبب انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي. وثمة عوامل أخرى قد تبدو سلبية مثل التضخم العالمي والحرب بين روسيا وأوكرانيا التي شجعت على شراء العقارات في تركيا. ويتوقع الخبراء ارتفاع سعر العقارات في السوق التركية سنويا بنسبة قد تبلغ 8 في المئة خلال حتى العام 2027. ولطالما اعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية على قطاع البناء باعتباره القوة الدافعة للاقتصاد، ولكن في السنوات الأخيرة تعثر كل من القطاع والاقتصاد. ومع تراكم معروض المساكن غير المباعة وقلة من يملكون القدرة على شراء المنازل بسبب الاقتصاد المتعثر، حاولت الحكومة إنعاش القطاع عبر توفير قروض عقارية بأسعار فائدة مخفضة وإتاحة الجنسية للمستثمرين الأجانب في العقارات. وكان شرط الحصول على الجنسية شراء عقار تقدر قيمته بـ250 ألف دولار خلال الأعوام الماضية، لكن بسبب التضخم ارتفعت القيمة في بداية يونيو 2022 إلى ما يقدر بـ400 ألف دولار. 43.5 في المئة نسبة تراجع صفقات الأجانب في أول تسعة أشهر من 2023 بمقارنة سنوية ومع ذلك، تحقق الجهود المبذولة لجذب المستثمرين المحبطين إلى السوق التركية تقدما بطيئا، وفقاً لوثيقة مسربة من بنك أوف أميركا والتي تكشف عن ردود أفعال المستثمرين عقب اجتماعات خاصة عُقدت مع وزير المالية محمد شيمشك في لندن الأسبوع الماضي. وتوجز الوثيقة انطباعات نحو 23 مؤسسة استثمارية، بما في ذلك شركة عالمية تدير أصولا بقيمة 4 تريليونات دولار ومجموعة من صناديق التحوط الأميركية والبريطانية، فضلا عن صندوق ثروة سيادي آسيوي يبلغ حجمه 700 مليار دولار. ووفقا للوثيقة التي أوردتها وكالة بلومبرغ تتعلق تعليقات المستثمرين بالاجتماعات التي أُجريت مع شيمشك مطلع أكتوبر الحالي. والتقى شيمشك، الذي جرى تعيينه في يونيو الماضي لإجراء إصلاح جذري للسياسة الاقتصادية التركية، المستثمرين من جميع أنحاء العالم لمحاولة إقناعهم بإعادة ضخ الأموال في الاقتصاد البالغ حجمه 900 مليار دولار. وبعد أن كانت تركيا يوما ما الوجهة المفضلة في الأسواق الناشئة تجنّبها المستثمرون الأجانب إلى حد كبير بسبب السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي أدت إلى انهيار الليرة والتسبب في تضخم جامح. الخبراء يتوقعون ارتفاع سعر العقارات في السوق التركية سنويا بنسبة قد تبلغ 8 في المئة خلال حتى العام 2027 وفي الوقت الذي ترصد فيه الوثيقة تقدير العديد من المستثمرين لتواصل شيمشك وشفافيته، لكن عددا محدودا منهم قالوا إنهم سيضخون استثمارات. وأشاروا إلى حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد التركي، ومخاوف مستمرة بشأن التحولات السياسية، فضلا عن الشكوك حول ما إذا كان شيمشك وفريقه لديهم الصلاحيات الكافية لأداء هذه المهام الشاقة الضرورية. وترصد الوثيقة انطباعا من شركة بريطانية تدير أصولا بنحو 500 مليار دولار قائلة “في الوقت الذي أعربت فيه عن مشاعر إيجابية إزاء التغييرات في توجهات السياسة النقدية، لكنها لا تزال قلقة من حجم التحدي المقبل”. كما وصفت الوثيقة تعليقاً لصندوق تحوط أميركي يقول “إن احتمال تحول هذه السياسة إلى الاتجاه العكسي هو مصدر قلقهم الأكبر”. وكانت أسعار الفائدة الحقيقية السلبية أكبر مصدر للقلق بالنسبة إلى شركة إدارة صناديق بريطانية تدير أكثر من 50 مليار دولار، في حين أعربت شركة استثمار أخرى عن مخاوفها بشأن التضخم واحتياطيات العملات الأجنبية. ووفقا للوثيقة، قالت شركة تدير صناديق بقيمة تتجاوز 50 مليار دولار إن “المشاكل الهيكلية لا تزال قائمة في تركيا وسيستغرق الأمر وقتا لمعالجتها، ولن يكون ذلك سهلا”. وتوقع صندوق تحوط أميركي أن تضعف العملة، حتى مع إشادته بتراكم الاحتياطيات ومصداقية الوزير وشفافيته. ومنذ إعادة انتخاب أردوغان في مايو الماضي، أدار شيمشك عملية التحول إلى السياسية الاقتصادية التقليدية عبر إنهاء الاعتماد على أسلوب خفض أسعار الفائدة الذي يفضله أردوغان والتخلي عن الاعتقاد غير التقليدي بأن ذلك سيؤدي إلى انحسار التضخم. وبدأ البنك المركزي التركي دورة تشديد في يونيو، ورفع الفائدة إلى 30 في المئة من 8.5 في المئة منذ ذلك الحين رغم أنه لا يزال أقل بكثير من مستوى التضخم الذي وصل إلى 62 في المئة خلال سبتمبر الماضي.


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة