حوّل التيار الإسلامي في مصر، أمس، «جمعة وحدة الصف» إلى استعراض لقوته، حيث نجح في حشد أنصاره في ميدان التحرير مطلقاً العنان لشعارات تدعو لتطبيق الشريعة والتأكيد على الهوية الإسلامية لمصر، ما دفع بالعديد من القوى الليبرالية واليسارية إلى الانسحاب من التظاهرة احتجاجاً على محاولات «خطف الثورة»، قبل أن يعيدوا تنظيم صفوفهم مساءً في إطار اعتصامهم المستمر في ميدان التحرير منذ الثامن من تموز الحالي.

وفيما مرّت تظاهرة أمس بسلام في ميدان التحرير، حيث لم يسجل سوى بعض المناوشات الكلامية بين الليبراليين والإسلاميين، فإن الأمر لم يكن كذلك في العريش، حيث قتل شخصان وأصيب آخرون في هجوم شنه مسلحون يحملون رايات سوداء على مركز للشرطة في المدينة.

وتجمع عشرات الآلاف في ميدان التحرير، حيث هيمنت الجماعات الإسلامية على التظاهرة التي كان من المفترض أن تعبر عن الوحدة خلال فترة انتقالية هشة. وكان من المقرر أن يبدأ التجمع رسميا بعد صلاة الجمعة غير أن الآلاف تدفقوا بالفعل إلى الميدان ليل أول من أمس. وبحلول الصباح، تعالت الصيحات في الميدان مطالبة بـ«دولة إسلامية».

وكانت جماعة «الإخوان المسلمين»، نسقت مع الجماعات السفلية، ما أثار مخاوف من توترات مع القوى المطالبة بدولة مدنية. ولكن بعد يومين من الاجتماعات اتفقت الجماعات المدنية والإسلامية على تنحية خلافاتها، والتركيز على الأهداف المشتركة لإنقاذ الثورة.

وعلى منصات نصبت في الميدان ألقى متحدثون كلمات دعت للوحدة والشراكة في الوطن، غير أن حشوداً تجمعت في الحر القائظ دعت لـ«تطبيق شرع الله». وفي علامة على التوتر هرع مئات المتظاهرين خارج الميدان صارخين، خصوصاً بعدما وقع تلاسن بين عدد من شباب الثورة ومؤيدي التيار السلفي، ما أحدث فزعا وقتيا، غير أنهم عادوا لاحقا من دون أن يحدث شيء. وقال أحد المتظاهرين «لا تخافوا... الناس كانوا يكبرون فحسب»، مشيراً إلى أن حمية التكبير ربما أثارت خوف الناس إذ اعتقدوا ان أمرا ليس على ما يرام ربما حدث.

وغلبت الهتافات الإسلامية على ميدان التحرير مثل «لا إله إلا الله» و«إسلامية إسلامية مصر حتفضل إسلامية»، و«مهما تلف ومهما تدور القرآن هو الدستور»، و«ارفع رأسك فوق انت مسلم»... لكن بضعة شبان طافوا في الميدان لنحو نصف ساعة مرددين هتافا يقول «مدنية مدنية» وتبعهم مئات الإسلاميين مرددين هتاف «إسلامية إسلامية».

وخطب قس من منصة لـ«الإخوان المسلمين» مطالبا بأن تكون «مصر دولة مصرية مصرية» لكن مستمعيه ردوا عليه بهتاف «إسلامية إسلامية».

وقال سامي علي (23 عاما) خلال مشاركته في التظاهرة في التحرير «هناك ذقون كثيرة جدا... نشعر بأننا مغلوبون على أمرنا»، مشيراً إلى أن السلفيين حاولوا الفصل بين المعتصمين والمعتصمات في الخيام.

وانسحب أكثر من 30 حزباً وحركة سياسية من التجمع. وأشارت هذه القوى في بيان إلى أن الإسلاميين والجماعات الأخرى اتفقوا على مطالب اليوم لإحباط محاولات المجلس العسكري الحاكم لتقسيم الثوار وتشويه صورتهم. ولكن الجماعات قالت إن بعض التيارات الإسلامية انتهكت هذا الاتفاق.

وأضاف البيان أن «المعتصمين في ميدان التحرير يؤكدون أن معركة استكمال الثورة مصيرية وحاسمة مهما كلف ذلك من تضحيات، وأن دماء شهداء الثورة الأبرار ترفض كل الصفقات التي تعقدها قوى قررت أن مصالحها المباشرة والأنانية أهم من استكمال مسيرة الثورة».

وفي مدينة الإسكندرية الساحلية تجمع بضع آلاف من الإسلاميين ومئات من النشطاء قريبا منهم أمام مسجد القائد إبراهيم. وهتف النشطاء «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«يا حرية فينك فينك حكم العسكر بينا وبينك»، و«يسقط يسقط المشير» في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لكن الإسلاميين اكتفوا برفع لافتات تقول إحداها «لا توجد نصوص فوق دستورية إلا القرآن والسنة».

وانسحب النشطاء وبينهم حزبيون من التظاهرات في مدينة السويس شرقي القاهرة بسبب الشعارات الإسلامية البحتة التي رددها السلفيون ومنها «اقرأ اقرأ في القرآن مصر بإذن الله في أمان»، و«لا إله إلا الله إسلامية إن شاء الله»، و«الشعب يريد تطبيق شرع الله». كما رفع السلفيون لافتة كتب عليها «جيش مصر الأبي نقبل أياديكم التي شدت على أيادينا ساعة العسرة. نقبل جباهكم التي أضاءت لنا طريق العزة».

وفي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في دلتا النيل شارك مئات الإسلاميين ومئات الناشطين في تظاهرتين ردد المشاركون فيهما هتافات متعارضة.

وفي مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، قال شهود عيان إن نحو 150 مسلحا ملثما نظموا تظاهرة في المدينة أطلقوا خلالها النار في الهواء، وأن فتى عمره 12 عاما أصيب ونقل إلى المستشفى للعلاج. وقال شاهد إنهم وصلوا إلى ميدان الرفاعي في المدينة في عشر سيارات «لاندكروزر» ونحو مئة دراجة نارية. وأضاف أن ظهورهم أثار رعب المارة خاصة أنهم فتشوا بعض السكان.

ولاحقاً أعلن مصدر أمني أن شخصين قتلا وأصيب 12 آخرون، بينهم ضباط وأفراد من قوات الأمن المركزي، في هجوم مسلح شنه مجهولون يرفعون أعلاما سوداء كتب عليها شعارات إسلامية، على مركز للشرطة في مدينة العريش.

وفي وقت سابق قام ملثمون بتهشيم تمثال للرئيس أنور السادات الذي اغتاله اسلاميون متطرفون العام 1981.

  • فريق ماسة
  • 2011-07-29
  • 11717
  • من الأرشيف

هتافات «إسلامية إسلامية» تفرّق «جمعة الوحدة» في مصر

حوّل التيار الإسلامي في مصر، أمس، «جمعة وحدة الصف» إلى استعراض لقوته، حيث نجح في حشد أنصاره في ميدان التحرير مطلقاً العنان لشعارات تدعو لتطبيق الشريعة والتأكيد على الهوية الإسلامية لمصر، ما دفع بالعديد من القوى الليبرالية واليسارية إلى الانسحاب من التظاهرة احتجاجاً على محاولات «خطف الثورة»، قبل أن يعيدوا تنظيم صفوفهم مساءً في إطار اعتصامهم المستمر في ميدان التحرير منذ الثامن من تموز الحالي. وفيما مرّت تظاهرة أمس بسلام في ميدان التحرير، حيث لم يسجل سوى بعض المناوشات الكلامية بين الليبراليين والإسلاميين، فإن الأمر لم يكن كذلك في العريش، حيث قتل شخصان وأصيب آخرون في هجوم شنه مسلحون يحملون رايات سوداء على مركز للشرطة في المدينة. وتجمع عشرات الآلاف في ميدان التحرير، حيث هيمنت الجماعات الإسلامية على التظاهرة التي كان من المفترض أن تعبر عن الوحدة خلال فترة انتقالية هشة. وكان من المقرر أن يبدأ التجمع رسميا بعد صلاة الجمعة غير أن الآلاف تدفقوا بالفعل إلى الميدان ليل أول من أمس. وبحلول الصباح، تعالت الصيحات في الميدان مطالبة بـ«دولة إسلامية». وكانت جماعة «الإخوان المسلمين»، نسقت مع الجماعات السفلية، ما أثار مخاوف من توترات مع القوى المطالبة بدولة مدنية. ولكن بعد يومين من الاجتماعات اتفقت الجماعات المدنية والإسلامية على تنحية خلافاتها، والتركيز على الأهداف المشتركة لإنقاذ الثورة. وعلى منصات نصبت في الميدان ألقى متحدثون كلمات دعت للوحدة والشراكة في الوطن، غير أن حشوداً تجمعت في الحر القائظ دعت لـ«تطبيق شرع الله». وفي علامة على التوتر هرع مئات المتظاهرين خارج الميدان صارخين، خصوصاً بعدما وقع تلاسن بين عدد من شباب الثورة ومؤيدي التيار السلفي، ما أحدث فزعا وقتيا، غير أنهم عادوا لاحقا من دون أن يحدث شيء. وقال أحد المتظاهرين «لا تخافوا... الناس كانوا يكبرون فحسب»، مشيراً إلى أن حمية التكبير ربما أثارت خوف الناس إذ اعتقدوا ان أمرا ليس على ما يرام ربما حدث. وغلبت الهتافات الإسلامية على ميدان التحرير مثل «لا إله إلا الله» و«إسلامية إسلامية مصر حتفضل إسلامية»، و«مهما تلف ومهما تدور القرآن هو الدستور»، و«ارفع رأسك فوق انت مسلم»... لكن بضعة شبان طافوا في الميدان لنحو نصف ساعة مرددين هتافا يقول «مدنية مدنية» وتبعهم مئات الإسلاميين مرددين هتاف «إسلامية إسلامية». وخطب قس من منصة لـ«الإخوان المسلمين» مطالبا بأن تكون «مصر دولة مصرية مصرية» لكن مستمعيه ردوا عليه بهتاف «إسلامية إسلامية». وقال سامي علي (23 عاما) خلال مشاركته في التظاهرة في التحرير «هناك ذقون كثيرة جدا... نشعر بأننا مغلوبون على أمرنا»، مشيراً إلى أن السلفيين حاولوا الفصل بين المعتصمين والمعتصمات في الخيام. وانسحب أكثر من 30 حزباً وحركة سياسية من التجمع. وأشارت هذه القوى في بيان إلى أن الإسلاميين والجماعات الأخرى اتفقوا على مطالب اليوم لإحباط محاولات المجلس العسكري الحاكم لتقسيم الثوار وتشويه صورتهم. ولكن الجماعات قالت إن بعض التيارات الإسلامية انتهكت هذا الاتفاق. وأضاف البيان أن «المعتصمين في ميدان التحرير يؤكدون أن معركة استكمال الثورة مصيرية وحاسمة مهما كلف ذلك من تضحيات، وأن دماء شهداء الثورة الأبرار ترفض كل الصفقات التي تعقدها قوى قررت أن مصالحها المباشرة والأنانية أهم من استكمال مسيرة الثورة». وفي مدينة الإسكندرية الساحلية تجمع بضع آلاف من الإسلاميين ومئات من النشطاء قريبا منهم أمام مسجد القائد إبراهيم. وهتف النشطاء «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«يا حرية فينك فينك حكم العسكر بينا وبينك»، و«يسقط يسقط المشير» في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لكن الإسلاميين اكتفوا برفع لافتات تقول إحداها «لا توجد نصوص فوق دستورية إلا القرآن والسنة». وانسحب النشطاء وبينهم حزبيون من التظاهرات في مدينة السويس شرقي القاهرة بسبب الشعارات الإسلامية البحتة التي رددها السلفيون ومنها «اقرأ اقرأ في القرآن مصر بإذن الله في أمان»، و«لا إله إلا الله إسلامية إن شاء الله»، و«الشعب يريد تطبيق شرع الله». كما رفع السلفيون لافتة كتب عليها «جيش مصر الأبي نقبل أياديكم التي شدت على أيادينا ساعة العسرة. نقبل جباهكم التي أضاءت لنا طريق العزة». وفي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في دلتا النيل شارك مئات الإسلاميين ومئات الناشطين في تظاهرتين ردد المشاركون فيهما هتافات متعارضة. وفي مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، قال شهود عيان إن نحو 150 مسلحا ملثما نظموا تظاهرة في المدينة أطلقوا خلالها النار في الهواء، وأن فتى عمره 12 عاما أصيب ونقل إلى المستشفى للعلاج. وقال شاهد إنهم وصلوا إلى ميدان الرفاعي في المدينة في عشر سيارات «لاندكروزر» ونحو مئة دراجة نارية. وأضاف أن ظهورهم أثار رعب المارة خاصة أنهم فتشوا بعض السكان. ولاحقاً أعلن مصدر أمني أن شخصين قتلا وأصيب 12 آخرون، بينهم ضباط وأفراد من قوات الأمن المركزي، في هجوم مسلح شنه مجهولون يرفعون أعلاما سوداء كتب عليها شعارات إسلامية، على مركز للشرطة في مدينة العريش. وفي وقت سابق قام ملثمون بتهشيم تمثال للرئيس أنور السادات الذي اغتاله اسلاميون متطرفون العام 1981.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة