#
  • فريق ماسة
  • 2021-12-12
  • 9013

التعليم العالي تنفي خروجها من دائرة التصنيف العالمي وتصف ما يشاع بأنه غير صحيح

  كالنار في الهشيم انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً رسم بياني قيل إنه صادر عن وكالة المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» يشير إلى خروج الجامعات السورية من دائرة التصنيف العالمي لجودة التعليم عالمياً وعالمياً لعام 2021. اللافت بالأمر أن المواقع المذكورة نشرت التقرير وبنت عليه آلاف التعليقات والشائعات التي بدت أشبه بنعي جماعي للجامعات السورية ومن فيها, من دون أن تكترث برد المنتدى ذاته (دافوس) الذي دحض الخبر بعد أيام قليلة على انتشاره, وذلك حسب تقرير نشرته وكالة (فرانس برس) يؤكد أن المنتدى المذكور لم يصدر تقريره لهذا العام, وأن الرسم البياني المتداول مغلوط وقديم، ويعود لعام 2017 وأعيد استخدامه ليبدو أنّه حديث. نفي المنتدى للخبر رسمياً يزيل عن كاهل الجامعات السورية عبء نفيه مرة أخرى, لكنه يطرح أسئلة أهم: ما موقع الجامعات السورية عالمياً وعربياً، وهل تشتغل على هذا الموضوع أصلاً؟   تصنيف خارج السرب! الدكتور حسام عيسى عبد الرحمن مدير الجودة والاعتماد في وزارة التعليم العالي قال لـ “تشرين” إنه حتى لو كان الخبر صحيحاً فإن “دافوس” أساساً منتدى اقتصادي غير مختص بتصنيف الجامعات، وفي كل سنة يثير مؤشره جدلاً واسعاً، إذ يغربل الجامعات فيستبعد بعضها ويُبقي الآخر، معتمداً على البيانات المتوافرة لديه فقط عن تلك الجامعات، والتي لا يمتلك معلومات عنها تخرج من تصنيفه، ناهيك باعتماده معاييره تصنيف اقتصادية وليست علمية كالتي تأخذ بالحسبان جودة التعليم والبحث العلمي وحجم المؤسسة وعراقتها وسمعتها وتأثير البحث العلمي في الصناعة والتبادل الدولي للطلاب والأساتذة ونسبة أعداد الطلاب إلى الأستاذة والبنى التحتية للمؤسسات التعليمية، وصولاً إلى خدمة التعليم للمجتمع وغيرها من المعايير الجديرة بتقييم جودة التعليم العالي. “دافوس” أو غيره، فإن مسألة التصنيف يشوبها الكثير من الجدل، فهناك أكثر من 40 مؤسسة تصنف الجامعات في العالم منها ( كيواس – شنغهاي – تايمز وغيرها ) وكل منها يصدر تقريراً مختلفاً عن الآخر ويعتمد معاييره الخاصة، هذا ما يكشف عدم وجود مرجعية موحدة لمعايير التصنيف في العالم . هذا نستشفه من حديث د. عبد الرحمن الذي أضاف أن كل مؤسسات التصنيف الشائعة تصنف حوالي 2000 مؤسسة جامعية كحد أقصى، باستثناء منصة “ويبوميتركس” المؤسسة الوحيدة التي تصنف كل جامعات العالم والبالغ عددها 30 ألف جامعة، يتم تصنيفها بناء على الموقع الإلكتروني للجامعة من جهة، ومؤشرات وصول البحث العلمي من جهة أخرى، لكن تلك المنصة تعتمد في جمع بياناتها على “سيماغو” (منصة تصنيف أخرى)، والأخيرة تعتمد على “سكوبس” (مؤسسة تصنيف لمجلات البحث العلمي)، وبالتالي كلما زادت مساحة النشر ارتفع مستوى التصنيف. ماذا عنا؟ الجامعات السورية حسب – د. عبد الرحمن – مصنفة مثلاً وفق منصة “ويبوميتريكس” في آخر تحديث له لعام 2021 فجاءت دمشق بترتيب (3171) على مستوى العالم، في حين حلت جامعة تشرين بالمركز (4331) ثم جامعة حلب (4750)، فجامعة البعث التي تحسن تصنيفها ليصل (5933) تأتي جامعة حماة (11589) ثم الفرات (16915) فطرطوس (17830)، بينما كان ترتيب جامعة دمشق على موقع (كيو إس) لتصنيف الجامعات (1001) لعام 2021 على مستوى العالم. غير عادل تلك الأرقام تخرج الجامعات السورية من دائرة النخبة، لكن ثمة تفاصيل يكشف عنها د .عبد الرحمن تؤكد أن آلية التصنيف المتبعة غير عادلة ولا تعبّر عن الواقع، ففي جامعة دمشق يوجد أكثر من 1400 عضو هيئة تعليمية، وأي عضو منهم غير مسجل على “غوغل” لا يحتسب استشهاده العلمي في آلية التصنيف المتبعة، إضافة إلى عدم اعتماد التصنيف على الإمكانية المادية المتفاوتة للجامعات الذي يضعهم في الخانة نفسها ، فهل يمكن مقارنة ميزانية جامعة دمشق التي لا تتعدى مئات الملايين بجامعات النخبة مثل (اكسفورد) التي تتجاوز ميزانتها الـ 41 مليون دولار؟ التباين الشاسع يجعل التصنيف غير منطقي وغير عادل. الركب العالمي في المقابل هل يمكن إغفال مسألة التصنيف العالمي للجامعات وعدم الاكتراث لمؤشراتها لمجرد عدم اتباعها آلية منصفة؟ يجيب د. عبد الرحمن: علينا الاهتمام بالموقع الإلكتروني للجامعة واعتماد ولوجه باللغة الإنكليزية والفرنسية، إضافة إلى تحديث المحتوى وإتاحة مشاركته بروابط وافدة، وحسب عدد الروابط يمكن تصنيف الجامعة بناء على الموقع الإلكتروني، وذلك ينطبق على مسألة الاستشهاد والأبحاث. وعن الاتجاه العالمي للنشر، بيّن د . عبد الرحمن أن وزارة التعليم العالي أصدرت قراراً يحدد معايير النشر في المجلات المحتمة للتقييم العالمي، بهدف رفع مستوى تصنيف الجامعات السورية، وتم اصطفاء 67 مجلة من أصل 1200 تنطبق عليهم معايير النشر العالمي، وبالتالي إتاحة الفرصة للأبحاث العلمية السورية للوصول إلى العالم وامتلاك عامل التأثير. إضافة إلى ذلك، فإن وزارة التعليم قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاقية مع “ويبيسكو” (قاعدة نشر عالمية أمريكية خاصة)، تشترك فيها 118 ألف مكتبة في العالم، بحيث تنشر القاعدة الأبحاث العلمية السورية مقابل ولوج مجاني إلى قاعدة بياناتها، وسيتم توقيعها قريباً – حسب د . عبد الرحمن -, وبالتالي أي نشر لجامعة دمشق يمكن أن يكون عالمياً بمجرد ولوجه وتحقيق عامل التأثير والاستشهاد العلمي، ما يرفع مؤشر التصنيف العالمي للجامعات السورية مستقبلاً. تصنيف وطني أما فيما يتعلق بمعايير الجودة التي تعمل عليها مديرية الجودة والاعتماد في وزارة التعليم العالي، فقد أصدرت مؤخراً قراراً من مجلس التعليم العالي يعتمد مؤشرات لتقييم الجامعات السورية أهمها: (القيادة والتنظيم الإداري – الموارد – أعضاء هيئة التعليم – شؤون الطلبة – البرامج الأكاديمية – البحث العلمي – خدمة المجتمع), تبعَ هذا القرار إصدار قرار من مجلس التعليم لتصنيف الجامعات السورية الخاصة والحكومية وطنياً، لأن الهدف هو الارتقاء بجودة التعليم فعلياً وبما يراعي السياق الاجتماعي الوطني والتنمية بأشكالها، في حين أن مؤسسات التصنيف العالمية أهدافها ترويجية وتجارية وربحية وتضع الجامعات الغنية مع الفقيرة والناشئة في سلة واحدة.  

المصدر : صحيفة تشرين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة