نشرت صحيفة الثورة السورية دراسة عن أدوية التنحيف جارء فيها: حديث النسوة إذا اجتمعن في جلسة منزلية، أو مكان عمل، مدرسة أو مؤسسة لايخلو من الحديث عن الموضة وآخر التقاليع التي تنتشر في مجتمعاتنا ولعل أبرزها أدوية (التنحيف) ومناقشة الجيد منها والرديء إلا أن هذه الظاهرة تعدت النسوة لتشمل شريحة أكبر في المجتمع ولاسيما فئة الشباب ذكوراً أم إناثاً.

 «الثورة» استطلعت بعض الآراء بهدف التعرف على أسباب الإقدام على تناول هذه الأدوية، حيث عزت فئة كبرى السبب إلى ضخامة الحملات الإعلانية المروجة بصورها الخادعة وكلماتها المراوغة لتقودهم إلى استهلاك ما لا حاجة لهم به.‏

 السيدة (مريم، ع) رأت أنها تنتهي مع توقف تناول الحبوب أو بسبب ظهور آثار سلبية من جراء تناولها لتلك الأدوية لعل أبرزها تلاعب في ضغط الدم أو الرجفان بسبب نقص السوائل في الجسم مع جفاف دائم في الحلق وباعتبار أن هذه الأدوية طالت فئة الشباب ارتأينا أن نسأل أحد الشبان عن سبب اللجوء إليها فقال معاذ يوسف: ما دفعني إلى ذلك هو الحرج الذي أشعر به بين أصدقائي وكنت متخوفاً بداية، لاسيما عندما أسمع عن آثاره الجانبية أو أقرأه في النشرات المرفقة للدواء، لكنني أعود لاستخدامه وتحمل كل سلبياته ونفقاته الباهظة مقابل الحصول على جسم متناسق لمواكبة الموضة.‏

 لكن يبقى النصيب الأكبر للفتيات مراهقات وراشدات في شراء هذه الأدوية... فتعجب إحداهن مثلاً بفاعلية هذا الدواء فتنصح الأخريات المقربات منها به وتلك النصيحة أصبحت المروج الأكبر لبعض المنتجات, وهذا ما حدث مع أميمة العلمي حيث تحدثت عن تجربتها قائلة: استخدمت حبوباً من إنتاج شركة وطنية محلية بسبب نصيحة صديقتي حول نوع أجنبي تحولت إليه.. وبداية شعرت بهذا الفرق في جسمي ولكن عندما راودتني الشكوك حول الآثار الجانبية للدواء الأجنبي توقفت عن تناوله وسرعان ما عاد جسمي إلى طبيعته الأولى.‏

 وفي جولتنا على الصيدليات أشار العديد منهم إلى أن هناك نوعين من الأدوية المستخدمة في الأسواق منها ما هو معتمد على منع الشهية والشيء الآخر المطلوب ويتداوله الكثير من الناس الذي يقوم بمنع امتصاص الدهون والدسم، كما أشاروا أيضاً أيضل إلى أن هناك العديد من الخلطات العشبية التي يطلبها الناس وخاصة الخلطات المنحفة، لكون هذه العلة أصبحت مرض العصر وتأثيرها أقل من الأدوية والعقاقير، وتحديداً من قبل الفتيات بداعي الرشاقة التي تعمل على إزالة الشحوم وبالتالي إعطاء الجسم رونقه الجمالي وهنا وجهت الدكتورة الصيدلانية رولا عويص نصيحة للذين يستخدمون حبوب التنحيف ألا يستعملوها دون وصفة طبية والابتعاد قدر الإمكان عن الأدوية غير الخاضعة للرقابة.‏

 بينما أشار الأطباء إلى أن البدانة هي عامل مؤهب كبير لكثير من الأمراض ومن الطبيعي أن يلجأ من يعاني البدانة إلى أدوية التنحيف والأعشاب وغيرها والجميع سيخوض التجربة وخاصة من لديهم هوس بهذه الأمور، فقد يكون لبعض هذه الأدوية مفعول بسيط وغالباً ما يكون لها أضرار وسلبيات، فكل من جرب هذه الأدوية لم يكن قادراً على إكمالها بسبب هبوط بالضغط، وتسارع بالنبض، ومنها قد يسبب ارتفاعاً بالضغط إضافةً إلى أن بعضها يسبب نقصاً في فيتامينات الجسم ولكن في العموم أي «ريجيم» يتبعه المريض سيخفف قليلاً من وزنه نتيجة خسارته للماء الموجود في الجسم، لاخسارته للدهون.‏

 وأثناء جولتنا في الأسواق ومروراً بالعطارين أصحاب الخلطات العشبية لاحظنا هناك فورة ملحوظة من قبل الناس وإقبالهم بشكل لافت على الوصفات الشعبية ذات المنشأ العشبي وهذا ما أشار إليه العطارون، حيث قال أحدهم: الفرق بين التداوي بالأعشاب والتداوي بالعقاقير الطبية يكمن في أن العشبة ليست لها آثار جانبية أو اختلاطات، فهي شاملة لا تترك أي ضرر، أما الأدوية الطبية فتترك آثاراً جانبية أو لنقل أنها سلاح ذو حدين تصلح من جهة وتفسد من جهة أخرى.‏

 وبعد استطلاعنا لتجارب البعض ورأي الأطباء والعطارين ورغبة لمعرفة حقيقة تأثير أدوية الريجيم المرخصة وقوية التأثير والأدوية المتداولة ذات الخطورة المضاعفة غير معروفة التركيب لاسيما الأعشاب أيضاً توجهنا إلى الدكتور فارس الشعار نقيب صيادلة سورية.‏

 الدكتور الشعار قال: بالنسبة لأدوية الريجيم فقد درجت في مجتمعاتنا ثقافة الجسم النحيل والاستعداد لأخذ أي دواء رغم آثاره الجانبية لمجرد أنه نال الثناء من الآخرين وبالتالي ينعكس على تقدير ذاته بأنه محبوب ومقبول اجتماعياً لهم، أما علمياً فتؤكد الدراسات أنه يتوجب علينا أن نخفض أوزاننا بما لا يزيد عن 5 كيلو غرامات سنوياً وبالتالي على مدار عدة أعوام من الممكن أن نحصل على الوزن المثالي المطلوب.‏

 أما الأدوية والخلطات العشبية النباتية المنحفة فلها تأثيرات سلبية وغير معروفة التركيب التي يباع بعضها تحت أسماء تجارية تؤثر على الكلى والقلب والأمعاء والمعدة والذاكرة أيضاً ونصح الشعار بعدم تناول هذه الأدوية إلا من خلال وصفة الطبيب المعالج لأنه ثبت من خلال تحليل بعضها أنها تحوي على مواد كيماوية مضرة ومزورة ومن خلال تعاوننا مع وزارة الصحة واتحاد الصيادلة العرب قررنا عدم بث أي دعايات أو إعلانات بشأن الدواء ما لم تكن مرخصة.‏

 وما يمكن قوله بهذا الاتجاه أيضاً: إن التنحيف لا يتم إلا عن طريق الرياضة والتخفيف من المواد الدسمة والتقيد بمعلومات الطبيب، فالحذر ثم الحذر من الأدوية المنحفة من دون إشراف طبي.‏

 الدكتورة رجوة جبيلي معاون وزير الصحة لشؤون الصيدلة قالت: لايوجد أيُّ دواء للتنحيف من دون آثار جانبية وأسلم الأدوية وأخفها تأثيراً هي الأدوية التي يكون تأثيرها مليناً للأمعاء وحتى عملية التلين يجب ألا تؤخذ لفترات طويلة، ففي هذه الحالة تفقد الأمعاء وظيفتها الطبيعية وبالتالي الأدوية التي تحوي على خواص ملينة أو مسهلة لا تحافظ على بقاء الطعام بالأمعاء الفترة الكافية لها، وخاصة إذا كان هناك فيتامينات والفيتامينات بحاجة دسم لتمتص، فعندما تمشي بسرعة يكون امتصاص الدسم والفيتامينات قليلاًَ.‏

 والعنوان العريض أقوله للناس والكلام للدكتورة جبيلي- إن الريجيم هو تخفيف طعام وتوازن غذائي وشيء من التمارين الرياضية ونحن في الوزارة لدينا الكثير من الأدوية المرخصة وتحتاج لمتابعة طبية أثناء تناولها ويوجد نحو 13 صنفاً تجارياً منها ولكن من بين المئات من الخلطات والوصفات والأدوية المطروحة للتداول إعلامياً وعلى المستوى الشعبي لم تثبت سوى اعتمادية وفائدة زمرتين زمرة السيبوترامين هيدروكلوريد مونوهيدرات والتي تتداخل بتحولات السيروتونين (وسيط عصبي) في الجملة العصبية مايؤثر على مراكز الشبع العصبية فيجعل المريض غير ميال لتناول الطعام. وزمرة الأورليستات وتقوم على تثبيط أنزيم الليباز المعثكلي واللعابي المسؤول عن تحلل الدسم قبل هضمها، مما ينقص من امتصاص الدسم المتناولة بمقدار 20 – 30 %، لكن لا يمكن تناوله أكثر من سنتين ولايفيد المرضى المحبين للحلويات والمعجنات، حيث لا يتداخل بامتصاص السكريات.‏

 ولاتزال الأخيرة تعتمد في سورية ويسمح بتداولها لكن بوصفة طبية وآلية تأثيرها (ملين والمساعدة على طرح المواد الدسمة) أما آثارها الجانبية فهي تخفيض امتصاص الفيتامينات وهناك أيضاً أدوية نباتية تطرح بالأسواق كمستحضرات طبية نباتية وعشبية وعندما عرفنا بعدم تسجيلها قمنا بدراستها وتحليلها واكتشفنا بأن لها عوارض وآثاراً سيئة جداً وهي بعكس الادعاء بأنها لا تحوي مواد كيماوية فاضطررنا لسحبها وعدم تداولها.‏

 وعن كيفية مراقبة هذه الأدوية قالت معاون وزير الصحة: نقوم بالتنسيق مع مديرية الرقابة الدوائية بسحب أي مستحضر طبيعي نشك فيه وخاصة إذا كانت له إعلانات واسعة ويدخل في تركيبه مواد كيماوية وحتى مستحضر أورليستات نعطيه بحذر ونقبل به كما قلت، لكن لابد أن يؤخذ بوصفة طبية والخطر في الموضوع أن أدوية الريجيم تتهافت الناس على أخذها بطريقة عشوائية وبدورنا نؤكد على الوصفة الطبية والخلطات العشبية الآمنة والسليمة منها.‏

 وفي ردها على سؤال حول الذين استخدموا أدوية منحفة فترات من الزمن شعروا بالنحافة أكدت د. جبيلي من الممكن أن يشعروا بذلك ولم يتبينوا آثارها الجانبية السيئة ويكتشفوا فيما بعد أن هناك مواد كيماوية وبالتالي تختلف تأثيراتها من جسم إلى آخر وما يمكن أن أقوله: هناك هوس في الدعايات لهذه المستحضرات ونحن بدورنا ننسق مع وزارة الإعلام بعدم نشر أي مستحضر ما لم ترخصه وزارة الصحة ونصيحتي هي التخفيف من الطعام وممارسة الرياضة بدلاً من تناول أدوية الريجيم بجميع أشكالها.‏

 وأشارت جبيلي إلى أن وزارة الصحة قامت مع مديرية الرقابة الدوائية بسحب الكثير من المستحضرات التي تحوي على مادة سيبوترامين من الأسواق المحلية كمستحضر ريداكت وريداكول وبيوترام وميرتيامين وسيبوترامين وسيبوتريل وتراماكتيل وراديكال وريدوكتامين وميريديا ونيوريجيما وجميع المستحضرات تحوي على كبسولات وإتلافهاجميعا لمخالفتها المواصفات.‏

 وثمة إشارات حول مخاطر دخول سورية على لائحة الدول التي تعاني من نسبة بدانة ملحوظة بين أفراد سكانها وهذا ما قاله استشاري التثقيف الصحي في منظمة الصحة العالمية عبد الحليم جوخدار (عندنا إحصائيات حول نسبة البدانة ولكن آخر هذه الأرقام المنشورة تعود إلى العام 2004، ونحتل المرتبة قبل الأخيرة في الإقليم وتسبقنا إيران في المحافظة على الأوزان السليمة، وبالنظر إلى سورية نجد أن 54٪ من النساء عندهن زيادة وزن، و 52.9 ٪ من الذكور عندهم بدانة أو زيادة في الوزن). كما أردف الجوخدار إلى أن البدانة تؤدي إلى المتلازمة الأيضية وهي سابقة للأمراض المزمنة وغيره.‏

 وأشار إلى أن هناك زيادة مطردة في نسبة البدانة بين السوريين لافتاً إلى أن نسبتها بين الإناث تجاوزت على الأرجح نسبة 60٪ خلال الأعوام القليلة الفائتة.‏

 وعن أهم العوامل التي تدفع الناس بشكل عام والمراهقين بشكل خاص إلى تناول الأدوية؟ قالت الدكتورة كارولين المحسن اختصاصية علاج نفسي هي عملية التعلم الاجتماعي عن طريق المجتمع أو الإعلام من الأقران أو من الراشدين المهمين في حياتهم كالوالدين اللذين يرون فيهم قدوة ونماذج يسعى لتقليدها مما يتيح لهم تبني اتجاهاتهم وسلوكياتهم وتقدير الآخرين لهم ينعكس على تقديره لذاته وشعوره بالرضا، ثم يبدأ بتناول تلك المواد سواء كانت كيميائية أم عشبية ويميل لمواصلة استعمالها في المراحل اللاحقة إذا حققت نتائج جيدة.وسببت فقدان الوزن الذي يشعره بتحسن صورته ما يكون بمثابة تعزيز إيجابي لتناولها كما يلحق بتعزيز اجتماعي من قبل المحيطين به.‏

 الدكتورة جوزفين الجاسر الباحثة بشؤون الشباب والمراهقين قالت: نتيجة محاولات الإنقاص قد تشعر الفتيات بالإقياءات، وهنا لا يبقى الأمر مقتصراً على النحافة، وإنما يصل لفقدان زائد للطبقة الدهنية، كما أنّ له مضاعفات عدة، منها أمراض قلبية وهضمية وضعف في المناعة، إضافة إلى الاكتئاب والاضطراب النفسي الذي قد يؤدي إلى الانتحار أحياناً. وأضافت: هناك مجموعة من الأدوية تعتبر مفيدة لأنها توقف الشهية أو تصدها وتساعد على زيادة حدوث عملية الهضم والبناء (الأيض) وبالرغم من هذه الفوائد التي تحققها تلك العقاقير إلا أنه مع استمرار تناولها تبدأ الآثار الجسمية والعضوية لتلك المواد بالظهور وقد يتطور ذلك إلى إفراط وسوء استعمال للأدوية ينتج عنه إدمان ومضاعفات جسدية عديدة كاضطراب في الاستقلاب والمناعة والمزاج.‏

 وبالتالي أنا لست ضد استخدام الدواء، والريجيم بحد ذاته فهو تنظيم للوجبات الغذائية وفقد للوزن بشكل تدريجي وأن نأكل كل شيء وبكميات محددة وبمعدل 2 إلى 3 وجبات باليوم دون حذف أي نوع من الطعام أو الحرمان منه لأنه بهذه الحالة نحس بنوع من أنواع اللوم للذات وبالتالي حرمانها هو فقدٌ للسرور والطعام من شأنه أن يولد الشعور بالسرور وبالتالي لا يمكن نكرانها للجسم.‏

 وفيما إذا كان هناك معايير يمكن اعتمادها بأي طريقة علاجية مفيدة للشخص أكدت اختصاصية العلاج النفسي أن الشخص الذي يزيد وزنه بنسبة 10% فقط عن معدل وزنه الطبيعي قد يكون من المناسب معه اتباع طريقة الريجيم أو تعديل النظام الغذائي.‏

 أما إذا كان وزن الشخص يزيد عن معدل وزنه الطبيعي بما يقرب من 100% فلابد من اتباع الطرق الطبية كالعلاج الدوائي أو العمل الجراحي.‏

  هذا وقد قدرت بعض المراجع الصيدلانية أن حجم مبيعات الأدوية المنحفة يشكل نحو 10% من حجم مبيعات الدواء في سورية سنوياً أي نحو نصف مليار ليرة. وبعد كل هذا وفي ظل غياب الوعي بمخاطر تناول الدواء من دون استشارة الطبيب وغياب حقيقة الشركات المنتجة لاسيما غير النظامية ومع الغزو الإعلامي ومداعبة أحلام إنقاص الوزن السريع من دون حرمان أو ريجيم من المهم أن نعرف طبيعة الأدوية المتوفرة والمتاحة للجميع قبل أن نتداولها.‏

 وبحسب منظمة الصحة العالمية هناك نحو 1,6 مليار من البالغين (15 عاماً فما فوق) يعانون من فرط الوزن وما لا يقل عن 400 مليون من البالغين الذين يعانون من السمنة, كما وتشير وثائق المنظمة أيضاً إلى نحو 2,3 مليار من البالغين سيعانون من فرط الوزن وأن أكثر من 700 مليون سيعانون من السمنة بحلول عام 2015‏

  • فريق ماسة
  • 2011-07-28
  • 12358
  • من الأرشيف

أدوية التنحيف.. مداعبة للأحلام وخطورة تستوجب الحذر

 نشرت صحيفة الثورة السورية دراسة عن أدوية التنحيف جارء فيها: حديث النسوة إذا اجتمعن في جلسة منزلية، أو مكان عمل، مدرسة أو مؤسسة لايخلو من الحديث عن الموضة وآخر التقاليع التي تنتشر في مجتمعاتنا ولعل أبرزها أدوية (التنحيف) ومناقشة الجيد منها والرديء إلا أن هذه الظاهرة تعدت النسوة لتشمل شريحة أكبر في المجتمع ولاسيما فئة الشباب ذكوراً أم إناثاً.  «الثورة» استطلعت بعض الآراء بهدف التعرف على أسباب الإقدام على تناول هذه الأدوية، حيث عزت فئة كبرى السبب إلى ضخامة الحملات الإعلانية المروجة بصورها الخادعة وكلماتها المراوغة لتقودهم إلى استهلاك ما لا حاجة لهم به.‏  السيدة (مريم، ع) رأت أنها تنتهي مع توقف تناول الحبوب أو بسبب ظهور آثار سلبية من جراء تناولها لتلك الأدوية لعل أبرزها تلاعب في ضغط الدم أو الرجفان بسبب نقص السوائل في الجسم مع جفاف دائم في الحلق وباعتبار أن هذه الأدوية طالت فئة الشباب ارتأينا أن نسأل أحد الشبان عن سبب اللجوء إليها فقال معاذ يوسف: ما دفعني إلى ذلك هو الحرج الذي أشعر به بين أصدقائي وكنت متخوفاً بداية، لاسيما عندما أسمع عن آثاره الجانبية أو أقرأه في النشرات المرفقة للدواء، لكنني أعود لاستخدامه وتحمل كل سلبياته ونفقاته الباهظة مقابل الحصول على جسم متناسق لمواكبة الموضة.‏  لكن يبقى النصيب الأكبر للفتيات مراهقات وراشدات في شراء هذه الأدوية... فتعجب إحداهن مثلاً بفاعلية هذا الدواء فتنصح الأخريات المقربات منها به وتلك النصيحة أصبحت المروج الأكبر لبعض المنتجات, وهذا ما حدث مع أميمة العلمي حيث تحدثت عن تجربتها قائلة: استخدمت حبوباً من إنتاج شركة وطنية محلية بسبب نصيحة صديقتي حول نوع أجنبي تحولت إليه.. وبداية شعرت بهذا الفرق في جسمي ولكن عندما راودتني الشكوك حول الآثار الجانبية للدواء الأجنبي توقفت عن تناوله وسرعان ما عاد جسمي إلى طبيعته الأولى.‏  وفي جولتنا على الصيدليات أشار العديد منهم إلى أن هناك نوعين من الأدوية المستخدمة في الأسواق منها ما هو معتمد على منع الشهية والشيء الآخر المطلوب ويتداوله الكثير من الناس الذي يقوم بمنع امتصاص الدهون والدسم، كما أشاروا أيضاً أيضل إلى أن هناك العديد من الخلطات العشبية التي يطلبها الناس وخاصة الخلطات المنحفة، لكون هذه العلة أصبحت مرض العصر وتأثيرها أقل من الأدوية والعقاقير، وتحديداً من قبل الفتيات بداعي الرشاقة التي تعمل على إزالة الشحوم وبالتالي إعطاء الجسم رونقه الجمالي وهنا وجهت الدكتورة الصيدلانية رولا عويص نصيحة للذين يستخدمون حبوب التنحيف ألا يستعملوها دون وصفة طبية والابتعاد قدر الإمكان عن الأدوية غير الخاضعة للرقابة.‏  بينما أشار الأطباء إلى أن البدانة هي عامل مؤهب كبير لكثير من الأمراض ومن الطبيعي أن يلجأ من يعاني البدانة إلى أدوية التنحيف والأعشاب وغيرها والجميع سيخوض التجربة وخاصة من لديهم هوس بهذه الأمور، فقد يكون لبعض هذه الأدوية مفعول بسيط وغالباً ما يكون لها أضرار وسلبيات، فكل من جرب هذه الأدوية لم يكن قادراً على إكمالها بسبب هبوط بالضغط، وتسارع بالنبض، ومنها قد يسبب ارتفاعاً بالضغط إضافةً إلى أن بعضها يسبب نقصاً في فيتامينات الجسم ولكن في العموم أي «ريجيم» يتبعه المريض سيخفف قليلاً من وزنه نتيجة خسارته للماء الموجود في الجسم، لاخسارته للدهون.‏  وأثناء جولتنا في الأسواق ومروراً بالعطارين أصحاب الخلطات العشبية لاحظنا هناك فورة ملحوظة من قبل الناس وإقبالهم بشكل لافت على الوصفات الشعبية ذات المنشأ العشبي وهذا ما أشار إليه العطارون، حيث قال أحدهم: الفرق بين التداوي بالأعشاب والتداوي بالعقاقير الطبية يكمن في أن العشبة ليست لها آثار جانبية أو اختلاطات، فهي شاملة لا تترك أي ضرر، أما الأدوية الطبية فتترك آثاراً جانبية أو لنقل أنها سلاح ذو حدين تصلح من جهة وتفسد من جهة أخرى.‏  وبعد استطلاعنا لتجارب البعض ورأي الأطباء والعطارين ورغبة لمعرفة حقيقة تأثير أدوية الريجيم المرخصة وقوية التأثير والأدوية المتداولة ذات الخطورة المضاعفة غير معروفة التركيب لاسيما الأعشاب أيضاً توجهنا إلى الدكتور فارس الشعار نقيب صيادلة سورية.‏  الدكتور الشعار قال: بالنسبة لأدوية الريجيم فقد درجت في مجتمعاتنا ثقافة الجسم النحيل والاستعداد لأخذ أي دواء رغم آثاره الجانبية لمجرد أنه نال الثناء من الآخرين وبالتالي ينعكس على تقدير ذاته بأنه محبوب ومقبول اجتماعياً لهم، أما علمياً فتؤكد الدراسات أنه يتوجب علينا أن نخفض أوزاننا بما لا يزيد عن 5 كيلو غرامات سنوياً وبالتالي على مدار عدة أعوام من الممكن أن نحصل على الوزن المثالي المطلوب.‏  أما الأدوية والخلطات العشبية النباتية المنحفة فلها تأثيرات سلبية وغير معروفة التركيب التي يباع بعضها تحت أسماء تجارية تؤثر على الكلى والقلب والأمعاء والمعدة والذاكرة أيضاً ونصح الشعار بعدم تناول هذه الأدوية إلا من خلال وصفة الطبيب المعالج لأنه ثبت من خلال تحليل بعضها أنها تحوي على مواد كيماوية مضرة ومزورة ومن خلال تعاوننا مع وزارة الصحة واتحاد الصيادلة العرب قررنا عدم بث أي دعايات أو إعلانات بشأن الدواء ما لم تكن مرخصة.‏  وما يمكن قوله بهذا الاتجاه أيضاً: إن التنحيف لا يتم إلا عن طريق الرياضة والتخفيف من المواد الدسمة والتقيد بمعلومات الطبيب، فالحذر ثم الحذر من الأدوية المنحفة من دون إشراف طبي.‏  الدكتورة رجوة جبيلي معاون وزير الصحة لشؤون الصيدلة قالت: لايوجد أيُّ دواء للتنحيف من دون آثار جانبية وأسلم الأدوية وأخفها تأثيراً هي الأدوية التي يكون تأثيرها مليناً للأمعاء وحتى عملية التلين يجب ألا تؤخذ لفترات طويلة، ففي هذه الحالة تفقد الأمعاء وظيفتها الطبيعية وبالتالي الأدوية التي تحوي على خواص ملينة أو مسهلة لا تحافظ على بقاء الطعام بالأمعاء الفترة الكافية لها، وخاصة إذا كان هناك فيتامينات والفيتامينات بحاجة دسم لتمتص، فعندما تمشي بسرعة يكون امتصاص الدسم والفيتامينات قليلاًَ.‏  والعنوان العريض أقوله للناس والكلام للدكتورة جبيلي- إن الريجيم هو تخفيف طعام وتوازن غذائي وشيء من التمارين الرياضية ونحن في الوزارة لدينا الكثير من الأدوية المرخصة وتحتاج لمتابعة طبية أثناء تناولها ويوجد نحو 13 صنفاً تجارياً منها ولكن من بين المئات من الخلطات والوصفات والأدوية المطروحة للتداول إعلامياً وعلى المستوى الشعبي لم تثبت سوى اعتمادية وفائدة زمرتين زمرة السيبوترامين هيدروكلوريد مونوهيدرات والتي تتداخل بتحولات السيروتونين (وسيط عصبي) في الجملة العصبية مايؤثر على مراكز الشبع العصبية فيجعل المريض غير ميال لتناول الطعام. وزمرة الأورليستات وتقوم على تثبيط أنزيم الليباز المعثكلي واللعابي المسؤول عن تحلل الدسم قبل هضمها، مما ينقص من امتصاص الدسم المتناولة بمقدار 20 – 30 %، لكن لا يمكن تناوله أكثر من سنتين ولايفيد المرضى المحبين للحلويات والمعجنات، حيث لا يتداخل بامتصاص السكريات.‏  ولاتزال الأخيرة تعتمد في سورية ويسمح بتداولها لكن بوصفة طبية وآلية تأثيرها (ملين والمساعدة على طرح المواد الدسمة) أما آثارها الجانبية فهي تخفيض امتصاص الفيتامينات وهناك أيضاً أدوية نباتية تطرح بالأسواق كمستحضرات طبية نباتية وعشبية وعندما عرفنا بعدم تسجيلها قمنا بدراستها وتحليلها واكتشفنا بأن لها عوارض وآثاراً سيئة جداً وهي بعكس الادعاء بأنها لا تحوي مواد كيماوية فاضطررنا لسحبها وعدم تداولها.‏  وعن كيفية مراقبة هذه الأدوية قالت معاون وزير الصحة: نقوم بالتنسيق مع مديرية الرقابة الدوائية بسحب أي مستحضر طبيعي نشك فيه وخاصة إذا كانت له إعلانات واسعة ويدخل في تركيبه مواد كيماوية وحتى مستحضر أورليستات نعطيه بحذر ونقبل به كما قلت، لكن لابد أن يؤخذ بوصفة طبية والخطر في الموضوع أن أدوية الريجيم تتهافت الناس على أخذها بطريقة عشوائية وبدورنا نؤكد على الوصفة الطبية والخلطات العشبية الآمنة والسليمة منها.‏  وفي ردها على سؤال حول الذين استخدموا أدوية منحفة فترات من الزمن شعروا بالنحافة أكدت د. جبيلي من الممكن أن يشعروا بذلك ولم يتبينوا آثارها الجانبية السيئة ويكتشفوا فيما بعد أن هناك مواد كيماوية وبالتالي تختلف تأثيراتها من جسم إلى آخر وما يمكن أن أقوله: هناك هوس في الدعايات لهذه المستحضرات ونحن بدورنا ننسق مع وزارة الإعلام بعدم نشر أي مستحضر ما لم ترخصه وزارة الصحة ونصيحتي هي التخفيف من الطعام وممارسة الرياضة بدلاً من تناول أدوية الريجيم بجميع أشكالها.‏  وأشارت جبيلي إلى أن وزارة الصحة قامت مع مديرية الرقابة الدوائية بسحب الكثير من المستحضرات التي تحوي على مادة سيبوترامين من الأسواق المحلية كمستحضر ريداكت وريداكول وبيوترام وميرتيامين وسيبوترامين وسيبوتريل وتراماكتيل وراديكال وريدوكتامين وميريديا ونيوريجيما وجميع المستحضرات تحوي على كبسولات وإتلافهاجميعا لمخالفتها المواصفات.‏  وثمة إشارات حول مخاطر دخول سورية على لائحة الدول التي تعاني من نسبة بدانة ملحوظة بين أفراد سكانها وهذا ما قاله استشاري التثقيف الصحي في منظمة الصحة العالمية عبد الحليم جوخدار (عندنا إحصائيات حول نسبة البدانة ولكن آخر هذه الأرقام المنشورة تعود إلى العام 2004، ونحتل المرتبة قبل الأخيرة في الإقليم وتسبقنا إيران في المحافظة على الأوزان السليمة، وبالنظر إلى سورية نجد أن 54٪ من النساء عندهن زيادة وزن، و 52.9 ٪ من الذكور عندهم بدانة أو زيادة في الوزن). كما أردف الجوخدار إلى أن البدانة تؤدي إلى المتلازمة الأيضية وهي سابقة للأمراض المزمنة وغيره.‏  وأشار إلى أن هناك زيادة مطردة في نسبة البدانة بين السوريين لافتاً إلى أن نسبتها بين الإناث تجاوزت على الأرجح نسبة 60٪ خلال الأعوام القليلة الفائتة.‏  وعن أهم العوامل التي تدفع الناس بشكل عام والمراهقين بشكل خاص إلى تناول الأدوية؟ قالت الدكتورة كارولين المحسن اختصاصية علاج نفسي هي عملية التعلم الاجتماعي عن طريق المجتمع أو الإعلام من الأقران أو من الراشدين المهمين في حياتهم كالوالدين اللذين يرون فيهم قدوة ونماذج يسعى لتقليدها مما يتيح لهم تبني اتجاهاتهم وسلوكياتهم وتقدير الآخرين لهم ينعكس على تقديره لذاته وشعوره بالرضا، ثم يبدأ بتناول تلك المواد سواء كانت كيميائية أم عشبية ويميل لمواصلة استعمالها في المراحل اللاحقة إذا حققت نتائج جيدة.وسببت فقدان الوزن الذي يشعره بتحسن صورته ما يكون بمثابة تعزيز إيجابي لتناولها كما يلحق بتعزيز اجتماعي من قبل المحيطين به.‏  الدكتورة جوزفين الجاسر الباحثة بشؤون الشباب والمراهقين قالت: نتيجة محاولات الإنقاص قد تشعر الفتيات بالإقياءات، وهنا لا يبقى الأمر مقتصراً على النحافة، وإنما يصل لفقدان زائد للطبقة الدهنية، كما أنّ له مضاعفات عدة، منها أمراض قلبية وهضمية وضعف في المناعة، إضافة إلى الاكتئاب والاضطراب النفسي الذي قد يؤدي إلى الانتحار أحياناً. وأضافت: هناك مجموعة من الأدوية تعتبر مفيدة لأنها توقف الشهية أو تصدها وتساعد على زيادة حدوث عملية الهضم والبناء (الأيض) وبالرغم من هذه الفوائد التي تحققها تلك العقاقير إلا أنه مع استمرار تناولها تبدأ الآثار الجسمية والعضوية لتلك المواد بالظهور وقد يتطور ذلك إلى إفراط وسوء استعمال للأدوية ينتج عنه إدمان ومضاعفات جسدية عديدة كاضطراب في الاستقلاب والمناعة والمزاج.‏  وبالتالي أنا لست ضد استخدام الدواء، والريجيم بحد ذاته فهو تنظيم للوجبات الغذائية وفقد للوزن بشكل تدريجي وأن نأكل كل شيء وبكميات محددة وبمعدل 2 إلى 3 وجبات باليوم دون حذف أي نوع من الطعام أو الحرمان منه لأنه بهذه الحالة نحس بنوع من أنواع اللوم للذات وبالتالي حرمانها هو فقدٌ للسرور والطعام من شأنه أن يولد الشعور بالسرور وبالتالي لا يمكن نكرانها للجسم.‏  وفيما إذا كان هناك معايير يمكن اعتمادها بأي طريقة علاجية مفيدة للشخص أكدت اختصاصية العلاج النفسي أن الشخص الذي يزيد وزنه بنسبة 10% فقط عن معدل وزنه الطبيعي قد يكون من المناسب معه اتباع طريقة الريجيم أو تعديل النظام الغذائي.‏  أما إذا كان وزن الشخص يزيد عن معدل وزنه الطبيعي بما يقرب من 100% فلابد من اتباع الطرق الطبية كالعلاج الدوائي أو العمل الجراحي.‏   هذا وقد قدرت بعض المراجع الصيدلانية أن حجم مبيعات الأدوية المنحفة يشكل نحو 10% من حجم مبيعات الدواء في سورية سنوياً أي نحو نصف مليار ليرة. وبعد كل هذا وفي ظل غياب الوعي بمخاطر تناول الدواء من دون استشارة الطبيب وغياب حقيقة الشركات المنتجة لاسيما غير النظامية ومع الغزو الإعلامي ومداعبة أحلام إنقاص الوزن السريع من دون حرمان أو ريجيم من المهم أن نعرف طبيعة الأدوية المتوفرة والمتاحة للجميع قبل أن نتداولها.‏  وبحسب منظمة الصحة العالمية هناك نحو 1,6 مليار من البالغين (15 عاماً فما فوق) يعانون من فرط الوزن وما لا يقل عن 400 مليون من البالغين الذين يعانون من السمنة, كما وتشير وثائق المنظمة أيضاً إلى نحو 2,3 مليار من البالغين سيعانون من فرط الوزن وأن أكثر من 700 مليون سيعانون من السمنة بحلول عام 2015‏

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة