بقدر ما كان الموقف الروسي والصيني والهندي وبعض الدول المحايدة الأخرى حذرًا من الإنزلاق إلى الهوس الغربي في مواجهة الملف السوري، جاء موقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ليعزّز الإعتقاد بأن هذا الإنزلاق دونه محاذير على تداعيات الأحداث في المنطقة. فقد سارعت الإدارة الأميركية إلى إعتبار موقف كلينتون "مرتجلاً" بما لا يعبّر عن حقيقة الموقف الحقيقي لإدارتها.

لماذا هذا الإرتباك الأميركي الملتبس في التعامل مع موضوع مجريات الأحداث في سورية؟

لقد وجدت الإدارة الأميركية، من مسار طروحات الرئيس الدكتور بشار الأسد الإصلاحية ودعوته إلى طاولة حوار وطني للمعارضة المنقسمة حيال هذه الدعوة، أن الرئيس الأسد ماضٍ في الإنفتاح على الصيغ الإصلاحية برمّتها، ولعلّ أبرز موقف صريح من هذا الموضوع هو ما أعلنه نائبه فاروق الشرع، الذي ترأس جلسة الحوار التمهيدية، إستعداد الرئاسة لإلغاء المادة الثامنة التي تنص على حصرية تولّي حزب البعث قيادة القطاعات في الدولة والأمن، وهو مطلب يتيح لحرية الأحزاب المتنوّعة أن تنخرط في العمل والحياة السياسية، فضلاً عن تنوّع الإعلام وعدم مونوبوليته.

وإذا كانت بعض المعارضة المواظبة على رفض الحوار قد قاطعت هذه الجلسات، فإن الفرصة ما تزال متاحة حتى آب المقبل للإجتماع وطرح مقترحاتها في المؤتمر الجامع للخروج من دوامة النزف المتواصل الذي يطاول سورية بكل مقوّماتها الإقتصادية ويلحق ضررًا بالغًا بحياة المواطنين نتيجة شلّ البلاد في متاهات لا تفضي إلى حل وطني ينقذ البلاد من التدخّلات الخارجية والتي كان أقربها الطروحات التي جاءت من المسؤولين الأتراك بإعطاء مساحة لدور الإخوان المسلمين برغم الحساسية التي يرتبها مثل هذا الدور على التوجّه العلماني الذي يحتضن كل التيارات المؤمنة بالدولة المدنية.

لقد تفهّمت الإدارة الأميركية أهمية هذا النظام في حفظ التوازن الذي أقامه داخل بلاده والذي إنعكس توازنًا في المعادلة الإقليمية عندما أقدمت سورية على تفهّم إحتواء أحداث البحرين لخطورتها على أوضاع المنطقة.

فالنظام السوري، بقيادة الرئيس بشار الأسد، هو مفتاح للإستقرار الإقليمي في لبنان وفلسطين والأردن والعراق، ومن دونه فإن هذا الإستقرار معرّض للمجهول ولدخول الحركات المتطرّفة عليه في المنطقة، كما أن أمين عام الجامعة العربية، الذي زار دمشق مؤخّرًا، أيّد التوجّه الإصلاحي عبر الحوار الذي ينتهجه الرئيس بشار الأسد إدراكًا منه بأن غير ذلك يعرّض أمن المنطقة للخطر.

وحتى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي خاطب أعضاء الكونغرس، لم يُخف إقتناعه بأن سورية، وإن لم يسمِّها، هي عامل إستقرار للسلام في المنطقة عندما تعرّض لما يحدث في دول عربية أخرى.

فالعدو والصديق يعترف بأهمية هذا النظام في المعادلة الدولية والإقليمية لحفظ السلام والإستقرار لئلاّ تقع المنطقة في الفوضى والحراك المتطرّف الذي لا يخدم شعوبها ولا الأمن الذي تنشده الأمم المتحدة من وراء كل ذلك.

لم يكن بمقدور أي نظام أن يتمالك تماسكه الشعبي الغالب والعسكري المطلق بمثل هذا التماسك الذي استطاع فيه الرئيس الأسد أن يحافظ فيه على وحدة البلاد وعدم إنزلاقها إلى فوضى الفتن التي نرى عيّناتها في اليمن وليبيا، والتي لم تنجح القيادة العسكرية في مصر حتى الآن من لملمة شتاتها نظرًا لتدخّل عوامل خارجية عبر أطراف.

ولعلّ أهم ما يميّز صلابة هذا الحكم على صعيد دوره المركزي في المنطقة، هو ثباته على تأييد المقاومة المشروعة في وجه الإحتلال للوصول إلى سلام عادل وشامل. وما إعترافه بدولة فلسطين المسبق إلاّ من قبيل تعزيز الشروط المفترضة لأي سلام عادل وشامل يعترف بحدود العام 1967 والقدس عاصمة لدولة فلسطين، وما التظاهرة التي قامت بها مجموعة نساء رحلة التعاطف مع أبناء غزة المحاصرين في باخرة مريم التي أُعيق تحرّكها وتوجّهت إلى دمشق، إلاّ الشهادة والشاهد على تأييد الرئيس الأسد في المنحى القومي الذي يدعم هذه القضية.

إن فرصة الإنضمام إلى الحوار الوطني المركزي في آب المقبل يمثّل ذروة الفرص التي يمنحها الرئيس الأسد للمعارضين من كل الأطياف ليضعوا مطالبهم، كما وضعها أعضاء مثقّفون في الحوار التمهيدي في 10 تموز الماضي، حتى لا تضيع الفرصة الأخيرة من أجل سورية

  • فريق ماسة
  • 2011-07-22
  • 12375
  • من الأرشيف

وديع الخازن ....حتى لا تضيع الفرصة الأخيرة من أجل سورية.....

بقدر ما كان الموقف الروسي والصيني والهندي وبعض الدول المحايدة الأخرى حذرًا من الإنزلاق إلى الهوس الغربي في مواجهة الملف السوري، جاء موقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ليعزّز الإعتقاد بأن هذا الإنزلاق دونه محاذير على تداعيات الأحداث في المنطقة. فقد سارعت الإدارة الأميركية إلى إعتبار موقف كلينتون "مرتجلاً" بما لا يعبّر عن حقيقة الموقف الحقيقي لإدارتها. لماذا هذا الإرتباك الأميركي الملتبس في التعامل مع موضوع مجريات الأحداث في سورية؟ لقد وجدت الإدارة الأميركية، من مسار طروحات الرئيس الدكتور بشار الأسد الإصلاحية ودعوته إلى طاولة حوار وطني للمعارضة المنقسمة حيال هذه الدعوة، أن الرئيس الأسد ماضٍ في الإنفتاح على الصيغ الإصلاحية برمّتها، ولعلّ أبرز موقف صريح من هذا الموضوع هو ما أعلنه نائبه فاروق الشرع، الذي ترأس جلسة الحوار التمهيدية، إستعداد الرئاسة لإلغاء المادة الثامنة التي تنص على حصرية تولّي حزب البعث قيادة القطاعات في الدولة والأمن، وهو مطلب يتيح لحرية الأحزاب المتنوّعة أن تنخرط في العمل والحياة السياسية، فضلاً عن تنوّع الإعلام وعدم مونوبوليته. وإذا كانت بعض المعارضة المواظبة على رفض الحوار قد قاطعت هذه الجلسات، فإن الفرصة ما تزال متاحة حتى آب المقبل للإجتماع وطرح مقترحاتها في المؤتمر الجامع للخروج من دوامة النزف المتواصل الذي يطاول سورية بكل مقوّماتها الإقتصادية ويلحق ضررًا بالغًا بحياة المواطنين نتيجة شلّ البلاد في متاهات لا تفضي إلى حل وطني ينقذ البلاد من التدخّلات الخارجية والتي كان أقربها الطروحات التي جاءت من المسؤولين الأتراك بإعطاء مساحة لدور الإخوان المسلمين برغم الحساسية التي يرتبها مثل هذا الدور على التوجّه العلماني الذي يحتضن كل التيارات المؤمنة بالدولة المدنية. لقد تفهّمت الإدارة الأميركية أهمية هذا النظام في حفظ التوازن الذي أقامه داخل بلاده والذي إنعكس توازنًا في المعادلة الإقليمية عندما أقدمت سورية على تفهّم إحتواء أحداث البحرين لخطورتها على أوضاع المنطقة. فالنظام السوري، بقيادة الرئيس بشار الأسد، هو مفتاح للإستقرار الإقليمي في لبنان وفلسطين والأردن والعراق، ومن دونه فإن هذا الإستقرار معرّض للمجهول ولدخول الحركات المتطرّفة عليه في المنطقة، كما أن أمين عام الجامعة العربية، الذي زار دمشق مؤخّرًا، أيّد التوجّه الإصلاحي عبر الحوار الذي ينتهجه الرئيس بشار الأسد إدراكًا منه بأن غير ذلك يعرّض أمن المنطقة للخطر. وحتى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي خاطب أعضاء الكونغرس، لم يُخف إقتناعه بأن سورية، وإن لم يسمِّها، هي عامل إستقرار للسلام في المنطقة عندما تعرّض لما يحدث في دول عربية أخرى. فالعدو والصديق يعترف بأهمية هذا النظام في المعادلة الدولية والإقليمية لحفظ السلام والإستقرار لئلاّ تقع المنطقة في الفوضى والحراك المتطرّف الذي لا يخدم شعوبها ولا الأمن الذي تنشده الأمم المتحدة من وراء كل ذلك. لم يكن بمقدور أي نظام أن يتمالك تماسكه الشعبي الغالب والعسكري المطلق بمثل هذا التماسك الذي استطاع فيه الرئيس الأسد أن يحافظ فيه على وحدة البلاد وعدم إنزلاقها إلى فوضى الفتن التي نرى عيّناتها في اليمن وليبيا، والتي لم تنجح القيادة العسكرية في مصر حتى الآن من لملمة شتاتها نظرًا لتدخّل عوامل خارجية عبر أطراف. ولعلّ أهم ما يميّز صلابة هذا الحكم على صعيد دوره المركزي في المنطقة، هو ثباته على تأييد المقاومة المشروعة في وجه الإحتلال للوصول إلى سلام عادل وشامل. وما إعترافه بدولة فلسطين المسبق إلاّ من قبيل تعزيز الشروط المفترضة لأي سلام عادل وشامل يعترف بحدود العام 1967 والقدس عاصمة لدولة فلسطين، وما التظاهرة التي قامت بها مجموعة نساء رحلة التعاطف مع أبناء غزة المحاصرين في باخرة مريم التي أُعيق تحرّكها وتوجّهت إلى دمشق، إلاّ الشهادة والشاهد على تأييد الرئيس الأسد في المنحى القومي الذي يدعم هذه القضية. إن فرصة الإنضمام إلى الحوار الوطني المركزي في آب المقبل يمثّل ذروة الفرص التي يمنحها الرئيس الأسد للمعارضين من كل الأطياف ليضعوا مطالبهم، كما وضعها أعضاء مثقّفون في الحوار التمهيدي في 10 تموز الماضي، حتى لا تضيع الفرصة الأخيرة من أجل سورية

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة