#
  • فريق ماسة
  • 2023-05-18
  • 4419

متغيرات نظام النقد العالمي وأثرها على الاقتصاد السوري

هل لا يزال الدولار يقوم بالوظيفة التي أنشأ من أجلها؟ بعد أن بات واضحاً أنه خلال العشر سنوات الماضية قد تغيير الأمر، حيث أن حصة الدولار من الاحتياطات الدولية قد انخفضت إلى 47% خلال عام 2022، كما أن الديون الأمريكية تبلغ 31.5 تريلون دولار وهي تعادل 131% من الناتج الأمريكي البالغ 24 تريلون دولار.   هذا التساؤل طرح ضمن الندوة الحوارية التي أقامتها كلية الاقتصاد بدمشق يوم أمس تحت عنوان (تحولات النظام النقدي العالمي وأثرها في الاقتصاد السوري). مؤشرات عالمية   الدكتور عدنان سليمان أوضح بأن بتصريحه لصحيفة سينسيريا أن هناك مؤشرات عالمية يمكن الاستدلال بها للنقاش في دور الدولار الأميركي عالمياً، ومنها توجه البنوك المركزية العالمية لشراء الذهب ليكون بديلاً عن الدولار، حيث زادت مشتريات الذهب بنسبة 28% منذ العام 1967، وقد اشترى البنك المركزي الروسي خلال عام واحد 31 طن من الذهب، والصين 130 طن ليصبح احتياطي الذهب لديها 2068 طن.   كما يمكن ملاحظة بداية الانتقال من نظام الإكراه النقدي العمودي للدولار إلى نظام تعدد وسائل الدفع الأفقي فأصبح هناك دفع بعملات عالمية متعددة مع ظهور مجموعات ومنظمات دولية مثل بريكس وشنغهاي وآسيان، وتم إنشاء بنك التنمية برأسمال 100 مليار دولار، لمنح قروض للدول النامية لزيادة التنمية لديها وايقاف استغلال البنك الدولي للحكومات والدول الفقيرة.   وأخر المؤشرات العالمية دفع ثمن الغاز الروبل بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، وقيام دول مثل الإمارات وفنزويلا والأرجنتين بتسديد ثمن مشترياتها باليوان، وانهيار معادلة البترودولار.   ولكن أن فكرة انهيار الدولار تحتاج ما بين 25 إلى 50 عاماً وذلك وفق أحدث الدراسات العالمية، وذلك في ظل عدم وجود اتفاق عالمي على عملة واحدة بديلة، بحسب دكتور سليمان.   وحول أثر هذه المتغيرات على الاقتصاد السوري يرى الدكتور عدنان سليمان بأن الاقتصاد السوري يحتاج إلى انفتاح سياسي واقتصادي للتحرر من ضغط الدولار في الاحتياطي والتبادل الدولي، ويجب أن يتم تنويع سلة العملات بالتبادل التجاري وإدخال الروبل واليوان، وتقليص دور اليورو والدولار، والبحث عن إمكانية عقد شراكات استراتيجية تجارية نقدية مع دول البريكس وشنغهاي والانضمام لها بصفة مراقب أو شريك حوار. المتغيرات العالمية   بدوره بيّن الدكتور علي كنعان أن النظام النقدي الدولي أحد اهم أركان العولمة الاقتصادية التي تقوم على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ونشأ هذا النظام في عام 1944باتفاق بريتون ودز، وقد ساعد على استقرار أسعار صرف العملات العالمية وازدياد حجم التبادل التجاري العالمي.   مشيراً إلى المتغيرات في نظام النقد العالمي بدأت منذ عام 1971 عند بدء مرحلة التعويم وحصول الفوضى النقدية بعد انفصال العلاقة بين الدولار والذهب، وتوالت الأزمات العالمية بعدها وصولاً إلى عام 2008 وما عرف بأزمة الرهن العقاري وهبوط المؤشرات إلى حدود 40% ما أدى لإفلاس 176 مصرف في الولايات المتحدة الأميركية، وإفلاس الشركات الصناعية وظهور التحول الصناعي من أوروبا وأميركا إلى الصين وشرق آسيا.   ويعد ظهور قوة الاقتصاد الصيني مؤشراً هاماً على التغيرات في نظام النقد العالمي، حيث وصل الناتج الصيني إلى 14.5 تريليون دولار وشكل 17% من الاقتصاد العالمي الذي بلغ آنذاك 84 تريليون دولار. احتكار القلة   وهنا يؤكد الدكتور علي كنعان بحديثه لصحيفة سينسيريا بإن الاقتصاد السوري عانى من أزمة مركبة بدأت منذ العام 2011 وتضاعفت بعد أزمة الزلزال الذي ضرب البلد مؤخراً، ولكن بالرغم من هذه الأزمات إلى أن الاقتصاد السوري قادر على معالجة جزء من مشاكله، خاصة أن قانون قيصر الأميركي لم يشمل جميع السلع وكل الخدمات وإنما شمل سلع محددة.   وبالتالي تستطيع الحكومة من خلال إجراءاتها وسياستها أن تخفف المعاناة من السماح لجميع المستوردين وخاصة التجار الحقيقي باستيراد السلع، والحد من احتكار القلة الذين يحتكرون استيراد بعض السلع، ما أوصلنا لارتفاع الأسعار ثلاثة أضعاف عن سعرها العالمي.   موضحاً بإن هذا الأمر لن يؤثر على قيمة العملة الوطنية، لأن من يستورد سيبيع بالعملة المحلية، ويعيد تحويلها للدولار لإعادة الاستيراد مرة ثانية، ولذلك يجب السماح للتجار بالاستيراد بدون تدخل المصرف المركزي، وأن يتم التحويل بتسهيلات ائتمانية من الخارج. التركيز على الصناعة   كما يجب إلغاء قرارات المعاقبة على التعامل بالدولار، ما يسمح بدخول دولار ومدخرات جديدة من خارج سورية، ويسمح للمدخرات الدولارية الموجودة بالداخل أن تدخل بالتعامل الرسمي للشبكات المصرفية الرسمية ما سيؤدي إلى دعم قيمة العملة السورية، وهذا أفضل من قوانين العقاب والحظر والمنع.   وأشار دكتور كنعان إلى أهمية أن تقوم الحكومة بتوفير حوامل الطاقة لمساعدة الصناعة على الانطلاق والخروج من النفق، وهي لوحدها ستدعم القطاعين التجاري والزراعي وتحركهما.   معقباً في ختام حديثه بأننا غير مضطرين للاهتمام بمتغيرات سعر الصرف اليومية، والأهم أن نركز اهتمامنا على دعم الصناعة لكي تساند الزراعة بأن تأخذ المواد الأولية منها وتنشط التجارة ومنتجاتها وتشغل العمالة وتزيد القطع الأجنبي وتدعم عملية التصدير. وهو ما يسمى بالاقتصاد ترابطات أمامية وخلفية.


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة